شرطة مأرب تعلن منع حركة الدراجات النارية داخل المدينة بصورة نهائية استكمال تجهيزات إصدار البطاقة الذكية في حيران غرب حجة طارق صالح يبحث مع سفير الإمارات مستجدات الأوضاع العرادة يناقش مع المستشار العسكري للمبعوث الأممي المستجدات العسكرية والأمنية وتأثيرها على عملية السلام مجلس القيادة الرئاسي يناقش المستجدات الوطنية والاقليمية وفد عسكري يطلع على سير العمليات العسكرية في محور علب بصعدة الارياني يرحب بإعلان حكومة نيوزيلندا تصنيف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية نيوزيلندا تصنف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية الارياني: استمرار تجاهل التهديد الحوثي وعدم التعامل معه بحزم، سيؤدي لمزيد من زعزعة الامن والاستقرار المكتب التنفيذي لأمانة العاصمة يناقش انتهاكات الحوثي وتحديات النازحين
> بدأ نهاري في المستشفى بمزحة صغيرة وانتهى بفاجعة أليمة وغصة حزن كبيرة > أحد مرضاي تكفل بحمايتي وإخراجي مباسلاٍ بنفسه..وآخرون اتصلوا بي وهم يبكون!!
«نعم كنت يومها هناك وكدت ألقى حتفي.. جرحت ونزفت وتشهدت بالفعل لكن ساعتي لم تكن قد حانت بعد فنجوت.. ولم أدل بشهادتي لأحد بعد بما فيهم الأمن».. ذلك ما أكده لـ(الثورة) الدكتور خالد محمد صالح سويلم طالب الثانوية العامة النجيب الذي عرفته ذمار كلها بتفوقه وصار رئيس قسم أمراض وجراحة العظام في مستشفى مجمع وزارة الدفاع منذ عامين ونصف بجانب عمله الأساسي في مستشفى الثورة العام منذ 13 عاماٍ. يروي لنا الدكتور خالد (40 عاماٍ) في هذا الحوار الحصري للصحيفة والأول لوسائل الإعلام شهادته على مذبحة مستشفى الدفاع (العرضي) يوم الخميس الأسود وكيف بدأ يومه بمزحة مع زملائه الذين «يتفطر قلبه» حزناٍ عليهم وكيف نجا من الموت وعاد إلى أولاده الثلاثة الذين أصروا يوم الجريمة بخلاف العادة على أن يوصلهم المدرسة بنفسه وليس الباص كما لو أنه إلحاح الوداع الأخير لأبيهم.. فإلى التفاصيل: * بداية أخبرنا.. كيف كان نهارك عائلياٍ يوم الخميس الأسود¿ – كان يوماٍ اعتيادياٍ جداٍ لا شيء لافت باستثناء أن أولادي الثلاثة فاجأوني يومها بإصرارهم أن أوصلهم المدرسة بنفسي وليس الباص بخلاف العادة ففعلت أمام إلحاحهم وذهبت بعدها إلى المستشفى.
البداية بمزحة! * وبعد وصولك المستشفى كيف بدأ يومك¿ – بدأ هادئاٍ واعتيادياٍ وبدا طبيعياٍ جداٍ. بدأنا الاجتماع التحضيري الثامنة والنصف بمزحة صغيرة حين قال مقدم الحالات أن الجراحين د.فانزويلا ود.جميلة البحم رحمة الله عليهما لديهما ثلاث عمليات لمريضين يقصد عمليتين لأحدهما. فعلقت مازحاٍ: أيش شامبو ثلاثة في واحد أو ثلاثة في اثنين¿!. وضحك الزملاء حينها ومنهم الدكتور القدير فانزويلا أما الدكتورة جميلة فلم تكن موجودة.
*كم استمر الاجتماع وماذا حدث بعد انتهائه¿ -الاجتماع يستمر في العادة خمس دقائق. وبعد انتهائه صعدوا هم إلى غرفة العمليات وذهبت إلى عيادة العظام فلم تكن لدي عمليات يومها لأن دوامي في مستشفى الدفاع يوم الخميس معاينة مرضى والثلاثاء إجراء عملياتº ولهذا لم أرافقهم إلى العمليات وكانت اللحظات الأخيرة التي أراهم فيها.
* إذن .. ماذا حدث معك بالضبط يوم الخميس¿ – بحلول الساعة التاسعة وثمان دقائق تقريباٍ كنت قد انتهيت من الكشف على سبعة مرضى فاستغربت عطية المشرفة في العيادة أني أول يوم أخلص بسرعة. فأخبرتها أن أكثرهم عودة وأعرفهم وأني سأذهب إلى الاستقبال لوضع صور لبطاقة وتغيير جو.
