الرئيسية - اقتصاد - الدستور الجديد يجب أن يحقق العدالة الاجتماعية والمساواة في توزيع الثروة
الدستور الجديد يجب أن يحقق العدالة الاجتماعية والمساواة في توزيع الثروة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

 - 
أكد الدكتور منصور الأديمي عميد كلية التجارة بجامعة صنعاء ضرورة تثبيت الأمن والاستقرار وفرض هيبة وسيادة الدولة لتحسين البيئة الاقتصادية اليمنية خلال الفترة الق لقاء/ حسن شرف الدين –

فرض هيبة الدولة ضرورة لتحسين البنية الاقتصادية الهياكل الاقتصادية في الجنوب دمرت وفي الشمال بيعت بثمن بخس

أكد الدكتور منصور الأديمي عميد كلية التجارة بجامعة صنعاء ضرورة تثبيت الأمن والاستقرار وفرض هيبة وسيادة الدولة لتحسين البيئة الاقتصادية اليمنية خلال الفترة القادمة.. مشيراٍ إلى ضرورة الاحتكام إلى الدستور والقوانين والتشريعات النافذة وإصلاح المنظومة التشريعية خصوصا الاقتصادية والمالية وبما يتناسب مع الدستور الجديد. وقال الدكتور الأديمي: إن شكل الدولة يؤثر على الاقتصاد باعتبار أن اقتصاديات دول العالم المختلفة تختلف باختلاف شكل الدولة.. مؤكدا أن الحياة لا تزدهر إلا إذا عْرفت الاختلافات ونوقشت في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي ينعقد حاليا بصنعاء. وتحدث في لقائه مع “الثورة” حول واقع الاقتصاد اليمني حاليا وواقعه قبل وبعد الوحدة وما هي مقومات التي تمتلكها اليمن ويمكن أن تكون وسيلة لترابط الشعب اليمني وتحقيق رفاهيته وغيرها من المواضيع تجدونها في السطور التالية:

• كأكاديمي وأستاذ جامعي هل لكم أن تقيموا واقع الاقتصاد اليمني اليوم¿ – هذا سؤال لم تجب عنه النخب الاقتصادية للحكومات المتعاقبة التي تداولت الحكم على مدى أربعة عقود في اليمن. ولو أحلتك إلى أساتذة الاقتصاد لدينا في الكلية لأعطوك الإجابة الشافية لأن أطروحاتهم وأبحاثهم تتناول هذا الجانب بالإضافة إلى العديد من الموضوعات والتي من بينها استفساراتك في المجال الاقتصادي.. الاقتصاد اليمني هش ويعاني العديد من الاختلالات التي كان يمكن معالجتها باستخدام المتاح من الموارد إذا تم استغلالها بشكل سليم وفق نظام اقتصادي يتناسب مع ظروف اليمن. • ما هي رؤيتكم لآفاق الاقتصاد الذي يحقق العدالة والمساواة للشعب اليمني¿ – آفاق الاقتصاد اليمني تتمثل في وضع رؤية اقتصادية تناسب الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في اليمن بحيث تتحمل الدولة مسئولياتها ويتحمل القطاع الخاص مسئوليته الاجتماعية.. وهذا يقودنا إلى الحديث عن دور مؤتمر الحوار والدستور الجديد الذي سيتمخض عنه وضرورة أن يستوعبا البعد الاقتصادي وإعطائه ما يستحقه من الاهتمام وبحيث يحقق مبدأ العدالة الاجتماعية والمساواة في توزيع الدخل والثروة بين مختلف شرائح المجتمع. • هل لكم أن تحدثونا عن الواقع الاقتصادي قبل وبعد الوحدة.. قراءة أكاديمية تحليلية قصيرة¿ – واقع الاقتصاد قبل وبعد الوحدة لم يتغير كثيراٍ وهو عبارة عن اقتصاد