مركز الملك سلمان ينفذ مشروعاً لمعالجة مشكلة نقص المياه في مديرية ذوباب بتعز اختتام ورشة العمل الخاصة بالعنف القائم على الفتيات بعدن اختتام ورشة تدريبية بسيئون حول تقييم وتحديد الاحتياجات وإعداد وكتابة التقارير البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يواصل برامجه ومبادراته التنموية في مختلف المجالات تأهيل كوادر بمصلحة الجمارك حول الرقابة على السلع الإستراتيجية في قطر شرطة مأرب تعلن منع حركة الدراجات النارية داخل المدينة بصورة نهائية استكمال تجهيزات إصدار البطاقة الذكية في حيران غرب حجة طارق صالح يبحث مع سفير الإمارات مستجدات الأوضاع العرادة يناقش مع المستشار العسكري للمبعوث الأممي المستجدات العسكرية والأمنية وتأثيرها على عملية السلام مجلس القيادة الرئاسي يناقش المستجدات الوطنية والاقليمية
تحقيق / هشام المحيا – > 28 مليار ريال قيمة المضادات الحيوية المستوردة في عام واحد
حياتنا في خطر.. ربما هذا هو التوصيف المناسب لحالة الإهمال اللامحدود للنظافة في المستشفيات ورداءة التعقيم الذي يجعل من الجراثيم والفيروسات جيوشاٍ فتاكة تتربص بمرتادي المستشفيات خاصة في غرف العمليات وما بعدها وفي مقدمة الضحايا الأطفال والشيوخ الجهات المعنية تسد إحدى أذنيها بطين والأخرى بالعجين ولعبت دور “شاهد ما شافش حاجة” رغم التحذيرات التي يطلقها متخصصون…التفاصيل في التحقيق التالي:
في الوقت الذي يعيش فيه العالم القرن الحادي والعشرين لا زالت بعض مستشفياتنا تعيش القرون الوسطى فالمستشفيات في كل دول العالم أنشئت لتكون مصدرا للدواء وللرقي بصحة الإنسان حتى استطاع الأطباء أن يتغلبوا على أغلب الأمراض لا سيما القاتلة منها سواء كانت هذه الأمراض ناشئة عن وراثة أو عدوى أو غير ذلك أما في اليمن “الجديد القديم” فبعض المستشفيات مصدرا للداء لا للدواء فبمجرد “إصابتك بمرض ما ستمنح الآخر مجانا” ومن أقرب مشفى وربما ستمنح أكثر من مرض وكأنك في معرض للملابس الموسمية كل هذا الكرم في توزيع الأمراض يعود إلى الوضع المأساوي الذي تعيشه مستشفياتنا المتخمة بالفيروسات والميكروبات المسببة لانتشار عدوى المستشفيات الأمراض بأنواعها والتي تعرف طريقها جيدا إلى المرضى أو العاملين في المستشفى وحتى الزائرين حيث تتسبب هذه الظاهرة الصحية الخطيرة بإصابة المئات من اليمنيين أسبوعيا فقد ذكرت دراسة يمنية حديثة ستعلن نتائجها قريبا أن نسبة الإصابة بالعدوى في المستشفيات باليمن تصل إلى 60% تقريبا وقد أكد هذه النسبة الأرقام الصادرة عن قسم مكافحة العدوى في هيئة المستشفى الجمهوري بصنعاء حيث تستقبل الهيئة أسبوعيا حوالي 150 حالة مصابة بالعدوى أي (7200) حالة بمعدل سنوي وهكذا في أغلب المستشفيات وحسب بعض الدراسات فإن 80% من المصابين بالعدوى في اليمن يموتون بسببها ولأن أهل الضحايا لا يعلمون السبب فلن تجد أحداٍ فيهم يبحث عن سبب الوفاة فقط سيلقون باللائمة على “القضاء والقدر” فهو المتهم الأول في انتزاع الأرواح من وجهة نظرهم من جهة أخرى يحاول بعض الأطباء تسويق تبريرات من نوع وفاة بعض الناس في المستشفى عموما وغرف العمليات يعود إلى “التلوث” وأحيانا يعللونها بـ “الخطأ الطبي” متناسين أن التلوث هو ذاته العدوى وأن الكثير من حالات الوفاة تحدث بسبب العدوى مصادر العدوى وبناء على الأبحاث والدراسات العالمية التي اهتمت بعدوى المستشفيات وتحذيرات بعض الأطباء في اليمن فإن للعدوى المكتسبة في