الرئيسية - عربي ودولي - الصين والعالم العربي يعيدان رسم خارطة الشراكة لخدمة التنمية
الصين والعالم العربي يعيدان رسم خارطة الشراكة لخدمة التنمية
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تتجه الصين والعالم العربي إلى إعادة رسم خارطة التعاون المشترك بطرق أكثر صلة وثقة من خلال عدة مجالات أهمها بناء الحزام مع الطريق لتحقيق الالتحام المتكامل وتعزيز المنافع بين الجانبين. وكانت الصين والعالم العربي مرتبطين ارتباطا وثيقا عبر طريقي الحرير البري والبحري عبر التاريخ حيث كمل بعضهما البعض في الاحتياجات من خلال التجارة والاستفادة من بعضهما البعض من خلال نشر الثقافة والفنون الأمر الذي عزز الحضارة الإنسانية بإسهام الجانبين. وان العالم العربي الذي يقع في منطقة التلاقي بين “الحزام” و”الطريق” في طرفهما الغربي يعتبر شريكا طبيعيا ومهما للصين في بناء “الحزام مع الطريق” إذ أن التعاون الصيني العربي في هذا المجال سيساهم في تحقيق الالتحام المطلوب بين الجانبين من حيث الموارد والمزايا المالية وإمكانيات السوق وكذا تعزيز التدفق الحر والمنتظم والتوزيع الأمثل لعناصر الموارد بين الصين والدول العربية بما يمكن الجانبين من اختراق “عنق الزجاجة” الذي يواجهه التعاون العملي الصيني العربي في مسيرته نحو التحول والتطور وتحقيق المواجهة المشتركة للتغيرات العميقة الجذور التي تكتنف المعادلات التنموية والتجارية والاستثمارية واتجاهات تدفق رأس المال في العالم. إن التشارك في بناء “الحزام مع الطريق” سيحقق الاندماج الاقتصادي على مستوى أعلى بين العالم العربي وشرقي آسيا وجنوب شرقي آسيا بما يدفع عملية بناء البنية التحتية والآليات والمؤسسات المبدعة للدول العربية ويطلق الطاقة الكامنة للطلب المحلي على المستويين الوطني والإقليمي ويفتح مجالات جديدة للنمو الاقتصادي وزيادة فرص العمل وبالتالي يعزز القوة الداخلية لنمو الاقتصاد وصموده أمام المخاطر. يمكن للجانبين الصيني والعربي التشارك في بناء “الحزام مع الطريق” عبر قنوات ثنائية مع الاستفادة الكاملة من منتدى التعاون الصيني العربي وتركيز الجهود على مجالات التعاون ذات الأولوية كما هو الآتي سعيا إلى تحقيق الحصاد المبكر وتعزيز التنمية المشتركة. واختتم مؤخرا منتدى التعاون الصيني العربي اعماله في بكين في تظاهرة واسعة شارك فيها قيادات من الجانبين. واكد الرئيس الصيني شي جين بينغ أن السنوات العشر المقبلة ستكون فترة حاسمة بالنسبة للتنمية في الصين والدول العربية مشيرا إلى أن تحقيق الرسالة المشتركة ومواجهة التحديات أمام نهضة الأمة يتطلبان بالضرورة إظهار روح طريق الحرير بغية زيادة القوة المحركة للتنمية وضخ الحيوية للتعاون في سبيل تعميق التعاون الشامل باستمرار والتنمية المشتركة لعلاقة التعاون الاستراتيجي بين الصين والدول العربية موضحا أن إظهار روح طريق الحرير يقصد به التشجيع على الاستفادة المتبادلة بشأن الحضارات واحترام الطريق المختارة للتنمية والإصرار على التعاون والفوز المشترك والدعوة إلى الحوار والسلام. ويعتبر شي جين بنغ الرئيس الصيني أن الحزام الاقتصادي على طول طريق الحرير” و”طريق الحرير البحري في القرن الحادي والعشرين” كلاهما الطريق المؤدي إلى المنفعة المتبادلة والفوز