الرئيسية - اقتصاد - تــــدمير وطـن
تــــدمير وطـن
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تحقيق/عبدالله الخولاني – سيارات مفخخة تنفجر هنا واحتراب هناك واغتيالات ممنهجة للأفراد وتخريب مع سبق الإصرار لأنابيب النفط وأبراج الكهرباء لتذيل القائمة بكابلات الألياف الضوئية.. سيناريوهات متعددة الهدف منها اغتيال وطن.. فالاقتصاد هو العمود الفقري وعصب الحياة فكيف يستقيم الحال ويتعافى وطن وعموده الفقري يتعرض لضربات موجعة ينحني أمامها أعتى اقتصادات العالم فما بالنا باقتصادنا الوطني الذي لايزال في المهد يحاول رسم ملامحه البسيطة لكن هناك من يحال دفنه قبل أن يرى النور وللأسف المواطن هو من يدفع الثمن. تدمير الاقتصاد سهل لكن إعادة بنائه صعب تختزل هذه الكلمات الوضع الحالي للاقتصاد اليمني الذي يقف أمام باب خلفه درج شديد الانحدار بعد أن تجاوزت معدلات الفقر والبطالة حاجز50 % وتوقعات بتراجع متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي الحقيقي المتاح إلى نحو12,3 % خلال العام الجاري 2014م ووصول الدين الداخلي الحدود الآمنة وبنسبة تجاوزت 120 % مقارنة بالإيرادات الفعلية الحقيقية. تختزلþ هذه المؤشرات -þأيضاþ-þ حقيقة جوهرها أن الاقتصاد دائما هو المستهدف من هذه الأعمال التي وجدت في الانفلات الأمني بيئة خصبة لتحقيق مآربها . استقرار السياسة يرى الخبير الاقتصادي الدكتور داوود عثمان أن استقرار الاقتصاد لن يتحقق إلا باستقرار السياسة وللأسفþ-þ كما يقولþ-þ إضعاف الاقتصاد يأتي بيد بعض أبناء اليمن فليس هناك استقرار سياسي واجتماعيþ,þ وسوف نظل في حالة التدهور والهبوط إلى الهاوية طالما زادت الصراعات. ويؤكد خبراء الاقتصاد أن الملف الاقتصادي لايزال في الدرجة الثانية واستمراره في هذه الدرجة سيصيبه بكوارث لا يعلم عواقبها أحد ويجب أن يكون محل اهتمام في المرحلة المقبلة وكما كان مطلوبا الاهتمام به في الفترة السابقة ولكنه لم يحظ بالحديث عنه وإنما كان الحديث عن السياسة لأننا وصلنا مرحلة لا ينفع أن يكون الاقتصاد فيها درجة ثانيةþ. مساعدة الفقراء الأمر حاليا يتطلب وجود تصور لسياسة اليمن الاقتصادية الكلية في الفترة المقبلة وإلا سنفاجأ بمشاكل لا حصر لها والمطلوب من الحكومة تحديد السياسة الاجتماعية المطلوبة وكيفية مساعدة الفقراء في المرحلة المقبلةþ,þ وإيجاد فرص عمل جديدة لمواجهة مشكلة الفقرþ.þ إن اقتصاد اليمن لن ينطلق إلا إذا تحقق له الاستقراران السياسي والأمني من خلال تثبيت الأوضاع ثم يأتي الاقتصاد من خلال ترتيب الأولويات في القضايا الاقتصادية للبدء بها ويرى أستاذ الاقتصاد المالي بجامعة تعز محمد قحطان عجز الموازنة عن إبرز المخاطر والتحديات التي تواجه الاقتصاد اليمني والذي وصل إلى 8,3 % þ, ففي ظل ارتفاع حجم العجزþ يعتبر التمويل الداخلي البديل الأكثر صعوبة لأنه يشل حركة الاقتصاد داخل البلدþ باعتباره يؤدي إلى انخفاض معدل النمو مما يزيد من عجز الموازنةþ,þ كما أن أسعار الفائدة علي أذون الخزانة وصلت إلىþ16 % þ مما يدل على أن مزيدا من التمويل الداخلي يعني مزيدا من عجز الموازنة. نتائج سلبية في ظل توقعات بتحقيق الناتج المحلي الإجمالي الاسمي نمواٍ بنسبة 5.7 % والحقيقي 5.4 % عام 2013م إلى جانب التوقع بتراجع فائض صافي التحويلات الجارية من العالم الخارجي بمعدل 25 % في ظل عدم تجاوز معدل انخفاض عجز ميزان صافي دخل عوامل الإنتاج من العالم الخارجي 4 % فمن المتوقع ثبات حجم الدخل القومي المتاح الاسمي عام 2013م هذا في الوقت الذي يتوقع بلوغ معدل التضخم 9 % ومعدل نمو السكان 3 % مما يعني حدوث تراجع في متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي المتاح الحقيقي قد يصل إلى نحو 12.3 % وهذا ما يعني عودة مستويات الفقر إلى مستوياتها المرتفعة عام 2011م بل وتجاوزها. وتؤكد وزارة المالية تراجع استمرار تدني حجم الاستثمارات المنفذة فعلا الحكومية والعامة وللقطاع الخاص المحلي والأجنبي بسبب استمرار عدم الاستقرار السياسي والأمني مما أدى إلى تدني معدل النمو للقطاعات غير النفطية وبالتالي التدني الكبير في حجم فرص العمل الجديدة مما ترتب عليه استمرار مستويات معدلات الفقر والبطالة وبالأخص بين الشباب عند مستوياتها المرتفعة 25-30 % وأيضاٍ استمرار الاختلال في هيكل الموازنة العامة للدولة حيث لا تزال الإيرادات النفطية والغازية تمثل ما نسبته 56 % على الأقل من إجمالي الموارد العامة أما الاختلال الأكبر فهو في جانب النفقات حيث تستحوذ النفقات الجارية على ما نسبته 90 % من إجمالي الاستخدامات بينما نسبة النفقات الاستثمارية خلال الفترة يناير إلى أكتوبر 2013م لا تتجاوز 3.93 % والنفقات التحويلية الرأسمالية 4.66 % مقارنة 5.4 % و4.1 % على التوالي خلال الفترة المقابلة من عام 2012م بل تظهر البيانات الفعلية الأولية أن النفقات الاستثمارية خلال هذه الفترة لا تتجاوز نسبتها 23.6 % من إجمالي النفقات على فوائد الدين العام المحلي و19.3 % من تكاليف دعم المشتقات النفطية وهذا ما يعني أن تكاليف الدين المحلي تتجاوز أربعة وربع أضعاف النفقات الاستثمارية وأكثر من خمسة أضعاف نفقات دعم المشتقات النفطية وهذا ما جعل نسبتيهما إلى إجمالي الاستخدامات العامة تصل خلال الفترة يناير إلى أكتوبر 2013م إلى نحو 16.7 % و20.3 % على التوالي أي أكبر من ثلث نفقات الموازنة العامة 375 وذلك كله على حساب التنمية ومستوى وكفاءة الخدمات الأساسية والعامة التي يكون المجتمع في أمس الحاجة إليها. استثمارات متدنية وكشفت الوزارة إلى استمرار التدني الواضح في حجم استثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي حيث تظهر البيانات الأولية عدم تجاوزها 14 % من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي خلال الثلاث سنوات الماضية 2011- 2013م تمثل الاستثمارات القطاع الخاص وهذا ما يعني أن استثمارات القطاع الخاص المحلي لا تتجاوز في المتوسط 8.5 % من الناتج المحلي الإجمالي و76 % من إجمالي مدخرات القطاع الخاص المحلي 36 % من إجمالي ودائع القطاع الخاص المحلي لدى الجهاز المصرفي المحلي وهذا ما يعكس تدني دور القطاع في قيادة عملية التنمية رغم توفر موارد مالية لديه غير مشغلة من ناحية ويفسر سبب تدني حجم فرص العمل الجديدة المتاحة وبالتالي استمرار معدلات البطالة عند مستوياتها المرتفعة وعكس صورة سلبية عن مناخ الاستثمار للمستثمر الأجنبي من ناحية