الأونروا: إمدادات الغذاء في غزة لا تكفي سوى 6% من احتياجات السكان رئيس مجلس القضاء يؤكد أهمية دعم المؤسسات الأكاديمية المتخصصة في العلوم القانونية وزارة الشباب والرياضة تكرّم بطل العرب للشطرنج خالد العماري وزير الصحة يناقش مع منظمة بيور هاندز تدخلاتها في القطاع الصحي وزارة العدل تدشن برنامجاً تدريبياً متخصصاً لتحسين خدمات التقاضي للنساء في عدن اليمن يشارك في المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة بالرياض مجلس القيادة الرئاسي يواصل مناقشاته للسياسات العامة للدولة الجالية اليمنية في ماليزيا تنظم ندوة عن "مسارات الصراع وآفاق الحلول" بمناسبة عيد الاستقلال أمين التعاون الإسلامي يدعو العالم لتحرك عاجل لوقف عدوان الاحتلال على غزة محاضرة في عدن تستعرض أسس تصميم السدود وأهمية مشروع سد حسّان بأبين
نستنشق هذه الأيام عبير ميلاد المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي بمولده وْلد الهدى وامتلأ الزمان والوجود وكل الكائنات ضياءٍ وتبسم فم الزمان بالثناء والفرح .. وها نحن في يوم 12 ربيع الأول أعظم يوم طلعت فيه الشمس منذ أن خلق الله الأرض والسموات وقال لها وللأرض وهي دخان ائتيا طوعاٍ أو كرهاٍ قالتا أتينا طائعين ..ننقل لكم آراء وانطباع عدد من العلماء والدعاة عن هذه الذكرى العطرة ..فإلى الحصيلة:
● في البداية يقول الدكتور خالد أحمد الحوباني -أستاذ علم التفسير وخطيب مسجد الأنوار- عن فضيلة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف: – نحتفل بمولد هذا النبي العظيم فهو من أتى يحمل للإنسانية التائهة الضالة الغارقة في الخرافات والضلالات والأزمات المتلاحقة والمصائب المتعاقبة والفتن في دينها ودنياها .. جاء ومعه الدواء لكل أمراض البشر. ويؤكد الحوباني أن عظمة هذا اليوم تأتي من كونه مقترناٍ بمولد أعظم إنسان وحامل أعظم رسالة وقرآن عظيم من رب عظيم إلى أمة عظيمة. وما الاحتفال بمولده إلا شكراٍ على هذه النعم واستذكاراٍ لفضل الله ورحمته وقد قال الله سبحانه وتعالى: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرَ مما يجمعون). ويضيف: لقد احتفل الكون بمولد نبينا نبي الرحمة المهداة وكان أمره كله معجزات .. فمعجزة إرهاصات ميلاده وسيرته قبل بعثته ونشأته وهو الصادق الأمين قبل نبوته .. والأكثر إعجازاٍ علمه مع أميته والأعجب من ذلك خلقه وخلقه ففي ميلاده ظهرت من الإرهاصات الغيبية التي حكاها الحاكي ورآها الرائي فاخضر الزرع ودر الضرع وشبعت الحيوانات ونمت الأموال وأضاء الكون وخمدت نار فارس واندك إيوان كسرى ونْكست الأصنام.. ويضيف إن من معجزات هذا النبي أنه جعل من قبائل العرب المتناحرة المتنافرة واحدة وجعل من تفرقهم أمة ومن جهلهم علم وعلمهم ما لم يكونوا يعلمون .. وجاء بقرآن لم تنقض عجائبه ولم تنته غرائبه وهو الأمي الذي ما كان يتلو من كتاب من قبله ولا يخط بيمينه إذاٍ لارتاب المبطلون .. نموذج للقيم الخالدة ولم تقتصر مهمة هذا النبي –يقول الحوباني- على إبلاغ رسالة الله إلى الخِلúق دون أن يْقدم أنموذجاٍ مجسداٍ لهذه القيم وقد تربى بهذه القيم فكان دعوة تنطق وقرآناٍ يمشي حتى قالت عائشة -رضي الله عنها: (كان خْلْقْه القرآن) .. وقال عن نفسه: (أدبني ربي فأحسن تأديبي) وهكذا تربى وربى جيلاٍ متكاملاٍ على يده ليْشكل أنموذجاٍ مجتمعياٍ لمن خِلúفِهْم من الأمة فلم يكن النص هو الوسيلة والغاية لكنه -أي النبي صلى الله عليه وسلم- اعتبر إعمال النص وواقع التطبيق وإحداث التغيير الاجتماعي هو الهدف فكان هو المثال والصورة لهذه الدعوة. وعن شخص