الرئيسية - السياسية - الثـأر الســـياســي .. اليمـن إلى أين ¿!!
الثـأر الســـياســي .. اليمـن إلى أين ¿!!
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

يعتبر الثأر السياسي من أبرز التحديات خطرا على مستقبل البلاد المنطلق من عدم الإدراك الواعي من قبل الأحزاب السياسية للمسئولية الوطنية الملقاة على عاتقها فعندما تحضر الرغبة في الثأر والانتقام السياسي لدى أطراف العملية السياسية تغيب مصلحة الوطن وتتصدر الرغبة في الثأر والانتقام على منطق العمل الحزبي والسياسي المسئول الذي ينبغي أن يهدف إلى حماية البلد ويسعى لتحقيق مصالحها العامة . وما ينتج ذلك من كيانات متنوعة الانتماءات المناطقية والعقائدية ويظهر الثأر متدثر بالشعارات السياسية مبتعداٍ عن الفكر السياسي ومفاهيمه فلا مستقبل لبلد تكون الكلمة فيه لثقافة وسلوك الثارات .. التفاصيل تجدونها في سياق الاستطلاع الآتي .. نتابع..

* في البداية نتحدث عن خطورة الثأر السياسي في تقويض العملية السياسية في اليمن حيث يفيدنا جمال الحسني – كاتب سياسي بالقول: إن الثأر السياسي في التسويات السياسية هو أحد المعوقات لأي نظام سياسي حاكم جديد وأي مرحلة انتقالية في العالم, حيث تختلف مخاطر الثأر السياسي بمدى مقدار تسييس الوظيفة العامة ومقدار تحييد مؤسسات الدولة من الصراع السياسي بين الأنظمة سواء كانت سابقة أو لاحقة . وأضاف: وإن مدى ارتباط العملية السياسية بالإرادة الشعبية وتحقيق طموحات المواطن وإيفاء النظام الحالي بالتزاماته التي على إثرها صعد إلى السلطة تقلل من منطقية ما يطرحه المتربصون سواء كانوا في معارضة أم سلطة. استراتيجية الاصلاحات مبينا أنه في حالة مثل اليمن تحمل تعقيدات كثيرة لا بد من التعامل معها باستراتيجية أكثر نضوج ترتكز على ترسيخ ثقافة القبول بالآخر والحفاظ على الحقوق والحريات والعدالة الانتقالية وعدم تسييس الوظيفة العامة وتحييد المؤسسات العسكرية من أي صراع طائفي أو مناطقي أو سياسي , بالإضافة إلى ضرورة البدء العاجل بالإصلاحات الإدارية والاقتصادية والأمنية وإيفاء السلطة بالتزاماتها تجاه الوطن والمواطن لكي يلمس التغيير نحو الأفضل . ويرى الحسني أنه بتحقيق ذلك سيتجه الجميع نحو السلام ونبذ العنف والبدء بالحوار حول القضايا العالقة التي لديها تحفظات على طريق نجاح التسوية السياسية والمصالحة الوطنية الشاملة التي لا تستثني أحداٍ . الانهيار الكامل ويرى المحلل السياسي كمال شجاع الدين أن الحديث عن الثأر السياسي ما هو إلا من باب الالتباس الناتج عن التداخل بين مصطلح فكر السياسة وبين طبيعة أنشطة الكيانات السياسية , فالسياسة هي فن الممكن والثأر كخلق أو سلوك في مجمله لا يكون إلا نتاج صراع فئوي أو شخصي على مصالح أو نفوذ. ومضى يقول: إذا ما أخذنا هذا الثأر على سياق سياسي من باب انعكاس لما يعتمل على أرض الواقع وتمشياٍ مع ما ثبت في الوعي المجتمعي فإن الثأر بهذا المعنى يصبح كارثة على البنية الاجتماعية لأي مجتمع ومعول هدم يدك كل مقومات الوطنية من الجذور ويستعاض عن الولاء الوطني بالولاء المناطقي والعقائدي والشخصي ويظل ينهش في جسد الوطن أرضاٍ وإنسانا فإن كان لهْ نقطة بداية يرسمها المتصارعون بنقطة بروز الخلاف فليس له نقطة نهاية محددة بل إن كل نقطة فيما بعد