الرئيسية - عربي ودولي - إسكندر المريسي
إسكندر المريسي
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

ما يثير الدهشة والاستغراب إزاء التداعيات الجارية في المشهد السياسي العراقي أن تحذر الأمم المتحدة من خطر وانهيار وحدة العراق دونما وعي أو إدراك أن السياسات المتبعة والمتراكمة للمنظمة الدولية هي إحدى أهم الأسباب المباشرة لما آلت إليه الأوضاع الراهنة في بلاد الرافدين وإن كان قول تلك المنظمة بخطر وانهيار وحدة العراق أمرا فيه من المبالغة الكثير لأن أهم أهداف السياسة الدولية عموما والأمم المتحدة خصوصا انهيار وحدة ذلك البلد وتفكيكه وتجزئته وتقسيمه إلى كيانات متناحرة وطوائف تقتل بعضها البعض. وما كان ذلك الشيء بمعزل عن تخطيط القوى الدولية والإقليمية وارتباطها بمشاريع التفكيك لتحقيق مزيد من الهيمنة على أساس رسم خرائط جديدة لكيانات هشة وغير متماسكة وذلك استحقاق يأتي ضمن استخطاطيات دولية قديمة جديدة في آن واحد على اعتبار دخول العرب من مرحلة الدولة القطرية المتعددة ضمن عشرات الأنظمة المختلفة إلى مرحلة أسوأ وأشد تتمثل بتفكيك تلك الدولة القطرية وما يحدث في العراق بالظرف الراهن ليس بمعزل عن التدخلات الخارجية والغزوات الأجنبية وما نتج عن ذلك من تراكمات سلبية أثرت بشكل كبير على ذلك البلد وشلت جميع المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية على اعتبار أن العراق يواجه تحديات حقيقية أثرت على أمنه واستقراره وباعدت بين الآمال المرفوعة والطموحات المشروعة من أجل عراق آمن ومستقر خصوصا عقب إعلان دولة العراق والشام الإسلامية “داعش” لدولة الخلافة ليس إلا دليلا واضحا على حجم التدخل الخارجي بطابعه الإقليمي والدولي لتكريس واقع التمزيق والتفكيك وإدخال بلاد الرافدين في مأزق الحروب الداخلية حتى لا يتسنى له أن يحل مشاكله القائمة وينهي أزماته. وسط أزمة سياسية تجتاح النخب العراقية الرسمية والحزبية على حد سواء شملت تلك الأزمة البرلمان غير أن ما هو أخطر من ذلك استغلال الظروف الحرجة التي يمر بها العراق وإعلان استفتاءات من هنا وهناك لذر الرماد على العيون واستثمار سيئ للأوضاع الداخلية على غرار إعلان رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني عن إجراء استفتاء حول استقلال الإقليم ونسي أن الحالة العراقية محكومة بالدستور الذي يرفض ذلك الإعلان جملة وتفصيلا وأن المدخل لإخراج العراق من أزمته الراهنة يكمن في أن تترك المليشيات الأسلحة وتبتعد عن ارتباطاتها الخارجية وتمويلاتها الأجنبية لكي يتسنى تحقيق تفاهمات واسعة تفضي إلى حوار جامع بين أطراف العملية السياسية أكانت بالسلطة أو المعارضة علما بأن رفض المالكي التنازل عن رئاسة الوزراء أمر قانوني بحسب متابعين محكوم بإجراء انتخابات برلمانية أشرفت عليها مفوضية عراقية وأسفرت عن فوز كتلة دولة القانون وبالتالي مطالبة المالكي بعدم الترشح لرئاسة الحكومة تلبية لضغوطات داخلية وخارجية ليس إلا إجهاضا للعملية الديمقراطية التي شهدتها العراق خلال تلك الانتخابات البرلمانية. بيد أن ما هو أهم من ذلك بالنظر لطبيعة الأوضاع السياسية والأمنية في العراق حاضرا أن الأولوية للمعركة الأمنية وفي سبيل وإمكانية أن يربح العراق ذلك يتوقف على الجيش أو – إن صح التعبير فإن المؤسسة العسكرية بشكل كامل وأجهزتها الأمنية بشكل شامل وكذا الأحزاب وألوان الطيف السياسي العراقي كافة معنية بأمن العراق واستقراره والنأي به عن الحروب الداخلية بمختلف أشكالها وأنواعها خاصة والمرحلة الراهنة تكمن في إشكاليات الأمن وإذا كان في المرحلة السابقة الحديث يتحدد ويتمحور حول الدولة الوطنية العراقية فإن أولوية بناء واستمرار واستقرار العراق تكمن في الأمن أولا وعبور حالة الأزمة الراهنة.