الرئيسية - اقتصاد - الأزمات تنهك الاقتصاد الوطني!!
الأزمات تنهك الاقتصاد الوطني!!
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تقف اليمن أمام مرحلة صعبة في الجانب الاقتصادي وارتفاع حدة الضغوط المالية في ظل أوضاع معيشية تتفاقم من فترة لأخرى وعجز تام لمواجهة هذه التحديات وانحدار كبير في البرامج والخطط الرسمية التي قد عفا عليها الزمن. ويتفق خبراء على حزمة إجراءات عاجلة على اليمن اتخاذها لإنقاذ الاقتصاد الوطني مع التركيز على الإجراءات التي تخدم شريحة الفقراء ومحدودي الدخل ممن أنهكتهم الحياة المعيشية الصعبة وعدم القدرة على تلبية ابسط الاحتياجات والمتطلبات المعيشية الضرورية . وفي ظل تعقيدات المشهد الاقتصادي الراهن والذي لا يعطي مساحة من الأمل للمواطن لكن هناك مخارج متعددة لأن هذا الوضع جزء من تعقيدات المشهد السياسي في البلد بشكل عام.

تتضمن هذه الإجراءات التي ينبغي التعامل معها كما يرى خبراء ” في إصلاح قطاع الطاقة ومعالجة نظام الخدمة المدنية واتخاذ موقف من الدين العام الداخلي. ويقول الباحث الاقتصادي احمد عبدالرزاق الفتاحي : لابد من اتخاذ خطوات إصلاحية عاجلة ولا تتطلب التأخير بالذات فيما يتعلق بالموارد المالية للدولة ومحاصرة العجز المالي للموازنة العامة وهذا يتطلب إصلاح نظام الدعم للمشتقات النفطية وبصورة عادلة لا تضر بالمواطن ولا تهدر حقوق الدولة في مواردها الضائعة التي يذهب جزء كبير منها للفساد والمفسدين. ويشدد على إصلاح نظام الخدمة المدنية وإزالة المزدوجين والوهميين من كشوفات الراتب وهذه ستوفر للدولة مليارات الريالات يمكن استخدامها في تحقيق التنمية الاقتصادية وتحسين مؤشراتها . وتتطلب كذلك طبقا للصباحي” اتخاذ موقف من الدين الحكومي وبالذات الدين المحلي والمتراكم منذ سنوات طويلة وإعادة تدوير أذونات وسندات الخزانة من سنة لأخرى وتراكم أعباء الفوائد . ويضيف: هذه الديون غير المجدية يجب اتخاذ إجراءات فورية لحلها فالحكومة منذ سنوات تدفع فوائد للقطاع الخاص البنكي وغير البنكي على ودائع محتجزة لم يكن الاقتصاد بحاجة إليها . هذه مجموعة لا تحتمل التأخير كما يرى هذا الباحث الاقتصادي والمتعلقة بإصلاح الدعم ومصارحة المواطن بحقيقة الدعم وإلى أين يذهب والقضاء على بؤر الفساد في الخدمة الحكومية في المؤسستين المدنية والعسكرية لأنها تستهلك موارد كثيرة على حساب التنمية واتخاذ قرار شجاع في البيئة الاستثمارية وتهيئة بيئة مناسبة وجاذبة لرؤوس الأموال وخصوصا الأموال المجمدة التي تستثمر في السندات وأذون الخزانة. أنواع تهدف عملية التنمية المستدامة إلى تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة يمكن معها خلق وظائف عمل مجزية وتحسين مستويات المعيشة لا سيما للطبقات الفقيرة. وللوصول إلى ذلك تقتضي الضرورة بحسب خبراء في صندوق النقد الدولي أعدوا رؤية حول منظومة الإصلاحات الاقتصادية في اليمن ” الاستثمار في الثروة البشرية من خلال إصلاح نظم التعليم والرعاية الصحية وشبكات الأمان الاجتماعي والسعي لتهيئة مناخ الأعمال وتعزيز