استكمال تجهيزات إصدار البطاقة الذكية في حيران غرب حجة طارق صالح يبحث مع سفير الإمارات مستجدات الأوضاع العرادة يناقش مع المستشار العسكري للمبعوث الأممي المستجدات العسكرية والأمنية وتأثيرها على عملية السلام مجلس القيادة الرئاسي يناقش المستجدات الوطنية والاقليمية وفد عسكري يطلع على سير العمليات العسكرية في محور علب بصعدة الارياني يرحب بإعلان حكومة نيوزيلندا تصنيف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية نيوزيلندا تصنف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية الارياني: استمرار تجاهل التهديد الحوثي وعدم التعامل معه بحزم، سيؤدي لمزيد من زعزعة الامن والاستقرار المكتب التنفيذي لأمانة العاصمة يناقش انتهاكات الحوثي وتحديات النازحين وكيل شبوة يفتتح إفتتاح مشروعات امنية في المحافظة
الإســلام أوجـــب حمـــاية المـــــال العام وجعلها مسؤولية فردية ومجتمعية خطورة الجرائم المالية أنها تتعدى بآثارها الفرد وتطال المجتمع بأكمله سيرة المصطفى وخلفائه الراشدين تضمنت أعظم الدروس والمحددات لمواجهة الفساد والفاسدين
المال العام هو عصب الحياة ولذلك يشكل الاعتداء عليه السرطان الذي يدمر الوطن والمواطن ومن هنا فإن تعثر المشاريع أو عدم القدرة على القيام بها من أهم أسبابها العدوان على المال العام فالطريق الذي لم يعبد والمستشفى الذي لم يستكمل والمدرسة التي لم تنفذ والجامعة التي لم تتمكن من القيام بوظائفها والمؤسسات الخدمية كلها تتضرر وتتوقف عجلة التنمية بسبب العدوان على المال العام وليس في هذا مبالغة أبدا فإن رفاه الشعوب كلها سببه حفاظهم على المال العام كسبا وإنفاقا. حول المال العام وكيفية الحفاظ عليه التقينا أستاذ المناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية بجامعة صنعاء الدكتور محمد عبدالله الحاوري فإلى التفاصيل:
* في بداية اللقاء نود منكم توضيح المقصود بالمال العام وما حكم الاعتداء عليه¿ – هو كل مال مملوك للدولة أما حكم الاعتداء عليه فهو الحرمة ولا يحل لأحد أن يأخذ من المال العام شيئاٍ بغير وجه حق ولا أن ينتفع به بغير وجه حق كذلك ومن اعتدى عليه فهو آثم ويستوجب العقاب. * وما هي مخاطر الاعتداء على المال العام¿ – لبيان مخاطر الاعتداء على المال العام يمكن القول: إنه حين يسرق شخص شخصا آخر فإنه يرتكب جريمة في حق فرد واحد أما حين يسرق شخص مجموعة من الناس فإن تلك المجموعة تتضرر بفعلته القبيحة وسلوكه المنحرف ولكن المعتدي على المال العام يتأثر بجريمته الجميع حتى الجنين في بطن أمه لأن هذا اللص ينهب حقه في المال العام قبل أن يولد ويتضرر بقبح صنيعه وإثمه المريض المحتاج للدواء والفقير البائس المتضور جوعا يبحث عن لقمة تسد رمقه أو ثوبا يستر جسده فالمعتدي على المال يبلغ ضرره لكل فرد في الأمة ولكل واحد من الشعب وبسببه يضعف الاقتصاد وتتدهور الحياة وإمكانيات الأمة وتشيع كل الآفات التي تأتي مع الفقر وتنتشر الجريمة بسبب إجرامه الذي يفسد الحياة كل الحياة. إن هذا اللص القبيح والآثم الخبيث المعتدي على المال العام بأي صورة من صور العدوان هو سبب رئيس في توقف المشاريع الخدمية والأساسية فسلبه للمال العام يوقف مشاريع الوطن ويعيق حياة الأمة وتتوقف بسببه جريمته عجلة التنمية تزداد معاناة الناس وينتج عن جرمه