الرئيسية - دنيا الإعلام - تقرير حديث يدعو لتحرير الصحافة في البلدان العربية من الأنظمة السياسية
تقرير حديث يدعو لتحرير الصحافة في البلدان العربية من الأنظمة السياسية
الساعة 12:00 صباحاً البديل - خاص

قال تقرير حقوقي حديث أن الواقع الراهن للصحافة في البلدان العربية يؤكد انعدام استقلالية الصحافة ,و تبعيتها للأنظمة السياسية بشكل مباشر أو غير مباشر.
وقال  تقرير حالة الديمقراطية في البلدان العربية الصادر عن منتدى  المستقبل الموازي الذي عقد بصنعاء مطلع الأسبوع الحالي أن الخطورة تكمن في تحويل الصحافة إلى أدوات دعاية بدلا من أن تكون منابر حرة للرأي والرأي الأخر ,الأمر الذي يسهم في غياب الدور التنويري للصحافة وتزييف الرأي العام.
 وأعتبر التقرير الذي حصل "البديل" على نسخة منه أن أخطر النتائج المترتبة على علاقة تبعية الصحافة للسلطة هو تحولها إلى جزء من جهاز الدولة الإعلامي ,ما يجعلها تعكس ما يجري في جهاز الدولة من تمييز بين أصحاب الثقة والكفاءة والخبرة ,و إيجاد روح ومناخ منافسة غير شريفة بين الصحافيين لإرضا الحاكم , وهو ما يفقد الصحافة دورها الأساسي في إبراز الرأي والرأي الأخر كوظيفة أساسية لخلق المجتمع الديمقراطي الحر.
وأكد أن الصحافة تكون مستقلة كلما اتسعت حرية التعبير والنقد والمعارضة وتوفر حرية الوصول إلى المعلومات والحقائق , ناهيك عن وجود سياج قانوني تشريعي غير مقيد يحمي حرية الصحافة , وضرورة  جودة المستوى المهني وترسيخ الضوابط والالتزامات الأخلاقية.
وحسب التقرير فأن الصحافة العربية بحاجة إلى سن تشريعات غير مقيدة لحرية الرأي والتعبير والنشر والتصوير , والحصول على المعلومات , وحماية الصحافيين من الانتهاكات , والفصل من الوظيفة أو التوقيف أو المحاكمة , تحت أية عذر أو سبب, مؤكدا على ضرورة إيجاد ميثاق شرف صحفي يساعد على ممارسة المهنة بحرية تامة وموضوعية.
وأرجع التقرير سبب التقييد في التشريعات إلى طبيعة الأنظمة السياسية العربية  التي وصفها بفاقدة الشرعية والمتمسكة عنوة بالحفاظ على بقائها , مشيرا إلى انه مازالت هناك خطوط حمراء لا يمكن للمواطن العربي الاقتراب منها عند ممارسته لحريته وتعبيره عن أرائه .
وحول الانتهاكات   قال التقرير أن البلدان العربية شهدت منذ العام 2004 وحتى 2007م العديد من الانتهاكات على الصحافيين والكتاب والمفكرين بأشكال مختلفة تمثلت بالضرب والاعتداء والحبس والتوقيف والاختطاف والمحاكمة , والمصادرة.
وذكر أن حرية التعبير في اليمن تراجعت تراجعا ملحوظا حيث رصدت 108 حالة انتهاك العام 2006م, وارتفعت في العام 2007 وحتى شهر أكتوبر إلى 125 حالة انتهاك, ناهيك عن إغلاق عدد من الصحف وتوقيف وسجن عدد من الصحافيين والكتاب والمفكرين خلال الثلاث السنوات الماضية , و محاكمة الصحفي في محاكم جزائية متخصصة بقضايا الإرهاب وحرمان بعض الصحف من الإعلانات.
