الرئيسية - تحقيقات - ثقافة العنف والكراهية.. كيف نتجاوزها¿
ثقافة العنف والكراهية.. كيف نتجاوزها¿
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

منذ مطلع العام 2011م واليمن يعيش مخاضاٍ عسيراٍ سيقوده حتماٍ إلى مستقبل جديد خاصة بعد نجاح أعمال مؤتمر الحوار الوطني والشروع في الإعداد لدستور جديد إلا أنه من دون قصد وقع أهل الحكمة والإيمان في شراك العنف والكراهية وبدأت هذه الثقافة تتغلغل في أفكارنا ومبادئنا في محاولة لجرنا نحو الفتن الملعونة مما يصيب الناس بخيبة أمل كبيرة خاصة والناس خرجوا من حوار شامل اتفقوا فيه على المختلف .. لكن ما يبعث على التفاؤل أن الجميع يتفقون على نبذ ثقافة الكراهية ويستهجنونا في مجتمعنا مهما كانت الظروف والأسباب التي تجعلها تظهر بين الفينة والأخرى…

برؤية أكاديمية يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء بكيل الزنداني أن ثقافة الانتقام والحقد والعصبية والطائفية لن تثمر أبداٍ في بناء وطن مستقر ومتحضر ومن يعتقد غير ذلك فهو خارج نطاق التفكير السليم. ويعيدنا إلى التاريخ حيث يقول: تاريخياٍ لم تستقر الدول في أي منطقة جغرافية إلا عن طريق تماسك الوحدة الوطنية لا أقصد فقط وحدة الأرض بل قبلها وحدة الإنسان ووحدة الإنسان هنا اقصد بها قبولنا لبعضنا البعض وأن ندرك أنه لا خيار إلا هذا وما دونه هو صراع لا نهاية له. الابتعاد عن ثقافة الكراهية والحقد والانتقام أمر في غاية الأهمية ولا بد من استبدال هذه الثقافة بثقافة التسامح والتعايش وإلا فإن اليمن مقبلة على مستقبل مظلم ويستشهد بأمثله كيف خرجت دول مثل الهند وجنوب إفريقيا وأيضاٍ بعض الدول في القارة الأوروبية من مراحل الصراع إلى الاستقرار والتنمية كان ذلك كله عن طريق نبذ ثقافة الكراهية والعصبية العمياء واستبدالها بثقافة وطنية جامعة لذلك يجب علينا جميعاٍ أن ننبذ كل تلك المهددات وأن نعزز فكرة التعايش السلمي لأن اليمن في الأخير لن تكون إلا لكل اليمنيين بمختلف تكويناتهم وأفكارهم ولن يحتكرها فصيل سواء طال الزمن أو قصر. 

قواسم العيش عميد كلية الإعلام- جامعة صنعاء الدكتور عبد الرحمن محمد الشامي ينطلق في حديثه عن القضية من رؤية مركزية ترى أن محاربة ثقافة الكراهية والإقصاء ونبذ الآخر تتطلب من القوى الفاعلة في المجتمع الإيمان بأن ثقافة الكراهية ثقافة تدميرية ولا بد من محاربتها ونبذها وإحلال ثقافة التعايش السلمي بين الناس وإشاعة السلام والوئام وقواسم العيش المشترك لاستمرار حياة الناس في وئام وتعاون والحفاظ على النسيج الاجتماعي والوطن الواحد لكنه يعلق الآمال على دور رسالي لمؤسسات التنشئة الاجتماعية التي ينبغي أن تقوم بدور محوري وأساسي في تنشئة الفرد تنشئة سليمة معتبراٍ الأسرة اللبنة الأولى في تشكيل شخصية الطفل إلى جانب وسائل الإعلام بتأثيرها الطاغي على الأطفال في هذه المرحلة العمرية ويأتي بعد ذلك دور المدرسة فمؤسسات التعليم العالي ويتخلل ذلك دور المسجد والمجتمع الصغير الذي ينمو فيه الفرد ويترعرع. مبيناٍ أن تكامل هذه الأدوار مجتمعة وإيمان الجميع بضرورة غرس ثقافة الحب