الرئيسية - عربي ودولي - هل انتصرت غزة ¿¿
هل انتصرت غزة ¿¿
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

لا شك أن العدوان الصهيوني السافر على قطاع غزة كان نتيجة طبيعية ترتبت على احتلال إسرائيل لفلسطين وبالتالي فإن صمود فصائل المقاومة وحقها في الدفاع المشروع عن النفس في مواجهة ذلك العدوان لا يعني في كل الحسابات والتقديرات أن الانتصار المعنوي لغزة تحرير فلسطين لأن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من السيادة الوطنية لفلسطين المحتلة. لذلك فإن المبالغة في انتصار المقاومة في صدها للعدوان الأخير يضفي مشروعية غير مباشرة على احتلال ما تبقى من فلسطين من قبل إسرائيل لأن جذور المشكلة وأصلها ناتجة عن ذلك الاحتلال ولكن يبدو أن هناك سيما على صعيد السياستين الأوروبية والأميركية من يريد استثمار ما حققته المقاومة بطريقة غير مشروعة من أجل غض الطرف عن جرائم الاحتلال على امتداد فلسطين المحتلة خصوصا والكيان الصهيوني يمارس الاستيطان في كل أرجاء فلسطين ولا يجب اختزال ما حققته المقاومة في نطاق ذلك القطاع لأن الأصل مسترهن ومحتل وبالتالي من الصعوبة بمكان الحديث الجاري عن كتاب النصر الذي لا نقلل من أهميته إلا في النظر لطبيعة القضية المركزية للأمتين العربية والإسلامية والمتمثلة بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر باعتبارها ليست بندا في المواثيق والقرارات الدولية بقدر ما هي آية ثابتة في كتاب الله. لذلك ينبغي النظر في تقييم ما جرى في قطاع غزة من جميع الجوانب والأخذ بعين الاعتبار أن مبالغة إسرائيل في انتصار المقاومة بحسب ما أثبتته وأعلنته مراكز استطلاع الرأي بين المستوطنين الصهاينة ليس لذلك إلا معنى محدد يتمثل بإخفاء السجل الأسود للكيان الصهيوني وأعماله البشعة ومذابحه الجماعية وإبادته المتواصلة والمستمرة لشعب فلسطين الذي تعتبر غزة جزءا منه. فلا ينبغي كما تسعى بعض الدوائر المحلية والإقليمية والدولية إلى تطويع ثبات المقاومة وصمودها وإدراج ذلك ضمن المساومات والتسويات والمباحثات وتضمن للكيان اللقيط الاستمرار في مشروعه الاستيطاني وكذا الاستمرار المماثل في إبادته وتنكيله للشعب الفلسطيني على غرار بعض الدعوات الصادرة من الجانبين الأوروبي والأميركي إلى أهمية إعمار قطاع غزة وإصلاح أوضاعه الداخلية جراء الدمار الذي لحق به دونما وعي بأن فلسطين كلها تحت وطأة الاحتلال الصهيوني. وعند اختصارها في نطاق غزة وحدودها فإن معنى ذلك اعتبار قطاع غزة الوطن البديل لفلسطين وهو ما تسعى إليه تل أبيب وتريده خصوصا بعد التهدئة التي طرأت حاليا دونما وجود أي ضمانات بعدم استمرار عدوانها على الشعب الفلسطيني. حيث لا تستطيع أي قوة أن تضمن الاحتلال وما قام به ولا يزال يمارس أشنع السياسات العنصرية ويسعى كما أشرنا إلى أن تكون النتائج المترتبة على عدوانه على غزة مدخلا جديدا بدعم ورعاية أميركية أوروبية على أساس تقديم الدعم المالي للقطاع مقابل إطلاق مفاوضات جديدة حول ترتيبات ما تسميه إسرائيل بضمانات الأمن والسلام الذي يعزز من احتلالها ويكرر عدوانها ويضعف المقاومة ويصادر حقوق الشعب الفلسطيني. الأمر الذي يتطلب الحذر واليقظة من أن يتحول انتصار غزة في أوكار السياسة الدولية ودهاليزها إلى مفاوضات حول السلام المستحيل مع الاحتلال المغتصب لفلسطين لأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة خاصة والكيان الصهيوني يسعى إلى نزع سلاح المقاومة ومعه بذلك السياستان الأوروبية والأميركية وبعض الأطراف العربية وإن كان ذلك على ما يبدو في ظاهر المعنى والدلالة إلا تهديدا واضحا لحمل المقاومة إلى مفاوضات مع تل أبيب وإجراء ترتيبات سلام كما أوضحنا تضمن أمن وسلامة إسرائيل من جانب قطاع غزة وكأن القضية الفلسطينية غزة والكيان الصهيوني برغم أن سلاح المقاومة لا يساوي شيئا مقارنة بالسلاح المدمر لجيش الاحتلال البغيض لذلك فإن الحديث الجاري عن سلاح فصائل المقاومة والمبالغة فيه يخفي في ظاهره الترسانة العسكرية الإسرائيلية حيث يخشى الكثير أن يكون انتصار المقاومة في غزة كما تريده القوى الدولية على حساب القضية المركزية.