الرئيسية - دنيا الإعلام - أبا محمد ايها الخالد الذكر مالي أراك عصي على النسيان ؟أنك ، يا سيدي ، تقرع الأجراس المنبهة للشعب بقدومك الوشيك منصوراً لتنتصر لشعبك ووطنك ..
في ذكراك الأليمة الثالثة والثلاثين
أبا محمد ايها الخالد الذكر مالي أراك عصي على النسيان ؟أنك ، يا سيدي ، تقرع الأجراس المنبهة للشعب بقدومك الوشيك منصوراً لتنتصر لشعبك ووطنك ..
الساعة 12:00 صباحاً البديل خاص بقلم عبدالله سلام الحكيمي



ثلاث وثلاثون عاماً مرت على شعبك الذي أسكنك فؤاده ووجدانه وأحبك حباً منقطع النظير ، وتعلق بك فارساً عظيماً لأحلامه وآماله وتطلعاته الرحبة في غد مشرق عزيز كريم له ولأجياله من بعده ، ثلاثة وثلاثون عاماً مرت على شعبك الوفي منذ أمتدت أيادي الغدر والخيانه الآثمة مساء يوم 11من أكتوبر عام 1977م لتصادر حياتك الطاهرة وتسفك دمك الزكي وتزهق روحك النقية الأبية ،، ثلاثة وثلاثون عاماً أنقضت منذ أقدمت النفوس الشريرة والعقليات المتخلفة المنحرفة لتغتال ، بإغتيالك حلم اليمنيين وأملهم العريض وتطلعهم الواعد الواثق بإعاة صنع الحياة الحرة الكريمة والتقدم والإزدهار والعزة والكرامة على أرض وطنهم العزيز ،وإحياء ماضيهم الحضاري الأنساني المجيد والمشرق .

ثلاثة وثلاثون عاماً مضت ثقيله الخطى ، كئيبة المنظر ، محبطة الأمال والأحلام على شعبك اليمني العزيز الأبي الاصيل منذ غيبت قوى الهماجة والجهالة والتخلف والخيانة والشر طلتك البهية وأحاديثك وخطاباتك الثرية والصادقة التي طالما هيجت مشاعر جماهير شعبنا ، واستنهضت قواها وطاقاتها الخلاقة وفجرتها حماسة واندفاعا وعزما وتصميما للمضي معك ، أبا محمد وبك ومن خلالك وتحت قيادتك المقتدرة الواعية المسئولة صوب أهداف وغايات مشروع النهوض الحضاري الوطني الشامل الذي تمكنت من بلورته وتوضيحه نظرياً وقدت على ضوئه مسيرة الفعل التغييري والأنجاز الملموس واقعا واوضاعا وممارسة.

 ثلاثة وثلاثون عاماً ، دون معنى أو مضمون أو قيمه انصرمت منذ استطاع التخلف الهمجي البائس أن يئد ويطفي بزوغ وشروق وتألق المشروع التطويري التحديثي الوطني الشامل الذي رسمه وحدد معالمه ومضامينه السياسية والإقتصادية والاجتماعية والثقافية وقاد مسيرة تحقيقة وتنفيذه عملياً على أرض الواقع المعاش ، الرئيس الشهيد الوطي البارز : إبراهيم محمد الحمدي ، خلال فتره زمنية قياسية في قصرها ومداها حيث لم تتجاوز الثلاث سنوات والأربعة الأشهر بالوفاء والتمام ، واستحق أن يدخل التاريخ الوطني من أوسع أبوابه ،وطرقه كأعظم وأكفأ وأنجح قائد يمني على امتداد تاريخنا الحديث والمعاصر .

