الرئيسية - الدين والحياة - تكريم الإسلام للعامل
تكريم الإسلام للعامل
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

العمل أساس كل شيء في حياة الناس ولا يمكن لأي شيء أن يتحقق في دنيا الناس بدون عمل ولذلك كان العمل أساس العمران البشري وأساس إنتاج الثروات وتبادل المنافع بين الناسوقد رغب الإسلام في العمل والسعي ونهى عن الكسل والتسول والبطالة وجعل اللقمة الحلال عونا على طاعة الله وسبباٍ في قبول الدعاء كما أمر بالانتشار في الأرض للنيل من فAضل الله والأكل من رزقه قال الله تعالى: “هْوِ الِذي جِعِلِ لِكْمْ الúأِرúضِ ذِلْولاٍ فِامúشْوا في مِنِاكبهِا وِكْلْوا منú رزúقه ”  وقد روى أحمد عن رافع بن خديج أنه قيل : يا رسول الله : أي الكسب أطيب ¿ فقال : ” عمل الرجل بيده.وعن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: “ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داوود عليه السلام كان يأكل من عمل يده”فالإسلام نظم العلاقات بين أفراد المجتمع ومن هذه العلاقات العلاقة بين رب العمل والعامل فقرر للعمال حقوقهم الطبيعية قاصدا بذلك إقامة العدالة الاجتماعية وتوفير الحياة الكريمة لهم ولأسرهم وقد مر علينا الاحتفال بعيد العمال في الأول من مايو وبالتأكيد ان الإسلام قد سبق من حددوا ذلك اليوم للاحتفال بالعمال بأن رفع من مكانة العامل وأخذ حقوقه كاملة فصاحب العمل مطالب بأن يوفي العامل حقوقه التي اشترطها عليه وألا يحاول انتقاص شيء منها امتثالاٍ لقوله تعالى”ولا تبخسوا الناس أشياءهم” فلا مماطلة في أداء الحقوق وبهذا الشأن وردت العديد من الإرشادات التي تحض على حفظ حقوق العامل والأجير وكرامته سواء من خلال الآيات أو الأحاديث فمن أعظم حقوق العامل هو إعطاؤه أجره كاملا غير منقوص قبل أن يجف عرقه يقول النبي – صلى الله عليه وسلم – «اعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه».كون الوفاء بالأجر في موعده يشعر العامل بقيمة عمله ويحفظ عليه كرامته في المجتمع إذ انه محتاج الى أجرة ليسد حاجته وحاجة عياله وتأخير أداء الأجر يؤذيه ويعطل مصالحه وقد يدفعه الى الاستدانة والى ما هو شر منها وقد شدد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في الوفاء لعامل بحقه حين هدد من يأكل حق العامل بأنه من خصمائه يوم الدين ـفعن النبي صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره» فقد كان رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم سباقا إلى المناداة بإعطاء العامل حقه كاملا وقال عليه الصلاة والسلام :”من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة فقال له رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله¿ قال: وإن كان قضيبا من أراك”.. بالإضافة إلى وجوب المعاملة الحسنة وقد قال أنس بن مالك رضي الله عنه «لقد خدمت رسول الله عشر سنوات لم يقل لي ما يغضبني قط» لذا أسلوب التعامل بين الطرفين العامل ورب العمل مطلوب أن يكون جميلاٍ وإنسانياٍ تخلله الرحمة. ولكوننا اليوم نحتفل بعيد العمال العالمي فإنه يجب على صاحب العمل عدم إرهاق العامل وتكليفه مالا يطيق لأنه إذا قام بإرهاقة فإنما  يشبه ذلك  قتله قتلاٍ بطيئاٍ أو سرقة صحته على الأقل ولا يرضى الإسلام هذه الصورة البشعة من استغلال الإنسان لأخيه الإنسان بهذا الشح الهالع الذي يقترن بقسوة النفوس قسوة تملأ القلوب حقداٍ وتحبط الأمل في صدور المحسنين عملاٍ. ولذلك يأمر الصادق المصدوق بعدم تكليف العاملين ما يغلبهم من العمل الشاق فإذا كان لا بد من هذا التكليف فعلى صاحب العمل أن يقدم يد المعونة ما استطاع الى ذلك سبيلاٍ وهذه المعونة تترجم اليوم بالأجر الإضافي أو المكافأة التي ترضى بها نفس العامل وقد قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في هذا الصدد «إن لنفسك عليك حقا وان لجسدك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا وإن لعينك عليك حقا ” فعن المعرور بن سويد قال : رأيت أبا ذر رضي الله عنه وعليه حلة وعلى غلامه حلة وفي رواية: وعليه ثوب وعلى غلامه حلة فقلنا : لو أخذت هذا وأعطيت هذا غيره كانت حلة فسألناه عن ذلك¿ فقال: إني ساببت رجلاٍ فشكاني إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : “أعيرته بأمه¿”. قلت : نعم. ثم قال: ” إن إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يديه فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم” ومن أوجب حقوق العامل ألا يبخس حقه إذا وفى بعمله ولا تهان له كرامة أو يلحقه تجريح وإيذاء حيث قد تسول النفس الأمارة بالسوء – في كثير من الأحيان – لبعض أرباب العمل أن يظلموا عمالهم بأسوأ المظالم لإحساسهم بالتفضل عليهم وبأن عمالهم لا يستحقون إلا أن يكونوا من سقط المتاع. ولذا فليس من حق صاحب العمل أن يؤذي عامله أو يتجاوز حده في معاملته أو ينتقصه فكرامة العامل ينبغي أن تصان ولا يجوز بحال أن يكون العمل سبباٍ في وقوع الايذاء البدني الجارح للكرامة الإنسانية فقد روى أبوداود عن أبي مسعود البدري قال: «كنت أضرب غلاماٍ لي بالسوط فسمعت صوتاٍ من خلفي: اعلم أبا مسعود.. اعلم.. فلم أفهم الصوت من الغضب. فلما دنا مني إذا هو رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فإذا هو يقول: اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام! فقلت: يارسول الله هو حر لوجه الله تعالى…. فقال: أما لو لم تفعل للفحتك النار!…». وقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم -أسوة حسنة للمؤمنين في إحسان معاملته لخدمة السعداء: أنس بن مالك وثوبان وزيد بن حارثة… ولم يؤذ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أحداٍ منهم ولو بكلمة سوء. وإذا كان الإسلام حريصاٍ على حقوق العاملين فإن منطق الإنصاف يقرر لأصحاب العمل حقوقاٍ إزاء العاملين ما داموا قد أدوا ما عليهم من واجبات. ومن أوجب واجبات العمال أن يقوموا بما عهد اليهم من عمل خير قيام وعلى أحسن وجه من الاتقان فإن اداء العمل بإحسان من أسباب محبة الله كما أن تقصير العامل في عمله – بعد اقتضاء حقه – إفساد وإثم وأكل لأموال الناس بالباطل. يقول – صلى الله عليه وسلم -: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاٍ أن يتقنه” إن العمل أو الوظيفة – اخواني العاملين والعاملات – أمانة ومسؤولية ويجب على كل وأحد منكم أن يقوم بها كما طلبت منه وأن يؤديها على الوجه الأكمل وعليه أن يلتزم بشروط العقد لقوله صلى الله عليه وسلم “المسلمون عند شروطهم”. ولا يحل للعامل أن يأخذ شيئا لم يتفق عليه مع رب العمل بطرق غير مشروعة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول” كما ينبغي له أن ينصح صاحب العمل ولا يغش ولا يخادع ولا يخون حيث قال صلى الله عليه وسلم “خير الكسب كسب العامل إذا نصح” وإذا شعر العامل أنه مهضوم الحق فلا يجوز له أن يخون ويأخذ ما ليس من حقه لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك”. لذا علينا أن نقتدي بالنبي الأعظم ونعطي العامل أجره مباشرة وبلا تأخير كما علينا أن نحفظ كرامته وإنسانيته وأن لا نحمله ما لا طاقة له به وأن نراعي ظروفه وإنسانيته كما أرادها الله عز وجل الذي قال في محكم كتابه الكريم “ولقد كرمنا بني آدم” كما أن على الحكومة أن تقوم بواجباتها تجاه العمال واستشعار تلك الحقوق التي يطالبون بها حيث لابد من النظر بجدية في مطالبهم كي لا ينجروا الى الاحتجاجات والعصيان المدني كما سمعت من قبل قيادي في اتحاد نقابة العمال متمنين من فخامة الأخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية أن يصدر توجيهاته الكريمة للحكومة بأن تكون أجور العمال مناسبة لظروف المجتمع الذي يعيشون فيه , فمثلاٍ لابد من رفع المرتبات لمواجهة غلاء المعيشة وكذا تثبيت المتعاقدين والتأمين الصحي ومراجعة ضريبة الاستقطاعات وغيرها من المطالب التي تقدم بها اتحاد عمال اليمن خلال أيام خصوصاٍ والتي هي مضمونة في الدستور والقوانيين واللوائح .   نتمنى أن نسمع قريباِ تحقيق ولو جزء من تلك المطالب وفي الأخير أهنئ عمال اليمن بهذه المناسبة متمنياٍ أن تعود عليهم بالخير والنفع إن شاء الله تعالى. والله الموفق