المشترك ومن شأنه أن يدفع الاقتصاد في مختلف الدول بالانسجام أكثر ويساعد في خلق نقاط جديدة للنمو الاقتصادي والتوظيف. ومن أجل بناء “الحزام والطريق” بين الصين والدول العربية علينا أن نتمسك بمبادي التشاور المشترك والبناء المشترك والتمتع المشتركº ووضع أهداف بعيدة المدى مع تنفيذ التدابير العمليةº وزيادة الصداقة التقليدية الصينية العربية.” وأشار شي أيضا إلى أن منتدى التعاون الصيني العربي قد صار آلية فعالة لإثراء العلاقات الصينية العربية الاستراتيجية وتعزيز التعاون العملي الصيني العربي مشيرا إلى ضرورة الاعتماد على هذا المنتدى وتعزيز التواصل الثنائي من حيث السياساتº وتعميق التعاون العمليº والاستكشاف والابداع باستمرار. وأضاف الرئيس الصيني قوله: إن الأمة الصينية والأمة العربية خلقتا حضارة باهرة ومرتا بصعوبات وشدائد في العهد المعاصر لذا فإن تحقيق النهوض القومي يظل هدفا تسعيان إليه معا داعيا إلى وضع اليد باليد لتعظيم روح طريق الحرير وتعميق التعاون الصيني العربي وبذل الجهود من أجل تحقيق حلم الصين والنهضة العربية وأيضا النضال من أجل السلام والتنمية البشرية. وعقد المنتدى تحت شعار”بناء طريق الحرير الحديث من أجل تعزيز التنمية المشتركة بين الصين والدول العربية”. وذكر وزير الخارجية الصيني وانغ يي أن بلاده تولي أهمية كبيرة بشأن دور الجامعة العربية في تعزيز التضامن بين الدول العربية وتطوير اقتصادياتها وحماية مصالحها. وستواصل الصين دعم المخاوف الاساسية للدول العربية بشأن القضايا المتعلقة بفلسطين وغيرها ودعم مساعي الدول العربية لاستكشاف طريقها في التنمية. واضاف وانغ أنه مهما كانت التغيرات في الوضع الدولي والاقليمي فإن عزم الصين لن يتغير بشأن المضي قدما في الصداقة مع الجامعة العربية وسياستها لتعميق التعاون الاستراتيجي الصيني-العربي وهدفها للعمل مع العرب لحماية السلام والاستقرار الإقليميين. من جانبه أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي عن أمله في أن يشكل إحياء طريق الحرير القديم البري والبحري يشكل جسرا تنمويا في عالمنا المعاصر يسهم في تلبية طموحات الشعبين الصيني والعربي في تحقيق الرفاهية والتنمية والسلام والاستقرار. وقال العربي: إن “هذه الدورة تحظى بأهمية خاصة حيث تتزامن مع الذكرى العاشرة لتأسيس المنتدى عام 2004م عشر سنوات من الجهد المتواصل والعمل المشترك لتجسد العلاقات التاريخية الوطيدة التي تربط بين الصين والعالم العربي وترتقى بها إلى مستوى التعاون الاستراتيجي”. وذكر أن طريق الحرير القديم كان قد قدم اسهامات كبيرة أثرت الحضارة الإنسانية على مدى قرون عدة حيث لم يقتصر دوره على تنشيط التجارة عبر شطري العالم فحسب بل ساهم أيضا في نشر الأديان والحضارات والثقافات والعلوم والفنون وكان أحد اللبنات الأساسية لتوطيد أواصر الصداقة التي تربط بين العالم العربي وبين الصين. وأشار إلى أنه لا شك فيه أن الصين تعتبر اليوم نموذجا يحتذى به في تحقيق التنمية السلمية القائمة على التعايش والمنفعة المتبادلة والمساواة بين الشعوب. وأشاد بالطفرة العظيمة التي تمثل معجزة في القرن الـ21 والتي حققها حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والصين معبراٍ عن تطلع العالم العربي