ثلاثة وثلاثون عاماً ، توالت عاماً بعد أخر ، منذ غيابك ، أبا محمد ، وتغييبك عن مسرح ومركز قيادة مسيرة شعبك ووطنك اللذان منحتهما كل جهدك وطاقتك وبذلك ، ووهبت زهر حياتك وشبابك ، ونذرت روحك ودمك وكل ما تملكه في الحياة الفانية ، على قله وشحة ما تملكه منها ، فداء، وفي سيبل شعبك ووطنك .. ثلاثة وثلاثون عاماً منذ استدرجك المجرمون القتلة الأشرار ، مستغلين أستغلالاً لئيماً حقيراً بساطتك وتواضعك وجوهرك الإنساني المغمور بالمحبة والتسامح إلى شراك وكمين غدرهم وخيانتهم ومكرهم ، فاغتالوك وقتلوك ، وعندما تيقنوا وتأكدوا وقطعوا بانك قد أسلمت الروح وفاضت نفسك المطمئنة راجعة إلى ربها راضية مرضية سليمة النوايا نقية الضمير طاهرة المسعى نظيفة اليد بيضاء الذمة ، ظنوا وتوهموا ، وكانوا خاطئين ، أنهم قد أتموا ونجحوا في إطفاء شعاعك ووأد مشروعك النهضوي الوطني ، طمس ذكرك وذكراك إلى الأبد ،وأن هي الا اسابيع أو شهور عديدة معدودة حتى ينسى الناس وجيلهم اللاحق أسمك وذكرك ومشروعك ودمك ويواري التراب الرمز الوطني الشامخ الذي جسدته في مسيرتك القيادية القصيرة زمناً ، والغنية مكاسباً وإنجازاً ، وما تبقى من أثر وصورة ومعنى وقيم ومثل مبادئ أرتبطت وتلازمت بشخصك وقيادتك وفترة مسيرتك ، فسوف تتكفل مصاعب الحياة الآتية وشظف عيشها وثقل وطأتها ومرارة أعبائها وشدة معاناتها التي سيفرضونها على الشعب بمحوها من الذاكرة محواً وإجتثاثها من وجدان الشعب إجتثاثاً ،، هكذا كانت حسابات "جماعة القتلة المجرمين" ، وهكذا كانت أمانيهم وتوقعاتهم ،ولكني قبل أن أبين خيبتهم جميعاً ، دعني ، أبا محمد ، أقول : أنه حتى أكثر الأشخاص احتراماً وولاء وحباً لك كانوا هم أيضاً يعتقدون أن محو ذكراك من ذاكرة الشعب الجمعية لن تتأخر عن بضعة سنوات في أحسن الأحوال ولهم في هذا أعتباراتهم وتقييماتهم وحساباتهم الموضوعية ، خاصة وهم يرون سيرة زعماء وقادة كبار قادوا شعوبهم لفترات زمنية طويلة جداً بالقياس لقيادتك لمسيرة شعبك القصيرة جداً، ومع ذلك فبعد مضي سنوات تقصر أو تطول يلفهم رداء النسيان أوقل في كل الاحوال تخمد نار ذكراهموتذكرهم في حياة شعوبهم أما أنت أبا محمد فقد كنت حالة مختلفة ونموذجا منفردا بحق ، فكم توالت سنوات، بعدها سنوات بلغت حتى اليوم ثلاثة وثلاثون عاماً ونتلفت و أنظارنا هنا وهناك، وخاصة أثناء ضغط الأحداث ومراراتها ومعاناتها القاسية .

فنجدك لا زلت في ذاكرة شعبك الوفي ، بما فيهم الجيل الذي شهد مر الحياة بعد رحيلك وفي وجدانهم ومشاعرهم وعواطفهم ، قوي الحضور ، مشرق الذكرى، متألق المقال ، مشع الألهام ، متجدد السمات وحيوي الصفات ومتوهج الفكرة وكأنك لازلت ، أوهكذا إرادة الشعب ورؤيته .

القائد الرمز الخالد والمرشد الملهم لمسيرة آمالة واحلامة وتطلعاته النبيلة التي لم تتوقف أو تتعثر منذ رحيلكفي صنع الحياة الجديدة الواعدة المشرقة المكلله برايات الحرية والكرامة والسعادة والإزدهار والرقي الحضاري الشامل التي رسمت له معالمها وأطرها ومعانيها وبرهنت له ، عملياً، إمكانية تحقيقها بإرادة الشعب وعزمه وتصميمه وإخلاصة وتفاني قياداته المخلصة النزيهة ويقيناً ، أبا محمد أيها الرمز الخالد أنك وأنت في رحاب الخلد ترى من عليائك كما نرى نحن في حياتك الدنيا ، كيف أن رسم صورة شخصك لا تزال تزين جدران المحلات والبيوت ،والاهم من ذلك أنها تزين قلوب وعقول وأحاسيس ومشاعر شعبك الوفي ولعلك سيدي ، تسمع وتتابع ما يصدر عن مواطنيك بجيلهم الذي عاصرك والذي ولد بعد رحيلك : من عبارات وأقوال عندما تطحنهم رحى غلاء الاسعار وضنك المعيشة طحناً ويذيقهم الفقر المستفحل والبطالة المنتشرة عذابات الجوع والذل والإنكسار أو يذيقهم المسئولون الفسدة المتجبرين سؤ العذاب ويهينون عزيزهم وينهبون حقوق بعضهم ، ويدوسون على كرامة وانسانية البعض الأخر أو عندما يرون أو يسمعون كيف أصبح الفساد وسرقة الأموال والممتلكات العامة شطاره وفخراً ، وكيف أصبحت الدولة ومقدراتها، ووظائفها وامتيازاتها ومراكزها يسيطر عليها ويتحكم بها ذوي قرابة السلطان وأهله وأسرته وأنسابه وأصهاره وأبناء عمومه وإخوانه ...الخ . وكأنها أقطاعية أو ملكية خاصة يستبيحونها دون وازع من إخلاق أو ضمير أو دين أو حتى حياء.