ورصد التقرير  تراجع لحرية التعبير في الجزائر حيث شهدت حالات إغلاق صحف وتوقيف ,واعتقال صحفيين وكتاب بسبب أرائهم, كما سجلت بيانات المنظمات الدولية والمحلية 100 قضية تشهير في المحاكم عام 2005م, و تم تجميد قانون المعلومات والمجلس الأعلى للمعلومات.
وفي البحرين تشير تقارير المنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلى تراجع حرية الرأي والتعبير خلال الثلاث السنوات الماضية , حيث اعتقل , وحوكم ,وأدين عدد من الصحفيين والنشطاء والحقوقيين والسياسيين, ورصدت 16 قضية ضد الصحفيين و 4 محاكمات لنشطاء حقوقيين وإغلاق صحف , وإيقاف صحفيين بسبب أرائهم , كما أن هناك ضغوط معينة تمارس على الصحف كالحرمان من الإعلان.
وسجل التقرير العديد من الانتهاكات لحرية الصحافة في مصر , ففي العام 2005م سجلت 34 حالة حكم بالسجن والغرامة , 28 حالة  مثل فيها الصحافيين أمام القضاء , 21 حالة تعرض فيها الصحفيين للتحقيقات بتهم التشهير بمسئولين رسميين
وفي الأردن تم رصد 31 حالة انتهاك عام 2006م شملت التوقيف والتهديد والمنع من النشر والتصوير, والاستدعاء الأمني والضغوط واحتجاز الحرية , ومصادرة صحفية, وحجب معلومات, فيما يعاني الصحفيون السوريون من التهديد الحكومي الدائم , بحيث يمكن استدعاء الصحفي في أية لحظة إلى مكتب احد فروع الشرطة السرية للاستجواب حول مقالاته , بينما لا يتقبل النظام الليبي الآراء المعارضة , ويتعرض الصحافيون للاختفاء والخطف , حيث خطف صحفي العام 2006 بسبب مقالاته عن الفساد وقتل آخر عام 2005  لنفس السبب.
وفيما يخص  القوانين و التشريعات التي تنظم حرية الرأي والتعبير في البلدان العربية قال التقرير أن تلك التشريعات والقوانين تباعد بين المواطن والتمتع بحق حرية الرأي والتعبير , وأن ما تشرعه القوانين تنتهكه الممارسات اليومية الفعلية.
 التقرير أكد أن حرية الرأي والتعبير في الوطن العربي خلال الثلاث السنوات الماضية مازالت تراوح مكانها , إذا لم تكن قد تراجعت عن السنوات السابقة.
وذكر التقرير أن نتائج استبيان وضعه فريق من المنتدى الموازي لمنظمات المجتمع المدني في البلدان العربية لاستطلاع الرأي حول واقع حرية الرأي ,و التشريعات والقوانين المنظمة لهذا الحق , أوضحت  وجود نصوص دستورية  منظمة لحق الرأي والتعبير  , بحيث تتفاوت نصوصها من حيث وضوح النص أو غموضه  ,من خلال العبارات المطاطية المقيدة له ,أو وضع هذه النصوص في الإطار التنفيذي للقيم السياسية والدينية.
واستعرض التقرير نماذج من بعض الدساتير المنظمة لواقع الحريات ,موضحا أن الدستور الجزائري يكفل حرية الرأي والتعبير , غير أن الحريات تمارس داخل الإطار ألتقييدي للقيم السياسية التي بنيت عليها دولة الجزائر  ,في ظل غياب القوانين المعززة لهذه الحريات , ناهيك عن وجود مجموعة من الشروط والإجراءات التنظيمية التي لا تسمح بتطبيق هذه الضمانات الدستورية ولا المواثيق الدولية والمعاهدات التي وقعت عليها الجزائر.
وانتقالا إلى  مصر  فان مواد في الدستور والقانون  تؤكد على حق حرية الرأي والتعبير , وتحظر الرقابة على الجرائد إلا أن القانون أيضا يستثني ذلك في حالة إعلان الطوارئ أو زمن الحرب بمبرر السلامة العامة والأمن القومي , كما أن قانون الطوارئ المعمول به منذ 1981م يعمل على تقييد الحريات.
