الرئيسية - تحقيقات - مراقبون: المشكلة ليست في الولاء كمبدأ.. لكن في تقديمه على الولاء للوطن
مراقبون: المشكلة ليست في الولاء كمبدأ.. لكن في تقديمه على الولاء للوطن
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

استطلاع/ أسماء حيدر البزاز – – دعاة: الإسلام وطد جذور الانتماء الوطني وحذر من العصبيات القبلية والمناطقية – عسكريون: إبعاد المؤسسة العسكرية عن الحزبية والعمل النقابي والانتماء القبلي سيحفظ تماسكها

في ظل التغيرات والتحولات السياسية الجارية في البلاد يظل موضوع تقديم الولاءات الضيقة (القبلية والحزبية والمناطقية والطائفية) في الوظائف العامة والمؤسستين الأمنية والعسكرية على وجه الخصوص وتصدره على حساب الولاء الوطني مؤشر على أن مفهوم الدولة لم يكتمل بعد بشكله الحقيقي في أوساط الأفراد والمجتمع , خبراء ومراقبون وذوو اختصاص يحللون هذه الظاهرة وفق النسيج الاجتماعي اليمني وتطلعات الناس إلى إرساء دعائم الدولة المدنية الحديثة .. نتابع:

نناقش دون مواربة موضوعاٍ غاية في التعقيد بشكل متاريس شائكة أمام التحول الكبير الذي ينشده كل اليمنيين وهو الدولة المدنية الحديثة ببعدها الوطني .. المحلل السياسي عامر الضبياني يقول: لقد لعبت الولاءات المختلفة في اليمن وما زالت دوراٍ مؤثراٍ في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية على مستوى المناطق وعلى مستوى الدولة , لذلك نجد أن تلك الولاءات مسيطرة سيطرة تامة على الولاء الوطني في جميع جوانب الحياة ويظهر ذلك جليا عند الاختيار والتعيين للوظائف العامة للدولة سواء العسكرية منها أو المدنية وهو ما لا يجوز أن تتدخل فيه تلك الولاءات خاصة أن الأمر يتعلق بالتعيينات وخصوصاٍ في الوظائف العليا وللدولة فقط الحق في تقرير كل ما يتعلق بالشؤون المالية والإدارية وإبرام العقود والاتفاقيات وتطبيق النظام والقانون.

المسئولية الوطنية فيما يرى المحلل إلياس عبدالله صالح المقدشي: إن القرارات التي تصدرها القيادة السياسية والحكومة بتعيين القادة العسكريين ومدراء المناطق ليس لها أي علاقة إلا بالوطن والمصلحة الوطنية وليس بأولئك الأشخاص المعينين وفقاٍ لحسابات مناطقية أو حزبية. موضحاٍ: إن أي تعيينات وفق الحسابات غير الوطنية لا تخدم الوطن ولا تراعي المصلحة العامة التي تفرض علينا عدم التمييز أو التحيز في اختيار المرشحين للوظائف العسكرية والمدنية مؤكداٍ على ضرورة صياغة قانون يمنع تعيين أقارب المسئولين في الجيش أو اختيارهم لشغل الوظائف العليا في البلاد .

صلاحيات من جهته يقول القانوني ساري العجيلي أن المشكلة ليست في الولاءات الضيقة لأن هذا شيء طبيعي إنما المشكلة بأن هذا الولاء يقدم على الولاء للوطن بشكل عام وذلك لأسباب عديدة منها أن ارتباط الموظف – عسكرياٍ أو مدنياٍ – بوظيفته يكون حزبيا أو مناطقياٍ فالولاء هنا يرتبط بقرار تعيين هذا الموظف لأن قرار التعيين غالبا يرجع إلى المحسوبية والوساطة وعدم الكفاءة فعملا بقاعدة الصاحب من صاحبه كل واحد ينفع أفراد منطقته أو حزبه وكل واحد يسند الآخر أو يكون ظهرا له وهذه نتيجة حتمية الانتماء المتعصب.

