الميليشيات الحوثية تشن حملة اعتقالات واسعة في ذمار
بدعم سعودي..فريق طبي يجري 43 عملية قلب مفتوح في المكلا
قرار جمهوري بتعيين أمين عام لمجلس الوزراء
الهلال والشباب والقادسية الى ربع نهائي كأس خادم الحرمين
باحميد يشارك في المؤتمر الدولي الثاني حول تحوّل الدولة والتنمية في عالم متغيّر
طارق صالح يتفقد مركز 2 ديسمبر للعلاج الطبيعي والتأهيل
مليار و850 مليون ريال إيرادات اتصالات لحج خلال 10 أشهر
وزير الخارجية السعودي ورئيس الوزراء الفلسطيني يناقشان التطورات في غزة
أوتشا: أكثر من 470 ألف حالة نزوح إلى شمال غزة منذ وقف إطلاق النار
ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على قطاع غزة إلى 68,531 شهيدا
وَحدةُ الصَّف ليست شعاراً سياسياً عابراً يُرفع في المناسبات ويُطوى بانتهاء الخُطبة، إنما هي وعياً استراتيجياً يختبر نُضج القوى الوطنية ويميز بين من يضع المصلحة العليا فوق كُل اعتبار، وبين من يستهلك اللحظة في تصفية حسابات ضيقة متعامياً عن حقيقة أن الوطن يواجه عدواً جامعاً يهدد وجوده وسيادته معاً.
إنَّ الانقسام داخل الصف الجمهوري ليس حالةً طارئة بل امتداداً لمسارٍ تاريخي طالما استثمرته الإمامة في أشكالها المتعددة، فكلما انشغل اليمنيون بخلافاتهم الداخلية تقدم المشروع السلالي خطوةً، من حروب الأئمة ضد القبائل في القرون الماضية إلى لحظة الانقلاب الحوثي في 2014، وما يزال المشهد اليمني حتى اللحظة عاجزاً عن إدراك أن تكرار الأخطاء ذاتها لا يقود إلا إلى النتيجة ذاتها، إذ يعزز سلطة الكهنوت ويمدد عمر المأساة.
ولعل السؤال الجوهري اليوم هو من المستفيد من شيطنة أي طرف جمهوري؟ حين يوصف العميد طارق صالح بالدخيل أو تذكيره بالماضي، أو يُختزل حزب الإصلاح في صورة الإخوان المسلمين، فإننا لا نفعل سوى إعادة إنتاج قوالب نمطية مفتعلة تُغذي الشكوك وتُقوض إمكانات التلاقي، في الوقت الذي نرفع فيه شعارات الوحدة، وإن التمسك بمثل هذه الأحكام المسبقة ليس سوى خدمة مجانية للحوثي الذي يتغذى على انقسامات خصومه أكثر مما يتغذى على سلاحه.
إنَّ خطورة اللحظة الراهنة تكمن في أن هذا العبث الداخلي يحدث بينما الحوثي قد صُنّف رسمياً كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل الولايات المتحدة منذ مطلع 2025، وهو ما يمنحه شرعيةً واضحة كعدوٍ جامع، وفي الوقت نفسه يُثار خطاب يوصم حزب الإصلاح بالإرهاب وكأن المطلوب إزاحة مكوّن جمهوري رئيسي من المعادلة ليتفرد آخرون بالمشهد السياسي، وهذه طريقة اقصائية لا تنتمي إلى وعي اليمني، ولا تمثله، أما إقليمياً فليس سراً أن بعض القوى تستثمر في الانقسامات وتجد في يمنٍ ضعيفٍ مُجزأٍ فرصةً لتمرير مشاريعها بعيداً عن يمنٍ موحدٍ قويٍ قادر على إدارة قراره السيادي.
وهنا يصبح السؤال الأكثر إلحاحاً هو هل من العقلانية أن نفتح جبهة صراعٍ ضد الإصلاح أو المؤتمر أو طارق صالح أو حمود المخلافي أو غيرهما بينما العدو الأول يحاصر الجمهورية ذاتها؟ أليس في ذلك قمة المفارقة أن نغض الطرف عن الخطر السلالي الحقيقي بينما نستنزف الجهد في معارك جانبية؟
إن مثل هذا النهج لا يمثل خطأً تكتيكياً فحسب بل هو انتحـاراً سياسياً، فالتصنيفات حين تُستخدم كسلاح داخلي لا تفتك بالخصم المستهدف وحده بل تدمر البنية الوطنية برمتها وتغلق أبواب المستقبل، وإن التجارب المعاصرة شاهدة على أن كل دولة استُخدم فيها الإرهاب كسلاح سياسي داخلي تحولت لاحقاً إلى ساحة حروب طويلة لا تبقي ولا تذر.
إنَّ الوعي الاستراتيجي يفرض على القوى الوطنية أن تعيد ترتيب أولوياتها، فالعدو الجمعي هو الحوثي ومواجهة مشروعه هي المعيار الحقيقي للولاء الوطني، ما عدا ذلك فهو ترفاً سياسياً لا يليق ببلدٍ ينزف منذ عقدٍ من الزمن، وإن الجمهورية ليست ترفاً سياسياً يمكن المجازفة به بل هي شرط وجودٍ وكرامةٍ لشعبٍ بأكمله، وأي مشروع لا يستوعب هذه الحقيقة محكومٌ عليه بالفشل قبل أن يولد.






