الرئيسية - عربي ودولي - مستقبل السودان السياسي بعد اطلاق البشير دعوته للحوار
مستقبل السودان السياسي بعد اطلاق البشير دعوته للحوار
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

* لا تزال دعوة الرئيس السوداني عمر البشير لكافة القوى السودانية بما فيها المسلحة لحوار وطني شامل للوقوف امام قضايا السلام والحرية والعيش الكريم والهوية السودانية محل جدل وتجاذب بين القوى السياسية وخاصة المعارضة منها, فبعض القوى رحبت بالدعوة وبعضها طرح شروطا والاخر تحفظ ولكن غالبية الأحزاب السياسية قبلت الحوار. و يعد الحوار الوطني السوداني الذي يأتي في وقت حذرت فيه منظمة الامم المتحدة للأغذية والزراعة ” الفاو” من خطورة تدهور الامن الغذائي في السودان فرصة سانحة للتوافق على مشروع وطني متفق عليه ووسيلة سلمية للتغيير يمكن ان تخرج السودان الى بر الامان.. ورغم تباين ردود الأفعال فقد رحبت القوى السياسية السودانية بقرارات الرئيس عمر البشير التي أعلنها الأحد الماضي في خطابه بقاعة الصداقة بالخرطوم لقادة وزعماء الأحزاب والقوى السياسية والخاصة بتهيئة المناخ الملائم لإنجاح الحوار الوطني الجامع.. وأكدت خلال مخاطبتها مؤتمر الحوار الوطني المقرر عقده في مايو المقبل تحت شعار (السودان أولا) أن اللقاء التشاوري مع القوى السياسية يعد خطوة كبيرة وداعمة لحل قضايا البلاد وأن الحوار يعد الطريق الأمثل لحل قضايا السودان وتحقيق الوفاق الوطني لمواجهة التحديات التي تواجه السودان كما أشادت بدعوة الرئيس البشير لمشاركة الحركات المسلحة في الحوار الوطني حيث رحب حزب الأمة القومي بالقرارات التي أصدرها الرئيس عمر البشير لتهيئة الأجواء للحوار الوطني واعتبر الصادق المهدي رئيس الحزب أهداف الحوار تصب في مشروع النظام الجديد الذي دعا له حزب الأمة وشدد المهدي على ضرورة الالتزام القاطع من الجميع بتنفيذ نتائج الحوار داعيا إلى رفع الحظر عن الأنشطة الإنسانية واقترح المهدي – – إنشاء ملتقى تحضيري للإعداد الجامع للحوار والاتفاق على ان لا تتعدى إجراءات ومدة الحوار الشهرين بجانب الاتفاق على مبادرة دستور اقترح لها 24 بندا تعمل معها لجنة مستقلة بالإضافة إلى تشكيل مفوضة مستقلة تعني بملف الفساد مجددا دعوة حزب الأمة “لحكومة قومية انتقالية” لتنفيذ برامج الحوار الوطني إلى حين وضع دستور للبلاد.. من جهته أكد الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي أن حزبه قبل دعوة الحوار والمشاركة فيه تقديرا للمخاطر التي يواجهها السودان مشيرا إلى أن أزمة الحوار بين الحكومة والمعارضة انتهت بالتوتر مبينا أن البعض اتخذ أطروحات الرئيس البشير بشأن الحوار شروطا لكنها هي من صميم المداولات مثمنا إجراءات تهيئة مناخ الحوار التي أصدرها الرئيس البشير والمتعلقة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وحرية العمل الحزبي والحريات الإعلامية والتعهد بضمان مشاركة الحركات المسلحة في الحوار الأمر الذي من شأنه أن يسهم في فتح الباب أمام الآخرين للمشاركة في عملية الحوار مثل قطاع المرأة والشباب بجانب مشاركة الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة كمراقبين لعملية الحوار السوداني السوداني.. واقترح الترابي إنشاء هيئة تنسيقية عليا تنبثق منها لجان فنية لتقديم المقترحات وشدد على أهمية أن تقود عملية الحوار السوداني – السوداني إلى الاتفاق على كيفية انتقال الحكم من خلال تقديم