الرسول الأعظم ومناقبه الإنسانية يقول الحوباني: إن في شخص نبينا الكريم العزاء لكل صاحب مصيبة ونقمة والعبرة لكل صاحب نعمة وعبرة فقد كانت مفاتيح الخزائن بيده وراودته الجبال أن تكون له ذهباٍ فلم ينشغل بها وزهد فيها وأراها من نفسه معنى الإيمان ولمن كان عاملاٍ مقابل أجر ويرى في ذلك وضاعة وسخرية فقد عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع السيدة خديجة رضي الله عنها عاملاٍ في تجارتها وقبلها كان قد رعى الغنم. ولكل من نشأ يتيماٍ فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم والده وهو في بطن أمه وفقد أمه وهو لم يبلغ الحلم بعد وعاش يتيماٍ وحيداٍ ليس له أخ أو أخت.. ولكل البائسين والفقراء فقد كان صلى الله عليه وسلم يْرقع ثوبه ويخصف نعله وكان ينحني ليدخل حجرته وقد أثر حصيرها على جسده وجنبه وكثيراٍ ما ربط بطنه من الجوع وعصبها بالحجر. ولمن ابتلي بمرضُ فإن نبينا الكريم كان يتوعك كتوعك رجلين من أمته ولم يكن له ما يميزه على صحابته حتى أن الآتي يأتي مجلسه وهو بين صحابته فيسأل أين محمد .. تواضع وإقدام ويضيف الحوباني: إن في تواضع الرسول الكريم وتواضعه الكثير والكثير من الصور والأمثلة فقد كان عليه الصلاة والسلام يركب ناقته ويكنس داره ويْعين خادمه .. وفي حالة الشدائد والحروب أول من يتقدم الصفوف ويْشهر السيوف .. كيف لا نحتفل بمن هذا حاله وقد اختار ذلك اختياراٍ وليس اضطراراٍ.. وفي المقابل -يقول الحوباني- نذكر أن نبينا هو نفسه الذي قال الله تعالى له: (تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراٍ من ذلك جناتُ تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصوراٍ) وقوله تعالى: (ولسوف يعطيك ربك فترضى) .. لكنه لم يضطر إلى المسكنة ولم يختر الدعة .. بل قال: (رب أحيني مسكيناٍ وأمتني مسكيناٍ واحشرني في جملة المساكين). ولهذا قال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوةٍ حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراٍ) وبهذه الأسوة خلق من قريش أبطالاٍ لا يخافون في الحق لومة لائم قال تعالى: (رجالَ لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماٍ تتقلب فيه القلوب والأبصار) فكانوا ربانيين في توحيدهم ومحمديين في سلوكهم قال تعالى: (أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاٍ سجداٍ يبتغون فضلاٍ من الله ورضواناٍ). وعن القيم والمعاني التي ينبغي للمسلمين استلهامها وهم يحتفلون بذكرى المولد النبوي يرى الشيخ يعقوب الحسني إمام جامع الإيمان أنه يجب علينا استخلاص الدليل والمنهج والأسوة من مولده (صلى الله عليه وسلم) لحياتنا المعاصرة مؤكداٍ أن ميلاده صلى الله عليه وسلم كان بشارة ثورة على ظلم الجاهلية وظلامها مثلما كانت بعثته مبعث تغيير لركام العقائد الفاسدة والمناهج الكاسدة وكانت نبوته أيضاٍ مفتتح حياة من الجهاد والعمل والتحرر من الاستبداد والاستعباد وكانت هجرته نقلة حضارية لبناء مجتمع المساواة والإخاء وإرساء دستور المدينة الفاضلة الحقيقية.. سيرة النبي منارة للعدل ويضيف الحسني: إنه حريَ بنا أن نتخذ من سيرة نبينا العطرة منارة لمستقبل تعمه العدالة واحترام الحقوق والحريات الإنسانية ويسوده الرخاء والتماسك وأنه ما أحوج الأمة خلال هذه المرحلة الدقيقة من عمرها أن تتأسى بذكرى مولد نبي الله صلى الله عليه وسلم وبسيرته الكريمة وما أرسته من قيم العمل والمثابرة والتصميم لتكون سبباٍ رئيساٍ لشحذ وتقوية عزيمتنا في مواجهة تحديات الحاضر وتدفع مسيرتنا لتحقيق آمال وطموحات كل فرد يمني لقد انتقلت البشرية