الرئيسية - اقتصاد - رفع الكفاءة الضريبية وإزالة الموظفين الوهميين ومحاربة التهريب ..خيارات
رفع الكفاءة الضريبية وإزالة الموظفين الوهميين ومحاربة التهريب ..خيارات
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تطرح قضية الدعم نفسها هذه الأيام على الشارع اليمني وصانع القرار على السواء بعد أن كثرة الشائعات حول نية الحكومة رفع الدعم عن المشتقات النفطية استجابة لضغوطات المانحين والحد من تفاقم العجز في الموازنة العامة للدولة نتيجة تراجع الإنتاج النفطي بسبب أعمال التخريب أو نضوب بعض الآبار لتبحث الحكومة عن الطريق الأسهل لتغطية عجز موازنتها برفع الدعم بدلا من معاقبة المخربين أو إزالة الأسماء الوهمية من كشوفات الوظائف الوهمية في السلكين المدني أو العسكري وغيرها من البدائل المتاحة والتي ستوفر مبالغ مالية كبيرة للحكومة بدلا من معاقبة شعب بأكمله.

الجرعات السعرية في المشتقات النفطية أرهقت المواطن اليمني وأفقدته مناعة أي مقاومة للارتفاعات السعرية المرافقة لأي تحركات لأسعار المشتقات النفطية وبحسب الخبير المالي عبدالمجيد البطلي فإن الإيرادات النفطية المصدر الرئيسي لتمويل الموازنة العامة للدولة حيث ساهمت بحوالي 65% من إجمالي عام الموارد العامة في المتوسط للفترة 2006-2010م. أي ما نسبته 19% من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط خلال نفس الفترة وهناك الكثير من نقاط الضعف التي تقف خلف تركز اعتماد الموازنة على هذا المورد وأهمها اتجاه إنتاج النفط الخام نحو النضوب. فهناك انخفاض مستمر وحاد في حصة الحكومة من إنتاج النفط الخام التي تراجعت من 102 مليون برميل عام 2000 إلى حوالي 85.7 مليون برميل عام 2006 ثم إلى حوالي 60 مليون برميل عام 2010. وفي ضوء الاحتياطي المثبت يتوقع أن يستمر مسار الانخفاض مستقبلاٍ. مما يمثل تهديداٍ قاتلاٍ لاستدامة الموارد العامة وأيضا تقلبات أسعار النفط الخام تبعاٍ لعوامل خارجية مما ينعكس سلباٍ على الاستقرار المالي. ومثالاٍ على ذلك خسارة الموازنة لحوالي نصف الإيرادات النفطية عام 2009 بسبب أثر الأزمة المالية العالمية على أسعار النفط الخام مما أجبر الحكومة على خفض بعض بنود الإنفاق العام في الموازنة وأدى لتصاعد عجز الموازنة العامة لرقم قياسي بلغ 9.1% من الناتج المحلي الإجمالي. كفاءة الموارد داعيا الى رفع كفاءة استخدام الموارد المتاحة وإعادة هيكلة الإنفاق العام بما يضمن توجيه حصة أكبر منه نحو تنمية القطاعات الاقتصادية الواعدة ذات الميزة النسبية ولما من شأنه توليد فرص العمل ورفع الإيرادات الضريبية مستقبلاٍ ومن ثم تنويع مصادر الإيرادات العامة كما أن الإيرادات الضريبية تتسم بمحدوديتها حيث شكلت حوالي 22.7% من إجمالي عام الإيرادات في المتوسط للفترة 2006-2010م وغطت حوالي 24.4% من إجمالي النفقات الجارية فقط في حين يفترض أن تغطي كل النفقات الجارية. وعلاوة على ذلك فإن متوسط نسبة الإيرادات الضريبية بلغت 6.4% فقط من الناتج المحلي الإجمالي خلال نفس الفترة في الوقت الذي تبلغ تلك النسبة 17.7% في الاقتصاديات المشابهة للاقتصاد اليمني. وتعكس تلك الأرقام وجود تشوه كبير في هيكل الإيرادات العامة. وفي ظل التراجع الكبير لمورد النفط الخام فإن الحاجة تبدو أكثر إلحاحاٍ للاعتماد على الموارد الضريبية التي تتسم بدرجة استدامة يمكن الركون عليها فضلاٍ عن أنها أداة مهمة لتحقيق حزمة من الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والمالية والبيئية في آن واحد كما