تعد نقطة بداية جديدة وعليه يدخل الوطن والمواطن في دائرة من الثأرات لا توصل إلى أي مستقبل أي أن الانهيار الكامل والعودة بالمجتمع إلى حالة ما قبل المدنية هي الحالة التي تكون مسيطرة وطاغية وأضاف بالقول: إن الفكر السياسي هو البديل الإنساني لحالة الثأر الفئوي والشخصي حيث وإنها تنتج كيانات متنوعة الانتماءات المناطقية والعقائدية وعند تلاشي هذه الكيانات فكراٍ وسلوكا تظهر هذه الولاءات ويظهر الثأر متدثراٍ بالشعارات السياسية مبتعداٍ عن الفكر السياسي ومفاهيمه فلا مستقبل لبلد تكون الكلمة فيه لثقافة وسلوك الثارات . أداة صراع الأكاديمي جميل هديان – جامعة صنعاء اعتبر الثأر السياسي بأنه إحدى أدوات الصراع في المجتمع اليمني يتأصل وينتقل من جيل إلى جيل كتقليد اجتماعي – قبلي يفسد أي تحول للحياة السياسية والاجتماعية المدنية ويفسد أي قيمة للقانون والذي بات ثقافة لا ينفك كل سياسي أو عامل بالسياسة أو الشأن العام يلجأ إليها ويعتمدها كسياسة واستراتيجية وأسلوب للنيل من خصومه أو من منافسيه . وأضاف إن تلك الفئة من ناسفي اليمن كانت تجمعها مصالح وأهداف واتجاهات ورؤى موحدة تباينت واختلفت باختلاف بعض الأيدلوجيات التي لم تكن متأصلة كما هي اليوم بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على ثورات الربيع العربي ومنها ثورة اليمن أو كما يروق للبعض بتسميتها بأزمة اليمن حيث جاءت النتائج من هذه الثورات متباينة فقد حققت مصالح البعض وسلبت مصالح الآخر وهذا ما أجج الصراع السياسي وحب الانتقام من عدو اليوم صديق الأمس وقال: إن البعض من هؤلاء المتنفذين راح في خضم هذه الخصومة أو المنافسة السياسية يستخدم كل ما لديه من أسلحة وعتاد دون وازع من خلق أو ضمير بل بات البعض في الجهة المقابلة يعتمد على ما لديه من معارف ومعلومات في الاسترزاق من طرفي الصراع وخصوصا في الإعلام بالترويج لطرف على حساب طرف آخر مما أدخل البلاد في توهان معرفي لا نكاد ندرك أو نعلم بصحة وحقيقة ما يدور حولنا. وطنية السياسيين مبينا أنه عندما تحضر الرغبة في الثأر والانتقام السياسي لدى أطراف العملية السياسية تغيب مصلحة الوطن وتختفي مشاعر المسؤولية الوطنية في نفوس السياسيين وتغيب عقولهم وتتصدر الرغبة في الثأر والانتقام نتيجة مواقفهم السياسية من بعضهم البعض ومما يؤسف له أن تجد قيادات تتبوأ مواقع في الدولة أو في الأحزاب تغلب منطق الثأر والانتقام السياسي على منطق العمل الحزبي والسياسي المسئول الذي ينبغي أن يهدف إلى حماية البلد ويسعى لتحقيق مصالحها العامة . استهداف الدولة من جهته يتحدث الدكتور محمود البكاري – جامعة صنعاء- عن خطورة الثأر على مستقبل الوطن من منطلق سياسي واجتماعي باعتبارهما نتاجاٍ لثقافة تقليدية مضادة للنظام والقانون , حيث أوضح أن ذلك يعبر عن عدم وجود أحزاب سياسية مدنية ديمقراطية تنبذ العنف من سلوكها السياسي وتقوم على ثقافة التنافس البرامجي وتؤمن بالتداول السلمي للسلطة على المستويات الداخلية التنظيمية وفي المجال العام وقال إنه ومن الواقع العملي يمكن القول أن أحزابنا السياسية لا تزال مؤطرة وأسيرة لهذا الواقع المحكوم بلغة الخصومة والقطيعة والتنافر والتناحر السياسي على الأقل منذ عقد الستينات من القرن الماضي ولا تزال تعيد إنتاج هذه الثقافة