"أمنية حضرموت" تؤكد رفضها التجنيد خارج المؤسستين العسكرية والأمنية ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 45399 شهيداً محافظ تعز يلتقي قيادات الأحزاب السياسية لمناقشة المستجدات بالمحافظة محور طور الباحة يختتم العام التدريبي بتخرج الدفعة الـ 15 مهام خاصة اللواء حيدان يؤكد أهمية تقييم الأعمال المنجزة في تطوير الأداء الأمني اجتماع اللجنة الفنية لتوطين الصناعات الدوائية المحلية بدء إجراءات تحويل مستحقات المبتعثين للربع الثالث لعام 2023 مليشيا الحوثي تجنّد المختطفين مقابل الإفراج عنهم وإرسالهم إلى الجبهات استشهاد 5 صحفيين في غارة إسرائيلية وسط غزّة الأرصاد تتوقع استمرار الطقس معتدل بالمناطق الساحلية وشديد البرودة بالمرتفعات الجبلية
ثابت المرامي – اتسعت دائرة الاستفهام عند المرأة حول الوضع الذي وجدت نفسها في خضمه, فاتسع وعيها بنفسها كإنسان له دوره في الحياة مثلها مثل الرجل الذكر كشريك حياة بجميع قسماتها واهتماماتها . وكونها نشأت في ثقافة هو سيدها وصانع لغتها والتي فرض عليها التموضع في إطار ما نصه لها , كونه رب هذه اللغة الذكورية التي وصل فيها حد القداسة في الخطاب الحسي والفكري معاٍ . فآمنت بضعفها أمام ذكوريته وتركيبته الفسيولوجية . لكنها في نفس الوقت آمنت بذاتها المفكرة كإنسان وجد في الحياة ليس من قبيل المساواة به كقوة وسلطة , بل من قبيل التمايز الذي وضعتها الحياة فيه كونها النصف الثاني في الحياة البشرية التي تمايزا بها معاٍ عن سائر الكائنات . فقامت بفك تلك الرموز الاستفهامية وإعادة إنتاجها ضمن سياق اللغة التي صنعتها الثقافة الذكورية , بقوانينها , ولغتها , فكان السرد والقص والكتابة أحد هويات هذه اللغة الذي اقتحمته المرأة فتميزت فيها كذات مبدعة مثله تماماٍ , بل تفوقت عليه لتعلن صرختها واستغاثتها عن هذه اللغة التي أحكمت القبضة عليها بل إن هذه اللغة وضعت ستاراٍ عليها كأغان يتغنى بها وعن حبه لهذه الأنثى وعشقه لها وأنها الجانب الأبيض والوردي في حياته . وهذا الستار ليس إلا غطاء يكمل به سلطته وجبروته الذكوري , فاستخدمت لغته وثقافته وبنت به بناء لغوياٍ فنياٍ يستنكر ويوضح ظالمية ما يقوم به الذكر على مستوى تصانيف الحياة الاجتماعية والتي سميت بالأدب النسوي . بل تعدت هذا المسمى فتملكت اللغة ذاتها وصنعت منها سهاماٍ وأحجاراٍ تقذف وتوجه إليه كإدانةُ ونقد واتهام لما تفعله ذكوريته تجاهها وتجاه الكون أجمع , فكان هذا ما تميزت به القاصة جليلة الأضرعي فقلبت السحر على الساحر . وبلغته , وثقافته , أفقدته المعاني الحسية للذكورة كصفات, أمام المعاني الحسية للرجولة والتي تعني الأمان السيرورة الحياة التشاركية . وبسردية فنية متميزة المبنى والمعنى أحرقته حد السواد في المعنى الوجودي في الحياة , جاعلته أنوثة المرأة في قصصها الجانب الأبيض فيها . فحولت الاستغاثة والصراخ من مظلومية الذكر إلى امتعاض وتجريد , كشفت به عن ممارساته الذكورية واضعة نفسها في مقارنة وجودية تاريخية مع ذكورته , والذي يشهد لها التاريخ بورديتها وبياضها بينما يدينه التاريخ بسواد معاملته وافتعالاته , والتي كانت المرأة دائماٍ إحدى ضحاياه , إلى تلك المشاهد السياسية التي أنهت شعوباٍ وسحقت من أجلها آلاف الأبرياء والأمم .. تدشن القاصة جليلة الأضرعي صوت النقد والإدانة للسلطة الذكورية منذ عتبة الغلاف وألوانه وعنوانه (شوارب) بـ 18 واقعة سردية تتنوع قيمها الفنية لكنها تتفق في رمزيتها مع ما يفعله الذكر . والتي تحمل في طياتها هذا المعنى بدءاٍ من عتبة الغلاف ورمزيته من اللون الأحمر والذي يلفه السواد , وفي لغة الألوان يرمز إلى الإنسان بصلفه وغروره , يمثل القسوة والغضب والقتل والدمار, رمز الإستقلاب والاحتراق ويقود نحو الأسود إلى الموت كما يقود الاحتراق نحو الرماد . الأحمر لون حار يمثل الجنسية الذكورية العنف الإثارة . والأسود الذي يمتزج داخل تجربة الذاكرة بالخوف والحداد .. واللون الأحمر الذي يلفه السواد يميل نفسياٍ إلى ماهو مقموع والى ماهو مكبوت في اللاوعي .. تتوسط الأحمر .. كلمة شوارب والتي هي في الثقافة استعارة عن القوة والغلبة والعظم والنبل تختص بالذكر تقترن بالعنفوان وهو مفهوم ذكوري محض ضد الأنوثة التي يرمز لها بالضفائر , كلمة شوارب والتي ينتهي حرفها الأخير بانفجار دلالته الدمار وإذا جمع مع اللون الأحمر يدل على عنفوان الجنس الذكوري وأنانيته المتسلطة , أعلى الغلاف اسم الكاتبة باللون الأبيض . واللون الأبيض هنا يكون عكس اللونين الأحمر والأسود . فهو السلام والهدوء الرحمة والعاطفة الجياشة الحب نحو الحياة والإنسانية هو العالم الوردي والجميل . وبهذا تعتبر عتبة الغلاف مهاداٍ نظرياٍ مناسباٍ للولوج إلى المجموعة القصصية . كون رمزيته ترتبط ارتباطاٍ مباشراٍ بالنصوص من الألوان وعنوانه (شوارب) وبين مقصدية عنفوان الذكورة وما اكتسبته من معان حسية , وإفتعالاتها في الحياة كدمار وعنفوان وخراب ومتعة , لا تمت للإنسانية بصلة . والقاصة هنا توظف المعنى الحسي للذكورة بثقافتها المسيطرة والمهيمنة في الحياة , والتي تدعمه لغة القوة والغلبة , وبكشف حقيقة هذه المعاني الذكوريه التي يتميز بها ويفتخر , بدايةٍ من قصة فحولة والتي تتصف بفحولة الذكر وجنسيته والتى تعطيه الثقافة التي يتسيدها حق الاختيار والزواج والرأي إلى ذبح القطة في أول ليلة كما أخبروه بها أصدقاؤه إلى إحراقها بأجساد غيرها وحتى آخر عود ثقاب وهو يغني سر حبي فيك غامض . وهي الجانب الآخر في الحياة التي تكتفي بضعفها والنظر فقط . إلى قصة رقص مع الأشباح التي حاولت أن تتفق مع جسدها وفساتينها بألوانها الزاهية وعطورها وموسيقاها من أجل أن تحرك كتلة الثلج القابعة على مشاعره التي نامت عليه منذ زمن (أبو الهول) الجماد منذ آلاف السنيين وهو مشغول بصيد غيرها . أما هي فحرام عليها حتى الحلم الذي كسرت من أجله المرايا بعد أن بصقت في وجهها من جراء الفكرة فقط . إلى قصة ماريونيت والتي تبين القاصة فيها مدى حيوانية الذكورة ومتعتها بلفظ ( سال اللعاب ,, ارتمى الرجال بين أحضان النساء وبشراهة التهموا أجسادهن ليتقيأهن على أجساد أخريات ) إلى قصة براءة الشيطان التي تؤكد أن المرأة ليست في حياته سوى جسد فقط يتم تعذيبها باسم الدين لرفضها وكرهه لزوجها بينما هي تحاول إفهام رجل الدين أنها ليست مسحورة . لتتراجع عن قرارها بعد قوله لها (هاتوا حبلا واربطوا يديها وقدميها كي لا يؤذيها ) فخافت و عدلت عن قرارها (سأرجع له) حتى لايتم تعذيبها تحت مسمى المس . إلى قصة ظلام والتي لم يلاحظ شامتها التي أضفت على بشرتها النعومة والكثير من الجمال والإغراء إلا وهو يغسلها وهي ميتة . إلى القصص الأخرى والتي فيها الذكورة تقضي على الإنسان والأطفال على الحدائق والضفائر تارة بالإرهاب وتارة بالقتل وتارة بالدين وغالباٍ بالسياسة على مر العصور والدهور والتي تتمثل في ( قصة تنور) والتي تحكي عن مشهد سياسي كامل الدلالة والرمزية , مشهد بسيط وعادي يتكرر في كل بيت عجين توضع في التنور لتكون خبزاٍ , استخدمت القاصة ذائقتها