الرئيسية - عربي ودولي - الاطماع الشخصية والبحث عن الثروة أساس مشاكل جنوب السودان
الاطماع الشخصية والبحث عن الثروة أساس مشاكل جنوب السودان
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

جوبا / أ. ف. ب. عندما لا يكون منشغلا في وضع استراتيجية عسكرية للسيطرة على حقول النفط المهمة في جنوب السودان يمضي نائب الرئيس المقال وزعيم المتمردين حاليا رياك مشار وقته في قراءة كتاب التاريخ الاقتصادي والسياسي “لماذا تنهار الامم”. وقد يقول الساخرون انه بدلا من قراءة ذلك الكتاب عليه فقط ان ينظر حول معسكره البدائي المقام في الغابات والمكتظ بالجنود المتمردين والميليشيات العرقية المتحالفة معه والجنود الاطفال الذين يعكفون على الاستعداد لمهاجمة القوات الحكومية مع اشتداد الحرب الاهلية الوحشية المستمرة منذ اربعة اشهر والتي قتل فيها الآلاف حتى الآن. وصرح مشار في مقابلة اجرتها معه مؤخرا وكالة الأنباء الفرنسية في مخبئه: “لا اريد ان اخوض مزيدا من الحروب مرة اخرى” مؤكدا ان الناس سئموا من القتال خلال الحرب الاهلية الطويلة في السودان الذي كان فيها قائدا لإحدى المليشيات. وتلك الحرب التي استمرت لاكثر من عقدين هي التي مهدت الطريق لاستقلال جنوب السودان عن الشمال. ولكن وبعد اقل من ثلاث سنوات من استقلالها اصبحت الدولة الاحدث استقلالا في العالم على شفا الانهيار. وبعد انهيار وقف اطلاق النار تخشى الامم المتحدة من تعرض اكثر من مليون شخص للمجاعة فيما يحذر محللون من ان الحرب تجر اليها دولا مجاورة. وفر اكثر من مليون شخص من منازلهم مع تصاعد العنف بعد ان جددت قوات المتمردين هجومها وشنت العديد من الميليشيات هجمات انتقامية. ولم تحقق محادثات السلام التي تجري في فنادق اثيوبيا الفخمة اي تقدم فيما يحذر المحللون من ان اي حل سيتطلب تغيرات كبيرة تتعدى مجرد الوعود المكتوبة على الورق. وقالت مجموعة الازمات الدولية في تقرير نشر مؤخرا: ان “دعم الحكومة في جوبا وتعزيز شرعيتها بجرعة من الحوار السياسي وتقاسم السلطة لن ينهي الازمة”. والخميس الماضي هاجم مئات المسلحين قاعدة تابعة لقوات حفظ السلام الدولية في بلدة بور وقتلوا 48 شخصا عل الاقل من بينهم رجال ونساء واطفال من مجموعة عرقية منافسة قبل ان يتمكن عناصر حفظ السلام من صدهم. ووصف مجلس الامن الدولي الهجوم بأنه يمكن ان يشكل “جريمة حرب”. وقالت مجموعة الازمات الدولية: ان “قوة حفظ السلام التي هي اقل تسليحا من المتمردين لا يمكنها مواجهة الاف عناصر الميليشيات والقوات المدججة بالسلاح”. وعند اندلاع القتال في 15 ديسمبر كان السبب خلافات “سياسية بشكل اساسي” بين مشار والرئيس سلفا كير إلا ان المعارك تصاعدت منذ ذلك الوقت وانتشرت الى ولايات اخرى في البلد الفقير الغني بالنفط بحسب المجموعة. وقالت المجموعة: ان “الاستهداف العرقي والتعبئة المجتمعية وتصاعد العنف ادت جميعها الى مستويات مريعة من الوحشية ضد المدنيين”. كما ارتكبت فظائع شمالا في بلدة بنتيو الغنية بالنفط التي اقر الجيش الاربعاء الماضي بأنه خسرها وسيطرت عليها قوات المتمردين. وذكرت وكالة المساعدات التابعة للامم المتحدة ان لديها تقارير عن “عمليات قتل محددة الهدف على اسس عرقية” حيث تنتشر عشرات الجثث المتعفنة في الشوارع. وتعود جذور العنف الى خلافات تمتد عقودا بين قادة المتمردين الذين تحولوا الى سياسيين والجروح التي لم تبرأ بعد من الحرب الاهلية الطويلة التي سبقت استقلال جوبا عن الخرطوم في 2011م. ويدور القتال بين جنود موالين لكير ضد قوات المتمردين الذين انحازوا لمشار ولكنه اخذ بعدا عرقيا بين قبيلة الدنكا التي ينتمي اليها كير وقوات الميليشيات من قبيلة نوير التي ينتمي اليها مشار. وضاعت العديد من المكاسب الهشة التي تحققت بفضل مليارات الدولارات من مساعدات التنمية الدولية التي تدفقت على البلد الصغير بعد استقلاله. وقالت مجموعة الازمات الدولية: ان “الحرب تهدد بتمزيق البلاد بشكل اكبر وتجر اليها دولا من المنطقة”. وارسلت اوغندا قوات وطائرات مقاتلة لدعم الحكومة بينما اتهم وزير الاعلام مايكل ماكوي “قوات من السودان” بدعم مشار رغم انه لم يتهم حكومة الخرطوم بالتدخل. ويتوقع مشار ان “هذا سيكون نزاعا اقليميا”. ويقول من معسكره انه “يبحث عن التمويل” إلا انه يرفض الاتهامات بانه يسعى الى الحصول على ذلك من دول مجاورة للسودان واصدقاء قدامى دعموه خلال الحرب التي امتدت من 1983م حتى 2005م. ويتهم مقاتلون متخاصمون من دارفور بالقتال مع طرفي النزاع في جنوب السودان. ويقول مدير اليونيسف جوناثان فيتش ان “الاسوأ لا يزال قادما” محذرا من انه إذا لم يتم وقف الحرب فإن “سوء التغذية عند الاطفال سيصل الى مستويات لم تحدث من قبل”. وهددت واشنطن الداعم الرئيسي لاستقلال جنوب السودان بفرض عقوبات. إلا ان خبراء يرون ان العقوبات ستكون رمزية ويخشون من ان لا تحقق نتائج ايجابية. ويقول مادوت جوك مسؤول الحكومة البارز السابق الذي يرأس معهد سود الفكري: ان “العديد من الناس العاديين يعتقدون ان على العالم ان يتحدث ضد هذه الحرب” إلا انه يخشى ان لا تؤثر هذه العقوبات كثيرا على المتمردين المتمركزين في الغابات النائية بينما يمكن ان تدفع الحكومة “الى التصرف بشكل متهور لانه لن يعود لديها ما تخسره”.