الرئيسية - عربي ودولي - العراق والفوضى الخلاقة
العراق والفوضى الخلاقة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

اتسع نطاق الصراع في بلاد الرافدين على خلفية القتال الجاري بين الجيش العراقي والمليشيات المسلحة لتنظيم داعش والذي تغذيه التدخلات الخارجية التي لا تجري في العراق فقط وإنما شملت حاليا منطقة الشرق الأوسط حيث تتلاحق التطورات جراء جملة من المتغيرات السلبية تداخلت بين ماهو محلي وخارجي في آن واحد. ومعنى ذلك أن ما تشهده بلاد الرافدين ليس بمعزل عما يحدث في المنطقة العربية والذي تحول في جزء منه إلى مفهوم الفوضى الخلاقة الذي يتأسس على مفهوم الديمقراطية المدمرة والتفكيك المنهجي للشعوب والكيانات العربية وذلك تلبية لاستخطاطيات استعمارية قديمة جديدة تتركز تحديدا في البلدان العربية حيث الصراعات الجارية التي ترى من خلالها السياسات الغربية بأن ذلك تلبية لمرحلة ماتسميه بتلك الفوضى وما يترافق مع ذلك من مشاريع دولية أخرى تهدف إلى إدارة الأزمات واشعال الحروب وتوسيع نطاقها وما يحدث في العراق ليس بمعزل عن البعد الدولي الذي جعل من الفوضى الخلاقة رافعة منهجية للتفكيك والتدمير تحت دواعي تحقيق الاصلاحات السياسية وإعادة البناء مستفيدا من الاختلالات السلبية في الأنظمة العربية المختلفة وكذلك الهوة الواسعة في العلاقة بين الحكام والمحكومين وفشل السياسات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية, الأمر الذي جعل من ذلك مبررات كافية لاشعال الحرائق وإدارة الأزمات وبالتالي فإن المليشيات المسلحة في الطرق غير بعيدة عن استحقاقات ومتطلبات إيجاد شرق أوسط جديد تكون الصهيونية قد استكملت دوائر هيمنتها المطلقة على ثروات وإمكانيات الأمتين العربية والإسلامية وقد كان العراق إلى فترة قريبة يتجه بخطوات بطيئة نحو الخروج من أزمته الراهنة وما خلفته سنوات الغزو من آثار مدمرة أنهت البنية التحتية لبعض مؤسسات الدولة وأثرت تلك التطورات على الجيش العراقي مما أدى إلى فتح مجال واسع للتدخلات الخارجية. وانعكس ذلك بشكل سلبي على أداء المؤسسة العسكرية العراقية في واقع الجهد الدولي المبذول لتحقيق أهداف معينة كان يخطط لها ابان سنوات الغزو الماضي من خلال إشعال الحروب الطائفية وقد بدأت حاليا مؤشرات ذلك ونتائجه تتحقق بالنظر لما تشهده الحالة السياسية العراقية من أوضاع مؤسفة حتى وان حملت طابع الحرب الطائفية فإن ذلك لا يخدم إلا أعداء العراق بدرجة اساسية خصوصا بالمرحلة الراهنة وما تواجهه البلاد من تحديات داخلية وخارجية تدفع نحو الزج بذلك البلد في صراعات أوسع واشمل مما هي عليه الآن. وهو ما يتطلب بالتأكيد أن تعيد الحكومة القائمة النظر في سياساتها المتبعة أكان ذلك على الصعيد الاقتصادي أو الأمني ثم تجري مراجعة شاملة على أساس إدارة التفاهم بين العراقين مع إعطاء أولوية لإصلاح أوضاع المؤسسة العسكرية وتنقيتها من أجواء المحاصة الطائفية على أن تكون وطنية تواكب هموم وتطلعات العراق المشروعة وتؤسس مشروعا وطنيا حقيقيا لا تعالج من خلال المكايدات السياسية بالمكايدات الحزبية وان تراهن على وحدة العراق الوطنية وان لا تجعل الأوضاع الداخلية مدعاة للتدخلات الخارجية لان نهضة العراق وأمنه واستقراره تتوقف بدرجة أساسية على بناء مشروع وطني جامع لكل العراقيين.