الرئيسية - اقتصاد - القطاع السمكي في دائرة الخطر!!
القطاع السمكي في دائرة الخطر!!
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

القطاع السمكي من القطاعات الواعدة التي يعول عليه المساهمة في تحريك الاقتصاد الوطني المعتمد على النفط الذي بدأ يتراجع إنتاجه بشكل كبير وهو ما يفرض على الحكومة العمل على تنمية القطاعات غير النفطية وفي مقدمة هذه القطاعات الأسماك للبحث عن مصادر بديلة لموارد الخزينة العامة وتحريك عجلة التنمية غير أن واقع الحال يشير إلى عدم قدرة هذا القطاع في وضعه الراهن على تحقيق ما هو مأمول منه.

* على الرغم من أن التقديرات تشير إلى وجود مخزون سمكي كبير يمكن أن يكون رافداٍ مهماٍ ورئيسياٍ للاقتصاد الوطني.. فإن غياب المنظومة الإدارية والتنظيمية المتكاملة المصحوبة برؤية شاملة ومتماسكة للتعامل مع هذا القطاع من منطلق مكانته في الإطار العام للاقتصاد القومي للبلد قد أدى خلال السنوات الماضية إلى شيوع ممارسات الاصطياد الجائر والجرف العشوائي لسفن الاصطياد التجاري والصناعي والعبث بهذه الثروة خلال السنوات الماضية مما أدى إلى جرف المراعي الخاصة بالصيد وتدمير الشعب المرجانية وبالتالي هجرة الأسماك الى دول أخرى.

شريط ساحلي * تمتلك اليمن شريطا ساحليا يزخر بالثروة السمكية والأحياء المائية المتجددة وعالية الجودة كالحبار والشروخ الجمبري. وبحسب وزارة التخطيط والتعاون الدولي تقدر القدرة الإنتاجية لهذه السواحل بحوالي 350-400 ألف طن سنوياٍ في حين لا يتجاوز الاستغلال الفعلي حوالي 200 ألف طن وبالتالي يوفر فرصاٍ استثمارية متعددة سواء في اصطياد الأسماك فهنالك إمكانية لزيادة الاصطياد بحوالي 60-110 ألف طن أو في تسويقها وتصديرها أو في الصناعات الأمامية والخلفية من استثمارات في مجال التخزين والتبريد والتعليب وصناعة السفن والقوارب وشباك الصيد. ويرجع تواضع معدل النمو أساسا إلى النمو السلبي للإنتاج في كل من اسماك السطح والأحياء البحرية الأخرى بنحو 0.4% و3.1% على التوالي في حين نمى إنتاج اسماك الأعماق بمعدل مرتفع جدا يقدر بنحو 80% تقريبا . على أن انخفاض كمية الإنتاج السمكي قد يعود في جانب منه إلى اقتران تدفق البيانات ودقتها وشموليتها بآلية تحصيل إيرادات الدولة من المنتجات السمكية الأمر الذي يدفع الجهات المصدرية إلى تخفيض أرقام الإنتاج السمكي المفصح عنها. ومع ذلك فإن مساهمة قطاع الأسماك في الناتج المحلي الإجمالي ما تزال متدنية, إذ لم تتجاوز 1.3%. الأمر الذي يطرح كثيراٍ من التساؤلات حول مدى قدرة هذا القطاع على لعب دور رئيسي في حفز النمو الاقتصادي والمساهمة في التشغيل والتخفيف من الفقر خلال السنوات المقبلة. تمتلك اليمن شريطاٍ ساحلياٍ يمتد طوله حوالي 2500 كيلو متر يشرف على 9 محافظات ساحلية منها 3 محافظات على سواحل البحر الأحمر وهي: حجة الحديدة وتعز و6 على سواحل خليج عدن والبحر العربي, وهي: لحج عدن أبين شبوة حضرموت والمهرة كما تمتلك اليمن أكثر من 150 جزيرة معظمها في البحر الأحمر, وهذا التنوع في الشواطئ اليمنية وكذا شطآن الجزر جعل الثروة السمكية اليمنية متنوعة في بيئتها ومعيشتها من أسماك سطحية وقاعية.

مخزون * وتشير نتائج الدراسات والأبحاث السمكية إلى أن البحار اليمنية تحوي ما بين 350 و400 نوع من الأسماك والأحياء البحرية الأخرى, غير أن الأنواع المستغلة منها لا تتجاوز 60نوعاٍ تمثل 15و17% فقط من إجمالي أنواع الأسماك المتواجدة في المياه اليمنية. وتؤكد الدراسات أن اليمن تمتلك مخزوناٍ سمكياٍ هائلاٍ يتيح اصطياد ما يقارب 400الف طن سنوياٍ من الأسماك السطحية أو القاعية والأحياء البحرية الأخرى دون الإضرار بالمخزون السمكي.

