صادرات السعودية غير النفطية ترتفع 22.8 بالمائة في سبتمر 2024 العميد الأكحلي: شرطة تعز ماضية في تثبيت الأمن والاستقرار بالمحافظة اللواء الجبولي: الوحدة 16 طيران مسير تلعب دورًا محوريًا وحاسما في ميدان المعركة قائد لواء الريان بالمنطقة العسكرية الثانية يؤكد أهمية تعزيز الحس الأمني تدشين برنامج الطبيب الزائر الـ41 لجرحى القوات المسلحة في مأرب انطلاق البطولة الثانية لكرة اليد لأندية محافظة مأرب اليمن يترأس الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين الارياني: مليشيات الحوثي تواصل احتجاز المئات على خلفية نيتهم الاحتفال بذكرى ثورة سبتمبر الوزير الزنداني يصل العاصمة الإيطالية للمشاركة في منتدى حوارات روما المتوسطية "صحة مأرب" يوزع 53 ألف ناموسية مشبعة بالمبيد في مديريات الوادي وحريب ورغوان
إن المتأمل والناظر أن حقوق الآباء على أبنائهم كثيرة ولكن كما إن للآباء واجبات فعليهم حقوق وقد أصل الإسلام ذلك وأكد العلماء على أهمية تلك الحقوق وحول حقوق المربي والمربِى وكيف تكون التربية العملية على هدي الإسلام وأخلاق الرسول الإنسان وأهمية التربية الصالحة وما يترتب عليها من نفع للأب والابن نفسه وكذلك المجتمع هذه التساؤلات وغيرها طرحناها على عدد من علماء الإسلام ودعاته.. وفي مايلي نعرض ما أفادونا به عن هذه الأمانة التي أوكلها الله إلينا.. في البداية نعيش مع الدكتور معاذ الحزمي الذي له عدد من الكتب و الإسهامات والمشاركات والندوات في هذا المجال حيث دعا الحزمي الآباء فقال : أيها الآباء.. إذا كان لكم حقوق على أبنائكم وهذا صحيح بلا شك فإن لأبنائكم أيضاٍٍ حقوقا عليكم.. وقد أصل عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا الأصل حين جاء إليه أب يشكو إليه عقوق ولدهº فاستدعى عمر الابن وسأله فقال: يا أمير المؤمنين أليس للأبناء حقوق على آبائهم كما أن للآباء حقوقا على أبنائهم¿ قال: بلى. قال: فما حقي عليه¿ قال: أن يختار أمك وأن يحسن اسمك وأن يعلمك القرآن. فقال: أما أمي فأمة حبشية سوداء وأما اسمي فقد سماني جعلا وأما القرآن فما علمني منه شيئاٍ فنظر عمر إلى الرجل وقال: اذهب فقد عققت ابنك قبل أن يعقك ولهذا نقول إن عدم الاهتمام بالأبناء قبل وبعد الولادة هو عقوق لهم. ويضيف الحزمي: التربية الصالحة للأبناء واجب على الآباء وأولياء الأمور وحق من حقوق الأبناء وهو مطلب شرعي يجر وراءه كثيرا من المنافع للمربي والمربِى جميعاٍ كما ينتج عنه منافع دنيوية وأخروية لا حصر لها..ويتساءل: لكن ماذا لو قدم أب أو أم استقالته من تربية الأولاد¿ ربما تتعجبون من هذا السؤال!! ولكن أليست هذه حقيقة عند بعض الأسر هل يعقل أن أباٍ يمر عليه أسابيع لا يرى أين أبناءه أو بعضهم¿ أو أن أماٍ ترى المجون والخلاعة في غرفة ولدها فتقسم ما رأتها إلا الآن وهي معلقة منذ فترة¿ هل الأب الذي لا يعرف صف ولده في المدرسة يصلح أن يكون أبا ومربيا ¿ هل الأم التي تركتها ابنتها وذهبت لتحكي آمالها وآلامها لصديقتها واستقت منها كل ما ترغب في معرفته.. هل هذه تستحق وصف الأمومة الحقيقية¿ الأب الذي يغيب عن حياة أبنائه ولا يجلس معهم إلا منهكاٍ آخر الليل أمام الشاشة ليشاهد فيلماٍ أو مسلسلاٍ ولا يتكلم معهم في أي شيء يخصهم .. في أي خانة يوضع¿ أليس أمثال هؤلاء قد قدموا استقالة جماعية عن تربية أبنائهم ورعايتهم أعني التربية فمفهومها الصحيح