الرئيسية - فنون - مطرب الأجيال علي الآنسي وذكريات فنية لا تنسى في الحالمة تعز
مطرب الأجيال علي الآنسي وذكريات فنية لا تنسى في الحالمة تعز
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

* أمين درهم مرت علينا الذكرى الثالثة والثلاثين لرحيل الفنان الكبير علي بن علي الآنسي الذي توفاه الأجل يوم 8إبريل 1981م. أمين درهم * مرت علينا الذكرى الثالثة والثلاثين لرحيل الفنان الكبير علي بن علي الآنسي الذي توفاه الأجل يوم 18 أبريل 1981م وقد ولد الفنان الآنسى عام 1933م في صنعاء من أبوين مكافحين وهما البيتشاويش المدفعي علي بن يحيي الآنسي والأم (سعادة) رحمة الله عليهما. * بعد ثورة 1948م انتقل الفنان الآنسي مع جميع أسرته إلى مدينة تعز التي كانت للإمام أحمد حميد الدين حيث انتقلت في ذلك الوقت الكثير من العائلات الصنعانية إلى مدينة تعز وكان أكبر تجمع لهذه العائلات في منطقة الجحملية بتعز والتي شكلوا فيها العديد من المجالس الفنية والأدبية ذات الطابع الصنعاني المتميز. وكان من أبرز هذه المجالس: مجلس الحاج على الحمامي ومجلس احمد خيري العسيري ومجلس السيد احمد شرف الدين ومجلس محمد نجمي أفندي ومجلس العزي السنيدار ومجلس عبدالله الغريبي ومجلس عباس اسحاق ومجلس موظفي النقطة الرابعة (هيئة التعاون الأمريكية) والذي كان بعمارة الغنامي مقر نادي تعز الرياضي والثقافي في حينها. أما في منطقة المدينة فقد ظهرت عدة مجالس مشابهة مثل مجلس عبدالعزيز الحروي ومجلس سعيد مرشد ومجلس محمد علي سري وغيرها. ومن الفنانين المطربين الذين ظهروا في تلك الفترة واشتهرت أسماؤهم عبر تلك المجالس: حسين هبه والعزي السنيدار وأحمد عشيش ويحيي الشمسي ومحمد علي رضا وعلي سرور وعلي الآنسي.. وغيرهم. بدأت الاهتمامات الفنية للآنسي بالظهور في مدينة تعز منذ أن كان طالباٍ في المدرسة الأحمدية في خمسينات القرن الماضي حينها امتلك أول عود كإهداء من أحد المعجبين بفنه وهو المرحوم محمد السراجي وعندما علم والده بامتلاكه عوداٍ في المنزل قام بإحراقه في التنور في سطح المنزل غير أن عزيمة الشاب وشغفه الكبير في الفن لم تثنه من مواصلة حلمه فقد بدأ حياته الفنية هاويا للفن ثم محترفا حتى وصل إلى مستوى كبار الفنانين في اليمن والوطن العربي. محطات عديدة جمعتنا بالفنان على الآنسي طيلة علاقتنا التي امتدت لأكثر من 15 عاماٍ. أحد هذه المحطات التي لا تنسى هي اصطحابي له إلى مدينة عدن في أول زيارة له للمدينة عام 1961م حيث قمت بتعريفه على كبار الفنانين المشهورين في ذلك الوقت أمثال: محمد مرشد ناجي وفضل محمد اللحجي وأبو بكر بلفقيه وحسن فقيه ومحمد صالح همشري وأحمد يوسف الزبيدي وغيرهم من فناني عدن ولحج. وهناك اشترك مع بعض الفنانين المذكورين في جلسات طرب وتم تبادل الآراء حول الألوان الفنية في ربوع اليمن الأمر الذي ساعده في إثراء تجربته الفنية وتعميق معرفته بأصول الفن اليمني في الشمال والجنوب. خلال هذه الزيارة خرج الآنسي بأغنية عدنية للفنان محمد صالح همشري (أشهدوا لي على الأخضر شل عقلي