الرئيسية - عربي ودولي - تركيا تشدد الخناق على المحتجين والصحافة
تركيا تشدد الخناق على المحتجين والصحافة
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

في تقسيم بدأت المعركة بمبادرة من عدد قليل من المدافعين عن البيئة المعترضين على تدمير حديقة غيزي الصغيرة المطلة على الساحة الرمزية في اسطنبول لتتحول بعد ما قوبلت بقمع بوليسي إلى موجة احتجاج غير مسبوقة ضد رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان الذي يحكم تركيا منذ 2003م. خلال الاسابيع الثلاثة الاولى من (يونيو) 2013م خرج اكثر من 3,5 مليون تركي في مئة مدينة في مختلف انحاء البلاد مطالبين بمزيد من الديمقراطية. وبعد سنة يريد المتظاهرون احياء شعلة “روح غيزي” منددين بالنزعة الاستبدادية لرئيس الوزراء. وقالت جمعية “تقسيم تضامن” التي تضم عدة منظمات وفاعلين في المجتمع المدني التي قادت الحركة: “لنذكر العالم اننا لم نتخل عن مطالبنا وانتصاراتنا فاننا سنكون السبت في تقسيم”. ينذر هذا النداء للتظاهر بوقوع اعمال عنف لأن حاكم اسطنبول اعلن ساحة تقسيم منطقة محظورة كما فعل في عيد العمال في الاول من (مايو) عندما نشر حينها 25 ألف شرطي لمنع الوصول إلى هذه الساحة. واعربت موتشيلا يابيتشي الناطقة باسم تقسيم تضامن عن أسفها لأن الحكومة تؤجج اجواء التوتر التي تشجع اعمال العنف البوليسية. وقمعت قوات الامن بشدة تظاهرة غيزي حيث سقط ثمانية قتلى واكثر من ثمانية الاف جريح واعتقل الالاف وتحدثت منظمة العفو الدولية عن انتهاكات واسعة لحقوق الانسان. ومن حينها عمل النظام الاسلامي المحافظ على القضاء على أي حركة احتجاج. فقد جرى تقييد حرية الصحافة على نطاق واسع وتهديد مئات المتظاهرين باحكام سجن قاسية. واتهم رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الانسان عبدالكريم لاهيجي “السلطات التركية بأنها بدأت حملة مطاردة شديدة لكل الذين تظاهروا او رفعوا اصواتهم”. وفي سياق فضيحة الفساد التي طالته في (ديسمبر) عكف اردوغان على تطهير جهازي الشرطة والقضاء وصادق على قوانين للسيطرة على القضاة وعلى شبكات التواصل الاجتماعي وعزز سلطات اجهزة الاستخبارات. ونددت المعارضة بالدكتاتورية واعرب الاتحاد الاوروبي عن مخاوفه من هذا الانحراف الاستبدادي الذي لا يتفق مع طموح البلاد للانضمام إلى اوروبا. لكن لا شيء تغير. يظل اردوغان الذي كسب مزيدا من الثقة إثر الفوز الواسع الذي حققه حزبه في الانتخابات البلدية واصبح يتطلع إلى الانتخابات الرئاسية المقررة في (اغسطس) أصما امام كل الانتقادات متشبثا بالقول انه ضحية مؤامرة. وكرر القول: “كلما سارت الامور على ما يرام يحاول بعض الناس اثارة الاضطرابات في تركيا”. واعتبر المحلل مارك بيريني سفير الاتحاد الاوروبي سابقا في انقرة والباحث في مؤسسة كارنيغي أن غيزي كانت العنصر الكاشف لما نلاحظه اليوم مؤكدا أن اردوغان يدافع عن مفهوم استبدادي للديمقراطية لا يناسب نصف شعبه ولا يتفق مع نموذجنا الليبرالي. ومنذ سنة يجرى قمع معظم التظاهرات في تركيا. وتسامحت السلطات فقط مع التظاهرة التي رافقت جنازة الشاب بركين علوان (15 سنة) الذي توفي في (مارس) متأثرا بجروح اصيب بها على يد الشرطة وخرج فيها مئات الآلاف في مختف انحاء البلاد. حتى أسر ضحايا كارثة منجم سوما التي اسفرت عن مصرع 301 شخص في 13 (مايو) الماضي اغرقوا بخراطيم المياه والغازات المسيلة للدموع كما قتل شخصان الاسبوع الماضي في اسطنبول على هامش تجمعات احياء لذكرى عمال المنجم المفقودين. لكن رغم صرامة الحكومة التركية ما زال الكثيرون يعتقدون أن بذرة الانفتاح التي زرعت في غيزي ستنبت. ويرى سولي اوزيل المحلل السياسي في جامعة قادر هاس في اسطنبول: “شبح غيزي ما زال يحوم فوق اردوغان وربما اضطر المتظاهرون للسكوت لكن الغضب ما زال قائما وسينتشر اكثر”. وقالت الناطقة باسم “تقسيم تضامن” موتشيلا يابيتشي التي تبدأ محاكمتها في 12 (يونيو) والتي قد يحكم عليها بالسجن ثلاثين عاما: “انا على ثقة في انه لا يمكن لحكومة أن تقمع شعبها إلى الابد”.