أضرارا جسيمة بالحاضر والمستقبل. إن العدوان على المال العام هو الثقب الأسود الذي تعاني منه موارد هذا الوطن والعدوان على المال يتمثل في الاعتداء على النفط والغاز والموارد الاقتصادية لليمن كما يتمثل في الإنفاق بطريقة فيها فساد وتخوض في مال الأمة مثلما يكون في عدم الحفاظ على منشآت الوطن وموارد الأمة وإمكانيات اليمن ويستوي من يهمل ومن يضيع ومن لا يهتم في العدوان على المال العام وتكليف خزينة الوطن مالا وثروة جعلها الله قيما لهذه الأمة. إن الاعتداء على المال العام يفعل في الاقتصاد فعل مرض السل في الأبدان إنه إنهاك لقدرات الوطن وتدمير لإمكانياته وتبديد لكل ما لديه. * ما هي أهم صور العدوان على المال العام¿ إن صور العدوان على المال كثيرة ومن أهمها: – سرقة المال العام ونهبه واختلاسه. ـ تدمير أنبوب النفط والغاز والكهرباء والاعتداء على أراضي الدولة. وهذا الاعتداء على المال يصل حد الإفساد في الأرض الذين حكم الله عليهم بحد الحرابة في القرآن الكريم. ـ عدم دفع الزكاة عدوان على المال العام. ولذا يقول أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه ورضي الله عنه: “ما جاع فقير إلا بظلم غني”. ـ التخوض في مال الله المال العام بغير حق. فقد ورد عن خولة الأنصارية رضي الله تعالى عنها قالت سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: “إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة” رواه البخاري. ـ التربح من وراء المناصب العامة يعد غولا وحراما وفسادا فمن العدوان على المال العام أن يستغل الرجل منصبه الذي عْين فيه لجر منفعة إلى شخصه أو قرابته فإن التشبع من المال العام جريمة قال رسول الله: (من استعملناه على عمل فرزقناه رزقٍا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول) رواه أبو داود. ذكر صاحب الحلية أن عمر بعث إليه أميره في الشام زيتٍا في قرب ليبيعه ويجعل المال في بيت مال المسلمين فجعل عمر يفرغه للناس في آنيتهم وكان كلما فرغت قرúبة من قرِب الزيت قلبها ثم عصرها وألقاها بجانبه وكان بجواره ابن صغير له فكان الصغير كلما ألقى أبوه قربة من القرب أخذها ثم قلبها فوق رأسه حتى يقطر منها قطرة أو قطرتان ففعل ذلك بأربع قرب أو خمس فالتفت إليه عمر فجأة فإذا شعر الصغير حسنَ ووجهه حسن فقال: ادهنت¿ قال: نعم قال: من أين¿ قال: مما يبقى في هذه القرب فقال عمر: إني أرى رأسك قد شبع من زيت المسلمين من غير عوِض لا والله لا يحاسبني الله على ذلك. ثم جره بيده إلى الحلاق وحلق رأسه خوفٍا من قطرة وقطرتين. * كيف يكون دور الفرد والمجتمع والدولة في الحفاظ على المال العام¿ – إن بلادنا اليوم تقف في مواجهة حقيقية مع المفسدين المتربحين من نهب المال العام ومن أذنابهم الذين ينفذون اعتداءاتهم هنا وهناك على موارد الوطن وإمكانياته وهي مواجهة تسري في الجسد اليمني الذي بدأ يتعافى من الاستبداد السياسي ولكن لا يتم له الشفاء منه إلا بالتعافي من الفساد المالي الذي هو الابن المدلل للاستبداد السياسي والذي يعتمد عليه الاستبداد السياسي في تدمير مقدرات الوطن وهذه المواجهة مع أولئك المجرمين المفسدين تتطلب وعيا جماهيريا هذه أبرز ملامحه: الدور الفردي: ـ حفظ المال العام أولا فهناك ثقافة احترام المال العام والحفاظ عليه وهي ثقافة تشبه الجلد