 أما تسمعهم ، أبا محمد ، يرددون حين هيجان ذكرياتهم وشجونهم ، والترحم عليك والتحية لروحك الخالدة ، وتتصاعد آناتهم الممزوجة بالحسرة والآلم واللوعة " أين أنت يا أبراهيم ؟ " أو يتسأ لون بينهم ، لو كان إبراهيم حياً أكان من الممكن حدوث الفضاعات التي تحدث في زماننا الردئ ؟ لا لا والف لا ، يرددونها ، مستحيل حدوث هذا الذي يحدث أو حتى جزء بسيط منه ! بالتأكيد أنك تسمع وترى لأنك حي عند ربك ترزق قال تعالى شأنه " ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون ..الخ " ولعلي أشاهدك ، سيدي ، تستبد بك الحيرة والدهشة ، وأنت تردد أمعقول ، بعد ثلاثة وثلاثين عاماً منذ غيابي ، أن يتذكرني الناس ويحييون ذكراي ؟ ربما كنت كما أشاهدك فأقول لك فحوى حدث من أحاديث أديب اليمن العظيم الشامخ عبد الله الردوني ، سمعته مذاعا على الراديو حيمنا كنت طالباً في مرحلة الإعدادية العامة ، كان الحديث بعنوان فارس يفرس ويدور حول شخصية وسيرة حياة ونضال الشيخ العارف بالله ، سيدي أحمد بن علوان " قدس سره" وكيف قاوم وتعدي وحارب الحكام الطغاة المتجبرين في زمانه الذين أضطهدوا الشعب الفقير وجوعوه ومصوا دمائه واثقلوا كواهله بالضرائب والجبايات وما رسو عليه صنوف الظلم والقهر والطغيان ، فقاومهم ، وحشد المظلومين في جيوش لمقاومتهم ومحاربتهم ، وأن الشعب اليمني معروف بثبات موقفه في أحترام وتبجيل وتوقير القادة والمصلحين الذين أنحازوا إلى صفوفهم وقاموا وتصدوا للظلم والطغيان والقهر والأمتهان الذي ذاقوه وتجرعوه من الحكام الجائرين المستبدين العتاه ، وأن هذا الشعب الاصيل لا يكتفي بالأعراب عن أيات الأمتنان والعرفان بالجميل والاحترام والتبجيل لمثل أولئك القادة والمصلحين ، وسيدي الشيخ أحمد بن علوان النموذج الأبرز لهم ، أثناء حياتهم ووجودهم بينهم فحسب ، بل يذهبون بعد مماتهم ورحيلهم ، إلى صفاء مظاهر الاجلال والتقدير لذكراهم بزيارات منتظمة ودورية لاضرحتهم والتبرك بالمعاني والمثل والمبادئ التي جسدوها لأجل المقهورين والفقراء والمظلومين وفي سبيلهم أثناء حياتهم ، وهكذا فهم أديب اليمن الشامخ البردوني معان ومغازي زيارات المقامات والاضرحة والتبرك باصحابها وأنها لا تعتبر شعوذه ولا اشراكاً ولكنها ترمز إلى وفاء الشعب لرموزه وقادته ومصلحيه العظام وإحياء وتمثيل سيرهم ومبادئهم ونضالاتهم العظيمة .