*حين بدأ الهجوم على المستشفى.. أين كنت¿ -كنت وصلت صالة الاستقبال فسمعت أعيرة نارية كثيف. ظننتها مفرقعات وألعاب نارية لأحد الأعراس باعتباره يوم خميس فأطللت برأسي من البوابة لأرى وكان معنا يحيى الذبحاني (نائب مدير المستشفى للشؤون المالية والإدارية) يمسك بيدي محذراٍ: يا دكتور هذا إطلاق رصاص ارجع.
*من كان يطلق الرصاص حينها عند البوابة¿ – كان أمامي العميد الشهيد علي يحيى الآنسي يخاطب الجميع بأن يلزموا أماكنهم وألا يخرجوا ويطلق الرصاص على سيارة بيضاء وكان يقف أمام البوابة رجل ألماني (د. كاي ستيتينروث) ورجل أسمر (السائق اليمني لوكالة التعاون الألماني علي الحربي) وانبطحا على الأرض وكان الألماني قبلها يتكلم بالتلفون وأنا قادم من العيادات والعيادات هي قريبة من البوابة الخارجية للمستشفى.
*هل كنت مكانك عند البوابة حين انفجرت السيارة المفخخة¿ -كنت قد دخلت قليلاٍ لأن إطلاق الرصاص زاد وبمجرد أن لففنا لفة بسيطة جداٍ وقع الانفجار ولم أشعر بعدها إلا بوجع في رأسي وبأحدهم يمسكني ويسألني: سلامات يا دكتور¿.
*ماذا حدث بعد ذلك.. هل غبت عن الوعي أم ماذا¿ – لا .. الحمد لله فقد سلمت باستثناء جرح في رأسي من شظايا الزجاج ونزيف في رجلي ودخلنا قسم الأشعة وفي غرفة الأشعة كان كثيرون قد تجمعوا داخلها فالشباب الذين كانوا يهربون -لو تلاحظ في الفيديو- من اتجاه البوابة الغربية للمجمع إلى بوابة المستشفى كانوا يصرخون: «مسلحون يقتلون اختبئوا». فكان هذا مؤشراٍ جعلنا نتنبه بأن هناك شيئاٍ أو خطراٍ نأخذ حذرنا وبقينا داخل غرفة الأشعة.
*كم كان عددكم داخل غرفة الأشعة وماذا حدث بعدها ¿ – كان عددنا اثني عشر شخصاٍ تقريباٍ وبقينا داخلها انتظرنا سكتة (صامتين). وكان الوضع سيئاٍ اختبأنا داخل الغرفة وأغلقنا الباب علينا لا ندري ماذا يحدث ولماذا¿.
* ماذا كنتم تسمعون خارج غرفة الأشعة¿ -لم نكن نسمع أي صوت عدا صوت إطلاق رصاص كثيف وانفجارات (قنابل) ما جعلنا نفهم بأن هناك مواجهات خارج الغرفة ولكن لا ندري بين من ولا لماذا. *كم بقيتم داخل غرفة الأشعة¿ – بالنسبة لي وأحد المرضى الذين أجريت لهم عملية وبقي بجانبي ويربط لي رأسي وتولى لاحقاٍ حمايتي بقينا حتى الساعة العاشرة والنصف تماماٍ حين جاء أحد الزملاء الممرضين لا أدري أين كان مختبئاٍ وسألناه ماذا يجري وكيف هي الأوضاع خارج وأخبرنا أنه لا يدري ما هي القصة ولكن الأمور هدأت قليلاٍ ناصحاٍ بالانتظار خمس إلى عشر دقائق أخرى قبل الخروج.
*متى خرجتما من غرفة الأشعة.. وماذا شاهدتما عند خروجكما¿ – خرجت مع مريضي حوالي الساعة العاشرة و35 دقيقة وكنا نشاهد سيارات إسعاف قادمة وزملاء من التمريض في مستشفى الثورة داخلين إلى المستشفى فتشجعت وخرجت وإلا لم يكن هناك أحد لا فرق إنقاذ ولا عسكر ولا شيء فواصلت السير أنا ومريضي نبيل الصميل الذي ظل حريصاٍ أن يتقدمني ليفتديني رغم أنه كان لا يزال هناك إطلاق رصاص. وحين خرجت من البوابة كان هناك انفجار من الوسط ما بين المستشفى.
* كانت إذن مجازفة منك ومريضك¿ -كنا مضطرين لأننا لا ندري ماذا يحدث ولا حتى متى نبقى ولا ماذا يمكن أن يحدث.. وبمجرد أن شعرنا أن كثافة الرصاص تراجعت خرجنا. حتى أن زملاء كانوا في مكان جوار الدائرة المالية سألوني كيف يا دكتور خرجت الساعة العاشرة والنصف مع أن الرصاص استمر وأن أناساٍ ظلوا يقتلون حتى الساعة الحادية عشرة والنصف فدهشت وأخبرتهم أني لا أعرف ولا كنا عارفين ماذا يحصل ولا ماذا سيحصل.
* صف لنا مشاعرك حينها.. بماذا شعرت .. وما الذي كان يخطر ببالك حينها¿ – أثناء ما كنا داخل غرفة الأشعة تشهدنا بصراحة ومن شدة الخطر الذي كنا نشعر به قلت لنفسي حينها أننا سنروح فيها إما بانفجار ثانُ أو بالرصاص الذي كان كثيفاٍ. لكن ما الذي يحدث أو من هم الذي يطلقون الرصاص ولماذا¿.. بصراحة لم يخطر ببالنا لم نستطع أن نخمن حتى لأننا كنا في مكان محصن.
* بماذا تشعر حيال أنك نجوت وزملاؤك لم ينجو¿ – والله بصراحة أنا أقول الحمد لله على النجاة وأن ساعة المرء لم تكن قد حانت. لكننا نشعر بالحزن الكبير لفقد زملائنا الأطباء أو الممرضين أو الإداريين أو الفنيين فقد كانوا جميعهم من خيرة الناس وكنا عائلة واحدة.. كان يوم دوامي في مستشفى الدفاع بالنسبة إلي يوم فرح حتى لو كان العمل متعباٍ. كنت أشعر بأنهم ودودين هادئين راقين جداٍ في تعاملهم متفانيين في عملهم. حتى جنود البوابة من الشرطة العسكرية كان تعاملنا معهم جيداٍ جداٍ. *هل تشعر بالحرج لكونك اختبأت للنجاة بحياتك¿ – شوف ربما كلامك صح. لكن بالنسبة لي كان النزيف في رقبتي كثيراٍ بصراحة. ورغم أني حركت رقبتي وأعلم بصفتي طبيباٍ أن إصابتي لم تكن مخيفة. إلا أن النزيف أجبرني أن أقعد. وهناك سبب آخر بصراحة هو أننا لم نكن نعرف ما الذي يحصل في الخارج وما هو الانفجار ومن يطلق الرصاص على العسكر.. ومن الذين قال الشباب الهاربون من البوابة أنهم يقتلون.. لا ندري ماذا نواجه إذا خرجنا.
* من أبرز شخصية اطمأنت عليك هاتفياٍ¿ – كثيرون اتصلوا بي بصراحة. بينهم وزراء وقادة عسكريين أعرفهم وزملاء. وهناك من له عذره فمثلاٍ وزير الصحة تربطني به علاقة شخصية وهو من استدعاني للعمل في مستشفى الدفاع بعد جريمة تفجير مسجد الرئاسة ومغادرة الكادر الألماني. لكنه يومها كان مسافراٍ في دبي والتقيت به في اليوم الثاني أثناء تشييع الزميلة الدكتورة الشهيدة سمية الثلايا رحمها الله.
* هل ثمة شخصية توقعت اتصالاٍ منها للاطمئنان ولم تتصل¿ – والله بصراحة قد ربما لا أحد بعينه ممن يخطرون على بالي لم يتصل بي. الكل اتصل يطمئن علينا. لم يقصر أحد. ومعظم الأهل والأصحاب كلهم اتصلوا من داخل البلاد وخارجها. وأكثر من كان يتصل بي هم المرضى. وبعضهم كان يتصل وهو يبكي وهذا ما لم أكن أتوقعه.
*هل جرى أخذ شهادتك في التحقيق الأمني¿ – حتى الآن لا أحد أخذ إفادتي هذا متوقع. لكن لم يكلمنا أحد حتى الآن (17 ديسمبر).
*كيف تصف الجريمة الآن من وحي الذاكرة¿ – لا أزال مذهولاٍ من له مصلحة في هذا .. صراحة أعجز عن وصفها بأي وصف. بأي عْرف وبأي مكان يْقتل الطبيب والطبيبة والممرضة والمريض بتلك الطريقة البشعة. لا أجد كلمات تصف ما حدث عدا الحزن العميق والذهول والاستغراب لما حدث.