بعد مولد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من ظلمة الجاهلية والظلم والفوضى والاستبعاد لنور الإيمان والعدل والأخلاق الحميدة والمساواة.. فمولده ثم بعثه وإرساؤه لدستور المدينة يعد بمثابة الثورة على كل ما هو فاسد ليحل محله الأمان والسلام للمجتمع الذي يحقق له الاستقرار والصفاء النفسي وحب المصطفى صلى الله عليه وسلم في قلوب المسلمين ليس بالقدر الكافي فقد قال تبارك وتعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) .. وقال عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين).. وفي يوم مولده ليسأل كل مؤمن نفسه: هل يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من ماله وولده ونفسه¿.. وعلى من يجيب بنعم فلنسأله عن دليل هذا الحب ومظاهر ترجمته .. فالحب ليس بالكلمات فقط بل يجب أن يتجسد في صورة أفعال وسلوكيات تطبق على أرض الواقع وليعلم الجميع أن أفضل وسيلة للاحتفال بذكرى مولد المصطفي صلى الله عليه وسلم هي الاقتداء به. فكثير من سننه مهجورة رغم أن العلم والحديث يبث وينشر يوماٍ بعد يوم والكثير من سلوكيات الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام لها مردود صحي إيجابي وفيها صلاح المسلم دنيا وآخرة. نصرة الرسول وحول كيفية نصرة الرسول في يوم مولده يقول الحسني: نصرة النبي صلى الله عليه وسلم تقتضي من المسلمين العمل على نشر سيرة الرسول في العالم أجمع وتوضيح أنه جاء رحمة للعالمين وأن الدين الحنيف دين هداية وسلام يسعى لتحقيق الأمن الاجتماعي والتعايش السلمي بين بني البشر أجمعين.. وللأسف – يقول الحسني- أصبح المسلم الصغير لا يعرف الكثير عن حياة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعن سننه وتصرفاته إزاء المواقف المختلفة.. فالكتب الدراسية ووسائل الإعلام قاصرة في هذا الصدد وهنا تقع على عاتقها مهمة غرس محبة الرسول في نفوس النشء وحب الاقتداء به وتعليمهم سيرته وأخلاقه الحميدة وقصة كفاحه العظيمة حتى ينشأ الطفل على حبه ويتعلم كيفية الدفاع عنه ويتخذه قدوة في كل قول وفعل. ويؤكد الحسني أن على حكومتنا استلهام العبر من السيرة النبوية وهي تبني الوطن فالرسول الكريم بنى دولته في المدينة على القيم والأخلاقيات الحميدة وهذا ما يجب أن تتأسى به الحكومة المعاصرة فتنبذ الفرقة والعصبية وتتوحد على كلمة سواء وتعمل على بناء ما تهدم وتنشر القيم والأخلاق وتسعى لتحقيق آمال الشعب في العيش الكريم. وأخيراٍ: أقول نريد أن نستلهم من ذكرى مولده كيف بدد الله به الظلمة في وقت وصل الظلم فيه إلى أقصى درجاته وكيف بنى الحضارة التي كانت الركيزة الأساسية لها هو الإنسان بكل ما يحمله من قيم فمحمد صلى الله عليه وسلم جاء ليرسي قواعد المساواة والعدل والحرية, وجاء ليؤسس لحضارة عالمية كان عمادها القيم الإنسانية السامية التي لا يختلف عليها أحد”. ولهذا يجب أن نتذكر جيداٍ كيف بنى محمد صلى الله عليه وسلم هذه الحضارة¿ ونتعلم (أن مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسم بالحمى والسهر لأن الوطن سيبنى بالاجتماع وليس بالفرقة بالتراحم وليس بالتناحر فمحمد صلى الله عليه وسلم أرسى لنا خطوات أساسية لنهضة الأمة فقال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). ودعا فضيلته العلماء والدعاة إلى تبني خطاب ديني جديد يتناسب وروح العصر الذي نعيش فيه متسلحاٍ بأدواته ينشر بين شبابنا قيم الاعتدال والوسطية والتسامح والحوار ويواجه جميع دعاوى الغلو والتطرف التي تظهر من الحين للآخر ويتصدى لأي صوت ينسب للإسلام والمسلمين ما ليس فيهم .