الرئيسية - السياسية - الحسيني: الولاء للوطن لا يكون بالتعصب وإنما بنبذ السلوكيات الرديئة
الحسيني: الولاء للوطن لا يكون بالتعصب وإنما بنبذ السلوكيات الرديئة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

يرى الباحث شائف علي الحسيني أن الولاء الوطني غدا مفهوماٍ سياسياٍ واجتماعياٍ وثقافياٍ أكثر شمولاٍ واتساعاٍ حيث كل فرد من أفراد الوطن يجعل الولاء أسمى معاني الحب والوفاء لديه وتحت رايته يبذل الغالي والرخيص خاصةٍ في الظروف الاستثنائية التي تمر به الأوطان فيكون لدى الشعوب هو الحصن الحصين لوحدتها وتقدمها وازدهارها. فهل نحن اليمنيون أمام ما يجري من أحداث خطيرة في ساحة الوطن اليوم بحاجة إلى أن نتسلح بالولاء – بعد أن عجزت أو كادت أسلحة أخرى إيقاف جريانها – لنواجه به القضايا المطروحة. ويتساءل الباحث: ما هو شكل الولاء ومعاني الوفاء الذي ينبغي أن يعبر عنه بالأفعال لا بالأقوال للسير بالوطن نحو الآمال العريضة والمستقبل الواعد بدلاٍ عن الضياع والتيهان في سراب لا يروي من عطش ولا يدل على طريق.. ويوضح لا يفسر الولاء بأنه الدفاع اللفظي عن الوطن أمام خصومه أو ضد من يتدخل في شؤونه أو يقلل من أهمية المنتمين إليه أو غير ذلك فهذا تفسير مبسط للولاء الوطني ودفاع غير مجد والأجدر أن يكون الرد على الانتقاد بأفعال إيجابية تبدأ بثورة في النفوس والعقول يتبعه العمل لمقاومة السلوكيات الرديئة وبث التوعية في أوساط المجتمع¿ وأشار الباحث إلى أن الولاء لا يأتي إلا من معرفة سليمة وصحيحة وعميقة بأهمية وقيمة الوطن في حياة أي شخص باعتباره المكان الذي يمنح الأرض للزرع والمصنع للصناعة والمتجر للتجارة والمدرسة للدراسة والمستشفى للتطبيب والطريق للسير والوصول إلى الهدف والحديقة للنزهة. وقال: إذا أجمع أفراد هذا الوطن أن لا مكان لهم غيره للعيش والإقامة لأنه المصير والمآل فإن ذلك يجعل الناس في ولائهم الوطني يحافظون عليه ويدافعون عنه كأسرهم ودينهم ومنازلهم ومزارعهم لأن فقدانهم لمقومات حياتهم يعني الخروج إلى العراء.

لماذا الولاء أما لماذا يكون الولاء للوطن¿ فحسب الباحث لأن تحقيق الحاجة في العيش والسكن وتوفير الطمأنينة والأمن والأمان لا يتوفر لهم في قرية أو حارة أو قبيلة أو جهة إنه يتوفر من مجموع ما هو في هذا الوطن بمساحته وأرضه ببحاره وسمائه بثرواته في باطن الأرض وظاهرها بإنسانه رجالاٍ ونساء فالعمل والحرية والكرامة لا تتحقق بالتجزؤ واختزال الوطن بمفهومات محدودة ومتخلفة ولا يتوفر للإنسان في هذا التجزؤ متطلبات العيش والاستقرار ولا يشكل له الاستخلاف للأجيال جيلاٍ بعد جيل بتراث عظيم وذخيرة مادية ومعنوية وهو مجزأ وضعيف فالتجزؤ يأتي بعكس ذلك تماماٍ فيكون الناس بذلك كقوارب في بحرُ يتلاطمها الموج ومعرضة للغرق ولا يجدون من ينقذهم السعادة في ظل الأوطان لا تأتي من وطن ضعيف أبداٍ بل من وطن قوي وعظيم لأن عظمة الدولة اليوم من ضمن ما تقاس به مساحتها وسكانها ووحدة أبنائها. الكلام المعسول ويؤكد الحسيني أن موالاة الوطن بالعاطفة وبالكلام المعسول