فرص الحصول على الخدمات المالية وإصلاح المؤسسات العامة ومكافحة الفساد. وتلك الأنواع من الإصلاحات هي التي يحتاجها اليمن اليوم كما يرى الخبير في الصندوق مسعود احمد” حيث يعاني نصف السكان من الفقر ويصيب سوء التغذية طفلاٍ من بين كل طفلين تقريباٍ وتسجل البطالة معدلاٍ بالغ الارتفاع وخاصة بين الشباب. غير أن حكومة اليمن لا تتوافر لديها الموارد المالية الكافية لتلبية هذه الاحتياجات حيث يستحوذ دعم الطاقة وفاتورة أجور القطاع العام على الجزء الأكبر من الإيرادات الحكومية المحدودة . مخاوف يثير إصلاح نظام الدعم المخاوف حيث أن التأثير السلبي لارتفاع الأسعار يمكن أن يكون شديداٍ على الفقراء وخاصة الذين يعتمدون على وسائل النقل العام باهظ التكلفة ومضخات المياه التي تعمل بالوقود – وهو حال الكثيرين في اليمن. ويقول مسعود في هذا الخصوص : تجارب العديد من البلدان أوضحت عدم فعالية نظام الدعم المعمم للأسعار كوسيلة من وسائل المساعدات الاجتماعية للشرائح السكانية محدودة الدخل لأنه يفيد الأغنياء أكثر مما يفيد الفقراء وليس من الصعب فهم هذه المسألة فالأسرة على حد تعبيره ” التي تمتلك أكثر من سيارة ومولداٍ كبيراٍ للكهرباء ومنزلاٍ ومكيف الهواء فإنها حتماٍ ستستفيد من دعم الطاقة أكثر بكثير من أسرة فقيرة لا تملك سيارة وتستهلك القليل من الكهرباء. وتبلغ تكلفة الدعم المعمم حالياٍ ما يقارب 10 ملايين دولار أميركي يومياٍ أي حوالي 8% من إجمالي الناتج المحلي. ولا يترك هذا إلا أقل القليل للنفقات الموجهة نحو تخفيف حدة الفقر والبطالة. بالإضافة لذلك فإن الانخفاض المتناهي لأسعار الديزل يشجع على ضخ المياه بشكل مفرط وبالتالي يساهم في الاستنزاف السريع لموارد المياه الشحيحة جدا في اليمن. ويمكن أن يؤدي إصلاح الدعم “استناداٍ لخبير النقد الدولي ” إلى تغيير هذا الوضع إذ يمكن للحكومة عن طريق تخفيض إنفاقها على الدعم أن تقدم مزيداٍ من المساعدات النقدية للفقراء والاستثمار في الطرق والمدارس والمستشفيات ومحطات الكهرباء وتحسين فرص الحصول على مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي في المناطق الريفية وشبه الحضرية حيث يعيش معظم الفقراء. ويرى خبراء النقد الدولي منهم كذلك خالد عبدالعاطي” أن اليمن اتخذت العام الماضي خطوة مهمة نحو إصلاح نظام دعم الطاقة فقد كان لتر الديزل يباع للمستهلكين بسعر 100 ريال يمني ولقطاع الكهرباء بسعر 40 ريالاٍ يمنياٍ بينما كانت تكلفة استيراده تقارب 200 ريال حيث تم في هذا الشأن توحيد السعر عند مستوى 100 ريال مع تعويض شركات الكهرباء لتجنب حدوث زيادة في أسعارها ولم يؤد هذا إلى تخفيض الإنفاق العام على دعم الديزل لكنه ساهم في الحد من فرص التهريب والفساد. توفير يقول خبير هذه المؤسسة المالية الدولية : لا يترك النظام المعمم لدعم الطاقة إلا قدراٍ ضئيلاٍ من الموارد للإنفاق الحكومي – وهو مصدر مهم لتوفير فرص العمل ووسيلة حيوية لتطوير البنية التحتية من أجل تحسين الحياة اليومية للمواطنين وتيسير نمو منشآت الأعمال الصغيرة. ويضر دعم الطاقة