الرئيسية - السياسية - السياسي والصحفي ..لا وقت للصداقة
السياسي والصحفي ..لا وقت للصداقة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

استطلاع : صــــقر الصنيدي –

عندما يحط يده برفق على كتفك وقبل أن تلتفت لتعرف من صاحب اليد تسمع كلمات صديق ترافقها ابتسامة عريضة وأسئلة جميعها تعاتب غيابك غير المبرر ” المهم متى نراك” ¿ يعرف الصحفي في حال كهذا أن دوره قد حان وأن طبطبة السياسي ما هي إلا مؤشر على مهمة قادمة عليه أن يتولاها قبل أن يلتقطها سواه . ذات اليد التي وضعت برفق تهجم بشراسة في أحيان كثيرة وتصبح قاسية عندما يكون صاحبها السياسي غير محتاج للصحفي والذي قد يتجنبه إلى أبعد الحدود ولا يريد أن يراه وإن حدثت الرؤية فالحديث يكون عبارة عن تأنيب ولؤم وانتقاد على آراء قديمة أو حديثة المهم أن يفهم الصحفي من خلالها أنه غير مرحب به في هذه الفترة . أمور كثيرة جعلت علاقة السياسي بالصحفي خاضعة لإرادة الأول من أهمها عدم استقلالية وكفاءة وسائل الإعلام .. كما أحب أن يقول أحمد الزرقة الذي وقع منذ أسابيع في امتحان عسير مع سياسيين كانوا يديرون القناة التلفزيونية التي عمل بها منذ كانت كاميرا وميج وفجأة أرادوا أن يظلم المهنة لصالح صراع السياسة ويحكم على ما تعلمه في الإعلام بالسجن . يعرف أحمد الزرقة العلاقة بين الصحفي والسياسي بأنها علاقة شائكة ومشوهة بسبب عدم التكافؤ وقيامها على التبعية المفرطة من الصحفي للسياسي لأسباب تتعلق غالبا بالسلطة السياسية وامتلاك السياسيين نوع من سطوة السلطة والمال وبسبب ملكية الساسة لوسائل الإعلام والصحافة وتورط السياسين في قضايا الفساد بكافة أنواعه وغياب المؤسسات الإعلامية والصحافية المستقلة عن قبضة الساسة وتبعية الصحافي ماديا وسياسيا للسياسيين مرتبط بعدم وجود استقرار مادي وأجور مناسبة للعاملين في الصحافة وهو ما يجعل الصحفي أسيرا لميول السياسي ويحوله من مراقب وناقد للظواهر السياسية الشاذة والأداء المنحرف والفاسد للنخب السياسية الى مجرد بوق وأداة يستخدمها الساسة للدفاع عن مصالحهم ومهاجمة خصومهم والانحراف بمهنة الصحافة عن دورها . ويستمر الزرقة في تعداد الأسباب التي منها ضعف وغياب المؤسسات المهنية والنقابية وعدم وجود مواثيق شرف للعمل الإعلامي يجعل من الصحافة مهنة مفتوحة على كل التشوهات .

أما الصورة التي يجب أن تكون حاضرة فهي حسب أحمد الزرقة يفترض أنها قائمة على الندية وقيام الصحافه بتعرية الفساد السياسي بكافة إشكاله لكن هذا يتطلب أولا تحرير الصحفي من تبعيته للسياسي ووجود مؤسسات إعلامية استثمارية كبرى وتجريم الرشاوى السياسية التي يقوم بها السياسيون للصحافيون ووجود رقابة مجتمعية ونقابية على أداء الإعلاميين والصحافيين. أي أن هذه العلاقة غير شرعية ومحرمة وكل ما ينجم عنها باطل . أصداء . يمكن لهذه العلاقة أن تكون أصداء بين الطرفين السياسي والصحفي وفقا للكاتب مصطفى الجبزي الذي يؤكد انه يمكن لها أيضا أن تنتظم باعتبارها سلطات ولذا ينبغي الفصل في السلطات في حالة ديمقراطية متعافية. ويضيف الجبزي انه لا يستغني السياسي عن الصحفي وقد تزداد الحاجة اليه اكثر كلما كان للصحفي حضور شعبي أوفر .

لكن هذا قد لا يبدو ملائما في واقعنا حيث يعامل السياسيون رجال الصحافة بأنهم أقل ندية فعندما تحدث أحد أمناء الأحزاب مع عدد من الصحفيين في البرلمان وتعرض لانتقادات نتيجة ما قاله عاد في اليوم التالي للبحث عمِن كتب ما قاله طالبا منه أن ينفي ما كتب ويعتذر مالم فإنه سيتحمل النتائج – كان يمكن للامين أن يسوي حساباته مع خصومة السياسيين وليس مع الصحفي . في الولايات المتحدة الأمريكية يضطر الرئيس الأمريكي الى إضحاك صحفيي البيت الأبيض على الأقل مرة في العام ويقام لذلك عشاء سنوي خاص بجمعية مراسلي البيت الأبيض وفي آخر عشاء اضطر باراك اوباما الى السخرية من نفسه ومن سياسيين آخرين وانتزع ضحكات المراسلين الصحفيين وقال لهم ليلة الثالث من الشهر الجاري أن فلاديمير بوتين يتجه للفوز بجائزة نوبل للسلام وضاحكا استمر بالقول لنكن منصفين تمنح الجائزة لأي شخص هذه الأيام مشيرا إلى حصوله عليها فور الانتخابات التي كسبها عام 2009 . ثم تهكم اوباما بحضور 2000 من الصحفيين والسياسيين على أداء القنوات التلفزيونية خاصة فوكس نيوز التي خاطبها ” يا شبكة فوكس ستفتقدينني عندما ارحل وسيصعب عليك إقناع الشعب الأمريكي ان هيلاري كلينتون ولدت في كينيا ” . وعلق على الـ سي إن إن ” عدت للتو من ماليزيا وتعرفون كم على الشخص ان يقطع مسافة ليحظى بتغطية سي ان ان ” – كل هذه الاجتهادات يبذلها سياسي من طراز نادر ليظفر بعلاقة جيدة مع الصحفيين ويدخل الابتسامة إلى علاقته بهم لتبدو أفضل .

صداقه دائمة . في الأيام التي يواجه فيها السياسي صعوبات مع حزبه ومع ظروفه يفتح قلبه ومقراته الخاصة والعامة لمن يسميهم الأصدقاء من الصحفيين لكن ما أن تتغير الأحوال حتى يتحسس مسدسه كما عبر غوبلز وزير دعاية حكم هتلر ويغلق كل أرقامه التى كانت متاحة للصحفيين لتصبح خارج الخدمة وتغدو العلاقات الحميمة جزءاٍ من ذكريات يتحاشى تقليبها والعودة اليها . هو مالم يتفق معه خالد طربوش الصحفي وعضو اللجنة المركزية للوحدوي الناصري الذي يوضح ان العلاقة يمكنها ان تكون صداقة شرط ان تلتزم منذ البداية الصدق والمسؤولية – الصحفي لا يعود السياسي التعظيم والسياسي لا يقدم نفسة للصحفي بأسلوب مادة تجارية وهذا ما يكفل ديمومتها واستقرارها .