الرئيسية - السياسية - مشــروع بنـاء الـدولـة يصـطدم بالقبيـلة
مشــروع بنـاء الـدولـة يصـطدم بالقبيـلة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

في العام 2011م والثورة الشبابية السلمية الشعبية في أوجها قال الصحفي محمد حسنين هيكل ما يحدث في اليمن ليس ثورة بل قبيلة تحاول أن تتحول إلى دولة وهذا أمر يصعب جدا أن يحدث. هيكل ذهب حينها إلى أن الوضع اليمني حاليا يمثل مصدر قلق على دول الخليج وشبه الجزيرة العربية لأن اليمن بحسب قوله خزان بشري مزعج لأصحاب الشأن وبالتالي تعتبر هذه الدول السكوت مطلوبا في هذه الفترة يقصد العام 2011م. المكونات الشبابية والحزبية كانت ترى أن حلم مشروع الدولة سيتحقق ظنا منها أن القبيلة بالفعل قد انخرطت في العمل الثوري بعيدا عن السلاح واعتبرت تلك المكونات أن الساحات الممتلئة بالمجتمع بما في ذلك المكون القبلي الذي تخلى عن السلاح في تلك الفترة مقياسا لتماهي القبيلة في المجتمع الباحث عن حاضن دولة يسود فيها القانون والجميع سواسية. سنتان مرت ولا يلوح في الأفق أن ثمة مشروع دولة حتى اللحظة. السفير عبدالولي الشميري يقول في هذا الصدد: مازال المغامرون القدامى يسيطرون على إرادة الشباب ومشروع بناء الدولة مراحله طوال ويضيف: وجه الليل مازال عابسا. عدد غير قليل من الكتاب يبدون مخاوفهم من المستقبل في ظل صراع مراكز النفوذ على السلطة ومن هذه المراكز القبيلة التي تمثل عاملا بارزا في معادلة التوازن السياسي منذ ثورة سبتمبر 1962م. ويرى الكتاب أن القبيلة تشكل عائقا أمام قيام مؤسسات مدنية صحيح أن جزءا كبيرا من القبائل الـ200 في اليمن تخلت في لحظة ما عن السلاح وحاولت التماهي في ساحات الثورة لكن هذا لم يلبث طويلا. ما يحدث اليوم من مبارزة بين مراكز النفوذ التي تعد القبيلة لاعبا أساسيا فيها ودليلا قطعيا أن اليمن لا يزال أمامها الكثير لكي تتجه إلى بناء الدولة. مراقبون يرون أن القبيلة التي كانت تتباهى يوما ما بقيم التسامح والخير لم تعد كذلك كون الأفراد الذين يقومون بالتقطعات وضرب الخدمات كالكهرباء وأنابيب النفط ينتمون إلى القبائل ناهيك عن أن أي توجه للدولة في تطبيق القانون يصطدم بمخالفة القبيلة على رأسها الشيخ وليس أدل على ذلك من الحملة التي قامت بها وزارة الداخلية لمنع حمل السلاح.. الموطنون استجابوا ومشايخ القبائل أجهضوا الحملة حين وقفوا ضد مع الحملة. مركز أبحاث التنمية الدولية في كندا الذي دعم في السنوات الأخيرة دراسات تناولت الدور السياسي للقبيلة في اليمن ودعم المركز في تنظيم ندوة نحو بنية قبلية ذات ثقافة مدنية وكان الهدف من الندوة التي وضعت رموز التكوينات القبلية والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والسياسيين وجها لوجه بغرض ممارسة الدور السياسي للقبيلة والدولة غير أن هذا بحسب مراقبين يظل حبرا على ورق لأن القبيلة بما تمثله من مؤسسات الدولة لا يبدو أنها تنوي منازعة الدولة في التأثير على القرار. الباحث اليمني عبدالعزيز المسعودي في أطروحته “اليمن المعاصر من القبيلة إلى الدولة” يشير إلى أن الوضعية غير الطبيعية ترتب عليها امتلاك المؤسستين العسكرية والقبلية امتيازات سياسية واقتصادية تبدأ بالإعفاء الضريبي وعدم التزام بعض منتسبيها بالقوانين العامة نظرا لتعارضها مع أعراف القبيلة وتقاليدها إلى أن وصل الأمر إلى اقتسام غنائم السلطة المتعددة الأوجه. وبرز هذا التقاسم في العام 1990م وتزايد بعد العام 1994م عندما استفرد التقاسم بالحكم والثروة ويقول الشميري: بعد العام 1990م كانت حالة التنافس قائمة على هيمنة إما حزب أو شخص ولم يكن أي من الطرفين مؤهلا لبناء الدولة باستثناء الفترة من العام 1974من 77م وهي وفترة الرئيس الحمدي. لا توجد نية لبناء دولة يتساوى فيها جميع المواطنين ويضيف الشميري: الحمدي كان يحمل مشروعا لبناء دولة مدنية. الرئيس الأسبق إبراهيم الحمدي قاد مشروعا لإزاحة القبيلة لصالح بناء الدولة انتهى باغتياله. ويرى مراقبون أن إقصاء القبيلة ربما يهدد بانقسامات وصراعات طويلة يصعب احتواؤها.. والمؤشرات التي تضج بها اللحظة تتجه إلى هذا التقسير. غير أن فريق عمل الحكم الرشيد في مؤتمر الحوار الوطني الذي أنهى أعماله آخر الشهر الماضي شدد على ضرورة وضع قواعد وأسس قانونية تحول دون تدخل القبيلة في سلطات الدولة واختصاصاتها من أجل الوصول إلى الدولة المدنية القائمة على مبدأ سيادة القانون.