استطلاع / رجاء عاطف –

منذ بدأ العام 2013م وظاهرة العمليات الإرهابية بشتى أنواعها في تزايد مستمر وتكاد تشمل جميع محافظات الجمهورية مستهدفة أبناء القوات المسلحة والأمن وكذا المواطنين الأبرياء لتغدو حالة صارخة من إقلاق وزعزعة الأمن والسكينة العامة للمواطنين ودمرت الكثير من الممتلكات العامة والخاصة فيما يعتبر البعض أن هذه العمليات في الأساس محاولات مستميتة لاغتيال مؤتمر الحوار الوطني وقد تصاعدت أرقامها إلى ما يقارب ( 700 ) عملية إرهابية حسب رصد مراكز دراسات محلية والتي لم يكن متوقع أو احتمال حدوثها.. وفي هذا الاستطلاع نجد من يقيم أحداث العام 2013م ويتطلع بتفاؤل إلى العام القادم 2014م فإلى التفاصيل:

في البداية قال العميد /ثابت حسين صالح –باحث في الشئون السياسية والعسكرية ومحلل سياسي: إن العام 2013م شهد انفلاتاٍ أمنياٍ غير مسبوق في اليمن وعمليات إرهابية بشعة تجاوزت كل التوقعات والاحتمالات وتنوعت وتعددت أهدافها وأساليبها ووسائلها منها ما كان منظماٍ ومخططاٍ لاستهدف قادة عسكريين وسياسيين وضباط جيش وأمن وأجانب ومنها ما كان عشوائياٍ لقتل أبرياء من ضباط وجنود ليس كأهداف مباشرة مستهدفة ولكن بهدف إثارة الرعب وإقلاق السكينة العامة وأمن الناس وإضعاف معنويات ونفسيات ضباط الجيش والأمن بشكل خاص. وأضاف: كانت أخطر وأبشع العمليات ما شهدته وزارة الدفاع في مطلع ديسمبر من عملية إرهابية بشعة في مخططها ووسائل تنفيذها وتداعياتها السياسية والأمنية والاجتماعية .. وتابع ثابت: كان أداء الأجهزة الأمنية اليمنية خلال هذا العام ضعيفاٍ والأمر يتطلب إعادة النظر في أداء هذه الأجهزة وكذلك الحال بالنسبة للقوات المسلحة واستكمال هيكلتها على أسس وطنية وعلمية مما ضاعف من تأثير العمليات الإرهابية والاختلالات الأمنية على أحوال وأوضاع المجتمع لأنها ترافقت مع تدهور خدمي وخاصة في خدمات الكهرباء والوقود والمياه بسبب أعمال التخريب المستمرة والمتكررة التي أضحت مسلسلا مملا وحزينا في حياة الناس وكما لا ننكر الجهود التي اضطلع بها رئيس الجمهورية وبعض الوزراء إلا أن ذلك لا يكفي بدون إجراءات عقابية رادعة وتغييرات عميقة في هيكلة وبنية أجهزة الدولة المختلفة.

تصاعد الأرقام ويتفق معه العميد الركن دكتور /قاسم الطويل – مساعد مدير مركز الدراسات الإستراتيجية للقوات المسلحة للشؤن العربية والإقليمية في أن عام 2013 كان مليئاٍ بالمعاناة خاصة وقد ظهر رقم قياسي بالنسبة للعمليات الإرهابية كافة التي تستهدف القوات المسلحة والأمن بدرجة كبيرة والذي يعتبر استهدافاٍ للبلد كاملاٍ ومحاولة لخلط الأوراق وأن هذه الأرقام تتصاعد حيث كانت في البداية اغتيالات تتم هنا وهناك وقد اعتبرناها بسيطة وعادية وستنتهي من خلال صدها والقضاء عليها ومحاولة اطلاع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية بمن يريد إقلاق الأمن والاستقرار ولكن كان العام 2013م منذ بدايته أكثر عنفاٍ حمل طريقة التصاعد حتى وصلنا إلى رقم مخيف ومخيف جداٍ (700) عملية إرهابية مع التفجيرات الأخيرة الجبانة التي لم تكن متوقعة وصدمت الجميع حتى المجتمع الدولي برمته والتي كانت تعتبر محاولة لاغتيال مؤتمر الحوار الوطني وعمل لخبطة توقف هذا المؤتمر لأن القوى لا تريد أن تصل اليمن إلى نهاية أو إلى دولة مدنية حديثة ونحن الآن في مفترق طرق إما دولة مدنية حديثة أو دولة هشة أو لا دولة. وأشار إلى أن ما