للجسد بدونها لن تتم المحافظة على المال العام يجب أن ندرك أن الحفاظ على المال العام واجب ديني ووطني تقتضيه الأمانة على الممتلكات العامة كما يقتضيه الحرص على الوفاء بالتزامات الانتماء إلى هذا الشعب وقبل ذلك وبعده السؤال بين يدي الله عز وجل عن مال الأمة فالمال العام هو مال كل فرد في هذا الوطن فالقاعدة الشرعية تقول: إن الأصل في الأموال الحرمة وما أبيح أخذه يكون بنص أي نص شرعي وفي الحديث الصحيح: “إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا”. ـ التعاون مع كل الشرفاء في حفظ المال العام فكل تعاون في هذا الصدد هو من قبيل التعاون على البر والتقوى المأمور به شرعا مثلما أن أي أمر يعين المفسدين على نهب المال العام والإضرار به هو تعاون على الإثم والعدوان المنهي عنه بنص القرآن الكريم قال الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}. ـ الإبلاغ عن المخالفات المالية من خلال جمع أدلتها وتقديمها إلى الجهات المعنية لأن ذلك من أبواب الخير لما فيه من مصلحة عامة يعود نفعها على الناس ولما يدفع بها من شرور يسببه نهب المال وجلب المنفعة ودفع المفاسد أمور ترغب فيها الشريعة. الدور المجتمعي: ـ الحصار الاجتماعي لكل من يمد يده إلى المال العام فلا يجالس بل يقاطع مقاطعة تامة لأنه جلالة مثل الحيوان الذي يأكل القاذورات حتى يرد ما نهب بأرباحه إلى خزينة الدولة وهذا الحصار الاجتماعي قيمة إيمانية أساسية فلا يجوز أن تدخل إلى فمك لقمة حراما تأكلها عند هذا الظالم المعتدي وغير ذلك من المعاملات حتى يدع ما هو عليه من الإثم ويرد المال العام إن هذا الحصار الاجتماعي من القوة والقيمة بحيث يشكل ضمانة حقيقية حين ننبذهم كما تنبذ النوى من التمرة لأنهم لا يستحقون غير ذلك حتى يردوا المال العام. ـ الرقابة المجتمعية فيكون المجتمع كله حارسا ورقيبا على المال العام وتلك مهمة لا بد منها. فلو أن كل من يمد يده يواجه برقابة صارمة وتبليغ بما يقوم به لكان في ذلك حفظا للمال العام ولا شك. دور الدولة: دور الدولة مهم لأنها السلطة المخولة برعاية المصالح وحفظ المال العام في مقدمة واجباتها ويتم ذلك من خلال نقاط كثيرة منها: ـ القدوة: فهذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يبين للأمة أهمية التعفف عن المال العام وعدم أخذ شيء منه ففي الحديث الذي رواه أبو داود والنسائي وغيرهما: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دنا من بعير فأخذ وبرة من سنامه ثم قال يا أيها الناس إنه ليس لي من هذا الفيء شيء ولا هذا “ورفع أصبعيه” إلا الخمس والخمس مردود عليكم فأدوا الخياط والمخيط ” فقام رجل في يده كبة من شعر فقال أخذت هذه لأصلح بها برذعة لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك ” فقال أما إذا بلغت ما أرى فلا أرب لي فيها ونبذها . ولما جاءت غنائم فارس إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال إن قوما جاؤوا بهذا لأمناء فقال له علي رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين إنك عففت فعفت رعيتك ولو ارتعيت لارتعت رعيتك. وهذا القانون الذي أكده علي رضي الله عنه يوضح أهمية تخلق القادة ورجال الدولة بواجباتهم في الحفاظ على المال العام فالناس تسير في حياتها بسيرة ملوكها وأمرائها فإذا كان المسؤول