المعمم بفرص العمل من جانب آخر. فهو من الأسباب الرئيسية لعجز الميزانية الكبير – الذي يقدر حالياٍ بما يتراوح بين 7-8% من إجمالي الناتج المحلي ولا يؤدي هذا المستوى غير القابل للاستمرار إلى توفير فرص عمل جديدة . وتضطر الحكومة إلى الاقتراض من البنوك ومن مصادر خاصة لتمويل هذا العجز مع الإشارة إلى أن 70% من ائتمان القطاع المصرفي في اليمن يوجِه لتمويل عجز الميزانية ولا يترك هذا إلا القليل من الائتمان لتمويل منشآت الأعمال الخاصة كما ينتج عنه ارتفاع في سعر الفائدة مما يجعل الحصول على التمويل الكافي لاستمرار التشغيل والاستثمار أكثر تكلفة على المؤسسات الخاصة الصغيرة والمتوسطة الأمر الذي يساهم بدوره في ضعف معدلات النمو وخلق فرص العمل. ويرى خالد في هذا الخصوص أن الحكومة تستطيع استخدام الوفورات المحققة لتوفير المزيد من فرص العمل عن طريق بناء الطرق وغيرها من بنود البنية التحتية – فعندما تْبنى الطرق يتم استخدام قوة عاملة على الفور كما يتم توفير فرص عمل مستقبلية من خلال تيسير نقل السلع والتوسع في إقامة منشآت أعمال صغيرة حول هذه الطرق. ويوضح أن ذلك يمكن أن يساهم في تخفيض العجز ومن ثم تقل احتياجات التمويل من البنوك والمصادر الخاصة الأخرى. ومن شأن هذا أن يوفر مزيداٍ من الموارد لمستثمري القطاع الخاص ويسمح لهذا القطاع بزيادة الاستثمارات وفرص العمل. صعوبات يرى صندوق النقد أن وضع المالية العامة في اليمن سيكون صعباٍ ما لم تحصل الحكومة اليمنية على مساعدات خارجية أكبر وتنفذ حزمة إصلاحات مالية. ويؤكد الصندوق أن الحكومة اليمنية تستهدف عجزاٍ أكبر في موازنة العام الجديد مقارنة بموازنة 2013م وإيجاد تمويل لهذا العجز سيشكل تحديا حقيقيا للحكومة. ويشير إلى محدودية المبالغ التي يمكن توفيرها من الجهاز المصرفي اليمني وان استمرار التوسع في الاستدانة عبر بيع أذون الخزانة والسندات لتغطية عجز الموازنة من شأنه أن يؤثر سلبا على عملية الإقراض الذي يمكن أن توفره البنوك للقطاع الخاص المستثمر كما أن الاستمرار في خفض النفقات الرأسمالية لا يتناسب مع متطلبات المرحلة التي ينبغي فيها تحقيق معدلات نمو أعلى للمساهمة في تخفيض نسب الفقر و البطالة. وبحسب “النقد الدولي” فان الاقتصاد اليمني استمر بالتعافي من أزمة عام 2011 حيث نما عام 2013 بنسبة 5ر4 % و هي نسبة أقل مما كان متوقعاٍ لها بسبب استمرار الانقطاعات في إنتاج النفط حيث من المتوقع أن تستمر وتيرة النمو تلك على المدى المتوسط لكنها تبقى غير كافية للوصول بمستوى الدخل الفردي إلى مستواه قبل عام 2011 و غير كافية لتخفيض معدلات الفقر و البطالة المرتفعة. ويؤكد أن وضع المالية العامة في اليمن ظل صعباٍ العام الماضي وفي النصف الأول من العام الحالي إذ انخفضت المنح الخارجية بشكل ملحوظ بعد المستوى الذي وصلته عام 2012م والذي تلقت فيه اليمن منح كبيرة غير متكررة. أهمية يدعو البنك الدولي في نفس السياق إلى أهمية إجراء المزيد من الإصلاحات اللازمة في اليمن لتحسين نظام الإدارة المالية العامة لدعم النمو واستيعاب الموارد المتاحة