الرئيسية - عربي ودولي - المجاعة في السودان
المجاعة في السودان
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

دائما ما تعمل القوى الدولية عبر مراحل تاريخية مختلفة ومن خلال صراعاتها المعلنة والخفية مع شعوب البلدان النامية على إذكاء الصراعات وإيجاد أوضاع غير طبيعية أكان ذلك على المستوى السياسي أو الاقتصادي ثم تدعو إلى مساعدة تلك الشعوب وإنقاذها من الأوضاع المتدهورة فيها. ففي بعض البلدان الأفريقية استطاعت منظمة التجارة العالمية أن تخرج المزارعين إلى العراء وكان ذلك في ظاهر الأمر أن لديها خططا وتعاليم وإرشادات لإصلاح الأوضاع الزراعية على غرار التحذيرات الجديدة والقديمة في آن واحد تصدر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعية حيث سبق لها خلال الأسبوع الماضي وأن حذرت من خطر المجاعة التي تهدد حياة أربعة ملايين سوداني وأعربت عن أسفها البالغ جراء التدهور في حالة الأمن الغذائي في السودان مؤكدة في تقاريرها على أهمية حشد الطاقات وتضافر الجهود من أجل توفير الدعم الاقتصادي العاجل لإنقاذ ثلاثة ملايين شخص يعانون بحسب التقرير من انعدام الأمن الغذائي. وأرجع التقرير أسباب ذلك إلى عوامل مختلفة أبرزها زيادة الصراع والنزوح الجماعي في ولاية دارفور وتحركات اللاجئين من جنوب السودان إلى شماله دونما أي إشارة للعوامل الحقيقية التي أدخلت السودان وغيرها من البلدان العربية في تقلبات اقتصادية شديدة أظهرت سلسلة من الأزمات التي تشهده تلك البلدان. ويبدو العامل الأبرز تدخل القوى الخارجية ومساعيها المبذولة في إثارة النزاعات إشعال الحروب والصراعات وإدخال البلدان دوامة الفوضى السياسية والاقتصادية وذر الرماد على العيون بالدعوات التي توجهها بعد ذلك بشأن إصلاح الأوضاع الاقتصادية لتفادي انهيارها وتقديم الدعم والمساعدة للمتضررين وإخفاء الأسباب الحقيقية في وصول الأوضاع إلى هذا المستوى وإيجاد أوضاع غير مستقرة على أساسها يدعو إلى إصلاح ما خربته تلك القوى نتيجة سياساتها التي مارستها ردحا من الزمن ولا تزال تلك البلدان عرضة للصراعات الداخلية كنتيجة حتمية لتلك التدخلات. والواضح أن السودان خصوصا طيلة العقدين الماضيين كانت واحدة من البلدان العربية التي واجهت تدخلات سافرة في شؤونها الداخلية أكان ذلك على صعيد الجنوب وما نتج عن ذلك من حروب عديدة مع الشمال أدت إلى انفصال الجنوب عن السودان أو كان على صعيد الشمال بدرجة أساسية حيث عملت القوى الدولية على إثارة المشاكل الداخلية وتكريس الصراعات المختلفة خصوصا في دارفور وغيرها من المناطق التي شهدت نزاعات عديدة كانت نتائجها بالتأكيد أضرارا فادحة أثرت سلبا على الاقتصاد بدرجة أساسية ولعل ما يثير الدهشة والاستغراب أن تلك القوى التي عمدت على تخريب الأوضاع الاقتصادية في السودان وغيره من البلدان النامية هي من تحذر الآن من تدني وتدهور أوضاع اللاجئين ومن يدعو أيضا لحشد الدعم من أجل الأمن الغذائي وتوفير الرخاء الاقتصادي لهذه البلدان.