الفنية وحاستها الأدبية لتحول هذا المشهد إلى مسرح سياسي واجتماعي فاستغلت الشبه بين المطبخ البيتي للمرأة وبين المطبخ السياسي للذكر. وكما أنها المتحكم وصانع القرار في مطبخ البيت وسلامته مأكولاته وهو شيء أساسي في الحياة , كما هو المتحكم في صنع القرار السياسي الذي يحكم الناس وأشيائهم وأهمها لقمة العيش أو معاشهم , والخبز أساس هذا المعاش .. وهي هنا أي المرأة تضع نفسها في مقارنة مع المتسيد الذكر للسلطة كل من موقعه حسب ما نصته قوانينه . فكانت رمزية القصة سياسية وضمن بنائها السردي هناك قراءة ثانية اجتماعية . أمها ومدحها عن كمال أبنتها في المطبخ أمام جارتها التي تفتخر بعصبية أبنها الذكر وبالإتلاف المحتمل بين الأسرتين سببه كمال المطبخ فقط دون النقاش حول عصبية الإبن الذكر , تقفل الكاتبة القصة بإحراق الخبز منهية المشهد السياسي كدمار للقمة العيش التي يقترن معاش الناس بها ومنهيةٍ المشهد المجتمعي لتخيب ظنون ثقافة الكمال للمرأة التي بنيت حول التنور فقط . فالكاتبة بهذه القصة ورمزياتها حملت إلى القارئ عدة قضايا وخطوط تريد توضيحها كمقارنة بين الشوارب والضفائر .. المطبخ السياسي وذكوريته وما له من قرارات تتحكم في مصائر الناس وحياتهم وغالبا ما تنتهي بدمار قاتل لأمه بكاملها أمام المطبخ البيتي وأنوثته وماله من قرارات وغالبا ما ينتهي بالحياة والعطاء والأكل السليم لمن في البيت الجانب الاجتماعي وضحت القاصة أن المرأة تستطيع أن تمارس لعبة السياسة من موقعها الأنثوي برفضها للإتلاف الذي كان بين الأم وجارتها والذي قد استخدمته الكاتبة قبل ذلك في قصة (حلال) اكتمال رؤية المرأة وفهمها للمشهد السياسي وإحداثياته بل تتعدى ذلك لتصنعه واقعة سردية جميلة , والمقارنة هنا على المستوى العقلي والتي يتصف بها الجنس الإنساني كتفكير, والتي قد تتسيده المرأة كسلطة حاكمة في يوم من الأيام . الدور الذكوري في المطبخ السياسي وتبعاته , أمام الدور الأنثوي في المطبخ البيتي فالأول قاتل للحياة بينما الثاني صانع للحياة عصبية الذكورة كوصفها مشاعر تتغنى به الثقافة أمام ثقافة المطبخ التي ستضيع من أجلها إتلاف بيتين بحرق خبزه . فالأولى لا تناقش بجدية لأنها ذكورية . والثانية قضية تستحق استخدام العصي لأنها أنثى وتربية .. تنهي الكاتبة مقارنتها في المجموعة القصصية (شوارب) بقصة (ألذ خسارة) والتي فيها المرأة تحرق ذاتها واهتماماتها في الحياة من أجل عاطفة الأمومة كأسمى مراتب الحياة وهي بهذه القصة الأخيرة تضع الأمومة في مقارنة مع قصة فحولة أول قصة في المجموعة , فالفحولة صفة ذكورية تتصف بالأنانية والأنبه معاٍ , بينما الأمومة صفه أنثوية تتصف بالعطاء والتضحية والحياة وفي بناء الأجيال ذكراٍ و أنثى . وبهذه النصوص تمردت القاصة جليلة الأضرعي على ما هو معتاد في القص النسوي والذي يحمل الشكوى وهموم المجتمع والواقع المعاش إلى لغة كشف ومقارنة تظهر فيه أن سبب الصراعات والأزمات الحياتية كلها هي الذكورة وغرورها . بل تعدت ذلك أيضا لتكون فلسفة حياة توقظ الفكر الهامد والموجه نحو أنوثتها التي لم تصنع للحياة سوى الخير وبناء المجتمعات , فتضع هذا الفكر في مساره الصحيح لإعادة التفكير والنظر فيه من أجل صياغة ثقافة أخرى تكون فيها تشاركية الحياة الإنسانية هي أولى الثقافات . وهي بمجموعتها القصصية شوارب أضافت للأدب النسوي صوتاٍ جديداٍ بنصوص كان التشويق فيها يسابق شعريتها الجميلة لتنبئ عن صعود كاتبة أدبية ستعتلي كرسي القص والسرد إلى جانب بنات جنسها في الأدب النسوي .