بالشعر والنثر بالإدعاء أننا أحفاده وأبناؤه ولنا تاريخ حافل بالبطولات والمنجزات الزراعية والصناعية وغيرها ليس هو الولاء الحقيقي وان كان مطلوبا وإنما يتمثل بالقدوة في العمل بإخلاص وتفان العامل في مصنعه يتقن عمله وينتج منتجاٍ يستحق أبناء وطنه شراءه والاستفادة منه دون أضرار الفلاح في مزرعته يمارس سلوكاٍ سوياٍ في التعامل مع الأرض ومع البيئة ومع جيرانه لا يستخدم السموم المحرمة ولا الأسمدة القاتلة للأرض ولا يهدر الثروة المائية في سبيل الحصول على غلة يجني منها الأرباح الكبيرة فيصيب الأرض ويصيب الإنسان بالمرض الذي يؤدي في النهاية إلى هجر المكان وتدمير الكيان عندما يترفع في ممارسته عن هذا السلوك السيئ والمشين فإنه يوالي وطنه. المدرس في المدرسة عندما يسكن التلاميذ قلبه وعقله مثل أبنائه والمدرسة مثل بيته فهو يعطي بسخاء ويربي بإباء وينشئ في نفوس التلاميذ حب الوطن فيخرجون للحياة منتجين ومتشبعين بالولاء لوطنهم محبين لأرضه وناسه. الموظف في وظيفته لا يخون الأمانة ولا يخالف القانون ولا يسرق الأموال العامة أو الخاصة لا يرتشي ليقدم لمحتال خدمة غير قانونية ليعتدي بها على حقوق المجتمع وسكونه ومواظب على عمله كأنه يعمل لنفسه ثم يتعامل مع القانون كما هو يحترم نصوصه وينفذ تعليماته. عندما يكون موظف الجمارك ومسؤول الأمن في المنافذ والتخوم لهم حرص على حماية المجتمع وأموال الدولة لا يخالفون قانوناٍ ولا يغشون سلعة ولا يرتشون من أحد لإدخال بضائع ضارة بالمجتمع والبيئة فإن ذلك هو الولاء الوطني. ضابط الشرطة في مخفره وفي إدارته كيف يطبق القانون والنظام ويحمي الأمن ويصنع علاقة حميمة مع المواطن فيتحول قسم الشرطة من مكان للخوف إلى مقرُ للأمن والأمان عندما تكون يد الضابط والجندي عفيفة من الرشوة محترماٍ للقانون ومطبقاٍ له وتكون المسؤولية في قلبه وعقله كواجب يؤديه للوطن وليس غير ذلك ممنون وسعيد بما يقوم به فإن ذلك هو الولاء لوطنه ولمواطنيه. الضابط والجندي في الجيش وهو يحمي الثغور ويحرس تخوم الوطن من الأعداء ومن المهربين لا يغريه مال ولا يلين له جانب في أمرُ يضر الوطن يحمي ثروة الأمة في البحر والبر والسماء فوق الأرض وفي باطنها يحرص على سلاحه وأدواته الحربية كأنه يتعامل مع أدوات منزله يتحلى بالخلق في تعامله مع زملائه ومع المواطنين يتزود بالعلم والمعارف ليكون على مقدرة باستخدام السلاح الحديث ويهتم بهندامه ومظهره ويضرب أمثلة في البطولة والفداء عند تعرض وطنه للخطر فذلك هو الولاء الوطني. القبيلي باحترامه لدولته ولأهله وجيرانه ويمنع نفسه من الإنجرار وراء القتل والفتن وقطع الطرقات والتهريب لسلع ممنوعة وضارة باقتصاد الوطن وصحة المواطنين ويمنع نفسه عن حماية الفارين من وجه العدالةعندما يتجرد أولئك الذين يختطفون الأجانب ويجعلونهم رهائن لابتزاز الدولة ويسيؤون بأعمالهم تلك لملايين اليمنيين ولسمعة البلاد وما يلحق بها من أضرار مادية ومعنوية فادحة فأفعالهم تلك تنفر المستثمرين والسياح والزائرين وتمنع المساعدات الدولية التي تقدم للمرضى والمحرومين