ريعي معيشي ولا يوجد أي هياكل إنتاجية يمكن الركون إليها. ولم يختلف هذا الوضع بعد الوحدة لأن المشاكل الاقتصادية لا زالت قائمة. بل أن المشاكل الاقتصادية تفاقمت وصارت أكثر خطورة مما كانت عليه قبل الوحدة.. وبصراحة كان الشطر الجنوبي قد أرهقته الحروب والاقتتالات الداخلية قبل الوحدة وبدأ يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة جعلت منه محاوراٍ طيعاٍ ومرناٍ مع الشطر الشمالي الذي كانت قد بدأت فيه تباشير الخير بعد اكتشاف النفط والغاز. ولكن اليوم الشطر الشمالي يذوق المْر والشطر الجنوبي يذوق الأمِرين. ويرجع ذلك إلى أنه بعد الوحدة دمرت الهياكل الاقتصادية في الجنوب والتي كانت تسد رمق العيش قبل الوحدة. • هل كانت اتفاقية الوحدة مراعية للوضع الاقتصادي¿ – إن الوقت متأخر جداٍ لمناقشة هذا الموضوع ولكني أقول: لم تراع اتفاقية الوحدة أي بعد اقتصادي ولم تكن هناك سياسة اقتصادية واضحة. لقد تم دمج نظامين اقتصاديين مختلفين مع غلبة التجربة الشمالية وتعميمها كنظام اقتصادي للجمهورية اليمنية. والكل يعلم كيف كانت هشاشة الوضع الاقتصادي لليمن الشمالي الذي تم تعميمه. • اقتصاديون يقولون أن اليمن تواجه خللا اقتصاديا أدى إلى موجة من السخط لدى المواطنين في بعض المناطق المركزية كـ”عدن وصنعاء”.. هل كان بالإمكان معالجة هذا الوضع.. وما هي رؤيتكم في هذا الجانب¿ – الاقتصاد اليمني يعاني مجموعة من الاختلالات بالإضافة إلى سوء استغلال الموارد الاقتصادية وإهدار الموجود منها.. فالبطالة والتضخم من أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد اليمني بالإضافة إلى عجز الموازنة العامة للدولة والاختلال في ميزان المدفوعات والقصور في الخدمات العامة والبنية التحتية. وكل ذلك من العوامل التي تؤثر سلباٍ على مناخ الاستثمار. وأما السخط لدى المواطنين فهو في كل شبر من اليمن. وللعلم أن المدن غير المركزية تقع تحت وطأة معاناة اقتصادية أكبر من صنعاء وعدن. فهل تتخيل أن حوالي 95% من الأْسر في الحديدة تشتري الزيت للطبخ في أكياس فارغة لا تكفي سوى لطبخ وجبة واحدة ليس فيها لحم ولا سمك ولا دجاج. وهل تعلم أن غالبية الأسر في القرى اليمنية تعيش طوال العام على كيس بر وكيس دقيق اشترتهما من صدقات رمضان علماٍ بأن هناك أسراٍ فقيرة جداٍ تتواجد في قرى لا تصل إليها الصدقات أو ليس من بين مواطنيها أثرياء.. وقد سبق إن قلت أنه كان بالإمكان معالجة هذا الوضع منذ عقود خلت. وسيلة الترابط • ما هي المقومات التي تمتلكها اليمن ويمكن أن تكون وسيلة لترابط الشعب اليمني وتحقيق رفاهيته¿ – هذه المقومات لن تكون وسيلة للترابط بقدر ما ستكون وسيلة لتحقيق الرفاه أما الترابط فهذا موضوع تحدده المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات بالإضافة إلى توفير الفرص المتكافئة وتوزيع الثروة والدخل بعدالة ومساواة. وإليك بعض المقومات التي تمتلكها اليمن ثروات معدنية وثروات مائية وثروة بشرية والبيئة والمناخ والتنوع فيه وإرث تاريخي وحضاري وموقع جغرافي استراتيجي وميناء عدن والمنطقة الحرة ناهيكم عن الغاز الذي تم بيعه بأرخص الأثمان ولسنوات قادمة. ولو ناقشت معك كل مفردة لاحتاجت إلى كتب وموسوعات ولكن دعني لا أتحدث إليك بلغة الاقتصاد والأرقام والمؤشرات والجداول الإحصائية ولكن باللغة التي يفهمها ويعيها المواطن اليمني البسيط الذي هو محور حديثنا واهتماننا. نحن لم نخسر خلال الأعوام الخالية مال عام من خلال تفشي ظاهرة الفساد ولا أراضي نهبت ولا ثروات جْمدِت ولم تستغل ولا دخول اقتصادية اختفت وذهبت أدراج الرياح ولكننا أضعنا القيم التي تدور في فلكها المثل والأخلاق التي تحول فيها القائد السياسي الرمز إلى تاجر والأستاذ الجامعي وعالم الدين والنْخِب الواعدة -وهم القدوة- إلى سمسارة وتحولت القبيلة التي تحكمها أعراف قبلية عريقة إلى نهابة وغرامة وأكلي حقوق الغير وتحويل دور الهجرة الآمنة إلى ثكنات عسكرية والذي جرِ بالتبعية إلى إنفراط منظومة القيم وأصبحت الأخلاق والمثل تهوي في مكانُ سحيق.. وكل ذلك لأن القائد السياسي والأستاذ الجامعي وعالم الدين والنخب الواعدة انشغلت عن أداء دورها الأساسي فماذا تنتظر من أجيال فقدت الرمز وشوهت في صورتها القدوة وأضاعت العادات والأعراف والتقاليد والأخلاق والسلوك الحسن¿!. ماذا تنتظر من أجيال تعلمت من آبائها أن جمع المال والممتلكات بالحلال أو بالحرام من الرجولة وأن النفاق غزل اجتماعي وأن الرشوة مجاملة اجتماعية وأن السلب والنهب شطارة وقوة وأن الفساد أمر طبيعي. كما فقدنا مراكز التميز الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي الذي كنا قد وصلنا إليه وتراكم لدينا رغم كل العيوب والاختلالات منذ قيام ثورتي سبتمبر واكتوبر وفرطنا في إرثنا التاريخي الذي انتقل إلينا عبر الأجيال والعصور. في المجال الاقتصادي لم يكن لدينا نفط ولا غاز ولا ضريبة مبيعات ورغم أن إيراداتنا كانت متواضعة إلا أن متوسط دخل الفرد كان أعلى بكثير من متوسط دخل الفرد اليوم.. ستقول كانت هناك دخول للمغتربين يتم تحويلها للداخل وهي التي أنعشت الاقتصاد وأن تلك كانت طفرة سأقول لك أننا خسرناها بسبب الفشل السياسي والقيادي والتدهور في سياستنا الداخلية والخارجية وأنه كان بإمكاننا أن نوفر لهؤلاء فرص عمل في الداخل لو أننا أحسنا النوايا وأخلصنا في الأعمال.. وربما قلت كيف تقارن نظاماٍ عسكرياٍ ديكتاتوري بنظام ديمقراطي حْر الرئيس فيه منتخب سأقول لك إنها ديمقراطية صورية استبدل بها المستبد العادل بالجاهل الفاسد والعسكري الذي يراعي المصالح الوطنية بالعسكري الذي يراعي مصلحة الأسرة.. ستقول الجامعات صارت أكثر وعدد المتعلمين أكثر سأقول لك أن مستوى التعليم تدهور والمخرجات أسوأ وكلها مخرجات لا تجد لها فرصة في سوق العمل لأنه لم تحدث تنمية اقتصادية تْذكر.. ستقول صار عدد الأدباء والشعراء أكثر سأقول لك هم شعراء وأدباء سلطة ولكن أعطني بردوني آخر أو مقالح جديداٍ. طبعاٍ مع عدم إغفال أن هناك طلاباٍ متميزون وأساتذة محترمون وعلماء وأدباء وشعراء مبدعون لم يجدوا فرصهم بسبب القمع الفكري وتفضيل الأقرباء وأصحاب الولاءات.. لا يخفاك أن اليمن فيها من الثروات غير المستغلة والتي أسيء استغلالها ما يكفي لعشرات الأضعاف من الكثافة السكانية الحالية ولكن التدهور القيمي والفرص الضائعة فوتت علينا كل ما يمكن استغلاله وكل ما يمكن الانتفاع به.. كتبت مقالاٍ في التسعينيات من القرن الماضي أعددته لإحدى الصحف بمناسبة الوحدة تحت عنوان”اليمن يمكن أن تصبح خامس استقطاب اقتصادي عالمي” لم أتحدث في ذلك المقال إلا عن ميناء عدن والمنطقة الحرة حددت فيه الإمكانيات ومتطلبات التنمية والإصلاح للميناء والمنطقة الحرة. بعد أسبوع من نشره أتصل بي مدير التحرير ليقول لي أن المقال – رغم أنه كبير- نشرته مجلة إماراتية بالكامل ولا زلت احتفظ بالمقال وبالمجلة. بعد سنوات أتصل بي طالب دراسات عليا -لا أعرفه من قبل- من ألمانيا وقال لي إن موضوع أطروحته في الدكتوراه عن ميناء عدن الحر وأنه يكتب في اقتصاديات النقل وطلب مني المراجع التي استخدمتها في كتابة المقال قلت له أن معلوماتي استقيتها من شركة بروكتر وجامبل في اليمن والتي أقبلت للتصنيع بعد الوحدة ولكنها غادرت بعد سنوات من بداية استثمارها في اليمن ونقلت صناعتها إلى السعودية وكلفها إغلاق الصناعة في اليمن 30 مليون دولار ليس من بينها الضرائب على الصادرات التي كان من المفروض- وبحسب قانون الاستثمار- أن تْعفى منها. حينها أخبرت الطالب بسر آخر لانتقال الشركة وعزوفها عن التصنيع في اليمن وهو أن كل إمكانيات استغلال الميناء والمنطقة الحرة قد تضاءلت لأن المنطقة الصناعية التي قلت أنها ستسخدم كمنطقة رافدة ومستقبلة كانت قد وزعت أراضيها للمسؤولين والمتنفذين وأنها قد خرجت من ذمة هؤلاء إلى ذمة تجار وسماسرة ومستثمرين في أراضي ولوكندات وأن الحل لن يأتي إلا بالتأميم والمصادرة أو دفع تعويضات فوق طاقة الدولة. علماٍ بأن أحد أهداف الشركة كان التصدير إلى القرن الإفريقي وإلى شرق آسيا وأنها اختارت أن يكون موقعها تعز لهذا السبب وأنه كان من ضمن استراتيجيتها التبرع بمحطة تحلية للمياه في تعز – في الأجل المتوسط وإذا لزم الأمر-لأن خبرائها أكدوا لها شحة المياه في تعز. لم أكن أعلم حينئذُ أن شركة دبي للمناطق الحرة قد أستولت على الميناء لا لتشغيله واستغلال إمكانياته ولكن ظناٍ منها – وهو ظن خاطئ- بأن إصلاح وتشغيل الميناء سوف يشكل خطراٍ على موانئها الحرة. علماٍ بأنه ومن بين عديد المزايا التي ذكرتها في ذلك المقال فإن تكلفة نقل الحاوية إلى ميناء عدن عن طريق الخط الملاحي الدولي القادم من الشرق أو من الغرب-الذي لا يبتعد سوى ثلاثة كيلوا مترات- كانت تقل عن تكلفة نقل الحاوية إلى ميناء دبي أو إلى ميناء جدة بمقدار الثلث(800 دولار مقابل 1200 دولار في ذلك التاريخ).