الرئيسية - عربي ودولي - الأبعاد السياسية للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة
الأبعاد السياسية للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

سبق لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل أن قال في معرض حديثه عن العدوان الصهيوني المتواصل منذ ما يقرب من شهر كامل على قطاع غزة بأن المقاومة تفوقت أخلاقياٍ لأنها لم تقتل مدنيين برغم أن ما هو حاصل ليسوا مدنيين وإنما مستوطنين في ظل الاحتلال الإسرائيلي الفلسطيني الذي يواصل عدوانه الهمجي على القطاع وما نتج عنه من ضحايا أبرياء بالمئات بينهم أطفال ونساء, فضلاٍ عن الأضرار المادية وتدمير المنشآت. ويتذرع الكيان اللقيط بأن الهدف من ذلك تدمير الأنفاق في غزة, مستمراِ في حربه الوحشية ضد الشعب الفلسطيني, وإن كان ذلك الهدف ليس إلا مدخلاٍ لتحقيق جملة من أهدف سياسية مختلفة تسعى من خلالها تل أبيب إلى تحقيقها عبر القوات العسكرية, ولعل أبرزها فرض مفاوضات تكون عاقبة كل حرب. وما يؤكد حقيقة ذلك بدء المحادثات الجارية حالياٍ بين وفد فلسطيني يضم أعضاء من منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس والجهاد الإسلامي مع مسؤولين مصريين وبحضور أميركي تعويضاٍ عن الحضور الإسرائيلي, كما يشارك في تلك المحادثات توني بلير, مبعوث اللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط, الذي كان قد وصل في وقت سابق إلى العاصمة المصرية لبحث ما توصلت إليه عملية التفاوض لوقف إطلاق النار. ومعنى ذلك بالتأكيد أن إسرائيل تواصل أعمالها العدوانية في قطاع غزة, وفي المقابل يتحرك وكلاؤها الأوروبيون والأميركيون على صعيد التفاوض والمباحثات من أجل وقف إطلاق النار والتهدئة في قطاع غزة الذي يعاني أوضاعاٍ مأساوية للغاية جراء الحرب المدمرة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي, خاصةٍ وقد بات واضحاٍ أن السياسيين الأميركيين والأوروبيين ومعهم بعض الأطراف العربية يعملون في الظرف الراهن على إيجاد مناخات ملائمة وأجواء طبيعية لمباحثات أو مفاوضات جديدة, فيما تواصل إسرائيل أعمالها الحربية براٍ وبحراٍ وجواٍ, وتقتل الفلسطينيين وسط صمت إقليمي عربي ودولي دون أي إدانة أو استنكار في أقل الأحوال والتقديرات جراء المذابح التي تنفذها آلة القتل الصهيونية وما نتج عن ذلك من إبادة جماعية لمئات الضحايا المدنيين, فيما العالم مشغول بوقف إطلاق النار والتهدئة في قطاع غزة. والمقصود من ذلك ليس وقف إطلاق النار من جانب الكيان الصهيوني وإنما من قبل بعض فصائل المقاومة الفلسطينية, لأن تلك الدعوات التي مصدرها السياستين الأوروبية والأميركية الهدف منها إعطاء فرصة واسعة ووقت أطول لتل أبيب لكي تمارس أبشع وأشنع الجرائم في حق الشعب الفلسطيني الأعزل, فيما يتم – كما أشرنا بالمقابل من ذلك – ترويض الأطراف الفلسطينية للانخراط في مفاوضات جديدة, ولكن بعد تنضيج إسرائيل لقطاع غزة بالنيران الشاملة حتى تكون الأجواء مهيأة لإطلاق محادثات جديدة, وهو ما تريد بالتأكيد إسرائيل في حربها على غزة بالنظر إلى أبعاد وخفايا تلك الحرب الامتعاض والتذمر والاستياء والرفض الشديد لحكومة الوفاق الفلسطينية, لأن الكيان الصهيوني ضد وحدة الصف الوطني الفلسطيني, ويرى في حساباته على المدى المنظور أن وجود أحد أهم فصائل المقاومة في حكومة الوفاق لا تعترف بدولة إسرائيل يتطلب حملها إلى مفاوضات أو محادثات جديدة مع تل أبيب بالنظر إلى أن نصف تلك الحكومة الممثلة بحركة فتح لا تعارض المفاوضات وقد سبق لها أن دخلت في جولات تفاوضية عديدة بغض النظر عن تعثرها بسبب تعنت الكيان الصهيوني وفشل نتائجها. لكن حركة فتح لم تصل إلى مرحلة اليأس والإحباط من المفاوضات السابقة خلافاٍ للنصف الآخر لحكومة الوفاق الفلسطيني مع المقاومة وضد المباحثات, ذلك التعقيد في طبيعة المشهد السياسي الفلسطيني هو الذي دفع بالعدو الإسرائيلي كأمر طبيعي لا يريد وحدة الشعب الفلسطيني إلى عدوانه الهمجي على قطاع غزة من أجل ترويض حكومة الوفاق الفلسطيني وإدخالها في مسارات من المباحثات والمفاوضات غير المنتهية وفق الأهداف الحقيقية من حربها الأخيرة على قطاع غزة. حيث تسعى تل أبيب إلى إنهاء وحدة الوفاق الفلسطيني أو إطلاق عملية سلام جديدة من خلال اللجوء إلى القوة العسكرية لتحقيق جملة من أهداف سياسية – كما أوضحنا – يبدو أبرزها أن تقبل المقاومة, وإن كان ذلك على ما يبدو أمراٍ غير ممكن بمباحثات سلام عبثية يسعى من خلالها العدو الصهيوني إلى بث روح الفرقة والتقسيم أو إيجاد التنافر والانقسام بين القوى السياسية الفلسطينية خصوصاٍ والعدو الإسرائيلي بالنظر إلى خفايا حربه على غزة يسعى من خلال وسطائه الأوروبيين والأميركيين, حلفاؤه الاستراتيجيون, إلى وقف إطلاق النار بدون شروط مسبقة بحسب إعلان وزير خارجية بريطانيا. ومعنى ذلك أن يكون وقف إطلاق النار من الجانب الفلسطيني لتمرير الهدف الذي تريده إسرائيل من خلال اشتراطه غير المعلن لوقف الحرب من جانبه والبدء بمفاوضات جديدة, وهذا بالتأكيد يضع القوى السياسية الفلسطينية المؤيدة للتفاوض والرافضة له أمام تحديات سياسية توجب عملية الفصل بين مسار التفاوض ومسار المقاومة, فمن حق فتح كحركة سياسية لها ثقلها في الشارع الفلسطيني أن تدخل مفاوضات كما سبق لها أن جربت ذلك دون أن تتعرض للمقاومة, لأنها جزء من الشأن الوطني الفلسطيني ومن حق المقاومة أيضاٍ أن لا تتخلى عن المقاومة المشروعة لكن لا يحقق الكيان الصهيوني أهدافه الخبيثة الرامية إلى الحرب من أجل إطلاق مباحثات سلام توسع الاستيطان وتضفي مشروعية على الاحتلال خلطاٍ للأوراق وإضعافاٍ للصف الوطني الفلسطيني وإظهار المقاومة على أنها مقاومة من أجل المفاوضات, غير أن فصائل المقاومة تعي وتدرك جيداٍ الأهداف الصهيونية بطابعها السياسي ضد القضية الفلسطينية المركزية للأمتين العربية والإسلامية.