الرئيسية - الدين والحياة - الأمن وأهميته في الإسلام
الأمن وأهميته في الإسلام
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

الشيخ محروس أحمد حسن* – من الدعوات الحكيمة المستجابة التي تضرع بها سيدنا إبراهيم عليه السلام وهو يرفع قواعد الكعبة المشرفة ومعه ابنه إسماعيل عليه السلام قوله كما حكاه القرآن الكريم: (رب اجعل هذا بلدا آمنا) .. وفي آية أخرى: “رب اجعل هذا البلد آمنا”. وإنما طلب إبراهيم عليه السلام من الله تعالى أن يجعل مكة بلدا آمنا لأن البلد إذا امتدت إلى سكانه ظلال الأمن وكانت مطالب الحياة عندهم ميسورة أقبلوا على طاعة الله تعالى بقلوب مطمئنة وتفرغوا لأمر معاشهم بنفوس مستقرة ولقد اقتدى يوسف عليه السلام بجده الأكبر إبراهيم عليه السلام في الاهتمام بنشر نعمة الأمان وفي الإعلاء من شأنها حيث قال وهو يستقبل أبويه وإخوانه على مشارف مصر (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) أي ادخلوا جميعا بلاد مصر آمنين في أمان واطمئنان من كل سوء .. الأمان معناه زاول الخوف عن النفس وشعورها بالطمأنينة والاستقرار وهذا الشعور له أثره الجليل في حياة الأفراد والجماعات والأمة بأسرها لأن فقدان الأمان والشعور بالخوف والفزع والاضطراب النفسي كل ذلك يؤدي إلى شيوع الفساد والتأخر والفقر في الأمة ولقد تحدث القرآن عن نعمة الأمان حديثا مفصلا يؤخذ منه أن هذه النعمة هي مفتاح كل خير وأصل كل تقدم ورقي ومصدر كل سعادة وهناء. إنه تارة يجعل هذه الصفة من صفات بيته الحرام الذي هو أول بيت وضعه الله تعالى في الأرض لعبادته فيقول: (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين. فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا) .. أي ومن التجأ إليه أمن من التعرض له بالأذى أو القتل ولاشك أنه في أمن من دخل هذا البيت العتيق أكد أنه على تعظيمه وعلى علو مكانته عند الله تعالى وهكذا نرى أن القرآن الكريم قد بين لنا في كثير من آياته أن نعمة الأمان على رأس النعم التي يجب أن يحافظ الإنسان عليها حتى يعيش عيشة فيها الاستقرار والرخاء والتواصل والإخاء وفيها شيوع الخير بين الناس. كما بين لنا أن جحود هذه النعمة وعدم شكر الله عليها يؤدي إلى الخوف الذي يمنع صاحبه من التفرغ للإصلاح أو التعمير أو زيادة الإنتاج أو مواصلة طلب العلم أو غير ذلك من الأقوال أو الأفعال التي تعين على تحقيق الحياة الهانئة للإنسان. ولفظ الأمان قريب في المعنى من لفظ السلام أو كلاهما يدل على السلامة من الخوف والخلاص من الفزع والخلو من الاضطراب والنجاة من كل ما يبعث على شيوع القلق والشرور بين الأفراد والجماعات. ويكفي أن لفظ السلام من أسماء الله الحسنى ومن صفاته العظمى قال تعالى: (هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون). ولفظ السلام معناه صاحب السلامة من كل ما لا يليق .. لقد أمر الإسلام أتباعه بنشر هذه الفضيلة بينهم وبين الناس جميعا فقال “يا أيها الذين آمنوا أدخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين”. ولكي يثبت الإسلام نعمة الأمان والسلام بين الناس ويزيد من رسوخها ومن غرس روحها في النفوس والقلوب والعواطف شرع العقوبات العادلة الرادعة التي متى طبقت تطبيقا سليما سادت هذه النعمة بين الناس هذه العقوبات التي شرعها أرحم الراحمين وأعدل العادلين لم يشرعها عبثا أو ظلما وإنما شرعها لصيانة نفوس الناس وأموالهم وأعراضهم من كل عدوان وبغي. *عضو البعثة الأزهرية باليمن