ناهيكم عن أن المسافة في خط الملاحة الدولية للسفن والبواخر العملاقة والصغيرة تقل بثلاثة أيام وهذا يعني توفير في التكلفة وقصر في المسافة يعني وفراٍ اقتصادياٍ آخر. بالإضافة إلى أن السفن العملاقة لا تستطيع الرسو للتفريغ والشحن إلا في خمسة موانئ دولية من بينها ميناء عدن وليس من بينها دبي أو جدة أو أي ميناء آخر مجاور للخط الملاحي الدولي.هذه الموانئ هي نيويورك وسنغافورة روتردام اسطنبول وعدن. وإذاٍ فإن استغلال الميناء مطلب دولي قبل أن يكون مطلباٍ يمنياٍ. مما يعني أنه إذا لم تسارع اليمن في استغلاله وهيكلته وإصلاحه في الأجل القريب وتعيد إلى ملكية الميناء ما تم نهبه من أراضي فإنه سيتم ذلك ولو عن طريق الاستعمار من جديد وبصورة مختلفة عن الاستعمار القديم ولكن ليس من بريطانيا هذه المرة بل من قبل الولايات المتحدة الإمريكية وذلك لتقوية مركزها التنافسي الاقتصادي العالمي الذي سوف يتأتى عن طريق تخفيض تكلفة النقل وتأمين موقع جديد لسلامة تدفق الطاقةأو على الأقل للتمويل اللوجستي. علماٍ بأن تكلفة النقل تصل إلى أكثر من 50% في بعض السلع. وإذا أخذنا مجال الثروات المعدنية والتي يتمركز معظمها في المناطق الشمالية من الوطن فأحب أن أذكر لك وقائع لمستها بنفسي خلال عملي كاستشاري مع منظمة التمويل الدولية IFC بمهمة كلفت بها وهي تبسيط الإجراءات الإدارية للشركات المحلية والأجنبية التي تريد الاستثمار في مجال التعدين. كان هناك استشاري آخر أمريكي الجنسية يعمل على إعادة صياغة المنظومة التشريعية للاستثمارات المعدنية وفقاٍ للمعايير العالمية وكنت أرافقه-أحيانا- للترجمة ولمعرفتي بالتشريعات الضريبية. عرفت من الاستشاري الدولي – الذي عمل على إعادة الهيكلة التشريعية في خمسين دولة بعضها من دول الجوار- أن اليمن كتاب جيولوجي لم يْقرأ بعد. وعرفت منه أنه حدثت استثمارات معدنية في دول تقل ثرواتها المعدنية عن اليمن بعشرات الأضعاف وأن استثماراتها في مجال التعدين أحدثت نقلة نوعية في اقتصادياتها المحلية ومع ذلك لا يمكن مقارنتها مع اليمن إذا استغلت فيها الثروة المعدنية. ولكن الإجراءات في اليمن طويلة ومعقدة حيث استغرقت شركة زنكوكس العاملة في مجال التعدين في اليمن خمس سنوات للحصول على الترخيص لكثرة الوسطاء والسماسرة فكيف سيكون ردة فعل الشركات العالمية الأخرى¿. كما أن معظم مناطق التعدين مناطق نفوذ قبلي لا تستطيع الدولة ضبط آلياتها ولا يوجد قانون يحكم العلاقة بين الدولة وهؤلاء وتترك الشركة لتتعامل مع المشايخ بطريقتها وهذا يعرض الشركة ليس لمخاطر مادية وحسب ولكن لمخاطر على الحياة للأفراد العاملين بها.. بالإضافة إلى أن تضارب الاختصاصات والمسئوليات بين شركة النفط والسلطات المحلية والبيئة وعدد آخر من الجهات حيث أن لكل جهة تشريع خاص يخولها بشيء ولا يمنع عنها تدخل الجهات الأخرى.. وبعد أن أكمل الخبير الدولي فصل الضرائب الخاص بالتعدين لإدخاله ضمن القانون الضريبي الجديد وبعد الندوات والورش والمؤتمرات مع كافة الأطراف والجهات ذات العلاقة وعرض مشروع القانون على الحكومة وعلى مجلس النواب وصدور قانون ضريبي جديد استغرق إنجازه فترة