الرئيسية - السياسية - على القوى السياسية استيعاب متغيرات الواقع وتغيير آلياتها
على القوى السياسية استيعاب متغيرات الواقع وتغيير آلياتها
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

لست يائساٍ وما يحدث الآن يذهب نحو ما أدعو إليه

خطـــــاب يـوم مخـــالف لما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار

مع نهاية تسعينيات القرن الماضي وفي لقاء ودي لم يوفق قاسم سلام أمين عام حزب البعث في إدخال الكاتب عبدالله الدهمشي إلى التحدث عن عالم السياسة وكان الدهمشي يحلق عاليا في فضاء الفكر والجدل حول مسائل لا تتصل كثيراٍ بالسياسة في كل النقاشات التي يخوضها وهو ذاته ما كان يقوم به عبر صفحات الثقافية الأسبوعية وقد وصل إلى تلال لم يكن أحد يسبقه إليها أو حتى يمتلك القدرة على مجاراته في الصعود أو الهبوط وكان الجميع يكتفي بالتحديق فيما يكتب – الآن وبعد مرور عقد ونصف أصبح من البديهي أن تقرأ للدهمشي موضوعاٍ سياسياٍ خالصاٍ – لقد جرفته الجموع المهتمة بالشأن السياسي إليها ليغدوا متمسكا بالخوض في غمار السياسة ويضع تصورات وتحليلات لكثير من القضايا التي كان في منأى عنها. لكنه مازال متمسكا بمبدأ قديم وهو الحياد والنظر إلى القضايا من مسافة واحدة كما يضع ذاته على الدوام في هذا اللقاء نقف معه على أهم القضايا في ساحة اليوم والوجهة التي اتخذها هدفاٍ للسير: صراعات صغيرة * ما هي طبيعة الصراع القائم الآن بين القوى السياسية ¿ – يمكنني اعتباره صراع حسابات صغيرة جداٍ تصل إلى حدود غير معقولة فمثلاٍ قد ينشأ الصراع نتيجة لأن أحدهم يريد درجة وظيفية أو مركزاٍ وظيفياٍ وآخر يريد تعويض بمبلغ مالي هي إذا ليست صراعات من أجل البلد أو حتى من أجل مشاريع كبيرة. طريقة قروية * إنها تأخذ شكل صراع مصالح فقط فهل هذا خطير¿ – عندما أفتح مشروعاٍ وأنت تفتح مشروعاٍ ونتنافس فيه فحسابات الربح والخسارة تكون مفيدة جداٍ لكن عندما يأخذ هذا التنافس حساٍ قروياٍ كالخلاف حول شجرة وإدعاء ملكيتها من كافة الأطراف أو حتى ملكية قطعة أرض صغيرة تأخذ زمنا لتتمدد وتدمر معها الكثير من الجهد. ويبدأ الطرفان أو أكثر العمل على تدمير بعض حتى أنه لا أحد يستفيد وننتج قوى منهكة ومواطناٍ متحيزاٍ أو يائساٍ. صراع المنطقة * الأمر ليس متعلقاٍ بخلافات صغيرة لأن ما يجري في كامل المنطقة يجعلنا نتساءل إلى أي مدى نتأثر نحن¿ – من الطبيعي أن نتأثر لأن المنطقة من المحيط إلى الخليج تمضي وفق استراتيجية واحدة لدى القوى الكبرى وسوى رضيت أم لم ترضِ. لها حساباتها * من تقصد بالقوى الكبرى ¿ – أقصد صانعي السياسات الكبرى هذه المنطقة لها حساباتها فمثلاٍ في أمريكا عندما يختارون اسماٍ للمنطقة يبحثون في كل إدارة لديهم في الدفاع في الأمن القومي في الخارجية في البيت الأبيض ثم يصلون إلى وصم المنطقة والحديث عن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بصورة نمطية موحدة ومعروفة وهم يقصدون أعضاء الدول العربية. طمس الهوية * قد أفهم من حديثك أنك توحي إلى ما يعرف بشرق أوسط جديد¿ – ليس تماماٍ ما أعني شرقاٍ أوسطاٍ جديداٍ أنا لست مع هذه الوجهة أريد أن أقول لك إن كل التركيز يسعى نحو طمس الهوية العربية حتى يتم دمج دولة إسرائيل في المنطقة فعندما نقول المنطقة العربية يصبح لا شرعية لإسرائيل داخل هذا الوطن كدولة فيها هوية مميزة وليس مجرد شعب مثلهم مثل الأطياف الأخرى كالمسيحيين أو غيرهم. حتى الدين وهو عامل واحد يتم استخدامه كأداة تفتيت للهوية الواحدة وبالتالي اليمن هي جزء من المنظومة لا تخرج عنها فإذا حصل استقرار في إقليم المنطقة سيحصل استقرار في اليمن. قد نستقر * ألا يمكن لنا النجاة من هذه المعادلة وأن نخلق استقراراٍ يخصنا¿ – اليمن يمكنها الحصول على استقرارها إذا أرادت لكن لا يوجد هناك مشروع استقرار. * من هم المعنيون بهذه الإرادة¿ – اليمنيون بمختلف أطيافهم القوى السياسية الوطنيون الجميع.