مع أنه من المفترض أن تكون عملية التحول نحو التعددية السياسية العلنية عام 1990م محطة تاريخية لمغادرة الأحزاب السياسية للفكر السياسي الشمولي والتآمري وبحيث تشكل نموذجاٍ للممارسة الديمقراطية الواعية وللإشعاع الديمقراطي في الدولة والمجتمع تنافر الأحزاب موضحا بأن ذلك لم يحدث فقد ظلت الأحزاب السياسية تعمل وفق منطق القوة والغلبة المنتصر والمهزوم وكل ذلك أدى إلى تأزيم الأوضاع والافتقاد لعنصر الثقة في التعامل بين الأحزاب السياسية , ولذلك فإن خطورة الثأر السياسي على مستقبل الوطن تتمثل بعدم الإدراك الواعي من قبل الأحزاب السياسية للمسئولية الوطنية الملقاة على عاتقها والمتمثلة بضرورة مشاركة جميع الأطراف في بناء الوطن بكل ما يعنيه ذلك من ضرورة الاعتراف بالآخر وحقه في الوجود والمشاركة دون إقصاء من أى طرف للطرف الآخر. وأكد البكاري أن كل طرف سياسي يدرك تماما أنه ليس بمقدوره أن يتحمل بمفردة مسئولية بناء الوطن إلا أن نزعة الكيد والمناكفة وغياب العقلانية والواقعية السياسية هي المتحكمة بالمشهد السياسي حيث أن الاحزاب السياسية وفقا لهذه العلاقة التنافرية أصبحت تشكل عبئا على الوطن وعلى الديمقراطية . أزمة عقلية المحلل السياسي عبد الله باوزير يقول بأن العمل السياسي في بلادنا اليوم وفي سقطاته المتوالية لا يعبر عن عقل سياسي بقدر تعبيره عن ذهنية قبلية مناطقية تحكمها عصبية القبيلة . وأن هذه الذهنية ترفض كل خارج على تقاليدها و أعرافها وتنبذه وبالتالي لا نستطيع أن نسمي ما يجري بالثأر السياسي أي بالعصبوية المجتمعية والعشائرية مع الأسف . ومضى يقول: أنه إذا ما تعمقنا في مجمل ما يحدث اليوم سنجد أننا نسير نحو بؤر خطرة تتدفق منها روائح المناطقية والمشاعر الذاتية وتتحكم في تصرفاتها الأنانية والذاتية في حركاتها و مجمل شعاراتها وكل ذلك على حساب كرامة شعب ووحدة وطن , وهذا لا يدل على عمل سياسي وأن الثأر ليس سوى مصطلح قبلي لا سياسي بكوننا في أزمة حقيقية تكمن في عقلية الثأر ولا حلول دون مغادرة هذه الذهنية إلا من خلال العودة إلى ما قبل 1962 والطريق إلى ذلك يعبده الثأر السياسي !¿ انتقام الفرقاء فيما يرى الحقوقي والإعلامي سعد السوائي أن الثأر السياسي من أخطر أنواع الثارات كونه يعود بنتائج السلبية على المجتمع ككل وليس على أسرة واحدة أو قبيلة بمفردها بل بتعدى ذلك إلى سائر شؤون البلاد من خدمات أساسية و احتياجات مجتمعية والتأثير بشكل سلبي عليها انتقاما من طرف سياسي معين تجاه طرف أو أطراف أخرى. حدودية العمل ومن جانبه تطرق الناشط صالح بامخشب إلى أهمية التوعية بماهية وحدودية العمل السياسي لكون العديد يجعلون فهم السياسة والحزبية والديمقراطيه فهماٍ خاطئاٍ من منطلق إن لم تكن معي فأنت ضدي ¿! موضحا بأن ذلك ثأر سياسي خاطئ جداٍ له تأثيراته الخطيرة على المستقبل في صورة مماحكات ومكايدات سياسية على حساب أمن واستقرار وسكينة الوطن والمواطن فلا يفكرون في ذلك أبداٍ بل يفكرون في الانتقام والثأر السياسي بشتى أنواعه . وهذا ما أكده الحقوقي رضوان محمود باعتبار ذلك مشروعاٍ يستهدف النسيج الاجتماعي ويمزقه ويكون الخاسر الأكبر في هذا المشروع هو الوطن والإنسان , داعيا لتغليب المصلحة العامة على أجندات الأحزاب بعيدا عن أطر الانتقام السياسي .