طويلة حدث ما لم يكن معقولاٍ أو متوقعاٍ. أن اللائحة التنفيذية للقانون التي صدر بها قرار من مجلس الوزراء كان قد أْسندِ مهمة إعدادها لأحد الخبراء القانونيين الجهابذة في مصلحة الضرائب وأعدها في فترة لا تقل عن يومين ولا تزيد عن أسبوع نظير مكافأة مالية قدرها 2 مليون ريال وجهاز لاب توب. والحقيقة أن اللائحة ليس فيها سوى عيبين:الأول أنها تستحدث نصوصا قانونية جديدة ليست في القانون والثاني أن بقية موادها تتعارض مع المواد القانونية التي تفسرها. ولا أقول هذا افتراءٍ لأن مصلحة الضرائب عقدت الأسبوع الماضي ورش ومؤتمرات لمناقشة الخلل في اللائحة. أما كان من الأجدر أن تعقد هذه الورش والندوات قبل صدور قرار باللائحة¿!! والحقيقة أن وزارة المالية والمصلحة استعجلتا صدور اللائحة لأن البنك والصندوق الدوليين كانا قد حددا منحة قدرها 20 مليون دولار تسلم للحكومة اليمنية بمجرد صدور قرار باللائحة التنفيذية لقانون ضرائب الدخل. وقد شْكلت اليوم لجنة لإعادة كتابة وصياغة اللائحة من جديد وأرجو أن تناقش قبل إقرارها. ولكن لتتنبه مصلحة الضرائب إلى أن كثيراٍ من الشركات- وبعد إنجاز اللائحة التنفيذية المرتقبة- سوف تعود على الإدارة الضريبية للمطالبة بضرائب حْصلت من قبلها بالمخالفة للقانون واستناداٍ للائحة التنفيذية التي ثبت عدم قانونيتها. • مؤتمر الحوار الوطني سياسي أكثر منه اقتصادي.. رغم أن الحركة الاقتصادية والاستثمارية هو من يتحكم بالسياسة.. هل لهذا أثر على الاقتصاد اليمني مستقبلا¿ – هذا الكلام غير صحيح لأن الاقتصاد يؤثر في السياسة وكذلك السياسة تؤثر على الاقتصاد حتى أن بعض المشاهير من الاقتصاديين عرفوا بكتاباتهم في مجال الاقتصاد السياسي وذلك للتأكيد على الترابط بينهما. بل أن السياسي المحنك هو الذي يكون ذو دراية بالاقتصاد والعكس صحيح.. العالم يترقب ما سيثمره مؤتمر الحوار الوطني في اليمن لأنه يناقش كل الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والجغرافية والديموجرافية والطوبغرافية وكل شيء. وهو حوار بين جميع الفرقاء ويبشر بميلاد يمن جديد إن شاء الله. واسمح لي أن أقول لك أنهم قد يتفقون في بعض الأمور الخلافية ويختلفون في بعض القضايا الجزئية ولكن معرفة نقاط الاختلاف سوف تكون أكثر أهمية وأعظم إنجازاٍ من إدراك نقاط الإتفاق بينهم.ولا أقول لك ذلك لأزعم أنها مقولة فلسفية أو حكمة ولكني علمني منهج البحث العلمي أن العلوم لا تتطور إلا عند مناقشة الاختلافات. وأنا أسقط هذه المقولة للتأكيد على أن الحياة لا تزدهر إلا إذا عْرفت الاختلافات ونوقشت فما بالكم إذا كانت هذه المناقشات علنية. ولأنه – ولا شك- سيظهر حينها المبدع الذي يفك الشفرة ويخترع الحل واليمن فيه الكثير من المبدعين. أما إذا كنا سوف لن نأخذ بإبداعات اليمنيين فسيأتي مبدعون إقليميون ودوليون ولن يفوتوا على أنفسهم فرصة تقديم المخترعات. • هل شكل الدولة يؤثر على الاقتصاد¿ – بالتأكيد فإن شكل الدولة يؤثر على الاقتصاد. فمن المعلوم