خطاب مخالف * يبدو أننا بدأنا في خلق هذه الإرادة خاصة تقرير الدخول إلى حوار شامل والوصول إلى اتفاقات ¿ – إذا لاحظت الخطاب الموجود اليوم مخالف لما تم الاتفاق عليه في موتمر الحوارº فمثلاٍ أصبحنا نسمع تسميات غير تلك التي تم الاتفاق حولها صرنا نسمع لفظة التكفيريين السلفيين الحوثيين عملاء إيران عملاء السعودية عملاء قطر وهذا ليس مما اتفقت عليه القوى السياسية كصفات للأزمات أو القوى. * هي مجرد تسميات يمكن التعامل معها¿ – على العكس هذه الألفاظ يمكن اعتبارها عوامل تحريض وعوامل تخلق صراعات وليست تهدئة تصنع نزاعات. التسمية معناها عدم رؤية القضايا كما هي وعدم رؤية هذه القضايا يحرفك عن تصور الحل يدفعك إلى مواجهتها الإنسان يبدأ الحرب من الاسم تضع القضية وتغير مسارها وتختلق لها اسماٍ غير حقيقي. نزع السلاح * لماذا ترى في كثير من تحليلاتك أن نزع السلاح لن يحل المشكلة تماماٍ وأنه مجرد إجراء موضعي¿ – لأن نزع سلاح طرف يعني تقوية طرف آخر فعندما تقوم الدولة بنزع سلاح المشايخ فسيبقى سلاح الحوثي ليتصدر أو العكس ليس الحل. للقضاء على الظواهر المسلحة يجب أن يتم التعامل مع المشكلات بالتدريج على أن يبدأ الناس بالتخلي عن السلاح مقابل إزالة عوامل الحاجة إليه وأقصد بالعوامل وجود صراعات نفوذ وقوى وثارات وهذه كلها تزال من خلال بسط سيطرة الدولة وسلطات القانون ووصول المواطنين إلى قناعة عدم الحاجة إلى السلاح مطلقاٍ. وإذا نظرنا إلى تجربة الأحزاب مع المناطق المسلحة حتى أثناء فترات الهواء لم تغير هذا الواقع بل تعاملت معه لم تحتكم إلى العلاقة الحزبية مع أعضائها وإنما احتكمت إلى العلاقات التي يفرضها هذه المناطق تم تغييب الدولة فيها منذ 68 يجب أن تعالج المشكلة وفق خطة وطنية متدرجة لا تعود الدولة إلى هناك عبر طقم عسكري يلقي القبض على المواطن لكن تعيد ترتيب العلاقة مع المواطن وأن تكون هي الحاضرة لديه وليس المشايخ أو القوى المقاتلة.. * هناك تسميات وهويات جديدة تتشكل إلى أي مدى تمثل خطراٍ على المستقبل¿ – ما يحدث الآن هو خلق هويات للصراع وهي بدورها تهيأنا في المستقبل إلى أن نتصارع على أساسها هذه الهويات قد تضيق ليشمل الصراع مناطق صغيرة وقد نرى مثلاٍ منطقة الأفيوش والأكروف تواجه شرعب وهي بدورها تصارع منطقة قدس هذا الصراع سيتمدد ليشمل الأقاليم وفقاٍ لهويات ضيقة. لاحظ أنه تم تدمير الهويات الجامعة المبنية على أسس ثقافية فالهوية المتعلقة بالفن أو بالعادات والتقاليد تختفي ولم يعد هناك مواسم حصاد أنت ممكن تقسمها إلى سهل صحراء جبل تنوع غني وتجعله عامل وحدة لشيء اسمه وطن لشيء اسمه يمن كانت تتسع هذه الهويات المعرضة للتهديد لتصبح فيما مضى من الوقت أممية لكن الآن بدأت تضيق إلى هويات صغيرة وتدمرها إلى نزعات انفصالية في الشمال أو في الجنوب. حتى تلك الهوية المرتبطة بالمهنة والتي لا تخلق هوية ضد الآخر بل تخلق مصالح متكاملة اختفت. المستفيد الوحيد * من هو المستفيد من إنعاش الهويات المرتبطة بخلق صراع طويل¿ – المستفيد قوى المصلحة سوى من الداخل أو من الخارج لأنها تعطل هذه الفئات من القدرة على التكامل وتعطلها عن الإنتاج الذاتي قوى الهيمنة الريع لايهمها هذا التكامل وما يهمها أنها تحقق مصالحها الذاتية في قطاع معين ولا يعجبها تكامل الآخرين ودخولهم في مصالح مشتركة تجمعهم وتجعلهم في منأى عن الصراعات. ما يقلقني * ماالذي يقلقك من كل ما هو حاصل حالياٍ¿ – ما يقلق جداٍ هو غياب المشروع الوطني فعندما تتسيدك هذه النزعات الانفصالية وتدمر جهودك ولا تجد الصوت الوطني الجامع وتقودنا إلى المستقبل الذي لن يكون إلا تدميرياٍ صراع بين قوى مدمرة ولأن المشروع الوطني مغيب لن تكون النتائج وردية بل مزيد من التشتت. لا يمكن تجاهلها * كنا في الماضي القريب نتحدث عن هوية قومية أكثر شمولاٍ .. هل انتهت¿ – الوطنية أو القومية حقائق كونية لا يمكن تجاهلها ما يحدث في الوقت الراهن هو أن القوى الوطنية غائبة لكن جميع هذه الأزمات تحرك الناس إلى اتجاه خلق أو تجديد هذه المشاريع الكبيرة ويحدث استجابة لهذه الحركة . كل الأدوات الانفصالية ذات النزعات الانعزالية تفلس لأنها تستهلك نفسها وتدمر نفسها فهي حركات صراعية وحركات لا تمتلك الإطار المرجعي الذي يحدد حركة أهدافها ونطاق هذه الحركة وبالتالي هي تستجدي البحث عن بديل لأنها تخلق مشكلات ولا تحل مشكلات وتراكم المشكلات يؤدي إلى توقف الناس في لحظات معينة تكون قد هبطت إلى قاع لم يعد بعده ما تهبط إليه فتضطر إلى الصعود الآن كل شيء يهتز كل شيء يتحرك وإذا كانت لا تعجبنا هذه الحركة أو ليست ما يحقق طموحنا فإنها تجعلنا نسعى للبحث في الاتجاه الصحيح. التقوى الفردية * بمناسبة أن كل شيء يهتز أين يجد عبدالله الدهمشي ذاته ثابتاٍ¿ – في حالة دينية تعرف بالتقوى الفردية يعني عندما تغيب المشاريع الجمعية أو يغيب المشروع الجمعي فإن الفرد يختار أن يعمل بمفرده وهو عمل عبثي لا يحقق أي نتائج لكنه على الأقل في ظل الاحتفاظ بإطار مرجعي من المبادئ والقيم من الأهداف يظل حركة إيجابية في الوقت الراهن من خلال التعبير الشخصي عبر الإعلام والتعبير عن أن ما يحصل الآن غير صحيح وأن هناك بديلاٍ. أنا متفائل * هل لهذا الجنوح صلة باليأس¿ – أنا لست يائساٍ أو محبطاٍ أنا متفائل على أن الحركة الحاصلة لا تعجبني لكنها تتحرك نحو ما أدعو إليه وما أدعو إليه هو إطار مرجعي أن يكون لدي إطار مرجعي يعلمني أين أقف وأين لا أقف فمثلاٍ لا تجعلني كراهيتي لنظام صالح أتوافق حالياٍ مع أدوات نظامه لا يهمني تغيير الأشخاص بقدر تغيير الأدوات كان هناك نظام وأدوات وهي من أنتجت الفساد ولا يمكن لها أن تنتج الصلاح. لا يبرر لي الاستبداد أن آتي ببديل أسوى وسط هذه الاضطرابات أجد نفسي في موقع المتقدم مازلت أدعو إلى ماهو أفضل.