والسلام وقبول الآخر والعيش المشترك ونبذ العنف والكراهية والتطرف والإقصاء يمكننا القول إننا على الطريق الصحيح لتحصين المجتمع ضد ثقافة الكراهية وحمايته من أعمال العنف المدمرة للأرض والبنيان والإنسان. الحلول بإيجاز شديد يؤكد الدكتور/ وديع العزعزي أستاذ الإذاعة والتلفزيون بإعلام صنعاء أن الحل والمعالجة يكمن في تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني لأنها تضع المعالجات لكافة مشاكل البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتضمن التنوع والمواطنة المتساوية المهم – حسب وجهة نظره – أن تلتزم القيادة السياسية وكل الأطراف بتنفيذ تلك المخرجات . نبذ الكراهية الدكتور/ محمد الحميري من وزارة الزراعة والرأي يقول: لقد تحققت معجزات كبيرة في اليمن خلال العامين الماضيين في إطار نبذ ما يسمى بثقافة العنف والكراهية التي كان يتم إذكاؤها ومحاولة بثها في مجتمعنا اليمني منذ فترة طويلة وبخاصة خلال السنوات العشر الماضية التي شهدت حروب صعدة بروز الحراك الجنوبي وصولاٍ إلى أحداث فبراير 2011م وما شهده العام الحالي من أعمال إرهاب وعنف واغتيالات تكاد أن تدمر كل إنجازات الوطن. وتابع بالقول: لكن بفضل الله وتوفيقه ثم بفضل حكمة وإيمان وإخلاص قيادات هذا الشعب وحكمائه وبفضل تعاون ووقوف الأشقاء والأصدقاء أمكن تجاوز أهم المماحكات وبذور الاحتراب والخراب والتقى المختلفون على مائدة الحوار فكان الحوار الوطني الشامل في عام 2013م حيث أنجز المشاركون فيه مخرجات هامة تمثلت في ضمانات بناء اليمن الجديد والمحافظة على سلامة شعبه وأرضه . ويرى الحميري أن ما تتطلبه عملية الانتقال باليمن إلى حالة الرفاه والاستقرار والتخلص كلية من سلبيات وآثار ثقافة العنف والكراهية ومسببات الاحتراب والاقتتال بين أبناء الوطن الواحد لن يكون بالأمر السهل أو الهين لكن كل ذلك سيتحقق بالتخطيط والإصرار والتنظيم الجيد لإدارة المرحلة والاستثمارات الواعدة والاهتمام الدولي باليمن . هيبة الدولة أستاذ الاتصال السياسي المساعد – كلية الإعلام جامعة صنعاء – خالد الصوفي يقول: إن من أهم أولويات الحكومة ومتخذي القرار في اليمن فرض هيبة الدولة وجعل القانون هو الفيصل والحكم بين الصغير والكبير لتستعيد الدولة والمجتمع عافيتهما ومن ثم القيام بالإصلاحات الأخرى في التعليم والصحة والثقافة وتغيير المناهج التعليمية خاصة في المرحلة الأولى والأساسية لتقدم للأجيال ثقافة التسامح والتعايش والقيم الحضارية من ديمقراطية وسلوك متحضر يجمع أبناء اليمن ولا يفرقهم وثقافة يجب تبنيها تتمثل بحرية المعتقد والمذهب والرأي في حدود ما يخوله القانون والدستور وإشاعة القبول بالآخر والرأي المغاير لكن الصوفي يرى أن كل ذلك لن يجدي أمام تساهل الدولة ومؤسساتها وعدم القيام بواجباتها في كافة المجالات حيث تسود ثقافة القبح في كل شيء فعند غياب القانون وانتشار مراكز القوى القبلية والمذهبية تصبح العضلات والكلاشنكوف القوة المهيمنة !! وتساءل بمرارة: أي مجتمع سينتج عن ذلك يسيطر فيه القوي على الضعيف ويفرض أجندته بقبحها على الدولة والمجتمع فلا رادع