الرئيسية - عربي ودولي - أميركا .. هل أصبحت في مرمى صواريخ الصين¿
أميركا .. هل أصبحت في مرمى صواريخ الصين¿
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

زكريا عثمان –

أربكت الصين الغرب بأسره فضلا عن دول الجوار الآسيوى تلك التي يربطها بها نزاع حدودي ولا سيما اليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام عقب قيامها مؤخرا بإجراء تجربة ناجحة لصواريخ باليستية عابرة للقارات يبلغ مداها ?? ألف كيلو متر قادرة على حمل رؤوس نووية متعددة وتجعل الولايات المتحدة جميعها وليس بعضها فحسب فى مرمى استهدافها. ولا شك أن هذه التجربة التى تضمنت تطوير الصين لصواريخ باليستية عابرة للقارات من طراز “دونج فانج ?? “و “دى إف ??” والتي يعد الأخير منها وبحسب تصنيف مجلة “جينز” الصينية المتخصصة فى الشئون الدفاعية هو الأبعد مدى فى العالم تهدم المعادلة الحالية بمعظم رموزها الأساسية والتى يؤكد خلالها المراقبون أن الصراع العالمى بين القوى الكبرى قد تحول عقب انهيار الاتحاد السوفيتى ????م من النوع العسكرى التقليدي حيث سباق التسلح إلى نظيره الاقتصادى العصري حيث اقتصاد الإنتاج وتحقيق أعلى معدلات النمو ورفع سقف الصادرات.  ولمزيد من التوضيح يشير هذا الواقع وتلك الشواهد إلى ارتداد معادلة القوى الدولية إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية التى اتسمت بسباق عسكرى ضروس بين أمريكا والاتحاد السوفيتى ولكن مع اختلاف الرموز أوالأقطاب هذه المرة حيث تحل الصين الآن عقب تطويرها هذه الصواريخ محل الاتحاد السوفيتى.  ولكن يبقى الموقف الأمريكى على النسق ذاته وهو ضمان التفوق العسكرى على الخصم أيا كان وهو ما يأذن فى حالة استمرار حالة الاستقطاب الجارية بين رموز تلك المعادلة الحالية باحتمال نشوب حرب عالمية ثالثة أو على الأقل العودة إلى أجواء حرب باردة من نوع جديد ربما تحقق ما يمكن تسميته بـ«القطبية الثنائية الأمريكية – الصينية” التى ستعيد للعالم ما يعرف بـ “توازن القوى» على غرار نظيرتها السابقة الأمريكية – السوفيتية.   ومن المؤكد أن بكين لم تقم بهذه التجربة الصاروخية بدون دواع مسبقة وإنما لأسباب عدة أبرزها مضى واشنطن قدما فى تطوير قدراتها العسكرية ولا سيما الصاروخية منها فكان لابد من رد صينى قوى أو على الأقل مماثل على هذه الخطوة وهو ما عبر عنه محلل عسكرى صيني لم يدل باسمه قائلا : “فيما تواصل واشنطن تعزيز نظامها الدفاعي الصاروخي فإن تطوير جيل ثالث من الأسلحة النووية القادرة على حمل عدة رؤوس يعد هو التوجه السائد”. ولا يخفى على أحد أيضا أن من بين أقوى أسباب قيام بكين بتلك الخطوة هو إدراكها لتدخلات البيت الأبيض المستمرة بل والمستفزة من وجهة نظرها فى القارة الآسيوية وفى إجرائه مناورات مشتركة مع عدة دول على خلاف مع الصين من ناحية أخرى فضلا عن تغذية واشنطن للصراعات الحدودية الدائرة بين حلفائها كاليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام وبين بكين فى بحر الصين الشرقى والجنوبي.  كما يعد وصول رئيس الوزراء الحالى شينزو آبى لسدة الحكم فى بلاده أحد الأسباب القوية لدفع الصين للقيام بتلك الخطوة خاصة عقب ما وصفته بكين باستفزازاته المتوالية ضدها فضلا عن تلويحه المستمر بإمكان إعادة النظر فى الدستور الياباني بالتعديل كي يتسنى لطوكيو تطوير قدراتها العسكرية وخوض حروب ضد أي من كان متى لزم الأمر للدفاع عن أراضيها من وجهة نظره وذلك في إشارة واضحة للصين. كل هذه الأسباب وغيرها دفعت بكين ليس فقط لإجراء هذه التجربة الصاروخية فحسب بل إلى زيادة حجم نفقاتها العسكرية بنسبة تفوق ??? لعدة سنوات حتى باتت تمتلك ثاني أكبر ميزانية عسكرية فى العالم بعد الولايات المتحدة.  في المقابل من المستبعد أن تقف واشنطن مكتوفة الأيدي تجاه حراك صيني من المؤكد أنه أزعجها لكن على الرغم من أنها لم تبد رد فعل رسمي ولو بالإدانة تجاهه فإنها سترد وحتما على الصاع بصاعين عمليا. ولا شك فى أن هذه الأجواء الملبدة بالاحتقان والتوتر المتصاعد بين الصين وحلفاء الأمريكيين في المحيط الآسيوي جراء الخلافات الحدودية الدائرة بينهم الآن من ناحية فضلا عن أعمال القرصنة الإلكترونية المتبادلة بين واشنطن وبكين من ناحية ستدفع بالعلاقات بينهما إلى طريق مسدود كما أنها ستؤزم الوضع العالمي بأسره وتدفعه إلى حافة حرب عالمية ثالثة شبيهة بقنبلة موقوتة يتوقف نزع فتيلها على قدرة الطرفين على إدراك مدى خطورة الأمر والعمل الجاد على حله وليس على تصعيده وتعقيده وهو رأي تدعمه تصريحات الرئيس الصيني شي جين بينج التي أكد خلالها الشهر الماضي أن “أي مواجهة بين القوتين ستثير بالتأكيد كارثة للدولتين وللعالم بأسره”. ولا شك في أن العالم بأكمله لا يأمل فى أن تقع هذه المواجهة يوما ما.