حدث هو محاولة لزرع الخوف ومحاولة انهيار للوضع داخل الجمهورية اليمنية وأن مصير اختيار القوات المسلحة بإرادتها وبقناعتها أن تستبسل وتموت في مختلف المواقع وأماكن الاستشهاد وهي تدافع عن هذا الوطن وتدفع حياتها ثمينة ورخيصة في سبيل استقرار البلد وتروى بدمائها تربته .. ويواصل حديثه: وبالتالي إن استهداف العاملين في هذا القطاع المهم والحي هو أبلغ وأكبر أثر. تفاؤل وعن القادم يقول الدكتور قاسم الطويل: دائماٍ من خلال قراءاتنا والمعطيات الموجودة يجب أن نكون متفائلين والأيام الأجمل هي التي لم تأت بعد وستأتي أجمل من أيام 2013م لكن لن يكون لنا وجود ومكانة وقوة إلا من خلال الدولة المدنية الحديثة دولة المؤسسات ونعول على العام 2014م لأنه سيكون عاما لحصد ما سيخرج به مؤتمر الحوار من إنجازات لكل اليمنيين لأن الحوار المخرج الأنسب والأفضل لهذا التطلع مع الأخذ بعين الاعتبار أنه ستواجهنا صعوبات ومعوقات يجب أن يكون لدينا دراية وأبحاث إستراتيجية بها حتى نتخطاها وكذلك أجندة لرسم سياستنا لأنه متوقع أن العام 2014 ستكون الدولة والمستقبل القادم ذات آفاق وأبعاد كبيرة ويجب أن نكون في مستوى التحدي وهي الفرصة التاريخية المناسبة والأفضل لنكون دولة ونسمو بشكل أكبر ونترفع وندعو إلى التنازل من اجل إيجاد دولة نعتز ونفتخر بها ونعيش بكرامة وإباء كما يعيش الآخرون والتاريخ يثبت بما لا يدع مجالاٍ للشك أن اليمن ذو تاريخ لأكثر من عشرة آلاف سنة ولها مقومات تاريخية وثقافية وحضارية وتجارية كبيرة.. بلغت ذروتها ومن جانبه يضيف العقيد/ ناصر طاهر أحمد الذي يعمل في جهاز الأمن العام أن التفجيرات الإرهابية خلال العام 2013م قد بلغت ذروتها وأدت إلى استشهاد وجرح المئات من قيادات وضباط وأفراد المؤسسات العسكرية والأمنية وعدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية وهذه حوادث مؤلمة تدمي القلوب. ويرى أن من بين أسبابها المعترك السياسي الذي يجري في البلد وما آلت إليه الأمور بعد الثورة الشبابية والتي تمخض عنها مبادرة مجلس التعاون الخليجي ودخول الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الاجتماعية في مؤتمر الحوار الوطني إلا أن الخلافات والمكايدات السياسية بين أقطاب الصراع لازالت موجودة ما أدى إلى إرباك الحالة الأمنية في البلاد. لكنه يؤكد أن المعترك السياسي لا يعني الدور الأمني والعسكري بل مرتبط أيضاٍ بالعملية الاقتصادية والسياسية والتنموية لابد من البحث عن أسلوب أمنى راقُ على أساس معلومات صحيحة ورصد ورقابة للاختلالات الأمنية. القضاء على الإرهاب وأشار طاهر إلى أن ما حدث من تفجيرات إرهابية خلال العام 2013م أربك الحياة العامة لكل أفراد الشعب بمختلف فئاته وشرائحه الاجتماعية إلا أن العمليات الإرهابية قد شملت عدداٍ من محافظات الجمهورية ولكي يتم تجفيف منابع الإرهاب لابد من مصالحة حقيقية لكل أقطاب الصراع في البلد وبناء واقع جديد عادل يسخر لخدمة المواطنين ويعبر عن مصالحهم بحيث ينال حب واحترام كل مواطن كما أن المواطن لا بد أن يكون عوناٍ للأجهزة الأمنية من خلال الإبلاغ عن أي اختلالات أمنية وأي تواجد لأي عناصر إرهابية في أي منطقة ونأمل إنجاح مؤتمر الحوار الوطني والخروج بمخرجات إيجابية تلبي متطلبات التغيير التي يطمح إليها كل أبناء الشعب اليمني لأن مضمون التغيير ورسالته وأبعاده وعمقه وأهميته لابد من بلورته في مشروع وطني وثقافي