أن المنح والقروض الخارجية تساهم بحوالي 3.3% من إجمالي الإيرادات العامة للدولة في المتوسط خلال الفترة 2006-2010م ما يساوي أقل من 1% من الناتج المحلي الإجمالي . وتعتبر تلك النسبة متدنية مقارنة بما تحصل عليه الدول الآخر الأقل نمواٍ التي يصل متوسط نصيب الفرد فيها من المساعدات والقروض الميسرة إلى أكثر من 40 دولاراٍ مقابل حوالي 15 دولاراٍ للفرد اليمني. ويأتي ذلك رغم تدني مؤشرات أهداف التنمية الألفية في اليمن التي يعد بعضها الأسوأ في العالم وهذا يفترض أن يؤهل اليمن للحصول على قدر أكبر من المنح والقروض الميسرة. ويعود تدني تمويلات المنح والقروض الخارجية الميسرة التي تحصل عليها اليمن إلى أسباب عديدة يرتبط بعضها بضعف القدرة الاستيعابية للجهات التنفيذية المحلية ويرتبط البعض الآخر بشروط المانحين وتأخرهم في إجراءات تخصيص التعهدات وإتاحتها لتمويل المشروعات واستخدامهم للطاقة الاستيعابية كشماعة للتملص من الوفاء بالتزاماتهم فضلاٍ عن محدودية الدول الصناعية التي تضع اليمن بقائمة أولوياتها لتقديم المساعدات. اختلال هيكلي تعتبر مشكلة عجز الموازنة العامة من المشكلات المالية الذي يصيب كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية في ظل تقلص الموارد, واتساع الحاجات أصبحت تنظر إلى عجز الموازنة العامة كمشكلة حقيقية تتطلب تخطيطا دقيقا وجهدا كبيرا .. يعاني الإنفاق العام من اختلال هيكلي يزداد سوءاٍ سنة بعد أخرى ويتجلى ذلك في حدوث زيادات متوالية في نسبة النفقات الجارية والتي استحوذت في المتوسط على 80.6% من إجمالي النفقات العامة وصافي الإقراض ويأتي ذلك على حساب النفقات الرأسمالية والاستثمارية. وتمثل فاتورة الأجور والمرتبات ودعم المشتقات النفطية أكثر من نصف النفقات الجارية. تحرير قامت الحكومات المتعاقبة منذ عقد التسعينات من القرن الماضي بتحرير أسعار مختلف السلع الأساسية وذلك في إطار تنفيذها لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري الذي تم تبنية بالتعاون مع كل من صندوق النقد والبنك الدوليين ومع ذلك فقد ظل دعم المشتقات النفطية أحد قضايا الإصلاحات المؤجلة التي تم التعامل معها بصورة جزئية بين فترة وأخرى. مما أدى إلى تصاعد فاتورة الدعم بصورة كبير وأصبحت تمثل عبئاٍ كبيراٍ على الموازنة العامة للدولة حيث بلغت فاتورة الدعم الفعلي للمشتقات النفطية حوالي 3.1 تريليون ريال خلال الفترة 2000-2010 – ما يعادل 15.8 مليار دولاركما شكل الإنفاق على الدعم حوالي 20% من النفقات العامة خلال الفترة 2000-2010. ونظراٍ لاتجاهه التصاعدي فقد استحوذ في بعض السنوات القليلة الماضية على ما يقارب ثلث النفقات العامة. المهربون عدم مقدرة الحكومة على ضبط عملية التهريب المنظم للمشتقات النفطية يجعل نسبة كبيرة من المبالغ المرصودة تذهب لصالح المهربين ويؤكد البطلي أن الفئات الفقيرة لا تستفيد إلا بحدود 23% من حجم الدعم وبالتالي يذهب معظم الدعم نحو الفئات غير الفقيرة في المجتمع إضافة إلى أنه يقود لتركز الثروة لدى فئة المهربين وكبار سماسرة السوق السوداء ويحفز على الاستخدام غير الرشيد للموارد. كما يزاحم أولويات الإنفاق على التعليم والصحة والبنية التحتية ويعد سبباٍ رئيسياٍ لضعف الاستدامة المالية وتفاقم عجز الموازنة الذي يْشعل التضخم وبالتالي يؤثر سلباٍ على المستويات المعيشية للمواطنين . ويصعب من رفع الدعم ضعف الثقة لدى المواطن في أن الحكومة ستستخدم الوفر من رفع الدعم بطريقة مناسبة والاستخدام السياسي لموضوع الدعم.