يردعه ويصبح هو الدولة وهو القانون يحدث ذلك في ظل تراجع التعليم وازدياد الفقر والخوف والبطالة وغياب العدالة وقال: استمرار هذه الثقافة سيجعل الناس يلجأون لهذه القوى للاحتماء بها والعيش في ظلها وحمايتها والنتيجة تبني أجندتها ومنهجها شيئاٍ فشيئاٍ حتى يصبح المجتمع في مشوار متسارع الخطى إلى التخلف والهمجية التي تعد مرتعاٍ خصباٍ وبيئة للعنف. هيبة مفقودة أستاذة علم النفس د. فاتن عبده محمد جامعة صنعاء تقول: حقيقة أقولها بصراحة ما أشاهدة في جولاتي إلى بعض المحافظات يبعث على الأسى فهناك أجد أن ثقافة العنف والكراهية تتمدد وبالتالي فاللجان الرئاسية التي يتم إرسالها ليست حلاٍ لأنها لا تعمل شيئاٍ. وطالبت بفرض هيبة الدولة المفقودة في كل أجزاء اليمن لأننا أمام فتن عدم وأدها سوف يهدم الوطن ولن تكون هناك دولة مدنية. محور التقاء حميد الحجيلي – محامي وناشط حقوقي – يرى أن نبذ خطاب الكراهية ومكافحته يبدأ بالوعي الجماعي الذي لا يمكن بلوغه إلا بتراكم فعل التسامح الديني باعتباره وليدٍا شرعيٍا لنظام اجتماعي متين بالقدر الذي يستمد طاقته من الحرية وتابع: وحده الوعي الذي يمكننا المراهنة عليه ليس في لحظة التأسيس المعرفي فحسب بل في المراحل الأخرى التالية له بالإضافة إلى أهمية الدور الذي بالإمكان أن يلعبه “القانون” ليس في نظم الحياة فحسب بل وفي كبح جماح سلوك الكراهية ومسبباتها فالقيمة تكمن أولاٍ في إيجاد محفزات تفضي إلى بث ثقافة التسامح والعيش المشترك وهذا لا يعني الارتكان لبديل تعويضي بقدر ما إن مثل هذه الثقافة هي تأسيس موضوعي لأجل تأكيد الفعل الحضاري حتى أن نعيش اللحظة المسئولة والمستقبل الآمن الذي يضمن سلامتنا وسلامة أبنائنا وواصل بالقول: كما أن مبادئ التسامح والاعتدال والوسطية والقبول بالآخر ونبذ الكراهية والتعصب مفاهيم أخذت حيزاٍ هاماٍ من الاهتمام الدولي وفقدانها في الحياة السياسية في أي من المجتمعات يمكن أن يخلف توترات طائفية وعرقية والحوار الوطني الذي مثل مشاركة جميع الأطياف على الساحة اليمنية والكل وقع على مخرجاته وهو الأمر الذي يستدعي اصطفاف كافة أبناء اليمن لتنفيذ ما جاء في وثيقته والانتقال باليمن من دوامة الصراعات والاقتتال إلى البناء والتعمير لأنه من الضروري مغادرة الماضي ومغادرة المرحلة الراهنة للانتقال إلى رحاب اليمن الجديد الذي يستوعب كل أبنائه دون تمييز وبما من شأنه إتاحة الفرص للجميع في المشاركة في السلطة والثروة وتوفير الحياة اللازمة والعيش الكريم. إرادة الكاتب والصحفي عبدالله الدهمشي يرى من جانبه أن الوحدة الوطنية لن تستمر إلا بإرادة سياسية حقيقية للتصالح والتسامح ثم بسياسة تربوية وإعلامية ترسخ حق الاختلاف وتنمي ثقافة الحوار وتكرس الآليات الديمقراطية لإدارة الصراع على السلطة وحسمه عبر صناديق الاقتراع وفي اعتقادي فإن ترك وهجر التوظيف السياسي للدين يؤسس لعصر لا كراهية فيه ولا عنف ذلك أن توظيف الدين في أهواء السياسة وشهوة الملك والسلطان قد جرف منا كل قيم الخير والجمال وجعلنا عبيداٍ للمال نسترخص بأطماعه حرمة الدين والإنسان وقيمة الحياة وخير السلام.