وغير ذلك عندما يبتعدون عن هذه المسالك الفاسدة فإن هذا هو ولاؤهم لوطنهم. عندما تكون المعارضة قائمة سياستها على الحفاظ على الأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي وعدم دفع البلاد إلى أتون الاضطرابات والاحتراب والتجزؤ وتكون المعلومة والخبر المعارض الذي ينشر للمواطن سليماٍ وصحيحاٍ وصادقاٍ وتبتعد الأحزاب والمنظمات عن الجهوية والقبلية والعائلية متمسكة بقيم الأمة وثوابتها فإنها بذلك معارضة وطنية ولاؤها للوطن. الصحفي والمثقف والمؤرخ وكل حسب عمله واختصاصه عندما يكونون مسؤولين عن آرائهم وأقوالهم وأفعالهم لا يثيرون الضغائن ولا الحقد ولا يشيعون الفوضى بين الناس إنما ينتقدون الخطأ ويكافحون مظاهر السلبيات ويعززون الإيجابيات ويغرسون قيم الولاء الوطني في النفوس فإنهم يقومون بعملهم وواجبهم لخدمة الوطن. عندما ينفق رأس المال الوطني داخل الوطن بمشاريع استثمارية ويقدم للأسواق سلعاٍ نظيفة لصحة السكان والبيئة فيحرص على وطنه كأنه مسكنه فذلك هو الولاء. عندما يكون العالم والمرشد وخطيب المسجد يمارسون عملاٍ توعوياٍ للمجتمع ليرشدهم للابتعاد عن ما يضر الناس أفراداٍ وجماعات من جراء أعمال الإرهاب. ويرى الباحث أن من ينمي شعور الولاء للوطن: الدولة بمؤسساتها المعارضة بأطيافهما والتربية بمناهجها. تبسيط المفهوم وتستشهد هذه الدراسة القيمة ببعض من الثقافة المتداولة في الشارع والتي تبين مقدار التأخر في استيعاب مفهوم الولاء كحال من يتساءل باستنكار (كيف نوالي الوطن وليس لدينا عمل أو سكن).. يقول الباحث الحسيني: هذا هو ما يطرحه البعض تحت طائلة الأزمة الاقتصادية والضرورة الملحة للحاجة من أن الولاء لا يأتي إلا من باب الحقوق تتبعه واجبات وهذا في حقيقة الأمر هو تبسيط لمفهوم الولاء الوطني لأنه لا يرتبط بحكومة ولا بأشخاص ولا بأزمات اقتصادية ولا بمصالح آنية لأن ذلك زائل والوطن هو الباقي فلا يصح الجمع بين شيئين مختلفين الولاء والحاجة هل أهل بيتك وأفراد عائلتك لا تواليهم إذ هم لم يوفروا لك متطلبات معيشتك واستقرارك وهم ليسوا قادرين على ذلك هل يعقل أن يقول الأخ لأخيه ليس هذا أخي والابن يقول لأبيه ليس هذا أبياٍ لأنهم لم يوفروا له العيش الرغيد إنه ضرب من الجنون لقد دفع المناضلون أرواحهم ودماءهم في سبيل وطنهم دون أن ينتظروا مقابل ذلك شيئاٍ مادياٍ وتاريخ اليمن مليء بتلك الشواهد العظيمة قديماٍ وحديثاٍ , ولو أن الأوطان تحسب بهذه الحسبة المتواضعة لتلاشت بلدان عديدة واختفت من الخارطة ولا ما أقدم أحد على التضحية بروحه فداء للوطن وقد غدا لديه مجرد محطة للأكل والسكن. حب الوطن كما يقول شائف الحسيني: معناه تنمية الشعور لدى المواطنين لمحاربة أشكال السلبيات وعلى رأسها الإرهاب والفساد التي تعطل التنمية وتعيق المسيرة سواءٍ كانت في أوساط المجتمع أم في أجهزة الدولة فإذا وجد لدى الناس وعي وحرص على مقاومة ما هو مخل بالمصالح العامة كالاضطرابات والاحتراب والإرهاب ومحاصرة الفاسدين أينما وجدوا فإن ذلك يخدم التنمية ويدفع بالبلاد نحو مستقبل آمن.