الرئيسية - اقتصاد - القوة الشرائية للمستهلكين اليمنيين تتجه نحو التدهور
القوة الشرائية للمستهلكين اليمنيين تتجه نحو التدهور
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تقرير /أحمد الطيار –

كشفت دراسة اقتصادية أن القوة الشرائية للمستهلكين اليمنيين قد مالت إلى التدهور خلال الأعوام الماضية مما يعني أن المناخ الجديد للأسواق في اليمن يمثل مناخاٍ طارداٍ لشريحة كبيرة من المستهلكين حيث لا تتمكن الشرائح الفقيرة التي أصبحت تمثل نسبة 44% من إجمالي السكان من الحصول على السلع والخدمات كما يجب. وحسب دراسة للدكتور محمد الأفندي أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء ورئيس المركز اليمني للدراسة الاستراتيجية فإن 20% من السكان لا تتجاوز نسبة إنفاقهم سوى 8% من إجمالي الإنفاق العام في البلد بينما الشريحة الأعلى إنفاقاٍ وهي تمثل 20% من السكان تنفق 41% من إجمالي الإنفاق. وتدل المؤشرات على التباين الكبير والفجوة في القدرة الشرائية بين هاتين الشريحتين فالشريحة الأكثر إنفاقاٍ يصل مستوى إنفاقها إلى حوالي خمسة أضعاف إنفاق الشريحة الأدنى. ولايحصل 50% من الشرائح الأقل إنفاقاٍ إلا على 27.5% من الإنفاق بينما نأخذ الـ 50% الأخرى من السكان على 72.5% من إجمالي الإنفاق وإذا كانت نسبة الإنفاق بين شرائح المستهلكين ما هي إلا انعكاس لتباين القدرة الشرائية º حيث تكون ضعيفة عند شريحة المستهلكين الأقل إنفاقاٍ وكبيرة عند الشريحة الأكثر إنفاقاٍ إلا أن نسبة توزيع الدخل بين هذه الشرائح تعطي مؤشراٍ مباشراٍ لمدى الإنصاف والعدل في توزيع القدرة الشرائية المقاسة بنسبة توزيع الدخل. وبينت الدراسة أن العشر الأول + الثاني من الشرائح الأقل دخلا وتمثل 20% من السكان تحصل فقط على 6% من إجمالي الدخل أي أن القدرة الشرائية لهذه الشريحة ضعيفة بينما تحصل الشريحة الأكثر دخلاٍ وهي تمثل 20% من السكان على 49% من إجمالي الدخل في الجمهورية أي أن قدرتها الشرائية مرتفعة. وبمعنى آخر فإن القدرة الشرائية للمستهلكين قد انخفضت إلى النصف تقريباٍ وقد انعكس هذا على معدل نمو الاستهلاك الفردي تدهور بشكل ملحوظ. وفي ما يتعلق بالسوق الاستهلاكي توضح الدراسة أن حقوق المستهلكين كانت أكثر عرضة للانتهاك والانتقاص منها فالسوق المحلية مالت إلى أن تكون سوق مضياف وكريم جداٍ للسلع المستوردة بمختلف أشكالها وأنواعها طيبها وخبيثها حيث ظهر سوق جديد غير قانوني هو سوق التهريب فالتهريب استفحل وتمدد وامتلأت الأسواق بسلع بعضها فاقد الصلاحية أو قريب من انتهاء الصلاحية وبعضها يفتقد إلى شروط السلامة الصحية. وهذه الحالات عرضت حقوق المستهلك في ما يتعلق بالسلامة الصحية والسلامة الغذائية الصحية إلى خطر أما السلع المستوردة عبر المنافذ الرسمية فإن كثيراٍ من هذه السلع ذات جودة مرتفعة نسبياٍ وخاصة سلع العصائر والفواكه والمواد الغذائية غير أن قدرة المستهلك الشرائية التي انخفضت وأصبحت ضعيفة لم تمكن أغلبية المستهلكين من التمتع بمزايا الجودة لأن أسعارها مرتفعة نسبياٍ وخارج قدرة المستهلكين ذوي الدخل المحدود الأمر الذي أدى إلى انتشار سلع مستوردة ذات مواصفات أقل (سواء كانت مهربة أو جاءت عبر المنافذ الرسمية) كي تتوافق مع قدرة المستهلك اليمني الشرائية المنخفضة . وقد تضرر تجار التجزئة والجملة الصغار والتجار في المستوى المتوسط نتيجة انخفاض حركة تداول السلع نتيجة الخسائر التي أصيبوا بها لانخفاض الطلب وارتفاع تكاليف النقل وانخفاض هامش الربح بينما استفاد كبار التجار الذي حولوا نشاطهم الرئيسي إلى تجارة الاستيراد كما تضرر صغار ومتوسطي رجال الأعمال نتيجة شدة المنافسة وارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي. من جهة أخرى فقد زادت حدة الفقر في أوساط المزارعين في الريف نتيجة شدة المنافسة وارتفاع تكاليف الإنتاج وزادت الهجرة إلى المدينة إضافة إلى تفاقم الفجوة الغذائية وزيادة الاعتماد على الواردات الزراعية وانخفاض نسبة الصادرات الزراعية . وتشير الدراسة إلى ظهور سوق آخر يمكن تسميته بسوق المهمشين وهو سوق غير منظم يتكون بصفة أساسية من أصحاب العربات والمتاجر الصغيرة المتنقلة من الرجال والنساء والأطفال وهؤلاء هم شريحة فقيرة لا يملكون رأس مال كبيراٍ وإنما يتاجرون بما يسد متطلباتهم البسيطة حيث يتم بيع فيه المواد الغذائية (كثير منها مهرب) والملابس المستعملة والفواكه والخضروات. وخلصت الدراسة الى إن الأثر السلبي على المستهلكين كان متفاوتاٍ فقد أصاب الضرر بصورة كبيرة المستهلكين الفقراء وذوي الدخل المحدد من الموظفين والعمال والمزارعين كما انخفضت الدخول الحقيقية لشريحة الطبقة الوسطى وانخفضت قدرتها الشرائية بصورة ملحوظة في السنوات الأخيرة . ومن ناحية أخرى ليس من المتوقع في الأجل القريب أن تؤدي شدة المنافسة بين الأسواق المحلية والأسواق الخارجية لصالح الأخيرة حالياٍ إلى الارتقاء بجودة السلع المحلية وزيادة القدرات التنافسية للأسواق المحلية. حيث ستظل الأسواق المحلية ضعيفة في القدرة التنافسية وبالتالي فإن هذا النمط من الأسواق لا يخدم الناس خلال تلك الفترة لأن الإشكالية هي أن اختلالات الأسواق المحلية هي بنيوية في الأساس وتحتاج إلى إعادة تأهيل وتطوير حتى تكون قادرة على المنافسة من جهة وخدمة الناس من جهة أخرى. واعتبرت الدراسة أن تدخل الدولة من خلال إقامة البنى التحتية والخدمية والتسويقية الأساسية سيكون لها أثر إيجابي على تطوير دور الأسواق إضافة إلى دورها الإشرافي والتنظيمي للسوق وبما يمكن من حماية حقوق المستهلكين والمنتجين على السواء أما دور المنظمات الأهلية والخيرية فإن أولويتها الآن هو حماية حقوق المستهلك .