الرئيسية - عربي ودولي - أميركا وداعش
أميركا وداعش
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

دعا الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى حشد الدعم بين السنة مشيرا إلى أن ذلك سيكون مشروعا طويل الأمد وأضاف فيما معناه بأن ما يحدث بالعراق بسبب شعور السنة بالامتعاض من السياسة القائمة. جاء ذلك أثناء الغارات الجوية التي تشنها الولايات المتحدة الأميركية على قواعد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) قائلا: إن ذلك التنظيم لم يهزم سوى بتشكيل حكومة وحدة وطنية بالعراق وذلك القول يحتمل إشراك داعش في تلك الحكومة. ومعنى ذلك أن الغارات الجوية لها أبعاد سياسية لا سيما والسياسة الخارجية الأميركية دائما ما تعتمد على المعايير المزدوجة وتؤسس من خلال ذلك ما هو معلن أو متبع يختلف شكلا ومضمونا مع الخفايا الباطنة لتلك السياسة لما من شأنه تحقيق جملة أهداف استراتيجية على المدى البعيد والمنظور. ففي ما هو ظاهر فإن بعض ما ورد في الخطاب المتلفز للرئيس أوباما فيه تعاطف واضح مع السنة في العراق فيما المسلك العملي عند تقييم وتقدير حقيقة ذلك يتناقض شكلا ومضمونا مع ذلك التعاطف على اعتبار أنه وفقا للسياق العام أن تنظيم داعش بغض النظر عما يقوم به محسوب على السنة وبالتالي يثير ذلك الخطاب ثم الغارات الجوية التي تنفذها واشنطن على قواعد ذلك التنظيم في العراق استفسارات مشروعة تتعلق بالأهداف الاستراتيجية لما قامت به الإدارة الأميركية. الأمر الذي يظهر بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ودلالة خاصة والرئيس الأميركي أوضح في خطابه أن ذلك التنظيم لن يهزم وإن كان الحال كذلك فلماذا إذا شنت عليه واشنطن غارات جوية هل لأنه بحسب خطاب أوباما لن يهزم إلا من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية في العراق ومع افتراض صحة ذلك فإن الحقيقة تبدو خلافا لما تضمنه البعدان النظري والعلمي لجهة السياسة الخارجية للبيت الأبيض. أي أن الهدف من الغارات الأميركية على قواعد داعش بحسب مراقبين هو تعميق الصراع القائم والجاري وتغذيته بين السنة والشيعة وإضفاء مشروعية على ذلك الصراع بشكل أوسع وأشمل تضرر منه العراق مما يحول دون التوصل إلى حلول أو معالجات خاصة والبعد الخفي في الغارات الجوية للولايات المتحدة الأميركية على قواعد ذلك التنظيم تلبية لطلب مسبق ورغبة من قöبل الحكومة العراقية التي اعتبرها أوباما بحسب خطابه بأنها ليست حكومة وحدة وطنية حتى يهزم من خلالها تنظيم داعش. وإذا كان الحال كذلك فلماذا إذن استجابت واشنطن لطلب تلك الحكومة وهو الذي قال حرفيا وبالنص كما سبقت الإشارة أعلاه بأن تنظيم الدولة الإسلامية لن يهزم سوى بتشكيل حكومة وحدة وطنية في العراق أي أن الوضع القائم في الحالة السياسية طبقا لتشخيص الرئيس الأميركي غياب حكومة وحدة وطنية. وهو ما يظهر في الحقيقة تناقضا واضحا لأن الإدارة الأميركية استجابت بتنفيذ غاراتها الجوية على داعش لطلب مقدم من المالكي تعتبرها واشنطن ليست حكومة وحدة وطنية الأمر الذي يظهر بوضوح أن ما قاله أوباما نظريا لا يتناقض مع الغارات الجوية عمليا فحسب بقدر ما يظهر الجهد الأميركي لتغذية النزاع بين السنة والشيعة وتكريس الصراع في بلاد الرافدين وتطويره. على اعتبار في ظاهر المعنى أن الغارات الأميركية ضد واستجابة للحكومة القائمة من قöبل البيت الأبيض لكن في باطن تلك الغارات وما تنطوي عليه من خفايا فإنها دعم سياسي لداعش بحسب مايراه مراقبون لتحقيق ما تصبو إليه السياسة الخارجية الأميركية وهو صب الزيت على النار بهدف تأجيج نطاق الصراع بين العراقيين أكانوا سنة أو شيعة.