إلى تحقيق المزيد من التقدم على صعيد علاقات التعاون مع الصين سواء في إطار المنتدى أو من خلال التعاون الثنائي بين الدول العربية والصين. بدوره اعرب وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار أنه يدعم اقتراح الجانب الصيني الرامي إلى وضع اللبنة الأولى لمنظومة شاملة للتعاون من خلال بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن الـ21 أو ما يصطلح عليه اختزالا بـ “الحزام مع الطريق”. وقال مزوار الذي يشارك وزير الخارجية الصيني وانغ يى رئاسة الاجتماع الوزاري السادس لمنتدى التعاون العربي- الصيني بصفته رئيسا للدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري: إن “منتدى التعاون العربي-الصيني الذي نحتفى بالذكرى العاشرة لتأسيسه دليل على الإرادة المشتركة للدول العربية ولجمهورية الصين الشعبية في تثبيت نموذج ناجح للتعاون جنوب- جنوب يرسى شراكة مستدامة ذات آفاق مستقبلية واضحة المعالم تؤهل مجموع بلدان المنتدى لتسريع وتيرة تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستوى الوطني عبر عمل تكاملي يواكب مجهودات النهوض بالعنصر البشري وبناء القدرات ونقل الخبرات والتكنولوجيا ورؤوس الأموال وخلق فرص الاستثمار الاقتصادي وانفتاح السوق بهدف الربح المشترك والمتوازن وزيادة حجم المبادلات التجارية وتقليص العجز التجاري دون اغفال الجانب الثقافي”. وفي هذا الصدد أشاد الوزير بالنتائج التي حققها الجانبان في إطار المنتدى إذ تم إنشاء وترسيخ حوالي 13 آلية للتعاون كاجتماع كبار المسؤولين ومؤتمر رجال الأعمال وندوة الاستثمارات ومؤتمر التعاون العربي-الصيني في مجال الطاقة وغيرها من الفعاليات. كما تطور المنتدى شكلا ومضمونا وحقق نتائج ملموسة في ترسيخ دعائم الصداقة العربية- الصينية التقليدية من جانبه اعرب الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء المصري الأسبق أن “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن الـ21” يعد مبادرة هامة ومفهوما عظيما وهو العرض الذي يستنفر الطلب الكامن الكبير لافتا إلى أن تنفيذ هذه المبادرة يتطلب رغبة شديدة وجهودا مشتركة من مختلف الأطراف. موضحاٍ خلال الندوة الخاصة بالتعاون بين الصين والدول العربية لبناء “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن الـ21” والتي عقدت الثلاثاء الماضي أن هناك نقاطا مشتركة عديدة بين السياسات الخارجية للصين والدول العربية علاوة على أن سياسات الجانبين الاقتصادية والتنموية متشابهة وبالتالي لا يوجد صراع بينهما الأمر الذي ساهم في تأسيس منتدى التعاون الصيني-العربي الذي يعد بمثابة أساس ومنصة هامين للعمل معا على بناء هذا “الحزام والطريق”. وذكر شرف أن الصين والدول العربية تعمل على تحقيق التنمية والاستقرار الداخلي وتعزيز التعاون الدولي وانتهاج سياسة تقوم على حسن الجوار والصداقة مضيفا: إن الصين تتجه غربا والدول العربية تتجه شرقا ومن ثم يتقابل الطرفان. ولفت شرف إلى أن العالم يحتاج إلى عولمة من نوع جديد مضيفا أن مبادئ التعايش السلمي الخمسة التي تطبقها الصين هي نفس المبادئ المعمول بها في السياسة الخارجية للدول العربية وأن الكيانين الصيني والعربي بحاجة إلى عولمة “رحيمة” وليس إلى عولمة “متوحشة”.