تنويري حداثي يؤسس الأرضية الصلبة لبناء الدولة المدنية والحكم الرشيد والعدالة الاجتماعية وبناء مؤسسات الدولة القادرة على إنجاز مهام المستقبل وتعزيز الحالة الأمنية والحد من الأعمال الإرهابية ولن يأتي ذلك إلا من خلال توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية وإعادة بنائها وغرس روح الولاء لله سبحانه وتعالى وللوطن وللشعب وإبعادها عن الولاءات الشخصية الضيقة والحزبية والقبلية والمناطقية وتسخير الأداء العسكري والأمني في الدفاع عن الوطن وحفظ الأمن والاستقرار. ونتمنى أن يأتي العام 2014م وقد تم القضاء على ظاهرة الإرهاب . شماعة فيما يرى سليمان الأهدل – باحث قانوني وناشط حقوقي أن ما حدث خلال العام 2013م في المجتمع اليمني لهو أمر محزن من خلال التفجيرات التي استهدفت أبناء القوات المسلحة والأمن وتقييمنا لها لا ينطلق من تعاطف وإنما من وازع ديني ووطني وأخلاقي لأن هؤلاء هم حماة للأمن والأمان في المجتمع اليمني وكذلك في كل مجتمع. ويقول: ليس منطقياٍ ما يحدث في بلادنا أن نعلقه على شماعة القاعدة أو غيرها لأن القاعدة تعددت إلى كنتونات كثيرة وهذا ما شجع على تطاول الإرهابيين والعبث بمصير الشعب وحياة الإنسان اليمني ومطلوب من كل الأجهزة المعنية فضح تلك الجماعات الإرهابية وكذا من يعيق تقديم الخدمات واتخاذ الإجراءات القانونية والقضائية ضدهم وهذا ما سيحد من تلك العمليات الإرهابية والتخريبية. ونتوقع من العام 2014 أن يكون خيرا إن شاء الله ويجب تكاتف كل المجتمع وكل القوى لدعم ومساندة مخرجات الحوار الوطني لنصل إلى بر الأمان . نوازع شريرة ومن جهته قال المهندس /عبدالرحمن العلفي – المدير التنفيذي للمركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل: إن العملية الانتحارية الإرهابية التي أقدم عليها عدد من الضالين البغاة مؤلمة ومقلقة ولكنها تبعث في النفوس الكثير من القيم والدلالات بأن الوطن كبير وعظيم ولا تهزه مثل هذه الأحداث البغيضة التي تدل على أن الفاعلين ومن ورائهم لا يمتلكون ذرة من القيم وأصبحوا متحللين من المبادئ الأخلاقية والسلوك الإنساني وليس في قلوبهم الرحمة وتحركهم نوازع شريرة لأنهم باعوا أنفسهم للشيطان. لكن جريمة مستشفى العرضي أيقظت وعي اليمنيين والدليل التأسيس لحركة شعبية لدعم الأمن والاستقرار مستنهضين كل الإمكانيات والقدرات ومحركين الضمير الجمعي من أجل استتباب الأمن وتحقيق الاستقرار. وأضاف بالقول: سيتمثل الرد الطبيعي على هذا العمل الإجرامي في ثلاث خطوات أساسية أولاٍ مؤسسة الدفاع والأمن تعيد ترتيب أوضاعها لتتحول إلى جبل منيع ضد كل المشاريع التفتيتية التي تستهدف تدمير الدولة اليمنية والفئة الثانية القوى الصامتة من المثقفين والمتقاعدين والشخصيات القيادية ومن رواد العمل الوطني والعمال والفلاحين والجنود وغيرهم الذي يجب أن يرفعوا درجة يقظتهم واستعدادهم تجاه لاصطفاف الوطني جنباٍ إلى جنب مع منظمات المجتمع المدني والقوى الحية وقادة الرأي كي يكونوا حاجزاٍ منيعاٍ يحمي الثغور ويحرس أسوار الوطن ويدافع عن كل القيم. ونحن نقدم لشعبنا ولوطننا وللمؤسسة الدفاعية والأمنية تصوراٍ وطنياٍ رائعاٍ يتمثل في تعزيز الاصطفاف الشعبي الذي يواجه كل من يستهدف إقلاق الأمن والسكينة العامة . وأشار العلفي إلى أن هذه المشاريع مشاريع تآمرية تديرها قوى تستهدف تدمير اليمن وكبح جماح كل عمل رائد ومتميز خاصة في اللحظات