منى وأنكر) وكان دائماٍ يتغنى بهذه الأغنية وتم تسجيلها لاحقاٍ في إذاعه صنعاء بصوت الفنان علي السمه (أشهدوا لي على الأسمر) ومن ناحية أخرى غنى له الفنان أبو بكر بلفقيه (يا ليل هل اشكي) وفي عام 1962م سجلها في بيروت بالفرقة الموسيقية واشتهرت كثيراٍ وتعتبر هذه الأغنية أول عمل فني للفنان أبو بكر باللون الصنعاني. في عام 1961م زارني الفنانين فضل محمد اللحجي وأحمد يوسف الزبيدي في مدينة تعز لغرض إخراج جواز سفر ملكي للفنان أحمد يوسف الزبيدي والهجرة إلى المملكة العربية السعودية حينها تم اللقاء في منزل السيد محمد عباس اسحاق وكان هناك الفنان فضل اللحجي والفنان أحمد يوسف الزبيدي والشاعر علي بن علي صبرة والفنان علي الآنسي والأستاذ علي أحمد الخضر والفنان عبد الرحمن الانسي.. وخلال اللقاء خرج الآنسي بأنشودة “باسم هذا التراب” التي غناها الزبيدي وهي من كلمات صالح نصيب ولحن حسن عطاء والاثنين من لحج الخضيرة. وعند قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م انطلق صوت الآنسي يشدو بهذه الأنشودة ثم سجلت في إذاعة صنعاء وتلقت صدى كبير لدى الجمهور اليمني شمالاٍ وجنوباٍ. قبل قيام الثورة بأسبوع أي بعد وفاة الإمام أحمد كنا على ثقة بأن الثورة سوف تندلع لا محالة. في ذلك الوقت كنت أقيم في إحدى شقق عمارة المناضل الأخ علي محمد سعيد بجانب المدرسة الأحمدية بتعز وجمعت بعض الفنانين الموثوق بهم مثل علي الانسي وعلي الخضر وعلي صبره وعبد الكريم تقي ونخبه من الشباب الوطني منهم محمد قائد الزعيتري وعز الدين ياسين ومحمد مطهر عبده ومحمد مهيوب عثمان وغيرهم وقمنا بتجهيز بعض الاناشيد الثورية مثل جيشنا ياجيشنا الشمال والجنوب بإسم هذا التراب وأيضاٍ الشعارات المناسبة للثورة. كان الأخ علي محمد سعيد يزورنا من وقت إلى آخر ونحن نجهز الأناشيد والشعارات وكان يشجعنا على هذا العمل ولم نكن نعرف أنه واحد من الثوار إلا بعد أن سمعنا من إذاعة صنعاء بأنه عضو مجلس قيادة الثورة وهو أحد مؤسسي البيت التجاري العملاق (شركة هائل سعيد أنعم وشركائه) وأيضا مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة بتعز والتي تفرعت منها جائزة المرحوم هائل سعيد أنعم للعلوم والثقافة ومؤسسة السعيد الخيرية التي تهتم ببناء المدارس والمساجد والمنح الدراسية لطالبي العلم المتفوقين في الدراسة في ربوع اليمن من صعده إلى سقطرى. في يوم الخميس 26 سبتمبر تم الإعلان عن قيام الثورة وفي الصباح الباكر كنا جاهزين بالشعارات والأناشيد وانطلقنا في شوارع تعز بمظاهرات حاشدة وكان الفنان الآنسي بالمقدمة وبعدها سافر إلى صنعاء وهناك انطلق يشارك الجنود والضباط في مواقعهم يتغنى بالثورة ويبث روحها فيهم حتى أصيب وأسعف إلى أسمرا للعلاج. في عام 1964م كان لنا لقاء جديد في منزل المرحوم أحمد عبده سعيد بتعز الذي حاول لم شمل الفنانينº لذلك أسسنا معاٍ فرقة موسيقية تضم الفنانين: على الآنسي وفضل محمد اللحجي وعلي السمه ومحمد قلاله وعبد الرحمن الآنسي ومحمد العوامي وغيرهم وكانت هذه الفرقة برئاسة