الإنتاج * شهد الإنتاج السمكي خلال السنوات الماضية تطوراٍ كبيراٍ إذ زاد من ألف طن عام 1990 الى 142 ألف طن عام 2001 ثم قفز الى 256 ألف طن عام 2004. غير أنه تراجع في العامين الأخيرين الى 238.8 ألف و 230 ألف طن عامي 2005 و2006 على التوالي و200ألف طن خلال العام 2013م . غير أنه نتيجة للزيادة في الإنتاج السمكي لأسباب التوسع الطبيعي لعمليات الاصطياد فقد ارتفعت نسبة الاستغلال للثروة السمكية من 19%من المخزون السمكي المتاح اصطياده الى 57.5% عام 2006. وتشكل الأسماك السطحية الكبيرة والصغيرة الحصة الأكبر من أنواع الأسماك والأحياء البحرية الأخرى المصطادة, وبنسبة تصل إلى 86.6%. إذ تعتبر هذه الأنواع من أكثر الأسماك المرغوبة للاستهلاك المحلي والأجنبي. فيما يبلغ حجم الأسماك القاعية المصطادة نحو 6.5% بالإضافة الى 6.9% من الأحياء البحرية الأخرى.

الصيد التقليدي * يعتبر الصيد التقليدي المصدر الرئيسي للإنتاج والتصدير والتشغيل والوسيلة المثلى للحفاظ على ثروتنا البحرية, وبالتالي فقد عملت الحكومة على حصر الأميال البحرية الأربعة من خط الشاطئ لنشاط الصيد التقليدي, كما قامت بتوزيع القوارب للصيادين التقليديين بنسبة 50% الأمر الذي أدى إلى تزايد أعداد الصيادين من 25 ألف صياد عام 1990 الى أكثر من 75 ألفاٍ نهاية 20013م, كما زاد عدد القوارب من 5 آلاف قارب صيد تقليدي إلى 22 ألفاٍ خلال نفس الفترة كما حظي العمل التعاوني السمكي باهتمام واسع من قبل الحكومة من خلال تشجيع الصيادين التقليديين وتحفيز أنشطة الجمعيات السمكية ومتابعة المشاريع المتمثلة في إنشاء وتوفير البني الأساسية التحتية للجمعيات وتأهيل المنشآت السمكية القائمة وتوفير القوارب وتأهيل القدرات الفنية والمالية والإدارية لهذه الجمعيات بما من شأنه تنمية القطاع السمكي في اليمن.

جودة * وتجاوز عدد القرى والتجمعات السمكية الرئيسية ومراكز الإنزال المنتشرة على طول الشواطئ والجزر اليمنية أكثر من 90 قرية ومجمعاٍ سمكياٍ منها 40 موقعاٍ على شواطئ البحر الأحمر و50 موقعاٍ على خليج عدن وبحر العرب. وبحسب مؤشرات حكومية حديثة فإن معدل النمو السنوي للإنتاج السمكي بلغ خلال العشرين عاماٍ الماضية نحو 20 %. وأظهرت الدراسات العلمية في مجال جودة الأسماك اليمنية الموجهة للتصدير والمسوقة محليا المستوى الكبير في مطابقة تلك الصادرات للمواصفات القياسية العالمية واشتراطات السلامة الغذائية. وبينت تلك الدراسات أن اليمن أصبحت تمتلك مؤهلات جيدة في تحضير وتسويق صادرات الأسماك إلى الأسواق الخارجية من خلال تطبيق الأنظمة المتطورة في التعامل مع المنتجات السمكية, وذلك في ضوء التطور الذي شهدته المنشآت السمكية خلال العقدين الماضيين وارتفاع السعة التخزينية للأسماك من 7 آلاف طن خلال التسعينات لتصل إلى 47 ألف طن على امتداد الساحل اليمني . كما وصلت الطاقة التجميدية للأسماك إلى ألف و213 طن يوميا مقارنة بـ 130 طن في اليوم خلال التسعينيات وارتفع عدد معامل تحضير الأسماك إلى 49 معملا وثلاثة مصانع للتعليب مقارنة بمصنع واحد عام 1990 حيث أن عدد العاملين في تلك المنشآت يتجاوز حاليا 4 آلاف و500 عامل وعاملة.

