الرئيسية - عربي ودولي - استحضار دروس الرصاص والدم
استحضار دروس الرصاص والدم
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

أخيرا رحل الذي تلطخت يداه بدماء العرب سواء في الداخل فلسطين أو الجولان وجنوب لبنان ومخيمات صبرا وشاتيلا وشرق الأردن وفي سيناء..فلقد ظلت حياة أرئيل شارون مثار جدل كبير إزاء شخصيته المعقدة ونزوعه الإجرامي منذ أن كان صغيرا وفي حرب 1948م مرورا باجتياح بيروت عام 1982م إلى المرحلة التي حاول فيها شـارون تحسيـن صـورته العدائية بتلك الانسحابات من الضفة والقطاع والانفتاح بالحوار مع الفلسطينيين إثر توقيع اتفاقية السلام الأولـى. إن رحيل هذه الشخصية المثيرة للجدل تعيد إلى الأذهان تلك التساؤلات المريرة عن مستقبل التسوية والسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين ضمن الجهود الأميركية التي يحمل رايتها راهنا الرئيس باراك أوباما ويقودها وزير خارجيته جون كيري وإمكانية انعكاس تأثيراتها على مستقبل المنطقة ككل. والحقيقة أن التشاؤم السائد في هذه المنطقة بشأن وصول الجهود الأميركية إلى طريق مسدود في ما يتعلق بتجاوز المباحثات الإسرائيلية– الفلسطينية نقطة الصفر له ما يبرره خاصة وأن وزير الخارجية الأميركية قد كثف زيارته مؤخرا إلى إسرائيل والضفـة بهـدف التوصل إلى نقاط مشتركة بين الطرفين لتحريك هذه المفاوضات إلا أنه وعند كل زيارة يقوم بها -كان ولا يزال- يصطدم بالتهـرب الإسرائيلي المستمر من استحقاقات هذه التسوية التي يراهن عليها اوباما خلال ما تبقى له من فترة ادارة البيت الابيض . لقد لوحظ أنه وعند كل جولة من جولات المسؤول الأميركي يسارع الإسرائيليون إلى اتخاذ خطوات متشددة تجاه قضية الاستيطان إذ أنهم لا ينفكون عن إعلان قيام مستوطنات في الأراضي الفلسطينية فضلا عن استمرار محاولات تهويد القدس وطمس معالمها الإسلامية والمسيحية وغيرها من الإجراءات الإسرائيلية التي تكشف عن حقيقة التعنت الإسرائيلي تجاه مبادرات السلام وجهود التسوية وعدم القبول بمشروع حل الدولتين. ومن المناسب هنا التذكير بأن الفلسطينيين والعرب ومعهم محبو السلام قد حذروا مرارا وتكرارا من مغبة استمرار الصلف الإسرائيلي وتكريس سياسية التهجير والاستيطان والتوسع على حساب الأراضي الفلسطينية ومصادرة حقوق الفلسطينيين ورفض كل مبادرات السلام الأمر الذي يتوجب على الأسرة الأممية وفي المقدمة الولايات الأميركية الضغط على الكيان الإسرائيلي لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين دون تحايل أو وضع شروط مسبقة والتسليم بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذلك أن استمرار هذا التعنت سيقود عملية التسوية برمتها إلى طريق مسدود فضلا عما سيرتبه هذا الوضع من امتداد أصوات التشدد في إطار هذه الجغرافيا وعلى النحو الذي يجعل من إسرائيل هدفا رئيسا لضربات تيار التشدد. ولما كان البعض يعيب على الإدارة الأميركية اعتماد دبلوماسية المداهنة مع الساسة الإسرائيليين فإن العتب يطال أيضا الظروف الاستثنائية التي يمر بها الوطن العربي جراء ما رتبته ثورات الربيع العربي على تغييب القرار الفاعل والداعم للمفاوض الفلسطيني دون أن ننسى – في نفس الوقت – مسؤولية الفلسطينيين في ضرورة إنهاء حالة الاختلاف والتباين والعمل المخلص من أجل وحدة الصف وتحديدا بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس إذ أن من شأن هـذا الانقسام أن ينعكس بالنتيجة على إضعاف موقف المفاوض الفلسطيني في وجـه المتشدد الإسرائيلي الذي لا يغادر – بأي حال من الأحوال – صورة التشدد الذي كان يمثله شارون وغيره من الساسة الذين تلطخت أياديهم بدماء العرب منذ وعد بلفور المشؤوم.