المولد الحوثي  الدخيل.. خرافة مفروضة وهوية منتهكة
الساعة 05:06 مساءً

لا زلت أتذكر مساء الثالث من يناير ٢٠١٥م الموافق الثاني عشر من ربيع الأول ١٤٣٦هـ عندما فرضت الميليشيا الحوثية الإرهابية أول احتفال لها بالمولد النبوي في صنعاء كنت على جسر مذبح والعاصمة التي عرفتها نقية وبسيطة بدت غريبة عن نفسها غارقة في خرق خضراء وأضواء دخيلة لم يكن المشهد تعبير عن حب النبي كما يزعمون وانما إعلان عن دخول الخرافة إلى صنعاء وبدء مرحلة جديدة من السيطرة على الوعي.

منذ ذلك اليوم تحول المولد النبوي من مناسبة روحانية يعرفها اليمنيون بطابعها البسيط إلى وسيلة سياسية بيد الميليشيا والهدف ليس الاحتفاء بالرسول ولكنه صناعة قداسة مزيفة تربط الولاء لمشروع الحوثي الطائفي العنصري السلالي  باسم النبي وتحول الاعتراض على مشروعهم إلى خروج عن الدين وإنها عملية تزوير خطيرة وتقايض بين الانتماء الديني والانتماء السلالي وتحول الدين من رسالة جامعة إلى أداة لتكريس سلطة فرد وجماعة.

وإلى جانب ذلك صار المولد النبوي فرصة موسمية للنهب فرضت الميليشيا الإتاوات على التجار وقطعت أجزاء من مدخول الناس واجبر أصحاب المحلات والباعة على دفع مبالغ باهظة وحتى الطلاب جردوا من حرياتهم وزج بهم في فعاليات دعائية لا علاقة لها بالعلم ولا بالدين والأموال التي تجمع لا تصرف على الفقراء أو على خدمة المجتمع وتصرف على المجهود الحربي وتمويل الولاءات وصناعة مسرحيات الطقوس.

وتدرك الميليشيا أن السيطرة بالسلاح وحده لا يكفي ولجئت إلى فرض طقوس دخيلة تعيد تشكيل وعي المجتمع فاللون الأخضر الذي ملأ شوارع صنعاء لم يكن رمز للفرح وانما طوق خانق يراد به إخضاع العقول قبل الأجساد وغير أن ما يفرض بالقوة لا يترسخ في الضمير فاليمنيون وبرغم القمع ظلوا يرفضون في أعماقهم هذا المشروع الغريب ويبتلعون الغصة دون أن يبتلعوا الكذبة.

وكان مساء ١٢ ربيع الأول ١٤٣٦هـ لحظة فارقة لكنه لن يكون أبديا فالميليشيا الارهابية الحوثية مهما تزينت بالخرق الخضراء ستظل غريبة عن وجدان اليمنيين وستعود إلى حجمها الطبيعي كما عادت مشاريع الطغيان من قبل وستزول الخرافة وتبقى صنعاء يمنية صافية لا تدنسها الطقوس المستوردة من حوزات قم ومشهد ولا تلونها الأكاذيب.