الرعاية بمعناها الشامل¿! ألا يمكن أن يعد أبناء أمثالهم في عداد الأيتام أعني تربويا فإن بعض الآباء حي لكنه كالميت أبناؤه أيتام في حياة أبيهم¿! من الظلم إذا كان هذا حال المربين أن نسخط على أبنائنا لسوء خلقهم أو كثرة أخطائهم أو قبح فعالهم إنك مسئول أيها الأب أمام الله عن ضياع أبنائك فإذا لم تربي أنت أولادك فسيكونون أداة للجماعات الإرهابية والمجرمين والمخربين وسيكونون عبئاٍ عليك قبل أن يكونوا عبئاٍ على المجتمع لك حقوق كما إن عليك واجبات. ألم يتحول كثير من الآباء إلى مجرد وزارة مالية ألم يتحول بعض أو كثير من بيوتنا من محضن تربوي إلى مجرد معلف أو لوكاندة أو فندق للنوم وفقط¿ زينة الحياة أما الشيخ محمد السالمي فيقول: الأطفال زينة الحياة الدنيا وهم إما أن يعودوا بالنفع على أبويهم إذا أحسنوا تربيتهم أو غير ذلك إذا أهملوهم ومن أعظم حقوق الأبناء على الآباء أن يكون الأب والأم قدوة للأبناء وخصوصاٍ الأم لأنِ العبء الأكبر في التربية يقع على عاتق الأم من خلال طول مكثها معهم وانشغال الأب في طلب الرزق وحتى ينشأ الأبناء على البر ويكونوا نافعين للمجتمع وللأمة لا بدِ لتلك الزهرة من تربة صالحة نافعة وكما قال شوقي: الأْمْ مِدúرِسِةَ إذِا أِعúدِدتِهِا أِعúدِدتِ شِعúبٍا طِيبِ الأعúرِاق فهي المدرسة الأولى التي يتخرِج فيها الأذكياء والمجددون والأطباء والمهندسون .. لذا لِمِا كان للأم الصالحة (الزوجة) أهمية كبرى في بناء المجتمع وتخريج الأفذاذº فقد حثِ ورغِب فيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: ((تْنكح المرأة لأربع: لمالها ولحِسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك)) لذا على الأمِهات دورَ كبيرَ وعظيمَ في بناء شخصية الأبناء وتربيتهم وكذا الآباء فلهم دورَ كبيرَ لا يقل أهميةٍ عنهن وكذلك على الوالدين أن يراعوا بعض القضايا المهمة والتي تؤثر تأثيرٍا كبيرٍا في شخصية الأبناء ألا وهي تعامل الوالدين فيما بينهم فهي دروس يومية يشاهدها الأبناء أمام أعينهم فينبغي عليهم ألاِ يْظهرا خلافاتهما أمام أعين أولادهم . و يضيف السالمي أن الأطفال يتميِزون في مراحلهم الأولى بذاكرة حادة آليةº فعلينا أن نْوجههم لطلب العلم فالأمِة بحاجةُ إلى العلماء الأقوياء في شتى العلوم والدعاة المتبصرين بنور الكتاب والسنة ولا يتم ذلك إلا بطلب العلم منذ الصغر .. ولا تقل إنِ هذا صعبَ أو مستحيل فعن معمر قال: سمعت من قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة فما شيء سمعت في تلك السنين إلاِ وكأنه مكتوب في صدري.. و قالت أم الدرداء: اطلبوا العلم صغارٍا تعملوا به كبارٍاº فإنِ لكل حاصدُ ما زرعه. وينوه السالمي أن أحد أهم الخطوات وأكثرها نفعٍا وغرسٍا في نفوس أبنائنا هي القدوة العملية وذلك لما يتميِزون به من شدِة ميلهم إلى التقليد في مراحلهم الأولى فترى الطفل يْقلد أمه في صلاتها فهو يركع عندما تركع ويسجد حين تسجد إلى غير ذلك من صور التقليد التي نلحظها صباحاٍ مساءٍ فعلينا أن نْوجه ذلك التقليد ونستغلِ تلك الفترة بما يْحيي في نفوسهم حبِ الخير ويجب أن نحكي لهم قصص الناجحين والمجتهدين والمجددين. نصطحبهم في كل ما هو حسن كالذهاب إلى المساجد وأداء بعض العبادات أمام أعينهم مثل الصلاة والصدقة. فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: ما رأيت أحدٍا كان أشبه كلامٍا وحديثٍا برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة.. وهذا هو الشاهد من الأثر ممِا يدلْنا على أنِ الأبناء من أشد الناس تأثْرٍا بآبائهم وتقليدٍا لهم. وأوضحُ السالمي أن نشاط الأبناء الذي يضيق به بعض الآباء ليس عيبٍا أو خطأ أو سلوكٍا غير مرغوب فيه بل له فوائد عدِة ومن ذلك أنه يزيد من صحِة الأبناء وذكائهم وخبرتهم بعد أن يكبروا. أمِا الأبناء الذين لا يتحرِكون إلا بإرغامُ من آبائهم وأمِهاتهم فبتعويدهم على هذا النمط من الحياة سيكون ذلك الابن أو تلك الفتاة غير سوي وغالبٍا ما سيْصاب بعد ذلك بالانطواء والكبت والخوف والخجل أو ضعف في الصحِة نتيجة لذلك السلوك. ويضيف السالمي: لننظر إلى الرحمة المهداة كيف كان يتعامل مع الأطفال فعن أبي قتادة أنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتِي العشاء وهو حامل حسنٍا أو الحسين فتقدِم رسول الله فوضعه ثم كبِر للصلاة فصلِى فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها قال أبي: فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله (وهو ساجد فرجعت إلى سجودي فلمِا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال الناس: يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدةٍ أطلتها حتى ظنِنا أنه قد حدث أمر أو أنه يْوحِى إليك! قال: »كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته« فهذا في أمور العبادة أشفق عليهم رسول الله حتى يقضوا حاجتهم من اللعب فكيف إذا كان الوقت غير وقت عبادة! أما عن حسن المظهر فيقول السالمي اعتنى السلف الصالح بهذا الجانب ولم يغفلوه. فقد قال مالك: قلت لأمي: أذهب فأكتب العلم¿ فقالت: تعال فالبس ثياب العلم .. فألبستني ثيابٍا مشمرة وعمِمتني ثم قالت: اذهب فاكتب الآن .. وكانت تقول: اذهب إلى ربيع فتعلم من أدبه قبل علمه. واعلم أيها الأب أن الطفل بحاجةُ إلى أن يكون مرغوبٍا فيه مقبولاٍ من الوالدين ومْدرسيه فيجب أن يشعر بأنه موضع سرورُ وإعجابُ وفخرُ لأمه وأبيه وأسرته ومعلمه فإذا تحدِث أنصت الجميع لحديثه وأعطوه أهمية كبرى وذلك يْشعره بالقبول والتقدير ومدى حب والديه له..
طريق النجاح ويشير السالمي إلى أنه لا بدِ للآباء والأمِهات أن يضعوا بين أيديهم هدفٍا وهو نجاح ابنهم في هذه الحياة فالإسلام وسط بين مطالب الرْوح والجسدº فلا رهبانية مطلقة ولا مادية بحتة بل هو وسط في إشباع الغذاء الروحي والجسدي للإنسان فالأبناء بحاجة إلى أن يشعروا بالنجاح حتى يواصلوا مسيرتهم.. وقد تكون هناك بعض العوائق في ذلك مثل القدرات والفروق الفردية بين ابن وآخر فعلى الآباء والأمهات مراعاة ذلك وعدم تحميل الأبناء ما لا يطيقون. لهذا ينبغي أن لا نْكلفهم بأعمال صعبة فوق مستواهم تؤدي بهم إلى الإخفاق فيشعرون بالعجز والخيبة والضعف ويحجمون عن مواصلة نشاطهم ويتهيِبون منه والمرء بطبعه الغريزي اجتماعي يْحب الأنس فهو بحاجة إلى من يأنس إليه ويتحدِث معه ويشاركه همومه وأحزانه وأفراحه والصحبة لها أهمية كبرى في تكوين شخصية أبنائنا وقديماٍ قيل: »قل لي من تصاحب أقل لك من أنت«.
وقال الشاعر: عِن المِرء لاِ تِسúأِلú وِسِلú عِن قِرينه فِكْلْ قِرينُ بالمْقِارِن يِقúتِدي
فيتوجِب على الآباء والأمِهات غمس أبنائهم في بيئات صالحة حتى يتشرِبوا الصلاح وينشئوا عليه فالصديق له تأثيرَ عجيبَ في سلوك صديقه وتوجيهه لذا من المهم أن يكون صديق ابننا ذا خلقُ ودين.