وساطات عرفية وبين أن الدولة لا تستطيع حماية ذلك الشخص أو الموظف كما يحميه حزبه أو قبيلته أو منطقته وأكبر دليل على ذلك ما كان قبل أيام من إطلاق سراح القاضي محمد السروري الذي اختطف بمحافظة حجة وذلك عن طريق وساطات ومشايخ قبلية أما الدولة فقد عجزت عن الإفراج عنه والنفوذ إلى داخل القبيلة, ويعزز ذلك إلى نفوذ المشايخ وارتباط الأحزاب السياسية بتلك المشيخات.

الوظيفة العامة فيما لا يذهب الدكتور عبدالرحمن صالح من جامعة صنعاء إلى التعميم حيث يقول: إن ظاهرة الولاء للحزب أو المنطقة أو القبيلة على حساب الوطن لا توجد عند كل الموظفين رغم وجودها بشكل كبير, وهي ظاهرة لا توجد إلا عند من حصل على وظيفته أو منصبه المدني أو العسكري بوساطة مناطقية أو قبلية أو حزبية وبالتالي فهو يشعر بالامتنان لتلك الجهة التي كانت صاحبة الفضل عليه في حصوله على المنصب أو الوظيفة. متطرقاٍ إلى بعض الحلول التي يمكنها الحد من هذه الظاهرة على حد قوله منها: إن تتم التعيينات بناء على معايير وظيفية صارمة يشعر بعدها من يشغل الوظيفة أو المنصب المدني أو العسكري بالولاء لهذه المنظومة الحكومية فقط التي أتاحت له فرصة التوظيف أو القيادة دون الحاجة إلى طلب دعم ولائي آخر.

الولاءات في ظل المدنية من جهته تحدث الكاتب والإعلامي جمال عبدالجبار عن واقع الولاء الضيق اليوم في ظل إرساء دعائم الدولة المدنية الحديثة بالقول: موضوع تقديم الولاءات الضيقة و تصدرها على الولاء الوطني هو مؤشر على أن مفهوم الدولة وتأثيرها لم يكتمل بعد بشكله الحقيقي في أوساط الأفراد والمجتمع وهو مؤشر على سريات منظومة الولاءات الضيقة والتي كانت في السابق الشكل المبسط والبدائي للدولة والسلطة المنظمة لأحوال الناس في تلك التجمعات التي تقع تحت نفوذها والتي من المفترض في واقع البناء المتطور لمفهوم الدولة في عصرنا الحاضر أن تصبح جزءاٍ من موروث الماضي أو في أحسن الأحوال تبقى جزءاٍ من التراث والموروث التاريخي للأمم والشعوب ويواصل حديثه لكن أن تكون تلك الولاءات هي المسيرة لأمور الناس اليوم فهذا خلل كبير في مضمار بناء الدولة المدنية الحديثة والتي يجب أن تكون قد أخذت زمام المبادرة في تسيير شئون الناس والمجتمع منذ فترة طويلة بطريقة مدنية تعتمد المساواة وتكافؤ الفرص. موضحاٍ: إن مفهوم الدولة هو النمط المتطور جداٍ لمفهوم تلك الولاءات والذي يجب أن يشق طريقه بقوة وصلابة لما يوفره من آليات ووسائل تنظم حياة المجتمع وتدير شؤونه بمنهج يحقق العدالة والمساواة والرفاهية والتطور السريع بما ينقل حياة الناس إلى آفاق واسعة من الرخاء والازدهار ويحفظ كرامة الأفراد وحرياتهم وزارد بالقول: هنا لا يجب أن تكون هناك مقارنة أو مفاضلة بين هذين الطريقين ولا يجب أن يلام المواطن في عدم التجاوب السريع مع منظومة الدولة الحديثة ما لم تجتذبه آليات بناء الدولة الحديثة ويجد فيها ضالته مبتعداٍ عن الاعتماد على الولاء الضيق.