أن اقتصاديات الدول الاشتراكية اختلفت عن اقتصاديات الدول الرأسمالية في القرن الماضي. كما اختلفت في ظل نفس النظام عن القرن الماضي كما اختلفت في ظل نفس النظام من دولة إلى أخرى. فاقتصاديات روسيا اليوم ليست هي اقتصاديات روسيا في القرن الماضي. كما أن اقتصاديات بريطانيا قبل مارجريت ثاتشر ليست نفس اقتصاديات بريطانيا خلال حكم مارجريت ثاتشر وبعدها. ذلك أن رئيسة وزراء بريطانيا-آنذاك- أحدثت تعديلاٍ سياسياٍ طفيفاٍ تبعه تغييراٍ اقتصادياٍ جوهرياٍ. أما إذا كان المقصود بشكل الدولة ما إذا كانت دولة مركزية كما هو حال اليمن اليوم وكيف سيكون حالها إذا قْسمت إلى أقاليم فالجواب هو: نعم سيختلف الاقتصاد عما هو عليه اليوم لأن كل إقليم سيكون له الحرية في استغلال موارده الإقليمية بعيداٍ عن الدولة المركزية وهيمنتها وتوجيه الدخول نحو تطوير الإقليم والتوزيع العادل للثروة والدخول للمواطنين داخل الإقليم مع تخصيص حصة للمركز قد تنحصر هذه الحصة على المحاصصة في الضرائب ولا شأن لها بالموارد الناتجة عن استغلال الثروة. وهذا سوف يؤدي إلى التنافس والإبداع والسعي وراء خلق الفرص الاستثمارية ورفع حصيلة الموارد واستغلال أفضل للثروة وتوزيع أفضل للدخول لأن كل أقليم حتماٍ له مزايا تنافسية تختلف عن بقية الأقاليم الأخرى. ولكن كل ذلك يجب أن يتم في ظل مبدأ الشفافية وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب. ودعنا لا نذهب بعيداٍ في هذه المسألة ولنأخذ مثالاٍ دولة الإمارات العربية المتحدة- مع إمكانية تعديلها أو تطويرها- حيث أن كل إمارة خلقت لنفسها مزايا تنافسية بعضها من العدم كإمارة دبي. فما بالكم بدولة تزخر بالموارد والثروات والإمكانيات والفرص التي لم تستغل مطلقاٍ أو لم تستغل الاستغلال الصحيح. منذ فترة ليست ببعيدة قلت لأحد الأساتذة الجامعيين في جامعة عدن- وكنت أظن أني أعرف ما لا يعرف- هل تعلم أن “بريتيش بتروليوم” اكتشفت النفط في حضرموت في الخمسينيات من القرن الماضي¿!. وأنه اشتهرت أغنية في ذلك الوقت تقول في بعض كلماتها “يا حضرموت افرحي بترولنا با يجي” إلى آخر الأغنية المشهورة آنذاك. وأنه أول ما ظهرت بوادر المطالبة بالاستقلال من الشعب في الجنوب عمدت الشركة البريطانية إلى ردم الآبار وإخفاء الآثار وأن هذه الآبار لم تكتشف حتى الآن وأنه لن يعاد اكتشافها إلا عن طريق نفس الشركة. أجابني صاحبي على سبيل النكتة التي تنم عن دراية عميقة: الأفضل أن تبقى هذه الآبار مردومة حتى لا تبدد مواردها كما تبدد الموارد اليوم. ولحضرموت اليوم معزوفة جديدة وأغنية حديثة ولكنها تبقيها طي الكتمان وتحفظها في الصدور¿! • بماذا توصون لتحسين البيئة الاقتصادية اليمنية خلال الفترة القادمة¿ – الأمن والاستقرار وفرض هيبة وسيادة الدولة والاحتكام إلى الدستور والقوانين والتشريعات النافذة أولاٍ وثانياٍ وثالثاٍ ورابعاٍ. وإصلاح المنظومة التشريعية خصوصاٍ الاقتصادية والمالية وبما يتناسب مع الدستور الجديد خامساٍ وأخيراٍ.