أمينا فإن الأمانة ستسود وإذا كان عفيفا عن المال ومحافظا عليه فهكذا سيكون المجتمع. ـ الحرص على المال العام والمحاسبة عليه: فقد ورد في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استعمل رجلا من الأسد على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية فلما جاء حاسبه. ـ ترشيد الإنفاق: إن ترشيد الإنفاق من المال العام هو شأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن أنس بن مالك قال حج النبي صلى الله عليه وسلم على رحل رث . وقطيفة تساوي أربعة دراهم أو لا تساوي: ثم قال (اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة). رواه ابن ماجه في سننه. – استشارة الرجال الأكفاء: ومن الحفاظ على المال العام أن يكون حول الحاكم رجال مشهود لهم بالكفاءة كما فعل ملك يوسف حين سلم الأمر إلى يوسف {إنك اليوم لدينا مكين أمين} وكيف حقق النهضة الاقتصادية لمصر وكيف نجت من المجاعة والدول الحقيقية في القديم والحديث تقدم أصحاب الكفاءات وتعطيهم الزمام وقديما كان أرسطو بجوار الإسكندر المقدوني وفي الحاضر أنظر إلى عواصم الدول الاقتصادية تجد حول الحاكم نخبة في كل مجال فمن أراد النهوض فهذا سبيله وطنية كوطنية ملك يوسف لا تفرعنا كما يفعل المفسدون. ـ التوجيه والإرشاد والمتابعة والرقابة: يقول الغزالي في كتابه كنوز من السنة: القائمون على المال العام استوقفنى ـ وأنا أطالع السنة ـ حرص النبي صلى الله عليه وسلم ـ على المال العام وأمره أن يخرج هذا المال من منابعه إلى مصارفه دون أن تمتد إليه يد خائنة!! روى مسلم عن عدي بن عميرة قال سمعت رسول الله يقول : ” من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم القيامة! فقام إليه رجل أسود من الأنصار كأني أنظر إليه فقال: يا رسول الله اقبل عنى عملك! ـ أي أنه يقدم استقالته من وظيفته بتعبير عصرنا ـ قال له الرسول ومالك¿ قال: سمعتك تقول كذا وكذا! قال الرسول: وأنا أقوله الآن من استعملناه على عمل فليجئ بقليله وكثيرة فما أوتى منه أخذ ما نهى عنه انتهى”. واستقالة هذا الرجل من عمله جديرة بالتأمل! أكان ينتظر من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبيح له الرشوة أو السرقة¿. إن الموظف ليس له من عمله إلا راتبه فكيف تمتد يده أبعد من ذلك¿ ومن لطائف الإمام “النووى” أنه بعدما أثبت هذا الحديث روى حديثا آخر عن “عمر بن الخطاب” قال: ” لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا فلان شهيد! وفلان شهيد! حتى مروا على رجل فقالوا: وفلان شهيد… فقال النبي عليه الصلاة والسلام “كلا إني رأيته في النار في عباءة غلها” ! سبحان الله فقد الرجل مكانة الشهداء ـ وما أسماها ـ لعباءة سرقها!! إن صون الدم والعرض والمال من معالم الإسلام. وأي دار قل اكتراثها بهذه الحقوق فقد بعدت عن دين الله وحقت عليها كلمة العذاب. ولما كانت للسلطة ضِرِاوة كضِرِاوة الخمر فإن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ حذر الحكام من الميل مع الهوى فقال: “صنفان من أمتي لن تنالِهما شفاعتي: إمام ظِلْوم غِشْوم وكلْ غالُ مارقُ”. والغْلول الاختلاس من المال العام. والغريب أن الفساد السياسي والاستغلال الشخصي لا يفترقان فقلما تجد مستبدٍا إلا سارقٍا لمال الأمة متخوضٍا فيه بغير حق هو وأقاربه وأتباعه.