الرئيسية - تحقيقات - حملة الحديدة لفك الحصار عن العاصمة صنعاء فــي ملحمة السبعين يوما المجيدة
حملة الحديدة لفك الحصار عن العاصمة صنعاء فــي ملحمة السبعين يوما المجيدة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

الحلقة الثالثة

● يتبين من خلال عدد من الحوارات التي أجريتها مع عدد من مناضلي الثورة اليمنية شهود تلك الملحمة ومن هئولاء على سبيل المثال, كل من: اللواء أحمد محمد المتوكل واللواء علي قاسم المؤيد اللذين كانا يعملان حينذاك في مكتب القائد العام الفريق حسن العمري واللواء عبدالله عبدالسلام صبرة قائد منطقة همدان في حصار السبعين والمقرب من الفريق العمري, واللواء علي محمد الشامي المسؤول المالي في حملة يسلح واللواء درهم بن ناجي أبو لحوم قائد الهجوم الأول على النقيل وأحد القادة الكبار في تلك الحملة والعميد غازي علي عبده العريقي قائد مدفعية تعز الذي أبلى بلاء حسنا في حملة يسلح والشيخ علي ناصر طريق قائد مجموعة كبيرة من قبائل مراد التي ظلت صامدة في حملة يسلح ومن معايشتي لكثير من وقائع ملحمة السبعين المجيدة ومن خلال الرؤية التحليلية الموضوعية لها بكل أبعادها والرقعة الجغرافية التي شملتها وانعكاساتها على مجمل النشاط السياسي والحربي على المستوى الوطني والإقليمي بل والعربي والدولي وبعد مضي خمسة وأربعين عاما على انتصارها, ما يلي: عقب ذلك في نهار 5/2/ 1968م تم توزيع مهام المرحلة الهجومية التالية للسيطرة الكاملة على جبل النبي شعيب وأهم مواقعه التي تمكن من تأمين الطريق الرئيسي من بوعان وحتى منطقة متنة وقد كان ذلك وفق رواية كل من: الشيخ أحمد علي المطري(في شهادته سالفة الذكر) اللواء أحمد المتوكل اللواء محمد الفقيه وهم من قادة الحملة وكذلك رواية كل من: العميد صالح عبده الخيشني العميد صالح محمد العبادي المطري العميد أحمد علي يحيى المطري وهم من المقاتلين المشاركين في اقتحام مواقع الملكيين في الجبل وسفوحه على النحو التالي: 1- الشيخ أحمد عبدربه العواضي وفرقة من أصحابه ينطلقون من جبل الظهار باتجاه محلات الصومعة وبيت مفتاح. 2- الشيخ سالم عبدالقوي الحميقاني والشيخ علي أحمد الموجاني ومقاتلوهما ينطلقون من موقعهم في لِكِيم الكحل للهجوم على جبل ضبيان والسيطرة عليه. 3- بعض أصحاب الشيخ أحمد علي المطري بقيادة الشيخ محمد صالح ملفي ينطلقون من قرية بيت الشعبي للهجوم على قرية السرارة وجبل ظِلُمú. 4- بقية أصحاب المطري ومرافقو كل من قائد الحملة العميد عبداللطيف ضيف الله والنقيب سنان أبو لحوم وأطقم ومصفحات الشرطة العسكرية والحرس الجمهوري تتحرك مع القوات الثقيلة كحراسة لها باتجاه متنة. وتم التنفيذ فور الاتفاق على الخطة وانطلق كل إلى الاتجاه المحدد له. في نفس الوقت قام الشيخ المطري بالاتصال, عبر اللاسلكي, بالمقدم أحمد علي شيبان والرائد علي الحاشدي والرائد علي الردمي وطلب منهم سرعة التحرك من بيت ردم إلى متنة للسيطرة عليها وحدد لهم ساعة الصفر. وفي هذا يقول الشيخ أحمد علي المطري:

” تحركت مجموعة بيت ردم بقيادة الأخوين يحيى علي الردمي والرائد علي الحاشدي وكان لهم السبق فقد وصلوا إلى متنة قبل وصول بقية المجاميع إلى المواقع المتفق عليها وقاموا بتطهير متنة من إذناب العدو واحتلوا القشلة العليا, وأشعلوا النار في سطحها إعلانا بالنصر, وبعد ذلك بحوالي عشر دقائق وصلت القوة الثقيلة ومرافقوها إلى متنة”. ويقول اللواء (كان يومها برتبة نقيب) علي محمد الحاشدي في مقابلة مسجلة معه أنه استقبل القوة الواصلة من الحديدة عند عقد(جسر) حِلúحلان الذي دمره الملكيون وهو قْبيل متنة بما لا يزيد عن كيلو متر ونصف تقريبا. وأكد لي صحة ذلك القول اللواء حمود ناجي فاضل قائد طاقم الشرطة العسكرية التابع لفرع الحديدة (وكان يومها برتبة مساعد) وما يزال حيا يرزق حيث قال لي في لقاء معه أن النقيب علي الحاشدي ومعه عدد من المقاتلين استقبلوهم بالفعل عند الجسر المدمر قبيل متنة. وفي هذا الصدد قال لي اللواء أحمد علي شيبان في مقابلة مسجلة معه في 12/10/2005م ما يلي: ((كان التنسيق بيننا نحن والشيخ أحمد علي المطري في كل شيء بما في ذلك دورنا في عملية فتح الطريق وما هي مهمتنا عند وصول حملة الحديد ونحن كما سبق وأن قلت لك كان بيننا وبين أصحابنا الملكيين من بيت ردم المتركزين في منطقة متنة تنسيق كامل بعدم التفريط في بعضنا البعض والتعاون في ما يصلح البلاد فعندما جاءت لنا الإشارة من الشيخ أحمد بموعد تقدم الحملة إلى متنة, وأمره لنا بالتحرك بالمقاتلين للسيطرة عليها تحرك كل من النقيب علي الحاشدي يحيى الردمي أحمد شرف حمود العريق محمد عبدالله العريق ومجموعة من بيت شيبان وآخرين تحركوا نحو متنة للسيطرة عليها والواقع أن ذلك تم بالتفاهم مع أصحابنا بيت ردم الملكيين الذين كانوا في متنة بدون حرب وبناء على تفاهم سابق وحافظنا عليهم في تلك الحملة كما فعلوا معنا حين كانت السيطرة لهم على متنة في أوج الزخم الملكي. وقد قمنا فور إتمام سيطرتنا على المنطقة ومراكزها الحيوية وبحسب تعليمات الشيخ أحمد بإشعال النيران فوق القلعة والتلال المرتفعة ليعرف الجميع أن متنة قد صارت تحت سيطرة قوات الثورة فواصلت الحملة تقدمها وكان في استقبالها عند عقد حلحلان النقيب علي محمد الحاشدي وعدد من أصحابنا من العسكريين والمدنيين)). وقد تم التوقف لفترة بسيطة, لا تزيد عن الساعة والربع, عند ذلك الجسر المدمر ريثما يتم إصلاح طريق فرعي من جانبه لا يتجاوز طوله 40-50 مترا تقريبا بواسطة المهندسين محمد مريط ومبخوت المطري وعمال مكتب الأشغال في الحديدة ومن ثم تابعت القوات تدفقها على منطقة متنة عند الربع الأخير من الليل لتعزز السيطرة الكاملة عليها ولتتهيأ الحملة بعد ذلك للتقدم باتجاه العاصمة من أكثر من اتجاه. حين وصلت القوة الثقيلة, وما يرافقها من قوة المشاة الرسمية والشعبية إلى منطقة متنة كانت قوة المشاة القبلية, التي يقودها المناضل الشيخ أحمد عبدربه العواضي تخوض معركة ضارية مع المقاتلين الملكيين في كل محاور القتال التي تقدم منها مقاتلو الحملة للسيطرة على جبلي ظِلمú وضبيان وقرية السرارة وبيت مفتاح والصومعة وهي أهم مراكز التحكم في جبل النبي شعيب وأهم المواقع التي يتمكن من يسيطر عليها من السيطرة القوية على منطقة متنة والطريق الرئيسي إلى العاصمة وكانت قوة وكثافة ذلك القتال مسموعة في كل أنحاء المنطقة وتتم متابعتها باهتمام كبير. وفي منطقة