رفع * وتتركز الجهود الحكومية خلال الفترة الراهنة على تشجيع الاستثمارات السمكية وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتفعيل مساهمة القطاع السمكي في الاقتصاد الوطني وتأمين الغذاء للسكان وخلق فرص عمل جديدة والحرص على زيادة الإنتاج وتنمية الصادرات السمكية. وقد أسهمت الجهود التي قامت بها وزارة الثروة السمكية لتشجيع نمو الصادرات السمكية وفتح أسواق جديدة لها في زيادة الطلب على الأسماك اليمنية في أسواق عالمية عديدة. وتشير تقارير اقتصادية عربية إلى أن اليمن يحتل المرتبة الرابعة من حيث إجمالي الإنتاج بالطن المتري بين الدول العربية المنتجة للأسماك بعد المغرب وموريتانيا ومصر والمرتبة الأولى بين الدول العربية المنتجة للشروخ الصخري. وتبين أن اليمن يساهم بنسبة 12 % من إجمالي إنتاج الوطن العربي من المصائد الطبيعية والمياه العذبة بينما يعد اليمن من الدول الأولى عالميا في إنتاج وتصدير الحبار. وعلى رغم الإجراءات التي تقول الحكومة أنها اتخذتها بهذا الصدد مثل اتباع مبدأ الحيطة مما يؤدي إلى الاستغلال الأمثل للموارد السمكية والإدارة الرشيدة لها وذلك من خلال تشديد الرقابة على سفن الصيد التجاري والصناعي عبر تركيب أجهزة مراقبة عبر الأقمار الصناعية وذلك لمراقبة أنشطتها خلال الاصطياد فإن معاناة القطاع السمكي من هذه الممارسات وهذه الأوضاع ما زالت مستمرة.

الغذاء * يساهم القطاع السمكي في توفير الغذاء للاستهلاك المحلي وفي الخفض من حجم الواردات من اللحوم الحمراء والبيضاء, حيث يتم تسويق نحو 70% من حجم الأسماك الطازجة والمعلبة المصطادة سنوياٍ في الأسواق المحلية, وبالتالي فقد ارتفع نصيب استهلاك الفرد من الأسماك إلى 8 كجم .

التشغيل * يعتبر قطاع الأسماك من أهم القطاعات الاقتصادية المشغلة للعمالة إذ يصل عدد الصيادين إلى ما يقرب من 65 ألف شخص, فيما تمثل الأنشطة السمكية الأخرى المتعلقة بإنزال وتداول وتسويق المنتجات والصناعات ومدخلات الإنتاج السمكي ومخرجاته مجالاٍ خصباٍ لتوفير فرص العمل بشكل مستمر. ويقدر إجمالي العاملين في القطاع السمكي بأكثر من 315 ألف عامل. وهذا الرقم مرشح للزيادة خلال السنوات القادمة.

صعوبات * يواجه قطاع الأسماك العديد من المعوقات التي تحد من نموه وتطوره لعل أهمها ضعف الموازنات المرصودة لوزارة الثروة السمكية سواء تلك المخصصة للنفقات الجارية او الاستثمارية إذ تعد متدنية للغاية ولا تفي بالحد الأدنى من المتطلبات الأساسية لهذا القطاع. هذا فضلاٍ عن المعوقات الفنية والإدارية والمتمثلة في تداخل المهام والاختصاصات مع جهات أخرى سواء في جانب عقد البروتوكولات او توزيع مخصصات الدعم التي يحصل عليها القطاع السمكي من المنظمات والهيئات المانحة والمؤسسات التابعة لها, وكذا ضعف خدمات البنى التحتية ومحدودية الرقابة والسيطرة على عمليات الاصطياد التجاري والتقليدي, بالإضافة إلى ضعف مساهمة القطاع الخاص في الاستثمارات في المجال السمكي.

توجهات * تقول بأنها الحكومة تسعى خلال الفترة القادمة إلى تنمية قطاع الأسماك من خلال الاستغلال الأمثل للثروة السمكية عبر زيادة الإنتاج بحوالي 10% سنوياٍ وبحيث يصل إلى 465 ألف طن وكذا زيادة متوسط نصيب الفرد من الأسماك الى 15 كجم, ورفع الصادرات إلى 150 ألف طن بحيث تصل قيمتها الى 500 مليون دولار. هذا فضلاٍ عن إدارة أفضل للجودة تحقق زيادة سعرية سنوية لقيمة الإنتاج السمكي بنسبة 6%.