أرأيت ، أبا محمد ، أصالة هذا الشعب ووفائه وعرفانه بجميل وادوار قادته الأفذاد وجعل ذكراهم وحياتهم حية متأججة متألقة ومتجددة دائماً حتى بعد مرور مئات السنين على رحيلهم ؟ فكيف ، ياسيدي تسغرب وتدهش وأنت تسمع وترى كيف يحيى شعبك ، الأصيل والوفي ، ويجدد ذكراك ولم تمض سوى ثلاثة وثلاثون عاماً على رحيلك أو غيابك عنه ؟ الا ترى معنا أنك اليوم ، وبعد هذه السنين الطويلة والمنصرمة ، أكثر ألقاً وتألقاً وأكثر حضوراً ومكانة وأشد تأثيراً وسطوعاً مما كنت عليه حياً ؟ أنك اليوم أحسن جمالاً وأبهى صورة وأشع نموذجاً وأعلى مكانه وأنقى وأطهر سيرة وأكمل رمزاً ، وأشرف قدوة وأقوم ألهاماً ومشروعاً وفكراًُ أفتجد ، أبا محمد ، نعمة من نعم الله جل جلاله أنعمها على عبد من عباده أسمى وأكبر وارفع من هذه النعمة التي أنعم الله سبحانه بها عليك ؟ فأنت في غيابك ومفارقتك للحياة الدنيا أصبحت أقوى نفوذاً وأشد تأثيراً وأبهى وأكمل نموذجاً وقدرة وأعمق حضوراً والهاماً وأسمى وأنبل قيماً ومثلاً ومبادئاً عند شعبك الأصيل الوفي بما كنت عليه في حياتك ومسيرتك النضالية في حياتنا الدنيا الفانية ، أي نعمة واي عز وأي فضل من الله تعالى تعالت قدرته ترفل في حلله وأوسمته ياسيدي الخالد الذكر ، وتبقى في ذهني وفي هواجسي ، أبا محمد ، وودت أن أتجاذب معك بشأنها اطراف حديث ، أتعتقد ، ياسيدي العزيز ، أن المجرمين القتله الذين قتلوك ظلماً وعدواناً وخيانة وغدراً ومكراً لو تخيلنا ، مجرد تخيل ، أنهم علموا أو كشف لهم ستاراً من ستر الغيب ، ورأوا ما سيئول إليه بعد موتك من مكانه ومكان سام وعالٍ وأنك في مماتك ستكون أكثر وأقوى نفوذاً وتأثيراً وألقاً وأشراقاً وحضوراً على النحو والوضع الذي ستقض مضاجعهم ، وتفزع رقودهم ، وتنغص عيشهم ، وترعب سكونهم ، وإن ذكراك وصورتك بل واسمك وتأريخك ، ستظل دائماًَ وعلى نحو مستمر ومتواصل أشباحاً وعفاريت مخيفة تتراءى ، لهم في منامهم ويقظتهم تحول نعيمهم الظاهري جحيماً ، وأمنهم خوفاً وأفراحهم رعباً ، وملذاتهم علقماً وعذاباً يرون الموت أمامهم صباحاً وعشياً ، هل يا ترى كانوا سيعدلون عن جريمتهم النكراء ؟ قد يقول قائل أنهم حتماً سيفعلون ذلك أي يلغوا مخطط إجرامهم ..رحمة ورأفة واشفاقاً على أنفسهم وحياتهم ومسقبلهم ، وتجنباً لوقوعهم في جحيم الحياة التي ستلاحقهم واحداً أثر آخر .