متنة كان قائد الحملة اللواء عبداللطيف ضيف الله والقادة الكبار من العسكريين والمدنيين يتابعون أولا بأول ذلك القتال وقد تم الإيعاز إلى رماة المدفعية الم/ط عيار 37ملم والدبابات وبالذات الرامي الماهر محمد القماري بالضرب على المواقع المهمة التي كان يستهدفها الهجوم وخاصة جبلي ظلم وضبيان اللذين كان العدو يقاتل منهما بشراسة. وقد كان الهدف من القصف كما قال الشيخ أحمد بن علي المطري أولا إشعار مقاتلينا الذين يهاجمون الجبل بأنه قد تمت السيطرة على منطقة متنة التي يمكن منها شن هجوم على ذينك الجبلين من خلفهما وثانيا بث الرعب في نفوس المقاتلين الملكيين في تلك المواقع وزعزعة معنوياتهم ودفعهم إلى مغادرة المنطقة وقد باشر رجال المدفعية والدبابات القصف وفوجئ به العدو من خلفه وأبدعوا جميعا في إحداث إصابات مباشرة وفعالة وأسكتوا العديد من مصادر النيران وشدوا من أزر مقاتلينا ورفعوا معنوياتهم أكثر وكثفوا القصف ونجحوا بالفعل في بث الرعب في نفوس مقاتلي العدو فغادروا تلك المواقع ولم تكد تمضي بضعة ساعات من بداية الهجوم حتى صارت قوات الثورة, التي يقودها الشيخ أحمد عبدربه العواضي تشعل النيران في أعالي تلك المواقع والقرى التي استهدفها الهجوم وتكمل السيطرة على جبل النبي شعيب الذي فر منه قادة الملكية ومقاتلوهم وصارت المنطقة وطرقها آمنة وخاضعة لسلطة الدولة. وقد استولت قوة الهجوم في المحاور الثلاثة على كل الأسلحة الثقيلة وعتادها التي خلفها الملكيون الفارون من الجبل وكذلك الأسلحة الفردية ومخازن الذخيرة التي غنمها المهاجمون فيما سلمت الأسلحة الثقيلة وعتادها إلى القيادة بما فيها مولدان كهربائيان تم تسليمهما لسلاح الإشارة ليستفاد منهما في شحن البطاريات. وبعد اكتمال السيطرة على المنطقة وتعيين النقيب أحمد علي شيبان قائدا لها انتقل قادة الحملة الكبار إلى منطقة المساجد ليلتقوا بالقوة العسكرية التي قدمت من صنعاء تحت القيادة المباشرة للفريق حسن العمري رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة, وتجمعت هناك استعدادا للهجوم الشامل على جبل عيبان من محور المساجد-عيبان بالتزامن مع هجوم القوة التي ستأتي من محور حدة- عيبان بهدف السيطرة عليه وعلى المواقع الأخرى التي تقع في الجنوب منه وخاصة جبل ظفار وما حوله من المواقع والقرى التي يمكن أن يكون للملكيين وجود فيها. وكان لقاء تاريخيا تعانق فيه الأبطال وسالت دموع الفرح بالنصر المؤزر لقوات الثورة اليمنية الظافرة والنجاح الباهر في فتح طريق صنعاء-الحديدة وفك الحصار عن العاصمة التاريخية لليمن الذي هو ثمرة لتكامل الدور النضالي الرسمي والشعبي الذي تجلى بشكل واضح في ملحمة السبعين يوما داخل العاصمة وخارجها كما سيتبين في العرض التالي للقوى الرئيسية التي دافعت عن العاصمة رسميا وشعبيا, لنختم الدراسة بعرض لخطة الهجوم على جبل عيبان وامتداده الجغرافي من الجهة الجنوبية, لتتوج كل معارك الدفاع عن العاصمة بنصر مؤزر كسر طوق الحصار عنها وفتح الطريق لملاحقة فلول وانتصارات أخرى متتالية. إلى اللقاء في الجزء الأخير من ملحمة السبعين وهو بعنوان: الوحدات الرئيسية التي شاركت في الدفاع عن صنعاء في حصار السبعين يوما.