الرئيسية - تحقيقات - التسول في رمضان.. حاجة أم استغلال¿!
التسول في رمضان.. حاجة أم استغلال¿!
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

■ تحقيق/ رجاء عاطف – متسولون: الناس في رمضان يطلقون أيديهم بسخاء وهذا يغرينا أستاذ إعلام: حصول المتسولين على المال بسهولة دون تكلف يشجعهم على الاستمرار اقتصاديون: هناك فجوة شرائية بين الريف والمدينة أدت إلى تفكك بنية المجتمع واتساع مساحة الفقر. نتيجة لتزايد معدلات الفقر في مجتمعنا وما تواجهه بلادنا من ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة وكل ذلك وعدم الاستقرار أدى إلى تدهور الحياة المعيشية العامة وانعكس ذلك سلبا على الأفراد خاصة في الشهر الفضيل (رمضان) الذي يكثر فيه انتشار المتسولين لأنه شهر الخير ويحرص الناس فيه على الإكثار من الصدقات والمساعدات لما فيه من أجر عظيم وأمام حالة التعاطف العامة التي يبديها الناس في رمضان تجاه الفقراء تزدهر مهنة التسول بشكل لافت جعلت البعض يمتهن التسول . وجهات نظر متعددة تحدثت عن أسباب ظاهرة التسول في شهر رمضان وأبعادها ومعالجتها.. في التحقيق التالي:

مع حلول أول يوم في رمضان كان الكثير من المتسولين قد بدأوا يجولون في الأسواق وأمام المحلات التجارية والمساجد عقب كل صلاة وحتى في مواقف الباصات والجولات والصرافات وكانت البداية مع ح . ب – ألتقيناه وهو يسأل الناس الصدقة مع قدرته على العمل يقول: بحثت كثيراٍ عن عمل أقوم به لكن لا فائدة وعلى عاتقي عبء كبير أسرة تريد الإنفاق عليها ولكن لم أجد عملاٍ يتناسب مع حالتي الصحية فلم أجد إلا أعمالاٍ شاقة كعامل بناء أو حمل أشياء ثقيلة ولذلك بدأت أمد يدي وأسأل الناس (أتسول) ووجدت أن ذلك يغطي حاجة يومي وأسرتي دون بذل أي جهد . وأما مريم . أ – كانت تحمل طفلة على كتفيها وآخر يمشي بجانبها تمر على بعض المنازل تطلبهم مما كتب الله وقالت مبررة وضعها: أنها لا تطلب دائما من المنازل إلا في الشهر الكريم كون الناس في خير ونعمة لا يردوا أي محتاج ويعطونه ما استطاعوا ليكسبوا الأجر مضاعفاٍ . وتقول أم جبران .ع : تعهدت بعض الأسر في المنطقة التي أسأل الناس فيها أن تتكفل بإفطاري أنا وأسرتي خلال هذا الشهر لما لإفطار الصائم من أجر عظيم ولا أحد يبخل علينا في الحي من الصدقات وإكثارها. مقابلات أجريناها مع أطفال أكدوا بأن أسرهم تدفعهم للقيام بالتسول لمساعدتهم في رمضان ويقول ماهر إن لم نقم بذلك سيحرموننا من الطعام وأضاف: الناس تشفق على الأطفال وهم في حر الشمس يتسولون ويعطونهم دون تردد . لا يستحقون الصدقة وتحدث نشوان حمود – محامي عن ظاهرة التسول في رمضان: بأن هناك من اتخذ التسول عادة للكسب ولا يستطيع العيش بدون تلك العادة سواء في رمضان أو طوال العام حتى مع قدرته على العمل بأي مهنة أخرى وهناك متسولون اعتادوا أن يخرجوا مع جميع الأسرة خلال رمضان منهم من دعته الحاجة للتسول ومنهم من يستطيع الكسب والعمل ولا يستحق الصدقة وأضاف أن بعض فاعلي الخير من الناس والتجار والمؤسسات في هذا الشهر الكريم يقومون بصرف أو تخصيص مساعدات عينية ونقدية للمستحقين مما جعل الكثيرين يتهافتون على مثل هذه الصدقات بل وينتظرون مثل هذا الشهر كفرصه ليعم الخير والرزق عليهم وإن كانوا لا يستحقونها . وأكد حمود أن التسول ظاهرة سلبية تعكس نظرة غير محببة تجاه مجتمعنا اليمني ويجب على الدولة تحسين الوضع الاقتصادي المتدهور بشكل عام لأنه مع تدهور الوضع وكذا الحروب والنزاعات والأزمات سوف تزداد نسبة البطالة والفقر. وأضاف كما أن على الدول زيادة حالات الضمان الاجتماعي والمعاشات بعد التحري من الحالات المستحقة فعلا حتى يستطيع العائل للأسرة من توفير المأكل والمشرب لأسرته ولا يلجأ للتسول . جرع سعرية ومن جانبه يرى المواطن أحمد الجبري – يعمل في محل أنه وبسبب استغلال التجار في هذا الشهر الفضيل ورفع جرعات جديدة من الأسعار على المواد والسلع الغذائية تسعى الكثير من الأسر التي تعيل العديد من الأطفال والنساء ويدفع بهم إلى التسول الذي وجدوه حلا مناسبا ليخرجهم من حالة الفقر والعوز الذين يعيشونه. وأما مقبل نصر – تربوي فيقول : إن المتسولين طوال السنة يتسولون إلا أنهم في تزايد في شهر رمضان لأنه موسم الإنفاق ومضمون حصولهم على أكثر من حاجتهم كون التجار يخرجون زكاة المال في شهر رمضان معتقدين أن الأجر فيه مضاعف عن بقية الشهور رغم أن زكاة المال موعد إخراجها إذا حال عليها الحول في أي شهر . تدهور المعيشة كما فسر هذه الظاهرة من ناحية اقتصادية الدكتور درهم سيف – أستاذ الاقتصاد في المعهد الوطني للعلوم الإدارية حيث قال : تواجه بلادنا ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة نتيجة لعدم الاستقرار والتي تدهورت في ظلها المعيشة الحياتية بمختلف صورها فتشكلت منها ظاهرة الفقر وانعكست آثارها على الفرد ولفت إلى أن متوسط الناتج المحلي الإجمالي للفرد متدن بالإضافة إلى ندرة الموارد. وقال: الفلسفة الاقتصادية للدولة ورعايتها الاجتماعية التي تعمل على تحديد نمط توزيع عوائد عناصر الإنتاج حتى لا يتمركز الفقر في المناطق الريفية وتتسع فجوة القوة الشرائية بين المدينة والريف أدت إلى تفكيك بنية المجتمع وأدى الفقر وعدم المساواة إلى استبعاد فئات اجتماعية واسعة عن المساهمة في النشاط الاقتصادي مما نتج عن ذلك أطفال شوارع ومتسولين .

بيئة مناسبة وأولويات ويضيف د/ درهم: لتخفيض الفقر يتطلب قيام الدولة بمهامها الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية من تقديم المساعدات لتلك الفئة من الناس وتحسين أوضاعهم في إطار بيئة مناسبة للإصلاحات الاقتصادية للدولة أكد أنه من أجل إصلاح المناخ الاقتصادي والاجتماعي يجب تحسين ظروفهم المعيشية ودمجهم في المجتمع بتأهيلهم وتعليمهم على اكتساب مهارات ومعارف عن طريق تنفيذ استراتيجية تدريبية وتعليمية قادرة على الاستجابة لمتطلبات سوق العمل تعمل من خلالها على تحسين نوعية الموارد البشرية ونوه بأن مستقبل التنمية يمثل تحديا حاسما في عمليات البناء ويتعين أن تعطى الأولوية للقضاء على الأمية ورفع مستوى التعليم وتوفير التدريب والتأهيل وخلق فرص الاستثمار وتوفير أجواء أكثر أمنا للمستثمرين وخلق فرص استثمارية جديدة يتولد منها فرص عمل جديدة نكون قد وضعنا سياسات جادة لإيجاد حل لمشكلة المتسولين والبطالة . تزداد وتتسع في رمضان ويوافقه الرأي الدكتور / عبدالحكيم مكارم- أستاذ الإعلام المساعد – جامعة تعز في أن التسول ظاهرة اجتماعية أسبابها اقتصادية دوافعها غالبا الحاجة والعوز وقال : ظهر التسول في مجتمعنا اليمني نتاجاٍ لحالة اللا استقرار الاقتصادي والتخبط في السياسات التي تتناول معالجة مثل هذه الظاهرة وهي ليست حديثة الظهور بحسب تقارير المؤسسات والمنظمات الدولية التي تشير إلى أن أكثر من ثلث سكان اليمن يعيشون تحت خط الفقر ويؤكد أن ظاهرة التسول تزداد وتتسع خلال شهر رمضان ويعود ذلك لمكانة هذا الشهر في نفوس اليمنيين وتسابقهم على أعمال البر ومنها التصدق وإطعام المسكين وإدراكا من المتسولين أنفسهم أن مثل هذا الشهر موسم يستطيعون فيه جني مال وفير برسالة بسيطة دون الحاجة إلى تكلف. ثقة المجتمع وتغييب الفئات وأوضح مكارم أن من آثار هذه الظاهرة إيمان بعض المتسولين أن التسول مهنة تدر عليهم مالا لا يكلفهم أي جهد مما قلل من ثقة المجتمع تجاه هذه الشريحة ومصداقية حاجتها وعوزها وأضاف: تعزز الظاهرة أيضاٍ البطالة وتفرز شريحة معطلة القدرات والإبداع تعيش هامش الحياة وتستهوي الراحة والاسترخاء والعيش عالة على الآخرين إضافة إلى تغييب الفئات المستحقة بعيدا عن مواساة المجتمع وعطفه . كما يرى أن من المعالجات الحد من ظاهرة التسرب في التعليم واستيعاب الكادر البشري في برامج تأهيلية خاصة كي تحظى بفرص تعليمية إلى جانب إيصال الضمان الاجتماعي لمستحقيه عبر باحثين اجتماعيين يتمتعون بالنزاهة والكفاءة وإقامة حملات توعية وتثقيف تستهدف المجتمع بصفة عامة وهذه الشريحة خاصة, وتعظيم قيمة العمل والإنجاز والدعوة إلى التنافس والإبداع . منع الظاهرة موضوع المتسولين أمر في غاية الأهمية من جهة نظر يحيى قاسم سرور- ناشط إعلامي يقول: نبهنا كثيرا قبل أن يتكاثر المتسولون سواء في تقاطع الطرقات والشوارع وبيوت الله وغيرها من الأماكن التي يتواجدون فيها وهذه مناظر سيئة مخجلة في حق اليمنيين ونبه سرور إلى أن من يستحقون المساعدات نجدهم في منازلهم أعزاء النفس كرماء لا يسألون الناس مهما عانوا من الفقر مضيفاٍ: التسول أصبح ظاهرة توسعت مع الأيام خاصة في شهر الرحمة والغفران وعلى الجهات المعنية تشكيل لجان ولمنع هذه الظاهرة وسن قوانين لمحاربتها. التسول في الإسلام وأخيراٍ لقد عالج الإسلام داء التسول في المجتمع بدعوة الناس إلى العمل والكفاح ونبذ الكسل والبطالة ونبينا عليه أفضل السلام حذر من كثرة السؤال حيث يقول صلى الله عليه وسلم – والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيذهب إلى الجبل فيحتطب ثم يأتي به يحمله على ظهره فيبيعه فيأكل خير له من أن يسأل الناس ولأن يأخذ ترابا فيجعله في فيه خير له من أن يجعل في فيه ما حرم الله عليه وإن سؤال الناس أموالهم لا يحل إلا بشروط للضرورة وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المسالة لا تحل إلا لثلاثة لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع أو لذي دم موجع ( أي فقر شديد أو دين كبير جدا أو دية لا يستطيع تحملها ) .