منظومة قومية يتراضى عليها الجميع وتعنى بمستقبل البلاد وقيام الانتخابات وصولا إلى الديمقراطية. الى ذلك رحب حزب الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي بدعوة الرئيس للحوار الوطنى معلنا دعمه لتلك الخطوة داعيا الى تجاوز سلبيات الماضى فيما اعتبر السيد الطيب مصطفى رئيس منبر السلام العادل ان قرارت رئيس الجمهورية الداعمة للحوار الوطنى بانها تاريخية لافتا الى ان المناخ اصبح ملائما للحوار. وتأتي جهود معاودة الحوار الوطني في السودان بين الحزب الحاكم وقوى المعارضة في مرحلة مفصلية دقيقة تمر بها البلاد مما سيكون لنجاح أو فشل الحوار مفاعيل كبيرة على حاضرها ومستقبلها تحت ضغط أجندة ومهمات داهمة في سياق أولوية التغيير السياسي لا تحتمل التأجيل. وجدِد الرئيس السوداني عمر حسن البشير دعوته للقوى السياسية في افتتاح الدورة البرلمانية للدخول في حوار وطني شامل كان قد دعا إليه سابقاٍ في 27 يناير الماضي مع تقديم التزام بأنه لن يتم استثناء أي مكون سياسي من المشاركة في الحوار الذي سيكون عنوانه “السودان أولاٍ” وسيدفع به بإسهام الجميع حسب ما وعد به الرئيس البشير نحو “تحقيق العدالة في توزيع السلطة والثروة” جنباٍ إلى جنب مع اعتبار “التنمية ومحاربة الفساد أهم ملامح المرحلة المقبلة” بالإضافة إلى تداول الحكم بالطرق السلمية ووعد الرئيس البشير أيضاٍ بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ما لم تثبت عليهم اتهامات جنائية وتمكين الجماعات المسلحة من المشاركة في الحوار في إطار تأمين أرضية منفتحة وشاملة لإنجاحه وسبق ذلك الإعلان عن أن الحكومة تلقت توجيهات بإعطاء الأحزاب السياسية كامل الحق بممارسة عملها وأنشطتها العامة دون مضايقات أمنية. وانفتاح وسائل الإعلام الرسمية باتجاه إنجاح الحوار من خلال عكس أجواء إيجابية تسمح للجميع بعرض آرائهم بحرية وبلا قيود وكمؤشر على تغير مهم في إستراتيجية حزب “المؤتمر الوطني” الحاكم جاء لقاء زعيم الحزب الرئيس البشير مع الأمين العام لحزب “المؤتمر الشعبي” الإسلامي المعارض حسن الترابي بعد قطيعة استمرت خمسة عشر عاماٍ تخللها صراع مرير بين الرجلين على ما يبدو برغبة مشتركة في الانفتاح. ويتطابق هذا مع موقف “حزب الأمة القومي” بزعامة الصادق المهدي وكان لافتاٍ قبول الترابي والمهدي للحوار دون شروط مسبقة وترك الأمر للتوافق على طاولة الحوار الوطني الشامل الذي دعا له البشير.. مؤشر آخر مهم تمثل في دعوة الجماعات المسلحة للمشاركة في الحوار ومنح الحركات المسلحة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق كافة الضمانات للحضور إلى الخرطوم بشرط الالتزام بمبدأ القبول بالمسار الديمقراطي والانخراط به من خلال الانتخابات القادمة المزمع إجراؤها في العام القادم كسبيل وحيد لانتقال السلطة وتداولها وإذا كانت كل المكونات السياسية السودانية في السلطة والمعارضة على حد سواء تجمع على أن الأوضاع المحتقنة في البلد تفرض البحث عن مخارج وطنية عبر وسائل سياسية ينتجها حوار وطني شامل بدل استمرار الصراعات السياسية والمسلحة غير أن الكثير من الشكوك تلف مشاركة عدد واسع من القوى السياسية القومية المعارضة والجماعات المسلحة في الحوار. حيث تعتبر تلك القوى أن الرئيس البشير لم يقدم ما يكفي من ضمانات لإنجاح الحوار وانعقاده في ظل أجواء مواتية والمقصود هنا خطوات عملية لترجمة الوعود التي قدمها كأرضية للحوار.. وأبرز النقاط الخلافية