ثانية. تفاقمت الاختلالات في موازين الاقتصاد الوطني القومي حيث ارتفعت نسبة فجوة الطلب الكلي من (1 % ) عام 2011 إلى نحو (15 % ) عام 2012م جراء ارتفاع نسبة الاستهلاك النهائي الكلي إلى نحو (91 % ) من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي وكذا ارتفاع نسبة الواردات من (34 % ) من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الماضية إلى نحو (41 % ) عام 2012م في ظل تراجع الصادرات هذا إلى جانب تحول رصيد ميزان المدفوعات من فائض عام 2012م إلى عجز عام 2013م وبنسبة (1.7 % ) من الناتج المحلي الإجمالي واستمرار حجم عجز الموازنة فوق المستويات الآمنة. الدين العام الدين العام الداخلي يمثل عقبة حقيقية أمام المالية العامة حيث بلغت نسبة رصيد الدين العام الداخلي إلى إجمالي الموارد الناتجة الذاتية المؤكدة نهاية سبتمبر 2013م (117 % ) وهذا المستوى يتجاوز الحد الآمن لمستوى الدين الداخلي المتعارف عليه دولياٍ بما نسبته (95 % ) هذا إلى جانب ارتفاع تكاليفه على الموازنة العامة حيث بلغت نسبة عبء الدين الداخلي خلال الفترة (يناير – أكتوبر 2013م) نحو (16.7 % ) من إجمالي الاستخدامات وذلك راجع بدرجة أساسية إلى ارتفاع سعر الفائدة المحلية وتضخم رصيد الدين العام. عقبة استمرار تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية مما يشكل قيداٍ حقيقياٍ وأساسياٍ على حدوث أي تحسن ملموس في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية حيث أدى ذلك إلى فقد جزء هام من موارد الدولة من النفط الخام والغاز وتحمل تكاليف باهظة لإصلاح أبراج الكهرباء نتيجة الاعتداءات المتكررة عليها وتدني مستوى أداء مختلف الأنشطة الاقتصادية وضعف الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي مما أدى إلى تراجع حجم الأوعية الإيرادية وفرص العمل الجديدة وبالتالي استمرار الفقر عند مستوياته المرتفعة هذا إلى جانب عدم كفاءة الدولة في تحصيل مواردها المستحقة وعدم القدرة على تنفيذ خططها ومشاريعها الإنمائية وبالأخص الممولة خارجياٍ بل وتأجيل تنفيذ بعض سياسات الإصلاح الاقتصادي الهامة مثل رفع الدعم أو تنظيف كشوفات الراتب من الوظائف المزدوجة والوهمية وهذا ما ساهم بدرجة أساسية في تفاقم وضع الموازنة العامة. معالجة جادة رغم حدوث تحسن محدود في بعض الجوانب إلا أن الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الحقيقي وعلى المستوى الكلي يمر بمرحلة حرجة وخطيرة جراء تفاقم العديد من الاختلالات الحادة والصعوبات والمشاكل الخطيرة في مقدمتها الاختلالات الأمنية والسياسية وتدني معدلات النمو الحقيقي واستمرار الفقر والبطالة عند مستويات مرتفعة وتراجع مستوى معيشة الغالبية العظمى من السكان واستمرار ارتفاع معدلات التضخم وتنامي عجز الموازنة العامة وحجم المديونية الداخلية وتراجع كميات إنتاج النفط وثبات كميات الغاز المنتج في ظل احتمالات تراجع الأسعار في السوق الدولية وتحول فائض ميزان المدفوعات إلى عجز وبالتالي تراجع حجم الاحتياطيات الخارجية…الخ يتطلب الوقوف بصورة جادة وعاجلة أمام الأوضاع القائمة والسعي لإخراج البلد من هذا الوضع الذي سيكون له تداعيات سلبية يدفع ثمنها الجميع.