وفي تونس أورد التقرير أن الدستور يكفل حرية التعبير إلا أن القوانين واللوائح والسياسات تحد وتضيق  هذه الحرية , ما أعتبره تنافيا  مع عدد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
ورغم أن المادة رقم "38" من الدستور السوري تكفل حرية الصحافة والطباعة والنشر بما يتفق مع القانون إلا أن السمة العامة للصحافة . أنها عبارة عن جهاز دعائي للسلطة والحزب , فضلا عن سماح قانون الطوارئ المعمول به منذ 1963م بحبس أي شخص بدون محاكمة سواء كان صحافيا أو مواطنا عاديا يشتبه قيامه بفعل ضد الوحدة الوطنية , وهو مصطلح فضفاض يخضع لتأويل السلطة حسب التقرير.
التقرير يقول  أن دستور مملكة البحرين الجديد الذي تم الاستفتاء عليه العام 2002م يكفل حرية الرأي والتعبير إلا  أن قانون الصحافة رقم "47" لسنة 2002م يعيق هذه الحرية ويتناقض بوضوح مع الدستور.
و فيما زادت فرص الوصول إلى ضمان استقلالية الصحافة والإعلام  في العراق منذ سقوط النظام السابق , إلا أن الاحتلال والإرهاب لا تجعل القوانين المنظمة  ترى النور حسب التقرير  الذي يشير إلى أن هناك دول لا توجد فيها دساتير مثل السعودية التي تستعيض عن ذلك بالقانون الأساسي للحكم , وقانون الطباعة والنشر الصادر عام 1963م والذي يمنع ممارسة الرقابة إلا في حالة وجود ظروف استثنائية مثل مس الشريعة الإسلامية وامن الدولة وخلق الاضطرابات , كما  أن دولة قطر أيضا لا يوجد فيها  قانون للصحافة لكن هناك دستور الدولة الجديد الذي تم الاستفتاء عليه عام 2003م  يكفل حرية الصحافة في حدود القانون.
وفيما ينص الدستور العماني على حرية الرأي والتعبير في حدود القانون إلا أن قانون الصحافة والنشر لعام 1984م يضع حدود ويعطي السلطات الحق في فرض الرقابة على جميع الإصدارات المحلية والدولية .
الدستور الإماراتي يكفل أيضا حرية الصحافة وكذلك الدستور في اليمن التي أصدرت في العام 1990 قانونا ينظم العمل الصحفي.
 وفي ليبيا  حرية التعبير مكفولة  في الدستور الليبي , والوثيقة الخضراء لحقوق الإنسان إلا أنهما يحدان بفاعلية  من حرية التعبير والرأي. أما في المغرب  فان الدستور  الذي نص على  أن حرية التعبير مكفولة ولا يجوز فرض قيود على ممارسة تلك الحريات بمقتضى القانون , ترك الباب مفتوحا أمام الهيئة التشريعية لإصدار مجموعة من القوانين المقيدة لحرية التعبير.
وأقترح التقرير الحقوقي  تطبيق مبدأ "لاسيادة لفرد أو قلة على الشعب أو احتكار السلطة والثروة العامة," وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تؤدي إلى تداول السلطة سلميا,وتطبيق مبدأ المواطنة المتساوية , وسيطرة أحكام القانون والفصل الفعلي  بين السلطات. وضمان الحقوق والحريات العامة دستوريا وقانونيا وقضائيا.
 وأوصى برفع يد السلطة والمال  عن وسائل الإعلام العربية وكافة وسائل التعبير , وتعديل القوانين والتشريعات  التي تنظم العمل الصحفي بما يوسع الحق في حرية التعبير , وإصدار تشريعات وقوانين لحماية الصحفيين والأدباء والمفكرين من الانتهاكات المختلفة.
وطالب بمنح الجامعات العربية الحريات الأكاديمية والاستقلالية المالية والإدارية وعدم تسييس المساجد, وإصدار قانون للأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني , واستقلالية تلك المنظمات عن السلطة.