المستشفيات مصادر متعددة أبرزها أن المستشفيات الموجودة لا تعمل كل ما ينقل العدوى كذلك غياب النظافة الحقيقية عن المستشفيات والمراكز الطبية حيث يسبب غيابها تكاثر البكتيريا والجراثيم والفيروسات القاتلة بالذات في غرف العمليات وغرف المختبرات ولهذا اهتمت دول العالم بنظافة المستشفيات لأن إهمالها يعد إعلانا رسميا لفتح باب القبول والتسجيل لكل أنواع الجراثيم والفيروسات في المرافق الصحية ومن ثم السماح لها بالانتشار في أجساد المواطنين وهذا ما ستلاحظه بنفسك ـ عزيزي القارئ ـ فعند زيارتك لمستشفيات بعض الدول العربية فإنك سترى صورتك الشخصية في البلاط الموجود على أرضية المشفى من شدة النظافة أما في بعض مستشفيات اليمن فلن ترى صورتك حتى على المرايا المعلقة على بعض جدرانها وهذه المقارنة لم تنشأ من وحي الخيال ففي زيارتي لبعض المستشفيات والمراكز الطبية في أمانة العاصمة لاحظت ــ كغيري من المواطنين ـ مدى غياب النظافة التي عملت على انتشار الأمراض بشكل كبير فأكياس القمامة مرمية على أبواب بعض المستشفيات والمراكز الصحية وفي الممرات داخل المستشفيات كما استحدثت خدمة توصيل الأمراض وبدون ملاحقة وذلك عن طريق وضع “سلات” القمامة بالقرب من أسرة المرضى وأيضا عن طريق القطع القماشية الموجودة على الأسرة التي تغير لون بعضها من الأبيض إلى الترابي وذلك بفعل عوامل التعرية داخل المشفى أو المركز الطبي . لم يكن غياب النظافة هو رأس المشكلة فتعقيم الأدوات الصحية في الكثير من المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية والخاصة يمشي “بالبركة” فلا مواصفات ولا مقاييس “ولا هم يحزنون” علما بأن بعض أنواع البكتيريا والفيروسات تحتاج لاستخدام مقاييس محددة أثناء التعقيم للقضاء عليها وهذا الإهمال بالذات سهل من عملية إصابة الناس بالأمراض لا سيما الأمراض المعدية. لم تنته بعد قائمة مصادر العدوى فقد ذكر الباحثون أن البيئة المحيطة كالهواء والماء والوجبات المْحضرة داخل المطبخ الخاص بالمستشفى عامل رئيس في صناعة الموت للمواطنين والملاحظ في مستشفياتنا أنه عند انقطاع مشروع الماء تلجأ إلى شرائه عبر ما يسمى بـ “الوايت” علما بأن مصدر هذا الماء غير آمن لأنه جاء من البئر غير المراقب ثم يصب في الخزان الخاص به دون معرفة ما إذا كان الخزان نظيفا أم لا وهذا ما يعني أن هذا الماء سبب للعدوى ملابس الأطباء والهواتف النقالة و”شنط” النساء تشارك في هذه المعمعة التي تنتصر لمملكة البكتيريا والفيروسات التي تهدد حياة اليمنيين فقد أثبتت دراسة أمريكية حديثة أن واحدا من بين عشرين فرداٍ يدخلون المستشفى يصاب بالعدوى بسبب تلوث معاطف الأطباء ومساعديهم ومقدمي الخدمات الطبية . كما أثبتت دراسة أجريت في تركيا أن الهواتف النقالة التي يستخدمها المرضى والمرافقون والزائرون والعاملون في المستشفيات تحتوي على بكتيريا خطيرة تنتقل إلى الإنسان مسببة له أمراضاٍ خطيرة وأثبتت دراسة أخرى أن حجم البكتيريا والجراثيم التي توجد في “شنط “النساء تصل إلى عشرين ضعفاٍ من البكتيريا الموجودة في المراحيض العادية يذكر أن وسائل كثيرة تعمل على نقل الأمراض المعدية من مصادرها إلى الناس إلا أن أبرزها تتمثل في اليدين.. ففي كثير من الأوقات يقوم الأطباء بنقل العدوى من مريض إلى آخر بأيديهم بحملهم للبكتيريا والفيروسات لذا أقامت منظمة الصحة العالمية يوما عالميا لغسل اليدين ومن تلك الوسائل الأدوات الطبية الملوثة التي تلامس جسم