الرئيسية - تحقيقات - موظفون يتحججون بالعمل في غير تخصصهم وعدم تقدير مدرائهم
موظفون يتحججون بالعمل في غير تخصصهم وعدم تقدير مدرائهم
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

> خبراء إدارة: اعتماد نظرية تعظيم وإثراء الوظيفة أول الطريق

> علم الاجتماع: ما يصرف للموظف من راتب ونحوه إنما هو من أجل الوظيفة وليس الموظف

> علم النفس: الأشخاص الذين لا يملكون الولاء الوظيفي أموات على قيد الحياة

> الدين يبين: الموظف هو الحكم على نفسه والرقيب عليها أمام الله

العمل أياٍ كان نوعه لا يعد وسيلة لكسب المال فقط كما يتعامل معه الكثير بل واجب مقدس وطريق يبنى من خلاله الفرد ذاته, ويساعد على رقي مجتمعه ولم يكن يوماٍ مكاناٍ يذهب إليه الموظف لقضاء ساعات عملية بالطريقة التي يراها هو مناسبة, وإنما مكان يبذل فيه المرء كل طاقاته للارتقاء بمستوى الأداء الشخصي والجماعي الذي ينعكس بدوره إيجاباٍ على الجهة التي يعمل فيها بعد أن يبتعد عن المناكفات الهدامة ويزرع في داخله حب العمل والتفاني في العمل, كل ذلك بالإمكان أن يتجسد على أرض الواقع إذا ما أحس كل شخص بمسئوليته, وفهم معنى الولاء الوظيفي الذي أصبحنا نشتاق لعودته داخل مقر العمل الحكومي والخاص في بلادنا..