الأخيرة لمؤتمر الحوار الوطني الذي يستهدف خارطة الوطن وبناء مشروعه الحضاري والنهضوي التقدمي والذي نتوقع منه أن يمثل خارطة الطريق للوطن ونهاية مراكز القوى التي عاثت في الأرض فسادا والتي أساءت إلى الوحدة الوطنية وإلى كل القيم التي جْبلِ عليها وطن التلاحم والتكاتف والمودة ووطن السلام . جميل ومحزن أما الدكتور /أحمد هادي باحارثة – باحث في مركز البحوث والتطوير التربوي فيقول: العام 2013 الذي كان عاماٍ حافلاٍ بكل ما هو جميل ومؤسف ومحزن كغيره من أحوال الزمان فهو عام انطلاق الحوار الشامل لكل مكونات الوطن الكبير وهو عام انضمام اليمن إلى منظمة التجارة العالمية ومهما علا ضجيج الانفجارات فهي ليست إلا صدى لكلاب لم يكفيها النباح لإيقاف قافلة النهوض والتغيير حتى استعاضت عن نباحها الضعيف بأصوات الانفجارات التي تعكس مدى تفجر نفسيتها المريضة والبغيضة لما يعتمل في البلاد من انفراج عام وانفتاح نحو الأفضل الذي يتجلى بصورة أكبر في مؤتمر الحور الوطني .. ولعامنا القادم تفاؤل بإذن الله تعالى والله مع الحق حيثما كان . هموم وانجازات الدكتور/ حمود العودي – أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء من جهته يقول : العام 2013م وكان فيه الكثير من الهموم والكثير من الإنجازات من الخير والشر وهما دائماٍ قرينان والصراع بينهما سنة من سنن الكون وكما لا ينبغي أن يقتلنا اليأس والتشاؤم ولا الخيال الذي لا يقوم على واقع واليمن تشهد أحداثاٍ مهمة وهي تقف الآن على مفترق طريق خطير جداٍ يدفع في اتجاه التغيير نحو المستقبل والإصلاح وصنع يمن جديد تواصل مع ثورة الشباب الشعبية السلمية والمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية ومنطق الألفية الثالثة أيضاٍ في قرية عالم اليوم في مقابل الطريق الآخر الذي يشد ليس إلى ما قبل ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر وإنما إلى ما هو أبعد من ذلك ربما من المشاريع الصغيرة والتافهة التي تبدأ بالعصبية والطائفية والقبلية وتنتهي بالعنف والإرهاب الدموي الذي لم يسبق له مثيل والذي لم يكن هجوم وزارة الدفاع هو الأخير ولم يكن هو الأول ولا نستطيع أن نقول أمام هذا المشهد المحزن إلا أن صراع الخير والشر قائم وأن على الجميع أن يتحركوا في اتجاه سد الطريق على الدمار والخراب وتعزيز مسيرة التغيير نحو اليمن الجديد انطلاقاٍ من نصرة الحوار وتثبيت الأمن والاستقرار وصولاٍ إلى الدولة المدنية المنشودة إن شاء الله . عام حسم وانتصار وزاد بالقول: إن المنتفعين بالفساد على مدى أكثر من 30 سنة والمنتفعين بالخراب والدمار يخشون على أنفسهم ومصالحهم التي بنيت على دماء وحقوق الآخرين فقد يظنون أنهم سيفقدونها إذا ما تحقق الأمن والاستقرار واحتكم الناس إلى القانون والنظام وجففت مصادر الفساد. ويتطلع العودي إلى أن العام 2014م لابد أن يكون عام حسم وانتصار التغيير والتطور والسلام والاستقرار أو لا سمح الله للاتجاه المعاكس لكنني دائماٍ من المتفائلين وسيكون هذا العام 2014م عام انتصار كلمة الحق وكلمة السلم والنظام والقانون والسير بمخرجات مؤتمر الحوار الايجابية في اتجاه التطبيق. وأدعو كل المخلصين والمحبين لليمن لأن يحتشدوا حول هذه المخرجات ويتمسكوا بها لأنها القشة الوحيدة التي يجب أن يتمسك بها الجميع ويحولوها إلى سفينة نجاة ولن نجد في غيرها ما يمكن أن ينقذ وطننا ويمننا ويوصلنا إلى بر الأمان.