بشكل أكثر فاعلية بالإضافة إلى تطبيق القوانين الضريبية وتعزيز الجهات الايرادية ومصلحة الجمارك بشكل كبير وشفافية تنفيذ الميزانية دون تدخلات اجتهادية وإقامة آليات فعالة للرقابة الداخلية تعتبر جوانب رئيسية ينبغي التركيز عليها خلال الفترة القادمة. وعلى الرغم من تحسن آليات وأساليب الشراء والتعاقد لكنها بحسب خبراء البنك الدولي تحتاج إلى مزيد من الاهتمام كون الفساد لايزال مستشرياٍ بصورة كبيرة . ويرى ثمة حاجة إلى إصلاح شامل لنظام الحكم لتمكين الخدمة المدنية في اليمن من أداء المهام الرئيسية وتقديم الخدمات على نحو فعال ويتطلب ذلك تعزيز المؤسسات الرئيسية في القطاع العام وكذا السياسات والإجراءات والقدرات على المستوى المحلي والمحافظة على المستوى المركزي مع العمل على اتخاذ خطوات عملية نحو تحسين تقديم الخدمات وضمان مزيد من المشاركة والسماع لصوت المواطنين المعنيين في الحكم المحلي . ويعتبر استعادة وتسريع النمو الاقتصادي في اليمن امراٍ أساسيا على المدى القصير ويمثل شرطاٍ لتحقيق التنمية البشرية على المدى الطويل. ويشير خبراء إلى أن اليمن تحتاج للتغلب على سجل النمو البطيء بنسبة 4% الذي ظلت تحرزه خلال العقد الماضي وذلك لتلبية الطلب على العمالة المربحة خاصة في أوساط الشباب وكذا لمعالجة مستويات الفقر العالية. ويرى البنك الدولي أن خلق فرص عمل وزيادة الدخل المعيشي لليمنيين العاطلين يعتبر امراٍ أساسياٍ خلال الفترة الانتقالية والفترة التي تليها حيث ينبغي أن تركز الإصلاحات على التدابير التي من شأنها خلق فرص اقتصادية وتعزز القدرة على المنافسة وتسهل الاستثمارات المربحة . ويشير إلى أن الإنهاء التدريجي لسياسة الدعم غير المستهدف لقطاع الطاقة سوف يساعد على القضاء على الانحرافات الاقتصادية المتغلغلة والتي تعيق النمو وتحرر الموارد العامة لاستثمارها بصورة مثمرة في المشاريع العامة. ويشدد على أن النمو السريع يتطلب بعض الوقت للتخطيط وتحقيق النتائج لكن ينبغي بموازاة ذلك أن تكون الإصلاحات المطلوبة أكثر سهولة لتنفيذها من خلال توفير موارد كبيرة والدعم على المدى القصير. ويؤكد تقرير حديث للبنك الدولي أن استراتيجية النمو المستدام في اليمن تتطلب تسريع تنمية القطاع الخاص . ويوضح البنك أن ذلك يمكن أن يتم من خلال تحسين مناخ الأعمال التجارية والاستثمار ومراجعة الأطر التنظيمية وغيرها من الوسائل وخاصة فيما يتعلق بالخدمات . ويرى ضرورة تنفيذ إجراءات سياسية راسخة لجعل القطاع الخاص في اليمن أكثر قدرة على المنافسة واقل اعتماداٍ على الدولة ومواردها . ويقول البنك : يجب على الحكومة اليمنية أن تدرس بشكل دقيق إمكانية إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص في الاستثمارات الكبيرة في مجال البنية التحتية العامة . ويرى أن موارد اليمن العامة ستبقى محدودة خلال المستقبل المنظور كما أن قدرات الخدمات الحكومية ستحتاج لوقت أطول كي تتحسن . وتعد هذه المعوقات مبررات هامة من شأنها أن تدفع نحو تحقيق أفضل استفادة ممكنة من القدرة المالية والفنية للقطاع العام .