بين الجانبين منذ إطلاق دعوة الحوار رفض الحزب الحاكم مقترح تشكيل وضع قيادي انتقالي كامل يقود المرحلة الانتقالية حتى انتخابات 2015م, وكدا اقرار مجموعة الإصلاحات السياسية والدستورية المطلوبة وضمان وقف أي شكل من أشكال تدخل أجهزة الأمن في الحياة السياسية ووقف الحرب بإنهاء الصراع مع الجماعات المسلحة. والإفراج عن كل المعتقلين السياسيين وإطلاق الحريات العامة فضلاٍ عن مكافحة الفساد ومعالجة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.. بالمقابل اقترح الحزب الحاكم تشكيل حكومة ائتلافية بمشاركة كل القوى السياسية الرئيسية في حال جرى التوافق على مثل هكذا مخرج في الحوار وقوبل ذلك برفض تحالف قوى المعارضة السودانية الذي اعتبر أن تشكيل حكومة ائتلافية بقيادة الحزب الحاكم لا يجعل من الجميع شركاء حقيقيين في القرار. واشترط تحالف المعارضة قبل الدخول في الحوار أن يفي الرئيس البشير بكل التعهدات التي قطعها على نفسه وفي مقدمتها إطلاق الحريات العامة. ومن بين التحليلات التي تساق في غير صالح إمكانية نجاح دعوة الرئيس البشير إلى حوار شامل وواسع رؤية المعارضة أن نظام الحكم يحاول الهروب من مآزق عديدة حاقت به في العام الأخير منها تصدع البنية الداخلية في الحزب جراء الانشقاقات الأخيرة التي عانى منها وتدهور الأوضاع الأمنية على ضوء اشتداد المعارك مع المتمردين في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق. والعزلة السياسية التي يعاني منها النظام بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية المتردية. كما أثارت مخاوف كبيرة لدى تحالف المعارضة هي التقارب الحاصل بين حزب “المؤتمر الوطني” الحاكم وحزب “المؤتمر الشعبي” بزعامة الترابي وحزب “الأمة القومي” بزعامة المهدي إذ يْخشى من أن يؤدي هذا إلى نشوء تحالف بين الأحزاب الثلاثة يعاد عبره ترميم أوضاع الإسلام السياسي وإعادة تقاسم السلطة بين مكوناته على حساب بناء نظام ديمقراطي تعددي ينهي عقوداٍ من استحواذ الإسلاميين على دفة الحكم وإقصائهم لباقي القوى السياسية الأخرى. ووفقاٍ لوجهة نظر المعارضة بان المطلوب إجراء تحولات جذرية في بنية النظام السياسي ككل ويلتقي موقف حسن الترابي في هذه النقطة مع مواقف باقي أطراف المعارضة غير أن الترابي ومعه الصادق المهدي يميزان مواقفهما بالإحجام عن التشكيك في شرعية النظام القائم ولا يتبنيان دعوات داخل المعارضة تهدف إلى تفكيك بنيته إنما يؤكدان على أن التغيير يجب أن يتم عبر عملية انتخابية ديمقراطية تعيد بناء النظام السياسي وهذا ما يمكن أن توفره فرصة الانتخابات القادمة في أبريل 2015 إذا ما تم تأمين شروط نجاحها من خلال مخرجات حوار وطني شامل. وفي زحمة تداعيات السجال الدائر بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة لا شك في أن الجميع يقرون بضرورة الحوار لأن البديل مزيد من الأزمات السياسية والاقتصادية واتساع نطاق بؤر الحرب بين الجيش الحكومي والجماعات المسلحة المتمردة. ومع حرص تحالف قوى المعارضة على عدم إغلاق باب الحوار فإن نجاح أو فشل الحوار الوطني الشامل يتوقف على تقديم تنازلات متبادلة من السلطة والمعارضة للوصول إلى أرضية مشتركة يجري عليها الحوار بهدف تحقيق تغيير ديمقراطي سلمي وان كلفة التنازلات المطلوبة للمضي فيه تبقى أقل بكثير من استمرار الاحتقان السياسي والمجتمعي والتدهور الاقتصادي الذي يهدد مستقبل وحدة البلاد شعباٍ وأرضاٍ..