الرئيسية - عربي ودولي - حروب العطش معضلة القرن
حروب العطش معضلة القرن
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

رغم أن «75%» من مساحة العالم مياه تشكل نسبة اليابسة 52% فإن العالم في الظرف الراهن يواجه تحديات مختلفة أبرزها تحديات مائية انعكست آثارها على مختلف الجوانب الحياتية لدى كثير من الدول وتحذر دراسات وأبحاث لمراكز وهيئات دولية من نضوب المياه إذ تشير إلى أن العالم داخل مع نهاية القرن الماضي حروب المياه ولكل دولة مشاكل على صلة وثيقة بالمياه أكان ذلك من خلال ما تحتاجه من كميات للزراعة أو في استخدامه في مجالات عديدة خصوصاٍ في ظل الجفاف الذي يجتاح العالم وندرة الأمطار وشحتها وارتفاع معدلات النمو السكاني وعوامل أخرى مساعدة على بروز حروب العطش في القرن الحالي. ومعظم النزاعات بين الدول دائماٍ ما تكون حول المياه بغض النظر عن الطابع السياسي أو العسكري أو الأمني يحتل العامل الاقتصادي أولوية في حسابات الدول و حاجتها للمياه كحاجة ضرورية لتشغيل المنشآت فضلاٍ عن طرق الاستخدامات المتعدة لتلك المياه. وبدون أدنى شك بأن أحد الدوافع الأساسية لغزو الكيان الصهيوني لبنان عام 1982م كان لغرض السيطرة على جنوب لبنان تحت دواع ومبررات الحاجة إلى مياه الأنهار اللبنانية سيما مياه نهر الوزاني أحد روافد نهر الحصباني الذي ينبع من لبنان ناهيك عن التذرع الصهيوني الليطاني مما أدى إلى صراع بين الكيان الصهيوني ولبنان كنتيجة حتمية تندرج ضمن حروب المياه وليس ذلك فحسب بل مثلت الدوافع الأساسية لاتفاقية وادي عربة بين إسرائيل والأردن من أجل تقاسم المياه وتجديد الاتفاقية بين الجانبين تركزت بدرجة أساسية حول المياه عوضاٍ عن تعثر المباحثات السورية الإسرائيلية التي انهارت عام 2000م بعد جولات تفاوض مختلفة كانت بسبب عدة ملفات منها ما يتعلق بالمياه . وفي ذات السياق تجد أن هناك خلافاٍ سورياٍ تركياٍ حول السدود التي تقوم تركيا بإنشائها وما لذلك من آثار مستقبلية على المياه بالنسبة لسوريا التي كانت تعارض بشدة إنشاء سدود تركية تؤثر على أمن واستقرار سوريا وكذلك بالنسبة للعراق تأثرت العلاقات التركية العراقية بسبب السدود التي بنتها أنقرة وتدخل ضمن مشاريع مستقبلية لمياه نهري دجلة والفرات وما لذلك من آثار سلبية وانعكاسات تضر بالعراق وهي ذات المشكلة المحركة لحرب الثماني سنوات بين إيران والعراق حول شط العرب الذي يمثل ملتقى دجلة والفرات وما نتج عن ذلك التنافس بين بغداد وطهران من حرب. ولا يختلف الحال بالنسبة لمصر والسودان وأثيوبيا حول مياه النيل وما نتج عن ذلك من مشكلات وتشكيل لجان وعقد مباحثات لبحث التسوية بين البلدان المشار إليها حيث تتهم القاهرة والخرطوم أديس أبابا بإقامة سدود مائية تهدد مياه النيل كمشكلة لا تزال قائمة بين الدول الثلاث ناهيك عما تشهده القارة الأفريقية من صراع حول المياه والأنهار والحصص الخاصة بدول النزاع على غرار ما جرى بين زامبيا وموزمبيق ودول أخرى في قارة أفريقيا حول تقاسم مياه السنغال بالإضافة إلى صراع الهند وباكستان حول استثمار نهر الأندوس. هذه الصورة تعني أن النزاعات القائمة بين البلدان معظم دوافعها الأساسية ترجع إلى مشكلة المياه وليس ذلك بجديد فقد كان الدافع للحرب العالمية الثانية حول جزر اللورنس ونهر الدانوب الذي يشكل حالياٍ مشكلة أساسية بين المجر وسلوفاكيا حول محطة لتوليد الكهرباء الواقعة على الدانوب وكذلك الحال بين صربيا وكرواتيا بسبب النقص المحلي للمياه مما يظهر أن العالم مهدد بالعطش فعلاٍ مع إغفال ما يعانيه من نقص في المياه الجوفية خصوصاٍ منطقة الشرق الأوسط وليس الوطن العربي بمعزل عن ذلك خاصة في ظل وجود الكيان الصهيوني حيث تعاني الدول العربية من مشكلات وصراع حول المياه ولا يوجد قطر عربي إلا ويعاني من تلك المشكلة سيما على صعيد التنمية الزراعية وعدم وجود خطط وآليات للاستفادة من مياه الأمطار ما يجعل تعثر معظم مشاريع التنمية خاصة في المجال الزراعي ترجع أسبابها إلى معضلة المياه الأمر الذي يظهر أن سكان العالم بحسب التقارير والدراسات التي تشير إلى ذلك بروز حروب تعطيش حقيقية تندرج بشكل أو بآخر ضمن حروب المياه مما يظهر غياب المشاريع الحقيقية من سبل وإمكانية الاستفادة من المياه من خلال اتباع سياسات مائية واضحة لحل المشكلات الناتجة سيما أثناء الجفاف وتحقيق الاستفادة بما يخدم السكان ويحل المشاكل المترتبة على المياه. وإن كانت الأمم المتحدة تحتفل في كل عام بمناسبة اليوم العالمي للمياه فإن الواضح أن نزاعات المياه تزايدت بصورة حادة وأخذت أبعادها في الاتساع لتشمل كل قارات العالم ولم تعد مشاكل استثنائية ومحلية وهو ما يعني بالتأكيد غياب رؤية واضحة لحل النزاعات الحدودية المرتبطة بالمياه وما لذلك من آثار سلبية جراء النقص المتزايد لهذه الثروة الطبيعية الحيوية الأمر الذي أدى -نتيجة غياب اتفاقية دولية أو رؤية محددة -إلى حروب مياه مختلفة يشهدها العالم ولا تزال تفاعلاتها تجري حتى اللحظة الراهنة.