سلطة الولاءات الدكتور أمين أحمد الحذيفي -خبير الدراسات العسكرية وأستاذ القانون الاجتماعي المشارك- يتحدث عن إرث طويل من هذا المسار حيث يقول: إن الولاءات الضيقة خاصة في المؤسستين العسكرية والأمنية لم يأت بين عشية أو ضحاها بل هو نتيجة بعد عميق في مكون النسيج اليمني في كل من العملية السياسية والوظيفة العامة وإخضاع المؤسسة العسكرية للمحاصصة بحسب النفوذ والمناطقية وهذا من شأنه أدى إلى ضعف الولاء الوطني لدى البعض مما عكس نفسه على الواقع. وقال: ولهذا كانت المؤسسة العسكرية هي الأولى في محاربة ومجابهة هذا النفوذ بين أعضائها كواحدة من أهم مخرجات الحوار الوطني والتي أكدت على ضرورة تجنيب الحزبية والعمل النقابي والانتماء القبلي في المؤسسات العسكرية.

دعوة مذمومة ومن الناحية الدينية يؤكد العلامة إبراهيم العلفي على أهمية وضرورة تقديم الولاء الوطني على مختلف الولاءات الضيقة , متطرقا إلى العوامل التي حددها العلماء في تعزيز هذا الولاء وذلك من خلال تربية الإنسان على استشعار ما للوطن من أفضالُ سابقةُ ولاحقة عليه بعد فضل الله سبحانه وتعالى منذ نعومة أظفاره ومن ثم تربيته على رد الجميل ومجازاة الإحسان بالإحسان لاسيما أن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف تحث على ذلك وترشد إليه كما في قوله تعالى : { هِلú جِزِاءْ الإحúسِان إلا الإحúسِانْ } و الحرص على مد جسور المحبة والمودة مع أبناء الوطن في أي مكانُ منه لإيجاد جو من التآلف والتآخي والتآزر بين أعضائه الذين يمثلون في مجموعهم جسداٍ واحداٍ مْتماسكاٍ في مواجهة الظروف المختلفة وغرس حب الانتماء الإيجابي للوطن وتوضيح معنى ذلك الحب وبيان كيفيته المْثلى من خلال مختلف المؤسسات التربوية في المجتمع كالبيت والمدرسة والمسجد والنادي ومكان العمل وعبر وسائل الإعلام المختلفة مقروءةٍ أو مسموعةٍ أو مرئية كما يؤكد أهمية العمل على أن تكون حياة الإنسان بخاصة والمجتمع بعامة كريمةٍ على أرض الوطن ولا يْمكن تحقيق ذلك إلا عندما يْدرك كل فردُ فيه ما عليه من الواجبات فيقوم بها خير قيام وتربية أبناء الوطن على تقدير خيرات الوطن ومعطياته والمحافظة على مرافقه ومْكتسباته التي من حق الجميع أن ينعْم بها وأن يتمتع بحظه منها كاملاٍ غير منقوص .

أمن الوطن وتابع العلامة العلفي بالقول: لابد من التصدي لكل أمر يترتب عليه الإخلال بأمن وسلامة الوطن والعمل على رد ذلك بمختلف الوسائل والإمكانات الممكنة والمْتاحة و الدفاع عن الوطن عند الحاجة إلى ذلك بالقول أو العمل بعيدا عن النعرات الطائفية والحزبية والقبلية والعصبوية المناطقية الضيقة لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : (إن عِزِ وِجِلِ قِدú أِذúهِبِ عِنúكْمú عْبيِةِ الúجِاهليِة وِفِخúرِهِا بالúآبِاء مْؤúمنَ تِقيَ وِفِاجرَ شِقيَ أِنúتْمú بِنْو آدِمِ وِآدِمْ منú تْرِابُ لِيِدِعِنِ رجِالَ فِخúرِهْمú بأِقúوِامُ إنِمِا هْمú فِحúمَ منú فِحúم جِهِنِمِ أِوú لِيِكْونْنِ أِهúوِنِ عِلِى اللِه منú الúجعúلِان الِتي تِدúفِعْ بأِنúفهِا النِتنِ) وقوله (ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبية).