الرئيسية - تحقيقات - مـرضـى السكـر.. وجـه آخــر للمعانـاة
مـرضـى السكـر.. وجـه آخــر للمعانـاة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

■ أطباء يحذرون من اتساع خارطة انتشار المرض.. وتأخر وعي المرضى

■ أبحاث تظهر أن نسبة الإصابة بالسكري (10%) من السكان.. ولا إحصائيات دقيقة

■ فحوصات لعينات عشوائية أكدت إصابات كثيرة في أوساط الطلاب

■ متخصصون : التأمين الطبي الشامل وإقامة مراكز للسكري في المحافظات أهم الحلول

■ جمعية السكري: نقوم بدور توعوي.. وتوفير الدواء مسؤولية وزارة الصحة

■ صيدلية الصحة : 14 ألف مريض مسجل لدينا .. ونستقبل من (300 – 400) مريض سكري في اليوم

■ توقف صرف الدواء لأشهر سببه إجراءات المناقصات!!

• لا تزال مشكلة معاناة مرضى السكري مستمرة ولا تنتهي وتضاف إليها معاناة البحث عن أدوية السكري والحصول عليها التي أضحت تؤرق المصابين بمرض السكر أو ذويهم. ويبقى الجهل لدى الكثيرين, وعدم الوعي بمرض السكري وكيفية الوقاية منه أو التعامل والتعايش معه وكيفية الحصول على الدواء وأين يمكن أن يحصل عليه المشكلة الكبرى.. وإذا كانت هذه المعاناة في مراكز المدن, خاصة أمانة العاصمة, حيث توجد المستشفيات الكبيرة ومركز السكري, فكيف هو حال أبناء المحافظات الأخرى والأرياف. قد يعتقد البعض أن حلاٍ ممكنناٍ قد يتوفر لمن يحصلون على أدويتهم من صيدليات وزارة الصحة في بعض المستشفيات في المحافظات كالمستشفى الجمهوري بصنعاء بموجب كروت تْصرف لهم عند صرف أول جرعة لهم إلا أنهم قلة مقارنة بأعداد المصابين بداء السكري وفوق ذلك يشكو الكثير منهم أنه لا يْصرف لهم الدواء إلا بعد إعادة (الفيالة) الفارغة.. وبالتالي الغالبية من مرضى السكري يعتمدون في الحصول على أدويتهم عبر شرائها من الصيدليات, ولأن الجرع تختلف من شخص لآخر, فهناك من يأخذ جرعة وهناك من يحتاج جرعتين إلى ثلاث في اليوم الواحد, كما تختلف الحالة المادية فمعظم مرضى السكري لا تمكنهم ظروفهم من شراء الأدوية من الصيدليات وإذا تمكنوا فإنهم يشترون الأدوية الرخيصة التي تتناسب ووضعهم وهذا يشكل أعباءٍ مادية عليهم لأن عملية الشراء ليست لمرة واحدة بل تستمر.. كما أن هناك أْسراٍ فيها أكثر من شخص مصاب بالسكري وهم بحاجة للدواء بصورة مستمرة..

تجد من يشرح معاناته مع المرض ومع البحث عن الدواء ويكون كلامه مصحوبا بغصة.. تقول “سحر” – التي كانت برفقة أمها لشراء الدواء من إحدى الصيدليات- : إن أمها أصيبت بالسكري قبل حوالي عشرين عاما وفي بداية الأمر وصف لها الطبيب نظاما غذائيا وكتب لها دواءٍ حبوب ومنظم السكري يوميا صباحاٍ لكن بعد ذلك تطورت الحالة فقرر لها الطبيب الأنسولين تتناوله يوميا وأكدت أنها تقوم بشراء الدواء من الصيدلية الذي يكلفها ثلاثة آلاف ريال للفيالة كل عشرين يوما.. وأضافت سحر أن والدها مصاب بالسكري أيضا لكن إصابته أخف من إصابة والدتها وهو أيضاٍ يحتاج لشراء الدواء. كما أن هناك من المقتدرين من يفضل شراء الدواء الذي يْعرف بالقلم حيث يبقيه المريض في جيبه ملازما له ويسهل تناول الدواء في أي وقت وهذا يكلف حوالي (4500) ريال كل عشرين يوماٍ وتبقى المعاناة مستمرة مدى الحياة.

معاناة لا تطاق •  قصدنا الجهات المختصة والمعنية.. بدأنا بطرح الموضوع على المختصين وكان لقاؤنا في بداية المطاف مع الدكتور زايد عاطف – أستاذ الباطنة بكلية الطب بجامعة صنعاء, رئيس الجمعية اليمنية للسكري – مدير المركز الوطني للسكري الذي تحدث بالقول: معاناة مرضى السكري لا تْطاق وتتطلب من الجميع وقفة جادة خاصة وزارة الصحة وهي التي تتحمل المسؤولية الكاملة عن معاناة مريض السكر, خاصة أن مريض السكر ليس لديه تأمين طبي أو دوائي وليس لديه دعم خاص لبعض المضاعفات, بل يْترك عرضة لأي مضاعفات قد تحصل له, والتي قد تتسبب له بأمراض كثيرة مثل الفشل الكلوي والقدم السكري وجلطات القلب والدماغ.. لذا فإن معاناة مرضى السكري لا تقتصر على البحث عن الأدوية فقط, بل هم بحاجة إلى رعاية واهتمام أيضاٍ. ويؤكد الدكتور عاطف أن توفير الدواء لمرضى السكري من مسؤولية وزارة الصحة ويجب أن تكون الأدوية والتحاليل متوفرة ومجانية لكل مرضى السكر.. ويضيف أن الأدوية التي توزع لمرضى السكر من وزارة الصحة عبر صيدليتها التي في المستشفى الجمهوري لا تفي بالغرض.. مشيراٍ إلى أن مئات الآلاف من مرضى السكري لا يستلمون أدوية من وزارة الصحة.. وأوضح أن دور الجمعية توعوي, وقال : نسعى لنشر الوعي في المجتمع حول كيفية الوقاية من داء السكري, وكيفية التعامل مع المرض ومضاعفاته من جهة, والبحث عن ما أمكن من مساعدات وهبات من الشركات لمساعدة المرضى بأي شكل من الأشكال, ومهمتنا كجمعية تكاد تكون محدودة لأننا لا نمتلك الإمكانيات, ومع ذلك فقد استطعنا عبر الجمعية تأسيس المركز الوطني للسكري بالأمانة بدعم من الاتحاد الدولي للسكر, ودور المركز خدمي طبي حيث يقدم الخدمات الطبية والرعاية لمرضى السكر ويستقبل في اليوم حوالي (50) مريضاٍ, و (40 – 50) حالة قدم سكري يومياٍ.

أسباب الإصابة ويوضح الدكتور زايد عاطف أن من أهم الأسباب والعوامل المسببة للإصابة بالسكري: السمنة والإفراط في أكل الدهون عدم ممارسة الرياضة أو المشي الجلوس كثيراٍ.. التدخين حيث يؤدي التدخين إلى تدمير خلايا البنكرياس. مشكلة أخرى أشار إليها مدير المركز الوطني للسكري هي السكر التراكمي بحيث إذا زاد عن 150 – 160 يؤدي إلى انسداد الشرايين وبالتالي انقطاع الدم عن بعض الأجزاء الهامة كالعين فيحدث اعتلال في شرايين شبكة العين أيضاٍ الكلى والأعصاب الطرفية لأنها دقيقة وتراكم السكر البسيط يؤدي إلى انسدادها.. أيضاٍ تراكم الدهون يؤدي إلى انسداد شرايين القلب والدماغ فتؤدي إلى حدوث جلطات.. ويشير إلى أن أعراض الهبوط تتمثل في الجوع – برودة الأقدام – صداع خلف الرأس – تأثر الأوعية البصرية فتحدث غشاوة في البصر – يقوم الدماغ بإخراج الإدرنالين الذي يسرع ضربات القلب – التعرق بشدة نتيجة الإردنالين تبدأ غيبوبة وينخفض عمل الدماغ.. وفي هذه الحالة المطلوب إعطاء المريض سكر أو عصير أو حلاوى.. ولفت إلى أعراض ارتفاع السكر التي هي عبارة عن أعراض السكر مع فارق أن الفم يكون ناشفاٍ – جفاف الفم وجفاف الجلد وشحوب – وفي هذه الحالة يتم إعطاؤه ماء أو محلول ملح يوسع كميات السوائل داخل الجسم. ويضيف أن التنميل مؤشر على بداية للسكر أو منبه على تطور الحالة.. لافتاٍ إلى أن مضاعفات السكري لن تحدث إلا لمن يهمل نفسه.. أما من يتعايش مع السكري فإنه يعيش عمره الطبيعي ولن تحدث له أية مضاعفات.

الوقاية خير من العلاج وللوقاية من الإصابة بالسكري يوضح الدكتور زايد عاطف أنه ينبغي الحفاظ على معدل وزن طبيعي.. والتوازن في الأكل وعدم الإفراط في أكل الدهون.. وتجنب التدخين وضرورة ممارسة الرياضة اليومية أو المشي اليومي مسافة 3 كيلومترات أن تكون للخضار والفواكه حصة في الأكل والشرب.

الجهل في التعامل وأشار د. عاطف إلى أن مرض السكر واسع الانتشار في اليمن مطالباٍ الجهات المختصة والمعنية بتركيز الجهد على الوقاية منه ومحذراٍ من انتشاره لأن أعداد المصابين به – حسب قوله- عالية وتفوق ما نتخيل, مضيفاٍ أنه ليست هناك إحصائية دقيقة أو رسمية لعدد المصابين بالسكري, ولكن هناك أبحاثاٍ متقطعة ومحدودة في أماكن مختلفة من اليمن تشير إلى أن نسبة المرض تصل إلى (9 – 10%) من عدد السكان البالغين, بمعنى أنه ربما يوجد حوالي مليوني مصاب بالسكري في المجتمع اليمني, أما الإصابة بين الأطفال فإنها لا تتجاوز (5%) من عدد المرضى المصابين, أي ربما يصل عددهم (40 – 50) ألف طفل.. ويضيف أن المشكلة عندنا في اليمن تتمثل في الجهل بالتعامل مع المرض والوقاية منه ما يؤدي إلى ظهور المضاعفات في وقت مبكر لذا تحدث مضاعفات القدم السكري بشكل واسع.. ويرى مدير المركز الوطني للسكري أن أهم الحلول للتخفيف من معاناة مرضى السكري أن تقوم وزارة الصحة بإيجاد التأمين الطبي الشامل لكل مرضى السكر, وإقامة مراكز للسكري في المحافظات سواء كان هناك دعم من الخارج أم لا وهذا واجبها, وفتح عيادات للسكري في المستشفيات في كل المحافظات وإعفاؤهم من رسوم التحاليل الدورية, والتركيز على الجانب التوعوي وهو الدور الذي تقوم به الجمعية ..

المركز الوحيد في العاصمة! •  من جانبه تحدث عبدالكافي الحداد مشرف المركز الوطني للسكري بصنعاء عن دور المركز قائلاٍ: المركز يقدم الخدمات الطبية والرعاية لمرضى السكري ويستقبل يومياٍ (50 – 60) مريضاٍ, كما يستقبل ما لا يقل عن (40 – 50) حالة قدم سكري يومياٍ, وهذا يْشكل ضغطاٍ كبيراٍ على المركز.. مؤكداٍ أن المركز يْعد المركز الوحيد الذي يْجارح لمرضى السكري (القدم السكري), مشيراٍ إلى أنه قد تم انقاذ مئات المرضى من بتر القدم.. مبيناٍ أن المركز منذ افتتاحه في 2007م قد استقبل أكثر من (17) ألف مريض.. وأشار الحداد إلى أن المركز يقوم أيضا بصرف الأدوية للمرضى التي توفرها الجمعية اليمنية للسكري مما تحصل عليه من تبرعات من الشركات.. وقال: نصرف كل أنواع الأدوية مما يتوفر لدينا, وإن لم يتوفر فعلى المريض أن يبحث عن مصدر للدواء أو يذهب إلى وزارة الصحة.. موضحاٍ أنه تم صرف (5 – 6) آلاف فيالة أنسولين عن طريق المركز خلال الفترة الماضية.. ويشكو الحداد من عدم وجود دعم للمركز من وزارة الصحة لصرف الدواء, لأن الدواء كله يْصرف عبر الوزارة.. وليس كل مرضى السكر مسجلين في المركز بل يكاد يكون المسجلون الموجودين في إطار المركز, أو من يصلون من القرى إلى مستشفى الثورة..

مشكلة عدم الاعتراف بالإصابة وحول برامج التوعية التي يقوم بها المركز يقول الحداد : تم النزول إلى بعض مدارس أمانة العاصمة لإجراء محاضرات حول كيفية الوقاية من مرض السكري وكيفية التعايش معه بالنسبة للمصابين وكيفية القيام بالإسعافات الأولية في حالة حصول مضاعفات لمريض السكري وتم خلال ذلك إجراء فحوصات لعينات عشوائية من الطلاب أظهرت إصابة أعداد كبيرة من الطلاب بالسكري دون أن يعلموا بذلك.. ويشير الحداد إلى أن المشكلة في مرضى السكر أنهم لا يريدون أن يقتنعوا بأنهم مصابون بالسكري ويحاولون إخفاء أنهم مرضى, ولا يأتون إلينا إلا وقد حصلت لهم مضاعفات, ولو أنهم يقومون بالفحص في وقت مبكر عند ظهور العلامات والمؤشرات على إصاباتهم ويتقبلون الوضع ويتعايشون معه لما حصل ما يحصل الآن من مضاعفات, وهذا بصراحة نْعاني منه بشكل كبير..  ويحذر الحداد مما قد يحدث لمرضى السكري من مضاعفات نتيجة عدم الحصول على الدواء, أو عدم الانتظام في تناوله كالإصابة بالفشل الكلوي والقدم السكري التي قد يضطر معها إلى بتر القدم, وجلطات الدماغ والقلب واعتلال شبكية العين وشرايين الأطراف..   في وحدة القدم السكري! • اتجهنا إلى المستشفى الجمهوري قاصدين وحدة القدم السكري.. للأسف لم نجد ما يشير إلى مكانها وعندما دلونا عليها وجدناها في حالة لا تتناسب مع مسماها أو ما ينبغي أن تكون عليه.. هناك في الوحدة يوجد طبيبان أو مساعدان فنيان في القدم السكري.. وصلت امرأة ما بين الـ (55-60) من العمر تشكو من جرح في قدمها يبدو أنها داست على حصاة تسببت بالجرح, ولم تشعر حينها لأنها مصابة بالقدم السكري وفقدت الإحساس بقدمها لكن الجرح سبب لها آلاما في جسمها لم تستطع تحملها.. انطفأت الكهرباء واستمرت أكثر من 15 دقيقة في انتظار أن يشتغل المولد الخاص بالمستشفى بعدها بدأت مجارحتها بعد أن طْلب منها شراء أدوية للمجارحة كلفتها أكثر من (3) آلاف ريال انطفأت الكهرباء مرة أخرى واستمرت لدقائق والمرأة تعاني من الآلام.. تقول الحاجة أنيسة أنها أصيبت بالسكري أثناء حرب صيف 94م عندما سقط صاروخ على باب القاع.. ولأنها امرأة وحيدة وليس لديها من يهتم بها كما تقول إحدى جيرانها جاءت معها إلى المستشفى فقد سبب عدم انتظامها باستخدام دواء السكري بمضاعفات حتى أصيبت بالقدم السكري مضيفة أنها لا تستطيع شراء الدواء فهي تعتمد على ما تحصل عليه من مساعدات من جيرانها وما تحصل عليه من معونة من صندوق الرعاية الاجتماعية..

معرضون للإصابة يقول الأخ محمد سالم مساعد فني قدم سكري إنه تم منذ إنشاء الوحدة في المستشفى الجمهوري بدعم من المنظمة¿ إنقاذ أكثر من (60) حالة قدم سكري من البتر.. مشيرا إلى أن الوحدة تستقبل يوميا ما لا يقل عن (10) حالات قدم سكري مختلفة تتم مجارحتها وهي تقدم خدمات كبيرة رغم محدودية الإمكانيات .. مضيفاٍ أن دعم المنظمة للوحدة قل منذ عام 2011م .. مؤكدا أهمية مثل هذه الوحدة وضرورة الاهتمام بها وبمرضى السكري الذين وصف معاناتهم بالمعاناة التي لا تنتهي حتى لو انتهت الجروح التي يعانونها في إحدى القدمين فهم معرضون للإصابة بالقدم الأخرى خاصة أنهم لا يشعرون عند إصابتهم بجروح.. مضيفاٍ أن المشكلة التي قد يواجهها مرضى القدم السكري هي حالة الانسداد في الأوعية الدموية التي قد تؤدي إلى بتر القدم.. مشيراٍ إلى أن السكري مزمن, وأن شفاءه بطيء وانتشاره فظيع وهو بحاجة إلى أن يصبح المصاب به صديقاٍ له.. منوها بأن عدد المرضى خف في وحدة القدم السكري بالمستشفى لأن هناك مرضى اتجهوا إلى المركز الوطني للسكري لأن إمكانياته أكثر وخدماته أفضل..

حالات خطرة وخفيفة •  سميرة الحوصلي مساعدة فني قدم سكري بعد أن قامت بمجارحة المرأة التي وصلت في ذلك الوقت قالت: قد تحدث الجروح لمرضى القدم السكري ولا يشعرون بها وقت الإصابة فقد تجرح قدم مريض القدم السكري أو تتعرض للحرق دون أن يشعر إلا بآلام في الجسم فيما بعد.. مضيفة: يأتي إلينا مرضى القدم السكري وهم يحملون بداخلهم معاناة لا يشعر بها سواهم يأتون لتتم مجارحتهم منهم من تكون حالته خطرة فقد تصل الجروح إلى العظام ومنهم من تكون خفيفة.. مشيرة إلى أن هناك من استمرت مجارحته (6) أشهر حتى التأمت جروحه ومع ذلك فهم مهددون بالإصابة في أي وقت.. وقالت الحوصلي: نقوم بما يتوجب علينا حسب الإمكانيات المتاحة فمريض السكري يعاني في الحصول على الأدوية ويخسر أثناء المجارحة – مستشهدة بالمرأة التي قامت بمجارحتها في ذلك الوقت التي اضطرت لشراء أدوية المجارحة بأكثر من (3) آلاف ريال وهي معدمة – وحتى لو التأم جرح المريض فإن نفسيته متعبة. ونوهت في ختام حديثها بأن جو المطر والسيول والمشي بين المطر يؤثر على مرضى القدم السكري ويضاعف الجروح.. مؤكدة أهمية وضرورة إيلاء هذا الجانب الرعاية الكافية والاهتمام الكبير والتركيز على التوعية والتثقيف الصحي فهذا الموضوع بحاجة ماسة لذلك لكي يعرف المرضى ما يتوجب عليهم لتجنب المضاعفات من جهة والتخفيف من انتشار المرض من ناحية أخرى.

ضرورة الفحص الدوري • وفي المستشفى الجمهوري التقينا الدكتور محمد سيف الحامدي أخصائي جراحة عظام – الذي كان أجرى في اليوم السابق عملية بتر قدم سكري حيث قال إن الحالة وصلت وقد حدثت لها غرغرينا شديدة كونها كانت مصابة بالقدم السكري ولم يكن هناك من حل سوى بتر القدم.. موضحا أن هناك كثيراٍ من المرضى يأتون إلى المستشفى لإجراء عمليات لا يعرفون أنهم مصابون بالسكري إلا من خلال الفحوصات التي تْجرى لهم قبل إجراء العمليات مرجعا ذلك إلى ضعف الوعي بأهمية وضرورة إجراء الفحص الدوري الذي يفترض أن يكون كل سنة أو حتى كل ثلاث سنوات على أقل تقدير.. ويضيف الدكتور الحامدي أن السكري مرض مضاعفاته مباغتة وليست سهلة.. مؤكدا أن بعض مرضى السكري تحدث لهم مضاعفات نتيجة عدم الانتظام في استخدام الدواء مما يؤثر على الكلى والأوعية الدموية .. ويقول الدكتور الحامدي إن هناك الكثير من مرضى السكري لا يلتزمون بالحمية الغذائية.. وتلعب الحالة المادية دورا كبيرا في ذلك كون معظم مصادر التغذية الموجودة في المجتمع اليمني لا تخلو من النشويات بينما المطلوب هو الخضار والبروتينات والحليب ومشتقاته التي عادة تكون مكلفة..

طوابير.. وتذمر! • الصيدلية المركزية أو صيدلية وزارة الصحة في المستشفى الجمهوري كانت وجهتنا التالية.. كانت هناك طوابير من الرجال والنساء أمام نوافذ الصيدلية للحصول على الدواء.. هناك على الشباك لافتة كْتب عليها تنبيه ” على كل مريض إعادة الفيالة الفارغة عند الاستلام كل مرة”.. هناك من المرضى من يتذمر من هذا الإجراء وهناك من قال إنه إجراء متبع لصالح المرضى – كما قيل لهم – لأن هناك من قد يبيع الدواء ولا يستخدمه.. وهناك مشكلة أخرى يعانيها مرضى السكري تتمثل في انقطاع صرف الدواء سنويا لعدة أشهر ما بين (3-5) أشهر وفي هذه الحالة على المرضى الذين يستلمون جرعهم من صيدلية وزارة الصحة أن يدبروا أنفسهم ويبحثون عن الدواء خلال فترة الانقطاع..

العدد في تزايد! ولجنا إلى الصيدلية.. الدكتورة أمل عبدالجليل مسؤولة وحدة السكري بالمستشفى الجمهوري أبدت ترحيبا حارا معلقة بالقول: أخيراٍ هناك من طرق موضوع السكري وهو موضوع هام.. وقالت: نواجه كلاما وشتائم كل يوم بسبب طلب العلبة الفارغة ونراعي ظروف المرضى مع أن هذا الإجراء لمصلحتهم فمن يستخدم الدواء فما هو المانع من إعادة الفيالة الفارغة لتْصرف له بموجبها الجرعة المخصصة له.. وأوضحت أن عدد مرضى السكري المسجلين في صيدلية وزارة الصحة بالمستشفى الجمهوري بصنعاء أكثر من (14) ألفا والزيادة مستمرة.. وقالت إن ما يصرف من وزارة الصحة (8) آلاف فيالة شهريا.. وأشارت إلى أن الوضع هذا العام أفضل من الأعوام السابقة من حيث توفير الدواء ففي الأعوام السابقة كان يحصل عجز في الأدوية لأشهر تصل من (3-5) أشهر وهي لا تعرف سببا لذلك وخلال هذه الفترة يتوجب على كل مريض أن يدبر نفسه ويقوم بالبحث عن دواء من الصيدليات وشرائه.. وهذا يكلف المرضى أعباء مادية..

ثلاثة أنواع من الأدوية • أما الدكتورة إلهام البعداني مدير صيدلية وزارة الصحة بالمستشفى فتقول: نستقبل في اليوم الواحد ما بين (300-400) مريض سكري يصرف لهم الدواء واستغربت من تذمر البعض من طلب الفيالة الفارغة مع أن هذا الإجراء لصالحهم موضحة أنه ليس الغرض من هذا الإجراء مضاعفة معاناة مرضى السكري كما قد يظن أو يقول البعض وتقول: نحن نعرف ونقدر معاناة مريض السكري الدائمة والمستمرة لذلك فإن اتباع مثل هذا الإجراء لتنظيم عملية صرف الدواء وحصول المحتاجين على جرعهم لأن البعض قد لا يستخدم الدواء ويكدسه حتى تنتهي صلاحيته وهناك من يقوم ببيعه ويحرمون من هم بحاجة للدواء من الحصول عليه لذلك فإن إعادة الفيالة بغرض معرفة من استخدم العلاج وضمان أن يحصل المحتاج على الجرعة المقررة له ولضمان حصول الجميع على جرعهم المخصصة لهم.. وأضافت: نقوم بالتختيم على كل الفيالات بختم الصيدلية وهذه عملية ليست سهلة ومتعبة.. مشيرة إلى أنه يتوفر في الصيدلية ثلاثة أنواع من أدوية السكري وهي أنسولين فيالات ثلاثة أنواع (مخلوط ومائي ومعكر) وجلين كلامين أقراص ومينرين أقراص..