المريض كأنبوب التنفس وأنبوب التغذية أو قسطرة البول وكذا الأدوات المستخدمة في العمليات الجراحية أو المجارحة العادية أيضا تواجد البعوض والذباب في المستشفيات والمرافق الصحية حيث تقوم بنقل الأمراض من شخص لآخر بالذات الأشخاص الذين أصيبوا بالحروق إلى جانب ذلك كله يبقى التنفس والرذاذ من أكبر الوسائل الناقلة للعدوى من شخص مصاب إلى آخر سليم حسب إفادة عدد من الأطباء فإن الأطفال وكبار السن هم أكثر عرضة للعدوى كما أفادوا بأن غرف العمليات وغرف المجارحة والطوارئ هي أكثر الأماكن التي تعرض الإنسان للإصابة. مغني جنب “أدور” منذ العام 1995م والدكتور محمد الحيمي نائب عميد كلية الطب بجامعة صنعاء والطبيب في مستشفى الشرطة العام يحاول أن يدق ناقوس الخطر الذي تسببه العدوى ولكن لا حياة لمن تنادي لذا قرر أن يطبق قواعد الوقاية من العدوى لوحده بعد أن بح صوته فهو لم يفارق المعقم منذ حوالي عشرين عاما ويضيف: “وزارة الصحة لم تفكر يوما بحماية المواطن”. الدكتور إبراهيم يحيى الأخفش رئيس قسم مكافحة العدوى في هيئة المستشفى الجمهوري العام بصنعاء يقول: “إن عدوى المستشفيات في اليمن مسألة صحية في بالغ الخطورة فهي في توسع مستمر وتعمل على حصد أروح اليمنيين” استغرب الدكتور الأخفش غياب وزارة الصحة عن مكافحة العدوى وبالتالي الوزارة تتحمل المسئولية ويضيف: “نحن في المستشفى الجمهوري استشعرنا خطورة العدوى وقمنا بإنشاء قسم خاص لمكافحة العدوى ونحن الآن بصدد إنشاء نظام خاص لهذا الغرض إذا ما صدقت وعود بعض الجهات التي أعلنت دعمها لنا”. وتابع: “أما في الوقت الحالي فنقوم بعمل محاضرات في جميع أقسام المستشفى لرفع الوعي عند الكادر الطبي كما أبلغنا مركز الطوارئ العامة أنه في حال استقبال أي حالة يشتبه في إصابتها بعدوى مرض ما يتم الإبلاغ عنها لاتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة”. وقد أرجع الدكتور سبب تفشي ظاهرة العدوى في المستشفيات إلى عوامل عدة أبرزها غياب دور وزارة الصحة وغياب الوعي عند المواطنين والكادر الطبي في آن واحد. أما الدكتور سيف الحيدري الذي يعمل في قسم المختبرات بمستشفى عمران فيدعم حديث الأخفش والحيمي ويؤكد على ضرورة قيام وزارة الصحة بمهامها في مكافحة العدوى لما تشكل من خطورة بالغة على حياة المجتمع. وحتى لا تظلم وزارة الصحة بالاتهامات قمنا بزيارات متعددة إليها وكانت النتيجة أن الوزارة مصابة بعدوى الإهمال الذي يعم أغلب مؤسسات الدولة وعلى الرغم من وجود إدارة لمكافحة العدوى فإن هذه الإدارة تراوح مكانها لأسباب لا نعلمها . مكانك سر إن غياب الرقابة على المستشفيات فيما يخص العدوى وغياب التعقيم يهدد الأمراض والتي بدورها تهدي الموت لآلاف اليمنيين سنويا – أطباء ـ مرضى ـ وزائرين للمستشفيات كما أن الخسائر لم تكن بشرية فحسب بل ومالية أيضا حيث بلغت قيمة المضادات الحيوية المستوردة لعام واحد فقط 28 مليار ريال من جهة أخرى ونظرا لغياب الإحصائيات الرسمية لعدد الحالات المصابة بالعدوى لم يتمكن كاتب التحقيق من حصر عدد المصابين في الجمهورية واكتفى بالمستشفى الجمهوري ـ صنعاء ـ لقياس مدى انتشار هذه الظاهرة لذا يتوجب على وزارة الصحة والمستشفيات والمراكز الصحية إقامة أقسام متخصصة لمكافحة العدوى مدعمة بكل الوسائل الحديثة على الأقل لتخفيف الضغط على مطار القاهرة وغيره من المطارات التي تستقبل طائراتنا المسماة بـ “طائرة العيانين” وفي رواية “طائرة المرضى”.