ولكن ، يا أبا محمد ،الا توافقني الرأي بأن هؤلاء القتلة المجرمين الأشرار حينما هموا بتنفيذ جريمتهم النكراء فأنهم كانوا على يقين تام بأنهم لم يكن هدفهم قتل وتصفية إبراهيم محمد صالح الحمدي كشخص وكأنساناً مجرد ، فهم مدركين بأنه أكرمهم واغدق عليهم بالمناصب والجاه والسلطان بأكثر كثيرا مما كانوا يتوقعون أو يحلمون ،بالنظر إلى مؤهلاتهم وقدراتهم،بل كان كان هدفهم قتل وتصفية إبراهيم الحمدي كمشروع نهضة وطنية يمنية شاملة وفكرة تغيير جذري للاوضاع البالية القديمة وبناء أسس ومقومات حياه جديدة تحقق حرية الإنسان وكرامته وعزته وتطوره ورقيه المادي والمعنوي في جميع مجالات الحياة، ومسيرة سياسية شرع في وصفها موضع التطبيق لإجتثاث وتصفية أوضاع ومظاهر الفساد والفوضى والأنفلات والمحسوبية والانتماءات والولائات الضيقة والمختلفة غير الوطنية وإقامة دولة النظام والقانون والعدل والمساواة ..ولهذا فهم قتلوك وصادروا حياتكم تعديل تاريخي إيجابي حديث ومنظور عصري ليحلوا محله مشروعهم المتخلف الفاسد السوداوي المظلم المنتحي إلى عصر ما قبل القرون الوسطى .. ومن أجل ذلك أنطلقوا منذ رحيلك مباشرة في حملة مسعورة مجنونة شعواء لطمس ومحو وتدمير كل أثر أو معلم أو شاهد يذكر الشعب بإسمك أو مسيرتك وإنجازاتك أزالوا ودمروا ومحو أحجار ولوحات أساس المشروعات التي قامت في عهدك منعوا وجربوا على وسائل الإعلام والثقافة الرسمية حتى مجرد الإشارة والتلميح لأسمك وعهدك واسدلوا ستاراً من التعتيم والشطب لحركة يونيو 1974م التصحيحية الرائدة التي فجرتها وقدت مسيرتها ذات الفترة الزمنية القصيرة جداً والمكاسب والأنجازات والتحولات الغنية العظيمية التي لا يزال وميض آثارها الإيجابية العميقة يرسل اشعته الراقية حتى اليوم وبحثوا عن وسيلة تمكنهم من اسقاط وازالة كل ما تمت بصله أو حتى مجرد ذكر عابر لتلك الحركة التصحيحة البالغة الأهمية من سجلات التاريخ الوطني اليمني رغم حقيقة كون وجودهم واستيلائهم على السلطة وتربعهم على كراسييها لا يكتسب أي مشروعية قانونية ودستورية إلا بالاستناد إلى مشروعية حركة 13 يونيو 1974م التصحيحية وطنياً ودستورياً وقانونياً وأخلاقيا ولكن أشباح وعفاريت ذكرى وصورة الشهيد الرئيس إبراهيم الحمدي المرعبه التي لاحقتهم وتلاحقهم أعمتهم عن رؤية هذه الحقيقة الجوهرية الساطعة .

ولهذا كله أظنك يا أبا محمد توافقني الرأي أن القاتل والمجرم والشرير، تملكه وتسيطر على شخصيته وتفكيره وسلوكه نزعة الإجرام والقتل وسفك الدماء والتدمير والشر، وهي سمات وصفات أصيلة وراسخة وعميقة وثابتة لدى      كل مجرم قاتل وشرير وتلازمه في كل الأوقات والأحوال ولهذا فإنه من المؤكد أنهم كانوا سيقتلونك حتماً ويقيناً شخصاً وأنسأنا وفكرة ومشروعاَ وطنياً نهضوياً حضاريا متقدماً ، فأت لم تترك ولو مساحة بسيطة يمكن من خلالها التمييز بينك كشخص وإنسان وكمشروع وبديل تاريخي تغير نهضوي حضاري متقدم ، حيث توحدت وانصهرت بالفكرة والمشروع والبديل الذي توحد هو الآخر انصهر تماماً في شخصيتك الإنساني ، وصار الاثنان واحداً كلاً متكاملاً  لافكاك بينهما ولا افتراق .