الفنان فضل محمد اللحجى والذي كان أمهر عازف على آلة العود في ذلك الوقت. وتم شراء آلات موسيقية من أسمره -أرتيريا- على نفقة هيئة التعاون الأهلي بتعز التي كان يرأسها الأستاذ: أحمد عبده سعيد و كان عمر هذه الفرقة قصيراٍº لأن الفنان على الآنسي انتقل إلى صنعاء كما انتقل الفنان فضل محمد اللحجي إلى لحج ثم استشهد في طريق لحج – عدن عام 1967م. محطة أخرى جمعتني بالفنان الآنسي في مدينة الحديدة عام 1966م حيث تم الاتفاق على تأسيس شركة مساهمة محدودة ترعى الفن والفنانين وعلى رأسهم الفنان علي الآنسي وتم تأسيس الشركة تحت اسم شركة أهازيج وأغاريد صنعاء المحدودة برأس مال قدرة عشرون ألف ريال وانتخبت رئيساٍ لمجلس الإدارة فيها ومن المؤسسين الأخوة محمد قائد الزعيتري ومحمد عبد الوهاب جباري وعمر أحمد بادويلان و د. سعيد الشيباني وإبراهيم حيدره وإبراهيم الوجيه. كان من أبرز ما حققته وأنجزته هذه الشركة هو توثيق أغاني الفنان الآنسي ونسخ أسطوانات للاستثمار ومنحه أسهم من رأس مال الشركة وتعيينه مديراٍ فنياٍ لها. وبعدها تم تسجيل عشر أغانُ في بيروت مع فرقة الأخوين الرحباني وهي: حبيبي قد علموه لاتجرحي حبي دان واساجعة يا الله رضاك قمري صنعاء جننـي في ظل راية ثورتي ياقلبي مالك تعيش أنت وتبقى وامغرد بوادي الدور… وقمنا بإهداء إذاعة صنعاء جميع هذه الأغاني وكانت تذاع باستمرار وبطلب من الجمهور. كان الفنان علي بن علي الآنسي حريصاٍ على إبراز دور الأغنية اليمنية الأصيلة شعراٍ ولحناٍ ونظماٍ لذا شكل برفقة الشاعر علي بن علي صبرة ثنائياٍ ناجحاٍ في هذا المجال. كما كان ثالثهم الفنان المثقف علي أحمد الخضر. وقد عاصر الشاعر علي صبره كل مراحل الفنان الآنسي ابتداء من المدرسة في صنعاء القديمة ثم في مدينة تعز وهناك تفتحت مواهبهما في الشعر والغناء وهنا أذكر بعض الأغاني العاطفية والوطنية: أهلاٍ بمن داس العذول واقبل والتي انتشرت بصوت الفنانة بنت شريان في أواخر الخمسينات ثم بصوت علي الانسي وبعدها بأصوات الكثير من الفنانين في شمال وجنوب اليمن أهلاٍ وسهلاٍ قد علموه شادق بابك يا الله رضاك يا عيوني اسكبي قمري صنعاء جنني يا ليل هل أشكي أنست يا حالي حبيبي شتسير يا قلب مالك عند أبن عباس يا ريح يا ريح يا من بحبه قد بلاني في السهول والجبال يا ويح قلبي يا من بأول كأس… وغيرها. ولا ننسى علاقة الفنان الآنسي مع شعراء آخرين أمثال: عباس المطاع ومطهر الإرياني و أحمد العماري وأحمد الخزان وغيرهم. وأذكر هنا بعض الأغاني الخالدة من كلماتهم: آنستنا ياعيد خطر غصن القنا يوم الوداع الحب والبن نجوم الليل نحن الشباب في ظل راية ثورتي… وغيرها. كما كان له بعض الأغاني من كلماته وألحانه مثل: ياعيباه مافي المعلم خير ليلك الليل يا ليل قلتوا عتنسوني… أما عن بعض الأغاني التراثية فقد أداها بشكل متمكن عزفاٍ وأداءٍ . ظلت علاقتي بالفنان والصديق العزيز على الآنسي وثيقة الصلة حتى وافته المنية بتاريخ 18/4/1981م.. حيث مثل رحيلة خسارة كبيرة على الفن اليمني.. رحمه الله واسكنه فسيح جناته.