الرئيسية - اقتصاد - رفع الدعم عن المشتقات النفطية يحقق الكفاءة الاقتصادية لليمن
رفع الدعم عن المشتقات النفطية يحقق الكفاءة الاقتصادية لليمن
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

لاينفك خبراء الاقتصاد عن الترحيب بالإجراءات الحكومة لتصحيح أسعار المشتقات النفطية ورفع الدعم الحكومي عنها مؤكدين أن هذه خطوة اقتصادية إيجابية تحقق الكفاءة الاقتصادية وتضع الاقتصاد اليمني في المسار الصحيح ليكون اقتصاداٍ حراٍ لاتشوبه أي أوجه من التشويه الاقتصادي لأن الدعم يعتبر بؤرة فساد اعتمدتها الحكومات والنظام السابق كذريعة للاستفادة وتحقيق مكاسب سياسة وكان الدعم أحد أبرز المكافآت التي حصل عليها النافذون والمهربون فقط والذين يجنون مليارات من بيعها في الأسواق الخارجية. ويصر الخبراء على التأكيد أن الدعم مثل حملاٍ ثقيلاٍ على الموازنة العامة للدولة والاقتصاد اليمني بشكل عام بلغ في المتوسط 25% من إجمالي موازنة الدولة وما يحز في النفس أنه لم يصل إلى الفئات المستهدفة أصلاٍ.

الفقراء لايستفيدون الدكتور محمد يحيى الرفيق -أستاذ العلوم المصرفية بجامعة ذمار- دائماٍ ما يؤكد أن الدعم في اليمن أثر سلباٍ على نمو القطاع المالي وبالتالي نجد أن حجم دخل الدولة في تناقص عند النظر إلى إيراداتها من القطاعات النفطية لأن جزءاٍ كبيراٍ من الإيرادات يتجه نحو الدعم وهو يتجه أصلاٍ لتضخيم دخل الفئات المستفيدة منه وهم الشريحة التي لديها وسائل تعمل بالطاقة وتعتمد على البنزين أو الديزل مما زاد في نمو دخلها على حساب ضعف إيرادات الدولة نفسها. ويشير الدكتور الرفيق إلى أن شخصيات يمنية أثريت بشكل كبير يدعو للريبة وحققت مليارات الريالات جراء الاستفادة من الدعم فيما الفقراء الذين يسكنون الريف لا يمتلكون أي وسائل مواصلات ولا تصلهم مشاريع الكهرباء فهؤلاء الـ70% من السكان لن يستفيدوا في أغلب الحالات إلا من 10-20% من الدعم فقط. بؤرة فساد وضع الباحث الاقتصادي أحمد سعيد الدهي دراسة متكاملة عن دعم المشتقات النفطية والمستفيدين منها فاكتشف أواخر العام 2010م أنها لم تفد أحداٍ بل وأكد أنها وجه من وجوه الفساد التي نمت في ظل الحكومات السابقة فهي من جهة عبء كبير تم رميه على الموازنة العامة للدولة وبالتالي تحمل الاقتصاد اليمني الكثير من الأزمات بسببها بل وصلت إلى عاتق المجتمع اليمني وللتدليل على أن الدعم بؤرة فساد يؤكد الدهي أن الدعم في بلدنا لم يصل إلى الفئات المجتمعية المستهدفة كما أنه لم يصل إلى القطاع الاقتصادي المستهدف بل ذهب لمصلحة غير المستهدفين. ويقول: إذا كان الدعم لم يصل إلى الشريحة المستهدفة ولم يصل إلى القطاعات الاقتصادية المستهدفة فإنه في المحصلة النهائية شكل عبئاٍ مالياٍ كبيراٍ على الاقتصاد الوطني والمجتمع اليمني كله ذلك لأن إلغاء الدعم هنا يعني توفير مبلغ الدعم الذي يتجاوز 700 مليار ريال لخزينة الدولة وإعادة توزيعه وفق الأولويات الاقتصادية في البلد مما قد يعود بالنفع على كل اليمنيين من خلال المشروعات التي ستمول من المبالغ التي كانت تذهب للدعم. استفادة يؤكد الدكتور الرفيق أن النفقات التي تنفق على الدعم يمكن الاستفادة منه اقتصادياٍ في توفير الموارد المالية وغير المالية وتحويلها بأقل كلفة وأكثر جدارة وكفاءة إلى استثمارات تدعم النمو الاقتصادي واستدامته وتزيد بالتالي الرفاهية المجتمعية من خلال وظائفه المتمثلة في حشد وتعبئة المدخرات وتمويل البرامج الاستثمارية والقضاء على الفجوة التمويلية الناتجة عن العجز المتزايد في الموازنة العامة للدولة وتسوية المدفوعات وتنويع الاستثمارات. الآثار السلبية حين يتحدث الاقتصاديون عن الآثار السلبية لإلغاء الدعم يفترضون أنه يصل إلى كل القطاعات الإنتاجية وحين يتأكدون أن هذه الفرضية غير موجودة في الواقع يصابون بخيبة أمل فالقطاعات الإنتاجية لم تكن المستفيد الوحيد ولهذا تنتابهم الحسرة والندم على تلك المبالغ الضخمة التي أنفقت منذ قيام الوحدة والبالغة أكثر من 22 مليار دولار. ويقول الدكتور منصور الحوشبي -كبير أخصائيين في التحليل الاقتصادي في وزارة التخطيط والتعاون الدولي:  إن دعم المشتقات النفطية يستحوذ على حوالي نصف الإيرادات النفطية ونظراٍ لتراجع حصة الحكومة من إنتاج النفط الخام فإن فاتورة الدعم مرشحة لأن تستحوذ على جل الإيرادات النفطية في السنوات القادمة في حال لم تطبق الحكومة التصحيحات السعرية ويرى أن انخفاض قيمة البنزين والديزل في السوق المحلية يْحفز كثيراٍ من المفسدين النافذين على تهريب المشتقات إلى الخارج مما يقود لارتفاع الأعباء المالية وتصاعد الاختناقات في العرض المحلي مشيراٍ إلى أن تفاقم عجز الموازنة العامة في تغطية تكاليف فاتورة الدعم أدى لمظاهر سلبية في الواقع اليمني وظهور طوابير طويلة أرهقت الناس بكل المعاني فالعجز سبب عدم الوفاء بتوفير المشتقات بالقدر الكافي لحاجة السوق. الدكتورة لطيفة الثور -أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء- تؤكد أن الدعم استنزف خلال السنوات الماضية حتى عامنا هذا مبالغ لا تستطيع الموازنة العامة تحملها بأي حال من الأحوال إذ أن استمراره جعل النمو يضعف ووصلت الاختلالات في الموازنة ذروتها ناهيك عن أثره في تشويه التكاليف والأسعار وبالتالي على الموازين الداخلية والخارجية وتشير إلى أن التعامل مع الدعم لم يكن كوسيلة بل اعتبر غاية وهنا الفساد لأنه لبى رغبة الفاسدين في حينه. خسائر ووفقاٍ لدراسة قام بها قطاع الدراسات والتوقعات في وزارة التخطيط والتعاون الدولي عام 2010م على تأثير الدعم على المزارعين والصيادين اتضح أن استمرار الدعم بالطرق والسياسات المتبعة لا يفيد المزارع ولا الصياد ولا بقاء الفئات المستفيدة بقدر ما يفيد مجموعات لا تستحقه أساساٍ حيث أصبح إلغاء الدعم تحدياٍ كبيراٍ أمام الحكومة لإثبات قدرتها على تحقيق قدر كبير في إصلاح اختلالات المالية العامة وتشوهاٍ للتكاليف والأسعار وضمان تهيئة الظروف اللازمة للمنتجات المحلية لمنافسة المنتج المستورد لاسيما وأن الجمهورية اليمنية على وشك انضمامها إلى منظمة التجارة الدولية وكشفت الدراسة إن إجمالي دعم المشتقات النفطية خلال عام 2008م إلى 759 مليار ريال وفي 2009م إلى 391 ملياراٍ فيما بلغ حجم الدعم في 2010م 550 مليار ريال وتؤكد أن نسبة دعم المشتقات إلى إجمالي الموارد العامة للفترة 2005-2010م بلغت 25% في المتوسط. قضية شائكة الدكتور طه الفسيل -أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء- أمضي عدة سنوات في إعداد بحوث أكاديمية حول الدعم وتأثيراتها على الاقتصاد الوطني من عدة زوايا وتوصل منها إلى أن مسألة دعم المشتقات النفطية قضية شائكة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية فالمشكلة من وجهة نظره تكمن في أن الدعم له آثار اقتصادية إيجابية وسلبية الجانب الإيجابي يتمثل في الدور الاجتماعي للدولة باعتبار النفط ملكية عامة من حق المواطن أن يستمتع به أما الجانب السلبي فيتمثل في تحميل الموازنة عبئاٍ اقتصادياٍ كبيراٍ وفي الوقت نفسه فإن الدعم له آثاره السلبية من خلال انعدام الكفاءة الاقتصادية في الاستهلاك والتبذير والتهريب وعدم وجود سعر حقيقي يعبر عن التكلفة الحقيقية للمجالات والأنشطة الاقتصادية يستفيد منه الفقير والغني اليمني والأجنبي القادر غير القادر. وتشير إحدى دراساته إلى أن موقع بلادنا الاستراتيجي بجوار دول مجلس التعاون الخليجي جعلها في وضع سياسي واقتصادي واجتماعي صعب فيما يتعلق بالمشتقات النفطية لأن تلك الدول المجاورة دولاٍ غنية فيما اليمن دولة فقيرة وهذا خلق إشكاليات كثيرة وفي الجانب الآخر ينظر مجتمع المانحين الخارجيين لهذا الدعم على أنه هدر اقتصادي وتضع ذلك ضمن رؤيتها لتقديم المساعدات لبلادنا معللة بالقول: كيف نقدم مساعدات لدولة تهدر مواردها الاقتصادية ولا تستخدمها برشد وكفاءة¿ ولذلك لاشك أن الجانب الخارجي يلعب دوراٍ أساسياٍ في عملية ترشيد النفقات الى جانب الدور الاقتصادي.. السؤال المطروح في هذا الجانب هو: كيف سمحنا لهذا الدعم أن يستمر بهذا الشكل من التوحش والتوغل والتوسع الكبير¿ وهذا يعني أن هناك جهات مستفيدة بشكل أو بآخر من استمرار الدعم والسؤال الآخر الذي نطرحه حالياٍ: كيف نعالج هذا الدعم¿ الدعم الدولي يرى الدكتور الفسيل أن على المجتمع الدولي القيام بمسئوليته لدعم اليمن في خطواته لتصحيح أسعار المشتقات النفطية لأن ما يعيشه اليمن حالياٍ بسبب الإصلاحات الحالية والتي تمت خلال الفترة الماضية تجعل على المجتمع الدولي وبالذات دول مجلس التعاون الخليجي القيام بواجبها في تعزيز المساعدات والدعم في الوقت نفسه هناك مشكلة أخرى تتمثل في مكافحة الإرهاب وهذه تحتاج التزامات دولية وإقليمية لتنفيذ هذه الإصلاحات دون أن ترافقها مشاكل اجتماعية.