مطلوب شبكة حاسوب وقالت: نتمنى أن تكون هناك شبكة ربط حاسوب بين جميع صيدليات الوزارة لمعرفة من يستلم من أي محافظة وحتى لا يتم تكرار الصرف.. كما نعاني من أن هناك من يأتون من بعض المحافظات لاستلام الدواء من صنعاء مع أنه توجد في كل محافظة صيدلية لكن يبدو كأنهم لا يقتنعون إلا باستلامهم من صنعاء أي كأنه لا ينفع إلا الدواء الذي يصرف من صنعاء مشيرة إلى أنه قد يكون السبب في عملية التخزين الجيدة لدينا واعتقاد المرضى بأفضلية الدواء الذي يْصرف من الصيدلية المركزية مع أنه نفس الدواء وموضحة أن التخزين في صيدلية المستشفى الجمهوري على درجة عالية..   (400) ألف فيالة •  وزارة الصحة التي تقع على عاتقها المسؤولية كما يفيد الأطباء ومسؤولو المركز الوطني ووحدة القدم السكري كانت وجهتنا التالية.. قصدناها ونحن نحمل عددا من الأسئلة والتساؤلات كان البرنامج الوطني للإمداد الدوائي هدفنا الأول هناك التقينا الأخ الدكتور محمد الدعيس مدير عام البرنامج  الوطني للإمداد الدوائي بوزارة الصحة العامة والسكان الذي أكد أن الدواء الخاص بمرضى السكر وخاصة الأنسولين لم ينقطع عن الصيدلية المركزية منذ توليه إدارة البرنامج في يوليو 2012م حتى الآن أما في الفترة السابقة قبل توليه فهو لا يعلم عن ذلك شيئاٍ.. وأوضح أن ما يتم صرفه لمرضى السكري سنويا عن طريق صيدليات وزارة الصحة ومكاتب الصحة في المحافظات كان 350 ألف فيالة انسولين.. مشيراٍ إلى أنه تم رفع العدد هذا العام إلى 400 ألف فيالة انسولين مرجعا السبب إلى الزيادة المستمرة لمرضى السكري رغم أنه لم يتم رفع الدعم.. أما الحبوب فما يتم شراؤه سنويا هو (20) مليون قرص نوع واحد..

لا يضر المريض تأخر الدواء! • وتأتينا الإجابة عن سبب توقف صرف الدواء لشهور من قبل الأخ الدكتور شوقي الدبعي نائب مدير عام البرنامج  الوطني للإمداد الدوائي الذي لا يخفي أن هناك اختناقات تحدث تتسبب في توقف صرف الدواء للمرضى لشهور مرجعا ذلك لبعض الإجراءات فيقول: الاختناقات التي تحدث عندنا تحدث نتيجة تأخر إجراءات المناقصة فأحيانا ننزل مناقصة تتأخر في اللجنة العليا للمناقصات أو في الهيئة العليا للرقابة على المناقصات هذا التأخر ينعكس على المورد الذي لا يستطيع توريد الكميات في  الفترة المحددة فيتأخر شهراٍ أو شهرين.. وعن حال المرضى ومعاناتهم عند تأخر صرف الدواء لهم يقول: ليست هناك مشكلة فبإمكانهم شراء الدواء من الصيدليات من السوق لافتا إلى أن هناك دواءٍ رخيصاٍ في السوق وبإمكان المرضى شراءه.. ومؤكداٍ أن المرضى لن يحدث لهم شيء ولن يموتوا إذا لم يستخدموا الدواء.. متناسيا أو متجاهلا المضاعفات التي قد يسببها عدم الانتظام في استخدام أدوية السكر!! ويبدي استغرابه من أين أتينا بهذه المعلومة ويؤكد أنه لم يشتك أحد في أيام الاختناقات.. وعن الإحصائيات لعدد المرضى الذين يْصرف لهم الدواء من قبل صيدليات وزارة الصحة أكد أنه لا توجد لديهم إحصائية دقيقة والإحصائية المتوفرة لديهم غير موجودة لديه بالكامل.. وأوضح أن البرنامج بصدد تجميع البيانات لتنفيذ برنامج للربط الشبكي بين الصيدليات التابعة للوزارة ( خمس صيدليات رئيسية في خمس محافظات) مبدئيا لتكوين قاعدة بيانات تنظم عملية صرف الأدوية وعدم التكرار وستعكس بيانات حقيقية عن المرضى حيث ستْعطى لهم كروت مسجل فيها كل البيانات الخاصة بكل مريض (صورة المريض مقر الإقامة ومن أي محافظة والطبيب المعالج وعدد الجرع التي يستخدمها).. مضيفاٍ أن الربط الشبكي سيعمم على مكاتب الصحة والمستشفيات العامة في المحافظات في مرحلة لاحقة..