الرئيسية - عربي ودولي - ليبيا وطلب الحماية الدولية
ليبيا وطلب الحماية الدولية
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

يرى مطلعون بأن التداعيات الجارية حاليا في ليبيا دخلت مرحلة النفق المظلم وأن تلك التداعيات المؤسفة باتت غاية في التعقيد خاصة بعد أن صوت البرلمان بأغلبية أعضائه من أجل دعوة الأمم المتحدة والشركاء الغربيين إلى ضرورة التدخل العسكري مما زاد من تعقيدات ذلك المشهد السياسي خاصة وذلك البلد العربي منذ سبتمبر 1911م تاريخ احتلال إيطاليا وإعلانها لليبيا مستعمرة عام 1934م كان ذلك بعد إعدام المجاهد عمر المختار في سبتمبر 1931م مع أكثر من مائتي ألف من السكان الأصليين ضمن إبادة جماعية لم يعرف التاريخ لها مثيلا إلا مع الهنود الحمر أو ما حدث في فلسطين من قبل الصهاينة وكان الهدف بالتأكيد إفراغ الأرض من الهوية العربية والإسلامية. حيث واصلت الفاشية الإيطالية المتحالفة آنذاك مع النازية الألمانية أعمالها الإجرامية لما من شأنه إنهاء تلك الهوية واستبدالها بالهوية الإيطالية ما نتج عن ذلك من طمس للمقاومة وإنهاء معالم الأرض أسوة بما قام به الاحتلال الصهيوني بالقدس خاصة أثناء الحرب العالمية الثانية استشعرت إيطاليا مخاوف الهزيمة من نطاق سيطرتها فنفذت ما عرف عام 1943م بعملية السمرقندية المسماة وفقا لاسمها الكودي(بالقدس تو). كمهمة محددة تجاه القدس عاصمة فلسطين المحتلة واستمرت تلك العملية لفترة 26 عاما أعلنت خلالها روما تزامنا مع الذكرى التاريخية لإعدام عمر المختار عام 1931 عودتها من جديد عبر ما عرف حينذاك بالفاتح من سبتمبر 1969م والذي استمر لأكثر من أربعة عقود أنهى من خلالها لما تبقى من الهوية العربية والإسلامية في ذلك البلد الأمر الذي أدى كعاقبة وخيمة جراء التراكم السلبي للسياسات الخاطئة والتدخلات الخارجية إلى انفجار الصراعات الداخلية كما هو حاصل بالظرف الراهن واتساع نطاق الاختلالات الأمنية والاضطرابات السياسية وظهور المليشيات المسلحة. وما كان ذلك إلا تعبيرا حقيقيا عن أزمة الهوية الوطنية لمشكلة قديمة وجديدة أوجدها الاستعمار الإيطالي وسعى إلى تكريسها للانفراد بذلك البلد العربي لتأتي التحولات الأخيرة وتضيف قوى استعمارية أخرى على حساب مصالح الشعب وما يحدث حاليا من حالة حرب أهلية مع تنامي الصراعات المدمرة إلا نتائج مترتبة على أزمة الهوية الوطنية كما أشرنا وأبلغ دليل على ذلك مطالبة البرلمان بالتدخل الدولي من قبل الأمم المتحدة لحماية المدنيين ربما على غرار ما حدث بالعراق عندما قتلت تلك المنظمة أكثر من مليوني عراقي مع القوى الدولية برغم أن المهمة حماية العراقيين. لكنها تحولت حينذاك إلى تحرير العراق من العراقيين وكأن حلف الناتو قصر في المهام الموكلة على عاتقة إزاء حماية المدنيين عندما كان يدمر ويقصف المباني والسكان وإلى درجة أن ذلك الحلف كان تارة يضرب كتائب الثورة الأولى التابعة للنظام السابق ويمنع تقدمها على كتائب الثورة الثانية والعكس صحيح وكان الهدف من ذلك تعميق أزمة الهوية الوطنية حتى أن القوى الدولية التي تعبث بإمكانيات ومقدرات ذلك البلد وتغذي الصراعات هي بالتأكيد من يقف بالظرف الراهن عبر وكلائها وراء الدعوات إلى تدخل دولي ربما لحماية تلك الصراعات برغم أن مهام البرلمان حماية ورعاية السيادة الوطنية وتحاشي التدخلات الخارجية وليس العكس. وكأن الهيمنة الغربية لا تكفي وما تقوم به من سيطرة على ذلك البلد العربي حتى يتم المطالبة بتدخل خارجي إضافي تحت ذريعة حماية المدنيين والواضح حماية مصالح القوى الاستعمارية لما من شأنه إلحاق الضرر بالشعب الليبي وما تلك الدعوات في ظاهرها وباطنها إلا لإخفاء ما تقوم به القوى الدولية. ويرجع ذلك كما أوضحنا إلى أزمة الهوية الوطنية كأزمة عميقة تداخلت حاضرا مع المشكلات القائمة وأخذت انعكاساتها السلبية تشمل البلد والسكان والدولة والشعب ومؤسساتها المختلفة. وهو ما يتطلب البحث عن حلول ومعالجات صحيحة تعيد مسار الهوية الوطنية بثقافتها العربية والإسلامية من خلال بحث جذر المشكلة وأساسها والاتفاق على صيغة جديدة تدرس سبل وإمكانية استعادة الهوية الوطنية المفقودة وذلك كمدخل لإنهاء التدخلات الخارجية والتخلص من المشكلات الاستعمارية القديمة ما لم ستبق الصراعات الداخلية وكذا التدخلات الأجنبية تتجاذب ذلك البلد وتؤثر على أمنة واستقراره وتجعله غير قادر على الخروج من أزماته الراهنة.