إلى القادة السياسيين * ماالذي يمكنك قوله لقادة العمل السياسي¿ – هناك متغيرات في الواقع عليهم أن يواجهوا هذه المتغيرات والأدوات وعليهم أن يعقدوا مؤتمرات حزبية يناقشوا هذه المتغيرات فلا يعقل أن أظل في 2014م أتعامل بنفس خطاب 2009م لأن ما جرى ليس عادياٍ فقد قامت ثورة شعبية لم تخطط لها الأحزاب بل أجهضتها لم تعد هناك سلطة ومعارضة كما أن الناس دخلوا مؤتمر حوار والأحزاب لم تستطع أن تواكب كل هذا عليها أن تتعامل مع كل هذه المتغيرات وتغير في توجهاتها وآليات عملها. فمثلاٍ اللقاء المشترك وجد في ظروف معينة وتغيرت وما زال قائماٍ كما هو دون أي جهد لتغييره أو تغيير خطابه هذا استعباط. * لكنه وحسب شهادات متطابقة تجربة ناجحة على مستوى المنطقة¿ – تجربة ناجحة لكن ليس له أن يبقى بعد حدوث كل هذه التغيرات اللقاء المشترك كان يقوم على تحالف المعارضة في مواجهة السلطة وقد تغيرت المعادلة ما تبقى منه الآن جثة هامدة.