* ما هي دوافع من نفذوا الجريمة برأيك.. ماذا تتوقع.. خيالك أين يقودك¿ -والله مهما وجهت خيالي لأي اتجاه يتوقف صراحة لا أستطيع أن أتخيل الدافع لهذه الجريمة. نحن نخدم الكل الكبير والصغير نخدم كل الأطراف بصفة مهنية. بصراحة لا يخطر ببالي ولا أجد تفسيراٍ أو مبرراٍ لما حصل غير أنهم ليس لديهم لا قلب ولا تفكير بما كانوا يفعلون. وإلا ما بالك بدكتورة تنقذ مريضاٍ وتْقتل بلا ذنب.
*ألا تشعرون أنكم كنتم المستهدفين بالجريمة¿ – يا أخي لماذا نستهدف.. لا علاقة لنا لا من قريب ولا من بعيد بالمشكلات التي تحصل أو التي حصلت بالعكس نحن نقدم خدمة إنسانية للناس كلهم. وبصراحة أنا عاجز عن التفكير أو أن تقودني الأفكار إلى أحد بعينه صراحة.
*هل تؤيد من يقول إنهم كانوا مخدرين وغير واعيين لما يفعلونه¿ – لا يوجد دليل يثبت أنهم كانوا شاربين حبوب أو مخدرين.. ربما قد يكونون منومين عبر جلسات أو كلام أو تعبئة. لكن حبوب لا أرجحها. لأن الحبوب ممكن تنومه لكن هذا كان يعرف ما يفعل ومنتبهاٍ صحيح بدا هادئاٍ جداٍ وبارد أعصاب نعم. لكن الحبوب لا أتوقعها.
* ماذا تركت الجريمة عليك أو فيك¿ -لا نزال بصراحة متأثرين نفسياٍ جداٍ بما حصل. نشعر بالحزن والأسى على زملائنا الذين قتلوا في الجريمة.. لا ذنب لهم فيما حدث وجميعهم يعيلون أسراٍ ويمشون أمورهم بكفاح وأعرفهم عن قرب مثل د.جميلة البحم ومحمد السلفي ومختار نعمان جميعهم كانوا رائعين ومتميزين كل واحد كان في حاله يسدي خدمة إنسانية للجميع بطيب خاطر مؤكداٍ قلوبنا تتفطر عليهم. فقد كنا معاٍ إخوة عائلة واحدة.
غابت *ما الذي غاب عن وسائل الإعلام وترى أنه يجب أن يعرفه الجمهور¿ – يعني تشعر أنه لا يوجد اهتمام بالناس الذين راحوا ونوعية القتلى وأنهم كانوا رافداٍ ممتازاٍ وهاماٍ جداٍ للكادر الطبي اليمني. لا أحد مهتم بهم أقصد من العامة بغض النظر عن من هم في المستشفى الذين يعرفون كادرهم. بل أقصد خارج المستشفى كان المفروض يكون الاهتمام أكبر بالكادر هم يهتمون بأشياء لا علاقة لها بالكادر الذي خسرته البلاد. غاب عنهم أن هذا الكادر يمني وراح وكان لديه إمكانيات جيدة جداٍ فمثلاٍ محمد السلفي كان من أفضل الممرضين والمساعدين في اليمن أو أفضلهم على الإطلاق ولا أحد ذكر ذلك.
*هذا برأيك ما يجب أن يعرفه الجمهور بجانب من الفاعل وتقديمه إلى العدالة¿ -نعم .. نعم.. لأنه هناك ناس جيدين راحوا.. ناس كانوا من أعمدة الطب في اليمن أحدهم خدم اليمن 33 سنة وراح مسكين في غمضة عين الدكتور الجراح فانزويلا والدكتورة جميلة ومختار نعمان.. ولم يذكر أحد هذه الخسارة التي منيت بها البلاد.
*نعدك أن نذكرهم دكتور.. ونقدر لك خصنا بهذا الحوار¿ – تعرف لماذا¿.. لأن الصحيفة حكومية وهذا يفترض بها أن تكون مستقلة وتتبع الناس كلهم وأنت أحرجتنا ولاحظت اهتمامك بإعلام الناس ماذا فقد اليمن وأشعر أنك حريص على إظهار الحقيقة باستقلالية. فالحديد يعوض والبناء يعمر من جديد لكن البشر والعقول لا تعوض.. وينبغي أن يشعر الجميع بحجم الخسارة وأن يكونوا هم الأولوية في التعامل مع الجريمة وتكون البلاد حزينة عليهم بالفعل وليس بهذه السطحية. الكادر الذي فقدناه كان من أقوى الكوادر.