غياب الولاء الوظيفي داخل القطاعات الحكومية والخاصة يأتي نتيجة تراكمات كثيرة هذا ما أكده الموظف صالح الوريث حين علل سبب هذا الغياب بقوله: إن التعامل غير الممنهج من قبل تلك القطاعات مع موظفيها هو وراء ذلك الغياب بالإضافة الى أن هناك أشخاصاٍ لا يفقهون شيئاٍ عن هذا الأمر . في هذا الطرح للوريث يتفق معه طاهر القيري –موظف- ويضيف: وضع الموظف بمكان يجهل عنه الكثير أو أن يعمل في غير تخصصه يجعله يقصر في عمله ويحد من مهاراته وهذا ينعكس على مردوده في العمل ولا ننسى الظلم الذي يتعرض له بعض العاملين داخل مقر عملهم كل ذلك من شأنه أن يؤثر على الانتماء الوظيفي ويْشعر الموظف بعدم الرضا. في بلادنا نجد الموظف يعيش مْتخبطاٍ بين عملة واهتماماته الشخصية والأمر لا يختلف فيه اثنان, سواء في الوظائف الخاصة أو الحكومية فالموظف هو نفسه في كلتا الجهتين لا يطور من نفسه ولا يؤدي واجبه على أكمل وجه إلا من رحم ربي, هكذا جسد لنا عبدالرحمن العنسي -أحد موظفي القطاع الخاص- حال زملائه بالقول: إذا ما تجولنا في مكاتب الشركات والمؤسسات الحكومية والخاصة فإننا سنجد بعض الموظفين عاكفين على تصفح مواقع التواصل الاجتماعي وقراءة المجلات ومشغولين عن عملهم, وكل همهم هو أن يتواجدوا في كشوفات حضور الدوام ليأتي آخر الشهر وهم على أحر من الجمر ينتظرون الراتب ومستحقات أخرى وهذا للأسف واقع حال الكثير من الموظفين لدينا. الترغيب والترهيب من ناحيتها ترى الموظفة سعاد المزنعي: أن طرق التعامل من قبل الإدارات العليا تجاه الموظفين تفتقر إلى الحنكة الإدارية خاصة عندما تتبع تلك الجهات طرق مبتكرة في التهميش وعدم إعطاء التقديرات المناسبة لكل من يقدم عمله بشكل أفضل وعدم معاقبة كل من أخطأ في عمله وبهذه السياسة التقليدية يفقد العامل حاجته للابتكار وهذه من الأسباب التي تجعل الموظف غير مبالُ بعمله ولا يشعر بالانتماء تجاهه. تشاطرها الرأي الموظفة فاتن القباطي وتقول: مما يزيد الطين بلة هو أن تجد الموظف المهمل في عمله هو من يجد التقدير برغم عدم تقديمه لشيء لتتحول بيئة العمل إلى مكان مكروه بالنسبة لنا وهذا ما حدث لكثير من الزميلات اللواتي أعمل معهن. سياسات جديدة تشير الدراسات إلى أن ضعف الولاء الوظيفي بلغ أكثر من 80% في القطاع العام والخاص لدى الموظفين في الدول العربية وفي ظل المنوال يطالب خبراء إدارة محليون الجهاز الإداري في بلادنا أن يتجه بكثير من الحيوية نحو اعتماد سياسات ونظريات جديدة وفاعلة ينبغي أن تشمل كل الأجهزة في بلادنا ومن أهم تلك السياسات نظرية تعظيم وإثراء الوظيفة التي تركز على إعطاء محتوى العمل المزيد من التنوع بما يؤدي إلى التعديل في متطلبات شغل الوظيفة, ويحتاج ذلك إلى معرفة المزيد من التنوع وتعليم مهارات أعلى. وفي المقابل يعطى الفرد المزيد من الاستقلال والمسؤولية بالنسبة للتخطيط والرقابة والسيطرة على عمله ويرون أن الغرض الأساسي من إثراء وتعظيم الوظيفة هو منح الموظف فرصة أكبر في النمو الشخصي والحصول على عمل له قيمة أكبر من ناحية النمو ومن ناحية التجارب الشخصية ويكون ذلك في توفير العوامل الدافعة في تصميم الوظيفة, المتمثلة في القدرة على إنجاز العمل ومسئولية الفرد في أداء العمل ومنحه الثقة الكافية في ذلك والحصول على تقدير الآخرين واحترامهم له ووجود فرص للتقدم والنمو في العمل وأداء عمل ذي أهمية وقيمة للمؤسسة والدولة. الإحساس بالمسؤولية فيما يوصف أخصائيو علم الاجتماع: بأن الولاء الوظيفي هو الإخلاص في العمل وإعطاء الموظف من وقته وخبراته لعمله من أجل مؤسسته دون أن يضع اي اعتبار أو موازنة لما أخذ أو أعطى وهذه عوامل ذاتية يقوم بها الفرد تحدثوا عن أن هناك عوامل مكتسبة تكون عن طريق التربية والنشأة في المنزل كأن يتعلم الشباب احترام العمل الذي يقومون به مع الإتقان تم التفكير بالمقابل ويأتي دور التعليم كون مناهج التعليم يجب أن تحث الطلاب على حب العمل والإخلاص فيه وتقديم الأفضل حتى يتعزز هذا الأمر لدى الطالب وأن أداء الموظف لوظيفته بالدقة والأمانة والنزاهة والإخلاص والانضباط يعتبر واجباٍ عليه وخدمة لوطنه. ويؤكد علماء الاجتماع بأن ما يصرف للموظف من رواتب وبدلات ونحوها إنما هي من أجل الوظيفة في الأساس وليس من أجل الموظف لأن هذه المزايا المادية مرتبطة بوجود الوظيفة وقد حددت لها بعد إيجادها وهو يتماشى مع المبدأ الإداري المعروف أن الراتب والبدلات للأعمال وليست للأشخاص ووضحوا أن الأداء المطلوب من الموظف للقيام بعمله تتمثل في جوانب عدة أهمها الانضباط في وقت الدوام لأن وقت الدوام ملكاٍ للموظف مهما كانت مرتبته أو درجتهº بل هو ملك لجهة العمل سواء كانت حكومية أو مؤسسة خاصة وعدم الانضباط يعني عدم الإخلاص والولاء الوظيفي. أموات على قيد الحياة مهلاٍ .. لأنكم هنا ستسمعون شيئاٍ جديداٍ من وجهة نظر علم النفس تجاه منزوعي الولاء الوظيفي فماذا يقول هذا العلم الرائد عنهم¿ يقول علماء النفس: الأشخاص الذين لا يملكون الولاء الوظيفي يطلق عليهم علم النفس (الزومني) وتعني الأموات على قيد الحياة هذا ما يؤكده الاستشاري النفسي الدكتور مروان المطيع حيث قال: هؤلاء الأشخاص يعانون من جفاف عاطفي وموت الضمير نتيجة الاضطرابات في الحياة الشمولية لأن هذه الفئة التي ينعدم لديها التقسيم العقلي المتزن والمنطقي للحياة الدنيوية والمعيشية والوظيفية, فالحي من الحياة وليس فقط التنفس فالحياة مشاعر وإخلاص وتضحية وانتماء وولاء ورقي وإيثار وهي مجموعة متكاملة من الأخلاق وبدونها لا توجد حياة. ويضيف المطيع: بأن سمات هؤلاء الأشخاص الذين لا يمتلكون انتماءٍ وظيفياٍ أو الإخلاص في عمل يقومون به تتمثل في انعدام وجود محكمة الأخلاق العليا لديهم وتجدهم يتحرشون بالآخرين ويبتزونهم ويأخذون الرشوة من دون اكتراث لفقدانه الولاء وقيم الحلال والحرام ويأخذوا ولا يعطون ويتسلقون على ظهور الآخرين ولا يعرفون معنى الطموح والكفاح والمثابرة. ضعف الولاء الوظيفي يتفق علم الاجتماع وعلم النفس على أن مكمن ضعف الولاء الوظيفي بشكل عام داخل المؤسسات والمتمثل في عدم تحفيز المؤسسات على المستوى العام على ربط المهنة فيها, وخاصة في الوظائف القيادية والوظائف العامة بقضية التدريب والتعليم والتحفيز المستمر, وعدم تقدير الكفاءات بحيث أنهم يستحقون أن يكونوا في هذا المكان الذي يستحقونه بجدارة وبمعايير المهنة الحقيقية ومنح الموظف مزيداٍ من الثقة والإنسان بطبيعته ينتمي لمن يعطيه وليس لمن يمنعه أو يحرمه. الإخلاص في العمل ونختتم برأي الدين في هذه القضية حيث يؤكد الداعية منصور الريمي على أهمية الإخلاص في العمل والتفاني فيه لأن هذا المبدأ إذا وجد في العامل والتفاني فيه لأن هذا المبدأ إذا وجد فيالعامل ستزداد إنتاجيته وترتفع نسبة اتقانه في عمله لأنه سيبذل أقصى ما بوسعه للقيام به عسى أن يرضى عنه ربه وسيثمر كل دقيقة في هذا السبيل على عكس غير المخلص في العمل والذي يتهرب من أداء واجباته الوظيفية.. ويضيف العلامة الداعية الريمي أن الموظف يكون هو الحكم على نفسه والرقيب عليها .. قال تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) .. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاٍ أن يتقنه ).. ولهذا فالعمل الذي يكون بإخلاص وصدق وتفانُ من قبل الموظف ستكون النجاة حليفه ورضا الإنسان عن نفسه ورضا خالقه عنه والمجتمع.