الرئيسية - عربي ودولي - مهنة الصحافة.. المخاطر والتداعيات
مهنة الصحافة.. المخاطر والتداعيات
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

لم تعد الصحافة مهنة البحث عن الحقيقة والمتاعب فقط بل أصبحت مهنة البحث عن الموت بعد أن دفع مئات الصحفيين حول العالم حياتهم ثمنا لحقيقة يبحثون عنها فأصبحت دماؤهم نهرا يِرúوي شجرة الحرية في بلاط صاحبة الجلالة. هكذا أصبحت مهنة الصحافة في ظل التوترات والصراعات التى تسود العالم ودوله المختلفة فكثيرا ما تكون الكلمة سلاحا أقوى من الرصاص نور يخشاه الطغاة فيحاولون إطفاءه دائما حتى تختفي معه الحقيقة ويظل الصراع باقيا طالما بقى الظلم والقمع وطالما بقى شرفاء يسعون وراء الحقيقة حتى ولو سطروها بدمائهم.. حيث احتفل العالم مطلع الأسبوع الجاري باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي جرى تحديده في الثالث من مايو من كل عام وسط ظروف بالغة التعقيد تمر بها الصحافة العالمية يأتي هذا في ظل تزايد الانتهاكات والقتل والاختطاف التي يتعرض لها العاملون في مجال الإعلام بأكثر من 179 دولة حول العالم.. ولا تمر هذه المناسبة كباقي الأيام والمناسبات التي يخلدها سكان المعمورة فكل سنة يأبى أن يعود هذا اليوم إلا وهو مضرج بدماء من يقدمون أرواحهم وقودا لنقل الخبر أينما كان ومهما كانت قساوة الفضاء الذي يعملون فيه صوتا وصورة وكلمة.. وتتعدد الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون عبر العالم وكل يوم تتسع قاعدة من يفقدون حياتهم أو يختطفون على أيدي عصابات موجهة أحيانا أو يعتقلون بدون تهم مبينة أو يتعرضوا للتعذيب في أقبية الأمن والجيش لجرمهم الوحيد وهو نقل صورة وخبر لم يستسغ من يمسكون بالسلطة إظهارها على حقيقتها وتواطؤوا على تزييفها والتستر على الحقائق على الأرض. وبهذه المناسبة وجه الأمين العام للأمم المتحدة ومفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والمديرة العامة لليونسكو رسالة مشتركة أكدو فيها بان اليوم العالمي للصحافة ثمرة نبتة تفتقت عنها قبل عشرين عاماٍ بصائر ورؤى لفيف من الصحفيين اجتمعوا في ويندهوك بناميبيا وتوافقوا على صياغة إعلان عْرف بإعلان ويندهوك كان بمثابة نداء ودعوة لرص الصفوف وتشمير السواعد من أجل حماية المبادئ الأساسية لحرية التعبير التي جسدتها المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وكان أيضاٍ نذيراٍ تدق أجراسه عبر العالم منبهة إلى أن ساعة التغيير قد حانت.. وقالوا: لقد مرت عشرون عاماٍ على الإعلان وتغيرت ملامح المشهد الإعلامي بلا رجعة ولكن هدفنا بقي راسخاٍ كالطود لم يتغير ألا وهو: تعزيز حرية التعبير بوصفها الأساس الذي ترتكز عليه كرامة الإنسان وحجر الزاوية الذي يستند إليه صرح الديمقراطية..  وأضافوا: نقف اليوم شهوداٍ على مفارقة كبرى ينطوي عليها زماننا. فمن جانب تفتحت أمامنا أبواب ومنافذ لم نعهدها من قبل تبيح لنا حرية التعبير بفضل التكنولوجيات الجديدة والتطور غير المسبوق في وسائل الإعلام. وصار الناس يدخلون أفواجاٍ أفواجاٍ في هذا الفضاء الجديد غير المتناهي لينهلوا ما شاءوا من المعلومات والمعارف ويتبادلوا الآراء ووجهات النظر. وكل هذا تربة صالحة لنمو الإبداع وازدهار مجتمعات صحية واستيعاب الجميع تحت مظلة أشكال جديدة من الحوار.. ومن جانب آخر بدأت تتصاعد مخاطر جديدة تتماهى في خضم تطور متسارع مع أشكال قديمة من القيود والكبت لتطرح من ثم تحديات هائلة أمام حرية التعبير. فباتت تظهر كل يوم إجراءات جديدة لحجب المعلومات وترشيحها وتكييفها ومراقبتها. ولهذه التحديات وجوه مختلفة إلا أنها تشترك كلها بوجه واحد هو انتهاك حق أساسي من حقوق الإنسان.. وإن الأمم المتحدة عازمة كل العزم على جعل الإنترنت مصدراٍ عالمياٍ متاحاٍ ومباحاٍ للجميع حتى يصير بمقدور كل فرد أينما كان أن يجد فيه ضالته كمنبر للتعبير عن نفسه وإسماع صوته والتجاوب مع أصوات الآخرين. وهو أمر يؤكد على جدوى وجودة المضامين ويحتم ضرورة العمل من أجل الدفاع عن سلامة وأمن الذين يستخدمون الإنترنت واسطة للتعبير والنشر والتواصل. فكل مبادئ حرية التعبير ينبغي أن تْطبق في عالم الإنترنت. وينبغي حمايتها وحماية من يتمتعون بها. فخلال العقد المنصرم فقد أكثر من 500 صحفي حياته أثناء تأديته لواجبه المهني. وقْتل 60 منهم في عام 2010 وحده في شتى بقاع العالم. ولا يمضي أسبوع دون أن يتوالى المزيد من التقارير التي تْخبر عن معاناة الصحفيين والمدونين وما يتعرضون له من ترهيب وعنف… إن انتهاكات حقوق الإنسان أمر لا يمكن السكوت عنه. وينبغي على السلطات الحكومية ألا تألوا جهداٍ ولا تدخر وسعاٍ من أجل ملاحقة ومعاقبة الجناة والتصدي لثقافة الإفلات من العقاب والعمل على ضمان أمن وسلامة الصحفيين. وسوف تعيش في ذاكرتنا أبداٍ شجاعة الصحفيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل أن يكفلوا لنا حقنا في أن نعلم وحقنا في أن نطلع على ما يدور في عالمنا. وبحسب تقرير لجنة الصحفيين الدولية والمعنية بحماية حرية الصحافة ومقرها نيويورك أنه منذ 1992م لقي أكثر من 1000 صحفي مصرعهم خلال تغطيهم للأحداث والصراعات الجارية حول العالم وأوضحت اللجنة أنه قد بلغت نسبة الضحايا الذين استْهدفوا بالقتل 44% وهو أقل من المعدل التاريخي أما الصحفيون الذي قْتلوا جراء تبادل إطلاق النار في المعارك فقد بلغت نسبتهم ستة وثلاثين بالمائة فيما قْتل 20% أثناء قيامهم بأنواع أخرى مختلفة من المهمات الخطرة.. جاءت فكرة تخصيص يوم عالمي للاحتفال بالصحافة خلال اجتماع الصحفيين الأفارقة الذي أقامته اليونسكو في مايو عام 1991م بدولة ناميبيا وتم اعتماده عام 1993م من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة.