الرئيسية - اقتصاد - إصلاح الإدارة العامة للدولة بداية المسار الصحيح للاقتصاد اليمني
إصلاح الإدارة العامة للدولة بداية المسار الصحيح للاقتصاد اليمني
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

دعت دراسة حديثة إلى فتح البوابة الرئيسية للإصلاحات المتعلقة بالإدارة العامة للدولة وإعطاء اهتمام أكبر للإصلاح الإداري والمالي, الذي يجب أن يتلازم مع التكيف الاقتصادي للمرحلة الانتقالية في اقتصاد اليمن كدولة اتحادية سوف تحكمها منظومة من الاستراتيجيات الشاملة والسياسات القطاعية الكلية من جهة, والتنمية المحلية بالنظم الاقتصادية والمالية اللامركزية التي ستؤثر حتماٍ في تطوير اقتصادات الموقع الجغرافي للأقاليم أو (الحكومات المحلية) من جهة أخرى, وعلى أن يكون هذا الأمر في إطار علاقة تكاملية متلازمة ومتوازنة نحو الأهداف الكلية للتنمية المستدامة. وأكدت الدراسة الموسومة حول أهمية السياسات الاقتصادية والمالية للدولة, والتي أعدها الخبير الاقتصادي الدكتور محمد أرسلان, أن إصلاح الإدارة العامة للدولة وإعطاء عناية واهتمام أكبر من أجل تخطيط وتنظيم إدارة الاقتصاد المالي الحكومي, وتحسين أداء وفاعلية أدوات المالية العامة وموازنة الدولة على صعيد العلاقة بين المركز والمحليات – الفيدرالية – وتحديداٍ ترشيد أقنية الإنفاق العام الاستثماري لصالح النهوض بمشروعات البنية الأساسية سوف يكون من أبرز المعالم والسمات التي سيتميز بها طابع الاقتصاد اليمني خلال المرحلة الراهنة ثم المستقبل المنظور, وبالتالي فإن هذه الرؤية الجديدة عن طبيعة الفروق التي ستظهر بين اقتصادات الماضي واقتصادات المستقبل في التوجه نحو بناء آليات ما يعرف باقتصاد السوق الاجتماعي المنظم الذي يركز على إعطاء المزيد من خدمات البنية الأساسية والإنتاجية ومشروعات المنافع العامة لصالح المجتمعات السكانية والمحلية والاستقرار والتنمية المستدامة. برنامج وطني ويرى أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن أرسلان أن هناك تصورات عمومية ومتداخلة حول الإجراءات المتعلقة بالخروج من الأزمة السياسية ذات الصلة بالإدارة العامة للدولة والسياسات المالية العامة في الأمد القصير ومنها اتخاذ التدابير الهامة في معالجة القضايا أو المشكلات (الطارئة), لا سيما في قطاعات البنية التحتية (قطاع الكهرباء, قطاع المياه, الاتصالات, النقل… إلخ), فإن ذلك لا يعني إطلاقاٍ أن هناك تصوراٍ أو رؤية استراتيجية متكاملة ومتناسقة الأبعاد حول وضع برنامج للإصلاح الإداري والمالي يواكب متطلبات اقتصاد المرحلة الانتقالية, وذلك في إطار التهيئة القطرية للدولة الاتحادية المأمولة, على المستوى الوطني في اليمن, ولذلك يجب تقييم هذا الأمر بصورة استثنائية عاجلة وتصميم برنامج وطني جديد للإصلاح الإداري والتكييف الاقتصادي تكون له منظومة متناسقة من الأهداف وآليات أو ميكانيزمات يتبلور فيها تطوير وتحديث البناء المؤسسي للإدارة الحكومية على قاعدة من القوانين والنظم الفعالة – خارج الروتين أو البيروقراطية – وزيادة وعي الأفراد, أي تأهيل القيادات والملاكات في المستويات العليا والوسطى والأدنى للموظفين العموميين, وذلك باعتبار أن الفرد هو محور كل مشروع وإصلاح جاد في سلوكه المهني والوظيفي والأخلاقي وأساس لمقاومة الفساد الذي غالباٍ ما نشكو منه في الإدارة الاقتصادية والمالية الحكومية لليمن. وفي هذا المسار يستحسن الأخذ بمفاهيم علمية حديثة عن الإدارة المثلى وإقامة دولة القانون ومنح المزيد من المسؤولية للموظفين العموميين ورفع مستوى أداء المصالح للمرافق العامة وتطبيق الشفافية والمحاسبة عند تسيير مصادر أموال الدولة ونفقاتها على مشروع التنمية, ولا ننسى في هذا الاتجاه نفسه تحسين مستوى الأجور ودخل الموظف العام وتأمين مصلحته في العمل لكي يكون على الدوام مضطلعاٍ بواجباته القانونية وعنصر مساعد في تحقيق الأهداف ودفع مسعى الإصلاح إلى الأمام. الإصلاحات الضريبة وتجزم الدراسة أنه لا يمكن إصلاح إدارة الاقتصاد الحكومي بمعزل عن الإصلاحات المالية والضريبية والإصلاح النقدي في مجال الحفاظ على أسعار العملة الوطنية مقابل سعر الصرف الأجنبي ومكافحة مظاهر التضخم الذي يعرقل النمو الاقتصادي على المدى الطويل, ولذلك فإن تهيئة الظروف للاقتصاد المالي في المرحلة الانتقالية لليمن سوف يفرض بالضرورة مراجعة النظام المالي السائد حالياٍ في البلاد وتطوير منظومة الموازنة العامة للدولة على أساس التخطيط الاستراتيجي الذي يربط أدوات المالية العامة بالأهداف والتركيز على الإنفاق العام – الرأسمالي والاستثماري ـ بأنظمة مالية وضريبية تساعد على تمويل قطاعات التنمية وخاصة التمويل والإنفاق الاستثماري على مشروعات المنافع العامة والهياكل الأساسية المرتبطة بخدمات البنية التحتية وبما أن المركزية المالية في اليمن قد أثبتت (فشلها) في اليمن خلال المرحلة الماضية عن تحقيق أهداف قطاعات التنمية واستراتيجية التخفيض لإعداد الفقراء أو التخفيف من ظاهرة الفقر الاجتماعي عن طريق توفير الخدمات الأساسية في عدة قطاعات هامة كالتعليم والصحة والكهرباء والمياه والصرف الصحي وغيرها. وأشارت إلى أن استبدال النظام المالي المركزي والتحكم بتسيير الموازنة العامة للدولة والمصروفات العمومية من مركز واحد (وزارة المالية والبنك المركزي اليمني) وفق مستجدات الواقع الراهن في انتقال اليمن إلى دولة اتحادية وحكومات (أقاليم) سوف يفرض تطورات نوعية تقوم على أساس قاعدة (العلاقة بين المركز والنظم المالية اللامركزية) وبالتالي فإن إعادة هيكلة الاقتصاد الحكومي يعني بالضرورة إعادة هندس السياسيات المالية والتنسيق بين تخصيص الأموال واستخداماتها وفقاٍ للنهج المالي الفيدرالي أو بمعنى آخر أن الإنفاق الاستثماري على قطاعات التنمية وتحديداٍ في مجال النهوض بالبنية الأساسية وخدماتها لن يكون عن طريق ـ السلطة المركزية ـ وإنما بواسطة الوكلاء الحكوميين أي حكومات (الأقاليم) وهذا مهمة معقدة جداٍ في ضمان التوازن والتنمية الشاملة على مستوى المحليات وفي اعتقادنا أنه رغم صعوبة هذا المسار عند تطبيق النظم المركزية واللامركزية مالية إلا أن تحويل المسؤوليات المالية من المركز إلى السلطات المحلية وفي ظروف جديدة سيجعل حكومات (الأقاليم) في اليمن أكثر استجابة لاحيتاجات الفقراء ويحد من الفساد ويشجع على تطبيق مبدأ المساءلة والشفافية والإنصاف والكفاءة في توظيف الإنفاق الرأسمالي والاستشاري لصالح التنمية المستديمة وزيادة مردود المنافع العامة من خدمات البنية الأساسية. الإنفاق إن التحدي الرئيسي أمام السياسات الاقتصادية والمالية يجعل الدول وحكوماتها الوطنية تركز على زيادة حجم الإنفاق العام وتوجيه التمويلات الاستثمارية بأنواعها المباشرة وغير المباشرة لصالح إنماء اقتصادات البنية التحتية وزيادة نصيب الفرد من الخدمات الأساسية في مجال الصحة والتعليم وتحسين البيئة والإسكان ومن هنا نرى أن من واجب الحكومة اليمنية إعطاء الأولوية الاستثمارية لمثل هذه القطاعات المحفزة للنمو والاستقرار والتنمية المستدامة ولا شك أن سياسة المالية العامة للدولة اليمنية ـ الاتحادية ـ سوف تعمل بل ويجب أن تعمل كذلك بطريقة مختلفة عن النظام المالي السائد حالياٍ في البلاد والابتعاد عن (المركزية المالية) عند اتخاذ القرارات التي لا تستند على ترتيب تسلسل إصلاح الأنفاق العام أو بمعنى آخر أن حجم النفقات الرأسمالية في الموازنة العامة ينبغي أن تقوم على أساس التناسبات مقارنة بالنفقات الجارية فلا يعقل أن يسود الموقف المالي الراهن بتخصيص الموارد العامة ونفقاتها الجارية بنسبة 80% (نظرا موازنة عام 2013م) وبناء عليه فإن هذا الحال لا بد وأن يتبدل على قاعدة جديدة من التناسبات فبدلاٍ من أن تكون المعادلة في معامل التناسب (1:4) تصبح خلال المرحلة الانتقالية الراهنة (1.5:3.5) تستمر بالتصاعد التدريجي إلى أقصى حد ممكن بالمعايير الدولية والتي يكون فيها الإنفاق الاستثماري بنسبة لا تقل عن 40% مقارنة بالنفقات الجارية 60ـ65% وهذا هو السائد في معظم دول العالم السائرة على نهج أو طريق التنمية السمتدامة. الشراكة من الواضح أن اليمن من أكثر البدان العربية التي تتلقى العون الفني والمساعدات الإنمائية الدولية وكذلك القروض الميسرة من البنك الدولي (w.B) وصندوق النقد الدولي (IMF) ولكن المشكلة القائمة هو عدم صياغة استراتيجية فعالة حول القدرة الاستيعابية المتعلقة باستخدام القرض في مجال التنمية. كما أن حجم العون الإنمائي والمساعدات من الدول الصديقة والمانحة لليمن لا يتم استخدامه بكفاءة عالية على مستوى قطاعات التنمية.. والواقع هناك فرص حقيقية ضائعة في هذا المجال ولكن يمكن للحكومة اليمنية الاستفادة منها في حال مواصلة الإصلاحات الاقتصادية والمالية وإقامة شراكة ذكية مع القطاع الخاص في إطار التمويل الاستثماري لمشروعات البنية التحتية ومن هذا المنطق ترى أن توجيه المعونة إلى تطوير قطاعات البنية الأساسية ومن خلال الدعم العام للميزانية ربما يساعد على سد (الفجوة التمويلية) للإنفاق الاستثماري والوصل إلى الأهداف المحددة في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعي الراهنة والمستقبلية لليمن.