الإنسان والأرض.. جدلية الهوية والمقاومة
الساعة 09:37 مساءً
  • كاتبة يمنية

الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين لم يكن مجرد غزو للتراب أو استيلاء على مساحة جغرافية، بل تجاوز ذلك ليغدو مشروعا لطمس الهوية الفلسطينية، محوا لتاريخها، وسعيا لإعادة صياغته بما يتناسب مع الرواية الإسرائيلية والحق المزعوم
بالنسبة للفلسطينيين، الأرض ليست مجرد حدود أو مساحة للعيش؛ هي رمز الهوية الوطنية والمقدسات الدينية، وهي امتداد للوجود ذاته. إنها جزء من الذاكرة التي تربط الإنسان بجذوره، بمعالمه التاريخية والدينية، وبكرامته الوطنية، واعتزازه بأولى القبلتين وثالث الحرمين.
المقاومة ليست خيارا بل إرثا. أجيال فلسطين حملت راية الدفاع عن الأرض والكرامة؛ من جيل مهجري النكبة عام 1948، إلى جيل الانتفاضات وأطفال الحجارة، وصولا إلى أبطال القسام وطوفان الأقصى. لم يكن هذا الدفاع فقط عن حدود أو معالم، بل عن كيان وعقيدة عن الإنسان والأرض معا. عن القدس والمسجد الأقصى
المفارقة تتجلى هنا: أيهما أولى بالدفاع، الإنسان أم الأرض؟ الشعب الفلسطيني يدرك أن فقدان الأرض هو فقدان الهوية، وأن الدفاع عن الأرض هو دفاع عن كرامة الإنسان وحريته. يعرف الفلسطينيون أن أطماع المحتل لا تتوقف عند فلسطين، بل تمتد لتطال العالمين العربي والإسلامي من الفرات إلى النيل، ما يجعل قضيتهم معركة نيابة عن أمة بأكملها...
ورغم خذلان العالم لهم، لم يتخل الفلسطينيون عن دورهم التاريخي هم الذين يضعون أرواحهم على أكفهم، شعارهم: إما الشهادة أو النصر. 
خيار التهجير ليس مطروحا أمام أهل غزة، فالكرامة لا تباع، والوطن لا يستبدل.
إن صمودهم الأسطوري ليس مجرد مقاومة للبقاء، بل هو رسالة للعالم بأن غزة ستظل فلسطينية رغم كل محاولات الطمس والاقتلاع.
كما قال رسول الله ﷺ: "لأن تهدما الكعبة حجر حجر أهون على الله من أن يراق دم امرئ مسلم". ومع ذلك، لا يمكن فصل قيمة الأرض عن قيمة الإنسان؛ كلاهما متشابكان في سياق الهوية، الكرامة، والسيادة.
فمن الأهم حقا؟ الإنسان أم الأرض؟ الإجابة تكمن في التداخل العميق بينهما، حيث لا وجود لإنسان حر دون وطن، ولا قيمة للأرض دون إنسان يدافع عنها ويحميها...