أبا محمد ، أيها القائد التاريخي والمصلح الاجتماعي الفذ والخالد ...انه وبالرغم من حديث النجوى هذا وبعيداً عنه وقبله ومن بعده ، فان الثابت والحتمي والأبدي هو أن الإجرام والقتل وسفك الدماء والشر عمل جبان ويائس سلبي مدمر وهو النقص الصارخ والضد المطلق لجوهرة الحياة الإنسانية وغايتها وقانونها الأساسي الايجابي العناد في قدسية الحياة وصيانتها وحفظها وضمان بقائها وتلك سنة الله جل جلالة وتعالى شأنه في خلق بني أدم ـ الإنسان واستخلافه على الأرض لعمارتها وإحيائها جاعلاً حياة الإنسان قيمة عظيمة لا تعادلها أو تعلو عليها أية قيمة أخرى وقضت حكمته وحكمة الحق العدل بأن من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ، وعلية فأن أعمال الإجرام والقتل وسفك الدماء والشر، بقدر ما تعد اعتداء وقتلاً للإنسانية جمعا ، فأنها تعبر عن تحد لإرادة الخالق العظيم سبحانه وتعالى واعتداء على حكمته وحكمة وسلطانه وحقه وحدة لا شريك له . وبناء علية ، أيها القائد الوطني التاريخي الفذ ، فان كل ما يترتب ويبني على أعمال        القتل والإجرام والخيانة والغدر الشرير ، باطل وفاسد ومصيره اليقيني الحتمي إلى الزوال والسقوط المروع والمدوي ، ولا يغرنك أو يهز يقينك وثقتك  بحتمية هذا القانون الإلهي الحتمي أن علا بنيان ما قام علية وطال زمن بقائه واستمراره فأن الله جلا جلالة المطاف يملى فيها للمجرم والقاتل ومدهم في الحياة مدا ، ليأخذها اخذ عزيز مقتدر أن جعل طول أمد بقائه واستمراره وبالاً ونفحة وشقاء وعذاباً مقيما .

أما أنت يا أبا محمد أيها الشهيد المظلوم والمغدور ، فقد جعل الله سبحانه لك سلطاناً وجعلك منصور ولهذا فان مشروعك الوطني التاريخي النهضوي التحديثي المتطور والمتقدم آت وقادم لامحالة في قريب الزمن .... ألا ترى ، معنا كيف أصبح واقع شعبك ووطنك نسيج وحدته الوطنية بدأ يتمزق والحروب والفتن والصراعات الدامية الأهلية تعم الوطن  شمالاً وجنوباً ، والفساد ونهب الأموال والممتلكات العامة تمادى وتتسع وتستشرى ليعم كل مجالات ومؤسسات الدولة والمجتمع وأصبح يمارس بهمة ونشاط وعلى رؤوس الأشهاد وفي وضح النهار بدون رادع أو حياء أو حتى تستر ، وغالبية المواطنين يعيشون خط الفقر والملامة ، وفئات الآف الشباب من خريجي الجامعاتوالمدارس والمعاهد يعانون البطالة ومرميون في الشوارع ، والحكام والمسئولون الفاسدين عديمي الضمير والإحساس يكدسون الثروات المنهوبة الطائلة في بنوك العالم ، وطبقة طفيلية محدودة جداً يعيشون حياة البذخ والترف ألا محدود ، وحقوق الناس وممتلكاتهم تنهب قسراً وغصباً وبقوه النفوذ أو المال أو السلاح ولأمن قانون يحميها أو يردعها أو قضاء يرد الحقوق المنهوبة لأصحابها ، والدولة ومقدراتها صارت أقطاعية خاصة للحكم وأهلة وأسرته وأقاربه وأنسابه وقبيلته وبطانته ؟ كل هذا وغيرة كثير كثير ، يحيي ونشط ويحفز مشروعك الوطني النهضوي الشامل والإنقاذي ويستدعيه ويبشربه ويجذبه بقوه وإلحاح وسيفرضه حتماً ويعيد بناء مجالات حياة الشعب والوطن المنهارة المتهالكة على ضوء هدية وقيادته النظرية ؟؟

أنك قادم يا سيدي ، أراك مشروعاً يغذى الخطى حثيثاً وسريعاً ليلتحم ويمزج بواقع                  عليل مريض هو بأس الحاجة إليه كضرورة إنقاذية وسريعة .

أنك آت ، يا سيدي ، وعائد إلى شعبك ووطنك فارساً نقود مسيرته بفكرك ومشروعك  التاريخي النهضوي الذي ظن القتلة المجرمون أنهم وأدوه وواروه الثرى .

أنك ، يا سيدي ، تقرع الأجراس المنبهة للشعب بقدومك الوشيك منصوراً لتنتصر لشعبك ووطنك وتنتشل المسيرة من نفق الركود وقيود الأسر وتطلق طاقاتها وقواها الكامنة صوب المستقبل المشرق الواعد .

حينها ستنام قرين العين مطمئن الفؤاد في عليائك وفي رحاب خلودك مكللاً بمشاعر وفاء شعبك وعرفانه ومحاطاً بآيات حبهم وامتنانهم وعرفانهم فلك المجد والخلود في رحاب رحمة ربك العلي القدير وبركاته ورضوانه ولك السلام يوم ولدت ويوم قدمت ويوم رحلت ويوم تبعث حياً . .