الرئيسية - عربي ودولي - بوتين.. مواجهة ناجحة مع تحالف رجال المال والإعلام
بوتين.. مواجهة ناجحة مع تحالف رجال المال والإعلام
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

يذكر التاريخ القريب أن الزعيم السيوفيتي السابق / ميخائيل جور باتشوف كان أول من دعا إلى إعادة بناء العلاقة بين السلطة وأجهزة الإعلام مؤكدا ضرورة المصارحة والمكاشفة وتحرير الصحافة من رقبة وضغط الحزب الشيوعي السوفيتي وأجهزته العقائدية يوم أعلن نظرية “البيريسترويكا والجلاسنوست” إعادة البناء والمصارحة غير أن أحدا لم يكن يتوقع آنذاك أن تتحرر هذه الأجهزة الإعلامية لتعود وتسقط عن طيب خاطر في شرك مع من كانوا يسمون بـ “أثرياء روسيا الجدد” او ” طواغيت المال جاء الرئيس فلاديمير بوتين إلى سدة السلطة في نهاية عام 1999 دون فريق يشد من أزره ويسانده ويقيه شرور “حملة مباخر” النظام ممن ساهموا في تنصيب سلفه بوريس يلتسين لفترة ولاية ثانية ولم تكن شعبيته تزيد على ستة في المائة لا غير. كان بوتين في حاجة إلى فريق يتمتع بالكفاءة والخبرات اللازمة بعيداٍ عن براثن خصومه وممثليهم في جهاز الكرملين ولا يقوم على مصالح وقتية وموظفين بيروقراطيين يستهدفون الكسب السريع من خلال ما كانوا يتمتعون به من مناصب تنفيذية وتشريعية.ولعل احتدام الخلافات حول الموقف من الفساد وضرورة تطهير الكرملين من صنائع نظام سلفه ممن كانوا يدعمونه ماليا كان لا بد أن يزيدا من صعوبة التخلص مما يملكونه من قوة ضاربة تمثلها أجهزة الصحافة والإعلام الخاصة التابعة لرئيس المؤتمر اليهودي الروسي ونائب رئيس المؤتمر اليهودي العالمي فلاديمير جوسينسكي وقرينه بوريس بيريزوفسكى وآخرون من ممثلي طواغيت المال. في هذا الإطار أدرك بوتين مدى حاجته ليس فقط إلى أجهزة إعلامية مؤثرة بل أيضاٍ إلى آليات تكفل له احتواء تأثير الأجهزة الإعلامية المناوئة والتي تخضع لسيطرة وهيمنة وملكية خصومه من أقطاب /لاوليجاركياوفي / وكان لا بد من ضوابط للأمن الإعلامي وآلياته في دولة تقدمت فيها السلطة الرابعة على السلطة القضائية وهو ما طرحه على مستوى مجلس الأمن القومي الروسي. كان بوتين في أمس الحاجة إلى فريق يسانده ويحول دون تغلغل خصومه من المتحولين إلى قلب فريق المستقبل الذي قال انه سوف يعهد إليه بالكثير من المراكز المحورية لإدارة الدولة في الفترة المقبلة. غير أن تشكيل مثل هذا الفريق كان يتطلب الكثير من الوقت في زمن لم يكن هناك من يملك فيه ترف انتظاره بوصفه مسألة بعيدة المدى صعبة المنال وفي ظروف كانت فيها مقاليد السلطة الفعلية في أيدي أصحاب الثروة بموجب المعادلة سيئة الصيت «السلطة الثروة السلطة». ويزيد من وطأة هذه المقولة فضل الثروة في روسيا على أجهزة الإعلام بما تستطيع معه الاستحواذ على الكثير من آليات السياسة خصماٍ بطبيعة الحال من رصيد مؤسسات الدولة وأجهزتها الحاكمة. ولعل الخطورة في ذلك والتي لم تكن لتغيب عن أذهان بوتين ومن استطاع استدعاءهم على عجل من قلب جهازه القديم “كي جى بي” جهاز مخابرات وامن الدولة) ممن ارتبط بهم ومعهم منذ سنى الصبا والشباب في مدينته إلام لينينجراد كانت تتمثل في وقوع ممثلي النخبة وصفوة المثقفين في شرك الحملات الإعلامية كاملة العدد والمدفوعة الأجر في إطار شعارات رنانة على غرار الدفاع عن الديمقراطية والذود عن حرية الكلمة واستناداٍ إلى غريزة الوقوف إلى جانب الضعيف بغض النظر عن حقيقة ضعفه ومكنون الخلاف وجوهر القضية ما دام يتعلق بالصراع مع السلطة. الشئ بالشئ يذكر فإننا نتذكر دور النخبة في مطلع سنوات «البيريسترويكا» وما قامت به من دور في دعم ميخائيل جورباتشوف وتوجهاته التي كان أودعها شعار “البيريسترويكا” شأن ما فعل أسلافها في إطار مباركة التوجهات الإصلاحية لكل من / نيكيتا خروشوف / في أواخر الخمسينات /وليونيد بريجينيف / في منتصف الستينات. وكان هذا الدور عظيم الشأن كذلك مع بوريس يلتسين الذي نجح في مقتبل سنوات حكمه الأولى وإلى حد كبير في توجيه طاقات المثقفين وتحت شعارات ديمقراطية صوب تصفية ما بقى من مواقع شيوعية استنادا إلى ما وفره لهم من فرص وإمكانيات مالية كانت كافيه لصناعة الآليات الإعلامية التي استندت إليها. ذلك ما أدركه بوتين حين أعلن في مطلع عام 2000 عن أهمية الثقافة والمثقفين من منظور سحب البساط من تحت أقدام ممثلي التحالف المالي والاعلامى بما يكفل تقويض مواقع كل من يحاول استغلال آليات الكلمة والصورة لتحقيق أغراض سياسية. ولم يكن أساطين  المال والإعلام ليغفلون بدورهم موقعاٍ ذا أهمية كمواقع المثقفين وممثلي الفنون والموسيقى الذين توجهوا إليهم يناشدونهم الوقوف في وجه ما وصفوها بمحاولات التراجع عن الإنجازات الديمقراطية. وإحقاقا للحق والتاريخ نقول إن بوتين استهل فترة حكمه في مطلع القرن الحادي والعشرين برفض تمويل هؤلاء لحملاته الانتخابية فيما عاد ليعلنهم بمحاذير العمل معه. وكان استهل لقاءه مع طواغيت المال في الكرملين بتبديد قلقهم ومخاوفهم تجاه احتمالات مصادرة أو تأميم ما غير .